والذي ينبغي الاحترازُ منه التكفيرُ ما وُجد إليه سبيلاً، فإنّ استباحةَ الدماء والأموالِ من المصلّين إلى القبلة المصرّحين بقول: لا إله إلا الله محمّد رسول الله، كلّ ذلك خطأ، والخطأ في تركِ ألفِ كافر في الحياةِ أهونُ من الخطأ في دمٍ لمسلم       

ـــــــــــــــــــــــــــ

تكفير المسلم والحكم عليه بالخروج من الإسلام أمر عظيم وشيء كبير في دين الله, وقد جاءت نصوص كثيرة تحذر من الإقدام عليه وتنفر المسلمين من التساهل فيه, وتعظم خطره وتشدد في شأنه.

فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرمى رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك"([1]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل لأخيه يا كافر , فقد باء به أحدهما"([2]).
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل قال لأخيه يا كافر. فقد باء بها أحدهما"([3]).
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لعن المؤمن كقتله, ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به في الآخرة, وليس على رجل مسلم نذر فيما لا يملك, ومن رمى مؤمنا بكفر, فهو كقتله"([4]).
فهذه النصوص صريحة غاية الصراحة في تحذير المسلم من التساهل في التكفير, وشديدة نهاية الشدة في تنفيره من الولوج في هذا الباب إلا بعد تثبت عظيم وتأكيد كبير.
وقد امتثل علماء الإسلام لهذه التحذيرات النبوية فتحوطوا في باب التكفير نهاية التحوط, وأحاطوا التكفير بسياج غليظة, وجعلوا التساهل في إطلاقه أمارة على الخذلان وعلامة على قلة العلم والفطنة.
يقول ابن عبدالبر مؤكدا خطورة التكفير: "القرآن والسنّةُ ينهيَان عن تفسيقِ المسلم وتكفيرِه ببيان لا إشكالَ فيه... فالواجبُ في النّظر أن لا يكفَّر إلاّ من اتّفق الجميعُ على تكفيرِه، أو قامَ على تكفيره دليلٌ لا مدفعَ له من كتابٍ أو سنّة"([5]).
ويبين الغزالي خطر التساهل في التكفير فيقول: "والذي ينبغي الاحترازُ منه التكفيرُ ما وُجد إليه سبيلاً، فإنّ استباحةَ الدماء والأموالِ من المصلّين إلى القبلة المصرّحين بقول: لا إله إلا الله محمّد رسول الله، كلّ ذلك خطأ، والخطأ في تركِ ألفِ كافر في الحياةِ أهونُ من الخطأ في دمٍ لمسلم"([6]).
ويقول في نص آخر –نقله عنه ابن تيمية مقررا له-: "التكفير حكم شرعي يرجع إلى إباحة المال وسفك الدماء والحكم بالخلود في النار, فمأخذه كمأخذ سائر الأحكام الشرعية, فتارة يدرك بيقين, وتارة يدرك بظن غالب, وتارة يتردد فيه, ومهما حصل تردد فالتوقف عن التكفير أولى, والمبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل"([7]).
ويقول القرطبي: "وباب التكفير باب خطير, أقدم عليه كثير من الناس فسقطوا, وتوقف فيه الفحول فسلموا"([8]).
وأما ابن تيمية فإنه من أشد العلماء تحذيرا من الإقدام على تكفير المسلم, ومن أقواهم تنفيرا منه, حتى قال ذات مرة: "هذا مع أني دائما -ومن جالسني يعلم ذلك مني- أني من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة وفاسقا أخرى وعاصيا أخرى, وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها, وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية"([9]).
ويشنع على من كفر العلماء الذين اجتهدوا في بعض المسائل العقدية وجعله جرما عظيما فيقول: "فمن أخطأ في بعض مسائل الاعتقاد من أهل الإيمان بالله وبرسوله وباليوم الآخر والعمل الصالح لم يكن أسوأ حالا من الرجل –الذي أوصى بإحراق نفسه- فيغفر الله خطأه أو يعذبه إن كان منه تفريط في إتباع الحق على قدر دينه, وأما تكفير شخص علم إيمانه بمجرد الغلط في ذلك فعظيم!
فقد ثبت في الصحيح عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: "لعن المؤمن كقتله, ومن رمى مؤمنا بالكفر, فهو كقتله", وثبت في الصحيح: "أن من قال لأخيه يا كافر, فقد باء به أحدهما".
وإذا كان تكفير المعين على سبيل الشتم كقتله, فكيف يكون تكفيره على سبيل الاعتقاد؟! فإن ذلك أعظم من قتله؛ إذ كل كافر يباح قتله, وليس كل من أبيح قتله يكون كافرا"([10]).
وأنكر على من يدعو العوام إلى تكفير علماء المسلمين وعلى من يتساهل في الحكم على علماء المسلمين بالتكفير وعد ذلك من أفعال الخوارج الروافض, وجعل الدفاع عنهم من أهم الأغراض الشرعية فقال: "فإن تسليط الجهال على تكفير علماء المسلمين من أعظم المنكرات وإنما أصل هذا من الخوارج والروافض الذين يكفرون أئمة المسلمين لما يعتقدون أنهم اخطأوا فيه من الدين, وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن علماء المسلمين لا يجوز تكفيرهم بمجرد الخطأ المحض, بل كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله, وليس كل من يترك بعض كلامه لخطأ أخطأه يكفر ولا يفسق, بل ولا يأثم".
ثم ذكر أن بعض العلماء قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أخطأ في قضية تأبير النخل, وقال معقبا: "ومع هذا فقد اتفق المسلمون على أنه لا يكفر أحد من هؤلاء الأئمة, ومن كفرهم بذلك استحق العقوبة الغليظة التي تزجره وأمثاله عن تكفير المسلمين... ومن المعلوم أن المنع من تكفير علماء المسلمين الذين تكلموا في هذا الباب بل دفع التكفير عن علماء المسلمين وإن أخطأوا هو من أحق الأغراض الشرعية, حتى لو فرض أن دفع التكفير عن القائل يعتقد أنه ليس بكافر حماية له ونصرا لأخيه المسلم لكان هذا غرضا شرعيا حسنا"([11]).
ويؤكد في موطن آخر على أن الاحتياط في التكفير من أعمال أهل العلم, وأن المسارعة إلى التكفير من أعمال أهل البدع, فيقول: "فمن عيوب أهل البدع تكفير بعضهم بعضا, ومن ممادح أهل العلم أنهم يخطئون ولا يكفرون, وسبب ذلك أن أحدهم قد يظن ما ليس بكفر كفرا, وقد يكون كفرا؛ لأنه تبين له أنه تكذيب للرسول وسب للخالق والآخر لم يتبين له ذلك, فلا يلزم إذا كان هذا العالم بحاله يكفر إذا قاله أن يكفر من لم يعلم بحاله"([12]).
ولم يكتف ابن تيمية بالتنظير في التحذير من التكفير والتحوط الشديد فيه, بل مارس ذلك في حياته العملية, فقد كان يخاطب علماء الجهمية الغلاة –وهم عنده قد وقعوا في الكفر المحقق– فيقول لهم: "أنا لو وافقتكم كنت كافرا لأني أعلم أن قولكم كفر, وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال, وكان هذا خطابا لعلمائهم وقضاتهم و شيوخهم وأمرائهم"([13]).
ولم يكن يكفِّر تقي الدين السبكي, الذي اجتهد في بيان كون الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم جائزة, وعقد لبيان ذلك بابا قال فيه: "الباب الثامن في التوسل والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم" وقرر فيه جواز الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم بعد موته بتفصيل مطول([14]), بل قال عن نفسه: "إن الله يعلم أن كل خير أنا فيه, ومنّ علي به, فهو بسبب النبي صلى الله عليه وسلم والتجائي إليه, واعتمادي في توسلي إلى الله في كل أموري عليه, فهو وسيلتي في الدنيا والآخرة"([15]).
ومع هذا كله لم يكن ابن تيمية يحكم عليه بالكفر, بل كان يعامله معاملة المسلم, وكان يجله ويقدمه ويثني عليه كثيرا, ويعده من كبار علماء الإسلام, ولم يكن يعظم أحدا من أهل عصره كتعظيمه للسبكي([16]).
فهل كان ابن تيمية محابيا في دين الله أو كان ممن دخلت عليه شبهة من الإرجاء أو كان فيه مادة من التجهم؟!!
والأعجب من ذلك أنه لم يكن يكفر البكري, وهو من أشد العلماء الذين دافعوا عن الاستغاثة الشركية بالنبي صلى الله عليه وسلم, وناظر ابن تيمية فيها([17]), بل قال عنه: "لم نقابل جهله وافتراءه بالتكفير بمثله, كما لو شهد شخص بالزور على شخص آخر أو قذفه بالفاحشة كذبا عليه, لم يكن له أن يشهد عليه بالزور ولا أن يقذفه بالفاحشة"([18]).
فهذه المواقف تدل على شدة احتياط ابن تيمية في باب التكفير وخوفه الشديد من الولوج فيه, ولو وُجد في زماننا هذا رجل مثل البكري أو السبكي لوجدت كثيرا من الشباب يسارع إلى تكفيره, ويتهم كل من لم يكفره بأنه مرجئ أو جهمي أو متخاذل!!.
وها هو ابن أبي العز يطرح على نفسه سؤالا عن تكفير المعين من المسلمين ويجيب عليه ويجعل التساهل في التكفير من أعظم البغي, فيقول: "وأما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد وأنه كافر؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت...
ولأن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهدا مخطئا مغفورا له، أو يمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله، كما غفر للذي قال: إذا مت فاسحقوني ثم ذروني، ثم غفر الله له لخشيته، وكان يظن أن الله لا يقدر على جمعه وإعادته، أو شك في ذلك. لكن هذا التوقف في أمر الآخرة لا يمنعنا أن نعاقبه في الدنيا، لمنع بدعته، وأن نستتيبه، فإن تاب وإلا قتلناه.
ثم إذا كان القول في نفسه كفرا قيل: إنه كفر، والقائل له يكفر بشروط وانتفاء موانع، ولا يكون ذلك إلا إذا صار منافقا زنديقا. فلا يتصور أن يكفر أحد من أهل القبلة المظهرين الإسلام إلا من يكون منافقا زنديقا"([19]).
ويقول ابن دقيق العيد: "وأما من وصف غيره بالكفر: فقد رتب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: "حار عليه" بالحاء المهملة: أي رجع....وهذا وعيد عظيم لمن أكفر أحدا من المسلمين وليس كذلك, هي ورطة عظيمة وقع فيها خلق كثير من المتكلمين ومن المنسوبين إلى السنة وأهل الحديث"([20]).
وينقل ابن حجز الهيثمي عن أئمة الشافعية بأنهم كانوا يحتاطون كثيرا في باب التكفير فيقول: "ينبغي للمفتي أن يحتاط في التكفير ما أمكنه؛ لعظم خطره وغلبة عدم قصده, سيما من العوام, وما زال أئمتنا على ذلك قديما وحديثا"([21]).
وأما أئمة الحنفية فإنهم أكدوا على أهمية الاحتياط الشديد في باب التكفير, وذكروا بأنه لا يحق للمفتي أن يقدم عليه إلا بيقين, وأن الأولى أن ينصرف عنه ما وجد إلى ذلك سبيلا, ونقل ابن عابدين بعض نصوص أئمة مذهبه فقال: "في الفتاوى الصغرى: الكفر شيء عظيم, فلا أجعل المؤمن كافرا متى وجدت رواية أنه لا يكفر.
وفي الخلاصة وغيرها إذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير, ووجه واحد يمنعه, فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير تحسينا للظن بالمسلم, زاد في البزازية: إلا إذا صرح بإرادة موجب الكفر فلا ينفعه التأويل, وفي التتارخانية: لا يكفر بالمحتمل؛ لأن الكفر نهاية في العقوبة, فيستدعي نهاية في الجناية, ومع الاحتمال لا نهاية.
والذي تحرر أنه لا يفتي بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على مجمع حسن, أو كان في كفره اختلاف ولو رواية ضعيفة, فعلى هذا فأكثر ألفاظ التكفير المذكورة لا يفتي بالتكفير فيها, وقد ألزمت نفسي أن لا أفتي بشيء منها"([22]).
ومن العلماء الذين شددوا كثيرا في باب التكفير وحذوا من التساهل فيه تحذيرا بليغا ابن الوزير, حيث يقول بعد أن ذكر أن نصوص التحذير من الإقدام على التكفير بلغت حد التواتر: "وفي مجموع ذلك ما يشهد لصحة التغليظ في تكفير المؤمن وإخراجه من الإسلام مع شهادته بالتوحيد والنبوات وخاصة مع قيامه بأركان الإسلام وتجنبه للكبائر وظهور أمارات صدقه في تصديقه لأجل غلطة في بدعة لعل الكفر له لا يسلم من مثلها أو قريب منها... فينبغي من كل حازم لبيب إيقاظ خاطره والحذر العظيم عن الأمور التي تواترت النصوص من الصحاح وتواترت بأنها كفر وخروج عن الإسلام, أو نحو ذلك مما لم يحصل دليل قاطع على أنه متأول من إجماع صحيح أو نص معارض لذلك صحيح, وذلك مثل ما قدمنا من تكفير من يجوز أنه مسلم بمجرد الالزامات والتمحلات التي متى سلمت عارضها مثلها أو أقوى منها"([23]).
وينبه على أهمية موقف جمهور العلماء في باب التكفير فيقول: "ثم من العبر الكبار في ذلك أن الجمهور لم يكفروا من كفر المسلم متأولا في تكفيره غير متعمد, مع أن هذه الأحاديث الكثيرة تقتضي ذلك, والنصوص أصح طرق التكفير, فإذا تورع الجمهور من تكفير من اقتضت النصوص كفره, فكيف لا يكون الورع أشد من تكفير من لم يرد في كفره نص واحد؟!! فاعتبر تورع الجمهور هنا, وتعلم الورع منهم في ذلك"([24]).
ويشير إلى أن الخطأ في التكفير أعظم من الخطأ في عدمه فيقول: "إن الوقف عن التكفير عند التعارض والاشتباه أولى وأحوط من طريق أخرى؛ وذلك أن الخطأ في الوقف على تقديره تقصير في حق من حقوق الغني الحميد العفو الواسع أسمح الغرماء وأرحم الرحماء وأحكم الحكماء سبحانه وتعالى والخطأ في التكفير على تقديره أعظم الجنايات على عباده المسلمين المؤمنين وذلك مضاد لما أوجب الله من حبهم ونصرهم والذب عنهم"([25]).
ويحذر الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب من التساهل في باب التكفير, ويدعو إلى الاحتياط فيه فيقول: "فيجب على من نصح نفسه، ألا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله؛ وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه واستحسان عقله، فإن إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله فيه، أعظم أمور الدين"([26]).
ومن العلماء الذين حذروا من التساهل في باب التكفير الشوكاني حيث يقول: "اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار... – ثم قال بعد أن أورد النصوص المحذرة من التكفير-: ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير"([27]).
وجميع هذه المقالات والنصوص التي قررها علماء الإسلام على اختلاف مشاربهم –من كان منهم من أهل السنة ومن كان من الأشاعرة- تدل في مجملها على خطر باب التكفير وأنه أمر جلل وخطب كبير, وأن التساهل فيه والإقدام عليه بغير بينة يؤدي إلى الهلاك, وتؤكد على أنه لا يحق للمرء أن يقدم عليه إلا إذا كان عنده يقين بيّن يبرر له الولوج في الحكم على من أظهر الإسلام وشعائره بأنه كافر بالله العظيم وأنه حلال الدم والمال ومستحق للعذاب الأليم.
وتدل نصوصهم ومقالاتهم على أن الحذر من التكفير يجب أن يكون شاملا لكل الأبواب والأحوال, فأي شخص ظهر منه الإسلام وقام بشرائعه وعباداته فإنه يجب أن يحتاط الإنسان كثيرا في تكفيره مهما كان نوع المكفر  الذي وقع فيه, سواء أكان من جنس الشرك أو من غيره, وسواء أكان من المسائل الظاهرة أو الخفية , فكل ذلك يجب الاحتياط فيه.
وتدل أيضا على أن المسارعة في التكفير ليس من الأمور التي يمدح بها الإنسان ولا من الأعمال التي تدل على قوة الإيمان والعلم, ولا من الأوصاف التي يدعى المسلم إلى الاتصاف بها, وإنما تدل عندهم على جهل الإنسان وعدم تورعه.
وتدل على أن التكفير حكم شرعي لا يحق أن يتكلم فيه إلا من يحسن الكلام في الأحكام الشرعية ومسائلها الكبار, لأن التكفير تترتب عليه آثار عظيمة وأعمال جليلة, وما كان من جنس هذه المسائل فإنه لا يحق أن يلج فيها إلا من امتلك الفقه في الدين والفهم له, فإنه كلما عظم المقصود عظمت مسائله وآثاره وعظم الكلام فيه.
وفي ختام هذه الورقة لا بد من التأكيد على أن مقالات العلماء تلك لا تعني إغلاق باب التكفير بالكلية؛ إذ إن التكفير حكم شرعي لا بد من بقائه, وإنما تعني التشدد في إطلاقه والتحوط الشديد في الدخول فيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([15]) فتاوى السبكي (1/264-365) .

([16]) انظر : طبقات الشافعية , تاج الدين السبكي (6/168) , وأعيان العصر , الصفدي (3/429 , 451) .

([17]) انظر : الجامع لسيرة ابن تيمية , عزير شمس وعلي العمران (544) .

([18]) الاستغاثة في الرد على البكري , ابن تيمية (2/494) .

([19]) شرح العقيدة الطحاوية (2/436) .

([20]) إحكام الأحكام (594) .

([21]) تحفة المحتاج في شرح المنهاج (4/84)

([22]) حاشية ابن عابدي (4/224) .

([23]) إيثار الحق على الخلق (385) .

([24]) المرجع السابق (387) .

([25]) المرجع السابق (403) .

([26]) الدرر السنية (8/217) .

([27]) السيل الجرار (978)

المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث - سلطان بن عبدالرحمن العميري -- http://taseel.com/display/pub/default.aspx?id=3512&mot=1
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 87 مشاهدة
نشرت فى 22 فبراير 2014 بواسطة MuhammadAshadaw

بحث

تسجيل الدخول

مالك المعرفه

MuhammadAshadaw
مكافحة اضرار المخدرات والتدخين ومقالات اسلامية وادبية وتاريخيه وعلمية »

عدد زيارات الموقع

902,247

المخدرات خطر ومواجهة

مازال تعاطي المخدرات والاتجار فيها من المشكلات الكبرى التي تجتاح العالم بصفة عامة والعالم العربي والإسلامي بصفة خاصة وتعتبر مشكلة المخدرات من أخطر المشاكل لما لها من آثار شنيعة على الفرد والأسرة والمجتمع باعتبارها آفة وخطراً يتحمل الجميع مسؤولية مكافحتها والحد من انتشارها ويجب التعاون على الجميع في مواجهتها والتصدي لها وآثارها المدمرة على الإنسانية والمجتمعات ليس على الوضع الأخلاقي والاقتصادي ولا على الأمن الاجتماعي والصحي فحسب بل لتأثيرها المباشر على عقل الإنسان فهي تفسد المزاج والتفكير في الفرد وتحدث فيه الدياثة والتعدي وغير ذلك من الفساد وتصده عن واجباته الدينية وعن ذكر الله والصلاة، وتسلب إرادته وقدراته البدنية والنفسية كعضو صالح في المجتمع فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله بل أشد حرمة من الخمر وأخبث شراً من جهة انها تفقد العقل وتفسد الأخلاق والدين وتتلف الأموال وتخل بالأمن وتشيع الفساد وتسحق الكرامة وتقضي على القيم وتزهق جوهر الشرف، ومن الظواهر السلبية لهذا الخطر المحدق أن المتعاطي للمخدرات ينتهي غالباً بالإدمان عليها واذا سلم المدمن من الموت لقاء جرعة زائدة أو تأثير للسموم ونحوها فإن المدمن يعيش ذليلاً بائساً مصاباً بالوهن وشحوب الوجه وضمور الجسم وضعف الاعصاب وفي هذا الصدد تؤكد الفحوص الطبية لملفات المدمنين العلاجية أو المرفقة في قضايا المقبوض عليهم التلازم بين داء فيروس الوباء الكبدي الخطر وغيره من الأمراض والأوبئة الفتاكة بتعاطي المخدرات والادمان عليها.