"رضا الناس غاية لا تدرك"
هذا المثل من كلام أكثم بن صيفي حكيم العرب، وبعض السلف توسّع فيها فقال"رضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك، فاترك ما لا يدرك، وأدرك ما لا يترك".
وسأروي لكم قصة تشبه هذا المثل، يُحكى أن جحا أخذ ولده وحماره ذات يوم إلى السوق، وأراد أن يخفف عن الحمار فلم يركب هو ولم يركب ولده، بل ترك الحمار يمشي أمامهما وهما يمشيان خلفه.
رآهما الناس على هذه الحالة، فأشاروا إليهما وقالوا انظروا إلى هذين الأحمقين، تركا الحمار ومشيا على أقدامهما!
فلما سمع جحا هذا الكلام ركب كلاهما الحمار، فرآهما جماعة أخرى من الناس ، فقالوا انظروا إلى هذين القاسيين، اللذين ليس في قلبيهما رحمة ولا شفقة، إنهما يحمّلان الحمار فوق طاقته!
سمع جحا وولده هذا الكلام، فنزل الابن من فوق ظهر الحمار وبقي والده وصار يمشي بجانب الحمار، مر بجماعة من الناس، وإذ به يسمعهم يقولون: انظروا لهذا الأب القاسي، يترك ابنه بعوده الضعيف يسير وهو راكب!
سمعهم جحا وولده، فنزل جحا من فوق ظهر الحمار ، وركب ولده وصار جحا يمشي أمامهما
مروا بجماعة من الناس، وتناهى إلى سمعه قولهم: يا لهذا الابن العاق، يترك أباه يسير وهو راكب! ..
نظر جحا إلى ابنه وقال: مهما فعلنا لن ندرك رضا الناس: رضا الناس غاية لا تدرك!
كلنا مررنا في حياتنا بفترة أعرنا الناس أهمية في خياراتنا، طالت هذه الفترة أم قصرت، آذتنا أم لم تؤذنا، أُجبرنا عليها أم اخترناها طواعية .. المهم أننا سعينا لإرضاء الناس وإن كان ذلك على حساب أنفسنا!