بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
[ سورة الأحزاب ]
هي مجرد خواطر تطير بي حيث شاء الله تبارك وتعالى فهو سبحانه المهيمن والقائم على مصالح خلقه:
القول السديد .. هو القول الذي يصيب الهدف ويسُد منافذ الشيطان .. وهذه الحالة تتطلب من الإنسان أن يكون يقظا وله رؤية واضحة ويعرف ما يريد.
لأن المتكلم الواعي الذي يعي ما يقول دائما تجد كلماته تصيب الهدف الذي من أجله قال ما قال..
وهكذا أراد الله أن نعي ما نقول وأن يكون لكلامنا هدف واضح المعالم لا عوج فيه ولا يدع مجالا للشك والميوعة كما أمرنا بذلك سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه))
رواه البخاري ومسلم .
وهكذا حدد لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفات التى يجب أن نتصف بها .. والحمد لله أننا تربينا على هذه الصفات والحمد لله .. وكل ما علينا الآن أن نتذكر ذلك عندما نهًَم بالكلام.
ولكن في بعض الأحيان نحتاج إلى تدريب عقلي وذهني على القول السديد بصفة خاصة .. لأن من طبائع البشر أن يتكلموا بما يسمعوا .. لذلك نجد الطفل يسمع أولا فترة من الزمن ثم يبدأ الكلام بنفس أسلوب والديه..
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ.
[ سورة المجادلة ]
وفي حياتنا العامة والخاصة نجد أنفسنا دائما في حالة مناجاة خاصة عندما نلتقي بمن نحب من الأصدقاء والعشيرة ..
هنا يجب أن ننتبه إلى أمر الله فلا نحكي أسرار بيوتنا خشية أن نضرهم فقد يفهم الصديق فهما خاطئا عن أهل بيتك ..
لأننا مع الصديق ينطلق اللسان أحيانا بغير حذر .. والمشكلة الكبرى التى من أجلها أمرنا الله تبارك وتعالى بأن نتناجى فقط بالبر والتقوى أن الشيطان عندما يسمع نجوانا فسوف يستغلها ضدنا .. فيوسوس في صدورنا بما لا يحمد عقباه ..
فكثير من الأحيان نتأثر سلبيا ويصيبنا الحزن من أقرب الناس إلينا .. وعندما يسألنا أحد ماذا بك ؟ فإذا اللسان ينطلق بما نُكن في صدورنا.. هنا يجب أن نقطع الكلام ولا نتكلم إلا بالقول السديد فترتفع مكانتنا عند الله ويذهب الحزن ويذوب كما يذوب الملح في الماء..
إذا هي مسألة أن نُدرب عقلنا الباطن على أن نقول فقط ما يفيد ونحجب عن الآخرين كل كلمة تضر بنا أو بمن نحب، وفي هذا نجد أن الله تبارك وتعالى حدد لنا الكيفية في محكم آياته فقال سبحانه وتعالى:
(( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ))
[ سورة الأعراف ]
وقال في سورة أخرى :
(( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ))
[ آل عمران 134 ]
وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالإحسان في كل شيء فقد وضح الله لنا الآن أعلى مراتب الإحسان وهي كظم الغيط فلا نتكلم بغيظ قلوبنا .. ثم العفو عن الناس لأن العفو يفتح الصمام الذي يكظم الغيظ فيذهب مع الريح ..
وهذه العملية لو اتبعناها خطوة بخطوة كما جاءت في كتاب الله سنجد أنها رياضة روحانية ذهنية يرتاح لها العقل والقلب وتستسلم لها النفس، ولكي نحقق ذلك .. لكي نستطيع أن نعفو عن الناس يجب أن نتبع الخطوات التالية بنفس ترتيب الآيات:
- الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
لابد لنا من تطويع النفس بالإنفاق في السراء بأن نقدم الهدايا أو ما يحتاجه الناس في مناسباتهم السارة .. ونفس الشيئ في المناسبات الغير سارة ( في السراء والضراء ) فهذه العملية ترفع من روحنا المعنوية وتقربنا من رضا الله وترقق القلوب وتجعل لكلامنا وقع طيب في نفس كل من يسمعه.
- وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
ساحة النقاش