يتيح كتاب "المياه في العالم العربي" مجموعة شاملة من الأفكار والتحليلات والرؤى حول سبل إدارة الموارد المائية في منطقة الشرق الأوسط بقدر أكبر من الكفاءة والاستدامة.
نظرا لأن المياه تُعتبر مورداً شحيحاً وله استخدامات متنافسة، تحتاج المنطقة إلى إستراتيجية إدارية تتطلع إلى ما وراء الحلول الهندسية لتشمل إعادة النظر في أنظمة حقوق المياه، والأطر التنظيمية، وعلاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
يعرض الكتاب تجارب قطرية تدور حول خمسة عناصر لإدارة المياه، هي: الإمدادات، والتوزيع، ونظام الإدارة، والمسؤوليات، والأعمال الهندسية.
مايو/أيار 2009 ـ يتيح كتاب جديد صادر عن البنك الدولي معارف البنك وتجاربه في مجال إدارة الموارد المائية في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافاً على وجه الأرض.
يتناول هذا الكتاب الصادر بعنوان "المياه في العالم العربي: منظور الإدارة والأساليب المبتكرة" (PDF)* بالمناقشة موضوعات متنوعة ذات صلة بالمياه من قبيل التأثير المتوقع لتغيّر المناخ على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتكنولوجيات الري وتحلية المياه، وفن دبلوماسية المياه.
وفي معرض حديثه عن هذا الكتاب، قال ن. فيجاي جاغانّاثان، مدير فريق قطاع المياه بمكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، إن فكرة الكتاب تقوم على "توثيق المعارف المتأصلة" الحالية التي جاءت إلى النور من رحم مشاريع مولها البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط دعماً لإدارة مورد شحيح وبالغ الأهمية في هذه المنطقة.
"فمن المسلّمات لدينا أن تحصل على المياه عندما تفتح الصنبور. وبالمثل، يخطط المزارعون في المنطقة أنماط زراعة المحاصيل على أساس درجة توافر مياه الري، وعندما لا تتوافر فستؤثر سلباً على حاصلاتهم".
ويأتي هذا الكتاب، الذي اشترك البنك الدولي والحكومة الهولندية في تمويل إعداده من خلال برنامج شراكة المياه بين البنك الدولي وهولندا، في إطار جهد أوسع للبنك يهدف إلى تجميع المعارف المكتسبة من خبراته وتجاربه في بلدان العالم النامية. ويتيح كتاب "المياه في العالم العربي" مجموعة شاملة من الأفكار والتحليلات والرؤى حول سبل إدارة الموارد المائية في منطقة الشرق الأوسط بقدر أكبر من الكفاءة والاستدامة.
وفي السنوات الأخيرة، تزايد تبني واضعي السياسات في المنطقة فكرة الإدارة "الكلية" للمياه على صعيدي الموارد والخدمات. ويعرض هذا الكتاب تجارب قطرية تدور حول خمسة عناصر لإدارة المياه، هي: الإمدادات، والتوزيع، ونظام الإدارة، والمسؤوليات، والأعمال الهندسية.
كتاب يجسد خبرات البنك الدولي وتجاربه في مجال إدارة الموارد المائية في المنطقة
تغطي فصول هذا الكتاب البالغ عددها 24 فصلاً قضايا أساسية تتعلق بسياسات إدارة المياه؛ ودور المشاركة والمفاضلة في عملية اتخاذ القرارات؛ وتأثير القوانين والتشريعات المنظمة لإدارة المياه وغيرها من الإجراءات الأخرى؛ وخبرات تفويض تقديم خدمات المياه إلى المستويات الإدارية المناسبة الأدنى؛ ودراسات تتضمن رؤية مستقبلية بشأن مناهج الاستثمار الجديدة في المياه.
نظر أحد فصول الكتاب في وسائل الري المبتكرة في دلتا نهر النيل ـ وهو جهد يهدف إلى ترشيد تقديم المياه والاستجابة لاحتياجات المزارعين.
ينما يبحث فصل آخر في فعالية الدعومات المالية الموجهة بعناية لأسعار المياه في الوصول إلى الفقراء في المغرب. وفي هذا الصدد، يقول جاغانّاثان الذي شارك في تحرير هذا الكتاب، مع أحمد شوقي عبد الغني (خبير أول متخصص في شؤون الموارد المائية) وألكسندر كريمر (خبير اقتصادي قطاعي أول): "تمكنت الحكومة المغربية من توفير خدمات يمكن التعويل عليها في مجال الإمداد بالمياه من خلال إعانات الدعم الموجهة التي لا تؤثر على الحوافز المشجعة لشركات تقديم الخدمات لتوفير إمداد مياه موثوقة وآمنة للمجتمع المحلي بأسره".
التطلع إلى ما وراء الحلول الهندسية
يركز الفصل التمهيدي للكتاب على الإدارة المتكاملة للموارد المائية لما تحظى به من أهمية خاصة في المنطقة حيث تلعب مرافق البنية الأساسية المائية "دوراً اقتصادياً حاسم الأهمية".
"هذه البلدان تقع إما في المنطقة الجافة أو المنطقة شديدة الجفاف، وهي تعتمد على هطول الأمطار الموسمية، ويجري بها عدد قليل للغاية من الأنهار ـ ينبع بعضها من بلدان أخرى ـ وتعتمد في أحوال كثيرة على مكامن هشة للمياه (وأحياناً غير متجددة).
"ونتيجة لذلك، فإن اقتصاداتها أكثر حساسية لأساليب استخراج المياه ونقلها واستهلاكها مقارنة بالبلدان الواقعة في المناطق الأخرى".
يقول جاغانّاثان في الفصل الذي أعده بشأن "تضييق الفجوة العملية في إدارة المياه"، نظراً لأن المياه تُعتبر مورداً شحيحاً وله استخدامات متنافسة، تحتاج المنطقة إلى إستراتيجية إدارية تتطلع إلى ما وراء الحلول الهندسية لتشمل إعادة النظر في أنظمة حقوق المياه، والأطر التنظيمية، وعلاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
علاوة على ذلك، من الضروري أن "نعمد إلى تشجيع" مبدأ المحاسبة ـ بين مستخدمي المياه، والجهات الممولة لهذا القطاع، وواضعي السياسات على حد سواء ـ وتبادل المعلومات بشأن المياه بصورة تامة بغرض تحسين إدارة المياه في المنطقة.
تغيّر المناخ...أحد الأسباب الرئيسية لتحسين إدارة المياه
يتناول هذا الكتاب أيضاً مشكلة الاحترار العالمي بوصفها سبباً رئيسياً يقتضي تعزيز إدارة المياه والأساليب الابتكارية، وذلك على حد قول جاغانّاثان. فتغيّر المناخ يخلق بالفعل تحديات جديدة بالنسبة لإدارة المياه، ويؤدي إلى تغيير الافتراضات الراسخة لدى بلدان كثيرة منذ قرون طويلة.
وتتوقع نماذج الفريق الحكومي الدولي المعني بتغيّر المناخ (IPCC) ازدياد درجات الحرارة وتقلب كميات المياه المتوفرة في العديد من بلدان المنطقة، كما ستنخفض معدلات هطول الأمطار بما يصل ب إلى 30 في المائة بحلول عام 2050.
وتؤكد النتائج الأخيرة التي توصل إليها الفريق الحكومي الاتجاهات العامة التي تمت ملاحظتها في الجزائر والمغرب وتونس في السنوات العشر الأخيرة: إذ لم تعد البيانات التاريخية الخاصة بأنماط هطول الأمطار تقدم توقعات دقيقة حول هطول الأمطار في المستقبل.
ويبين الكتاب أن جانباً من الحل بالنسبة للمنطقة يتمثل في إعداد حزمة من الإصلاحات التي تعالج كلاً من الطلب على المياه ـ كوضع حوافز لتشجيع المزارعين للتحول إلى محاصيل ذات إنتاجية مائية عالية ـ والإمدادات بالمياه، مثلاً الحفاظ على المياه عن طريق تحديث شبكات وأساليب الري وتحسين تتبع دورة المياه/البخر.
ساحة النقاش