إذا كانت حكمة الله أن يخلق للإنسان لساناً واحداً وأُذنَين فلكي يسمع أكثر مما يتكلَّم. لكن الإنسان، كعادته، يجتهد ويتحايل، فيظهر بلسانين، وحين يُكثر في الاجتهاد يتحوَّل إلى ناطق بألسنة كثيرة. * * * هناك من افراد المجتمع ممن لا ينفكّ عن النُطق والكلام في (مطوَّلة) يومياً، وأحياناً في (مطوّلتين) في اليوم الواحد. تذكَّرت كلاماً للساخر (جورج برنارد شو) يقول فيه: (مأساة الكذّاب ليست في أن أحداً لا يصدِّقه بل في أنه لا يُصدِّق أحداً). لكن ما ينطبق على أفراد المجتمع هؤلاء الذي نحن في صددهم، أن أحداً لا يُصدِّقهم، فهم يحفظون الحكمة القائلة: (أنا أُفكِّر إذاً أنا موجود) فيحوَّرون فيها وحرَّف لتُصبح: (أنا أتكلَّم إذاً أنا موجود). هنا، لا يكفي للإنسان أن يتكلَّم بل عليه أن يضمن أن أحداً يسمعه، فنوعُ الكلام أحياناً يدفع الإنسان إلى الإحجام عن الاستماع حتى لو كان يملك عشرين أُذناً.
ساحة النقاش