سيتكفل التاريخ وحده، بالحكم على مدى رداءة وخسّة المواقف التي حاولت وضع العصا في دواليب عربة الرش الليبية الشعبية، التي بدأت في تطهير المنطقة من وباء معمر القذافي، لكي توفر للشعب الليبي الشقيق مناخاً صحياً، يؤسس فيه دولته ونظامه السياسي ويظفر بشكل من الحكم، له أسانيده الدستورية والقانونية، وله مؤسساته التشريعية والرقابية، عوضاً عن الحاكم القاتل المخبول. ولعل ما يُغيظ، هو مطالبة هؤلاء المتعاطفين مع القذافي بالحوار، فيما هم يعرفون أن المعتوه لا يعترف بالناس إلا عندما تقدم نفسها له في ساحة عامة، ككتلة جماهيرية متهللة فرحاً بسحنته. فهو ينكر الناس كلما أرادت أن تصبح شعباً يتكون من مواطنين ومواطنات، لهم كرامات وحقوق وآمال وخصائص إنسانية. ومن المفارقات، أن الحاكمين الذين أزعجتهم التطورات في ليبيا؛ باتوا يواجهون اليوم، الغضب الجماهيري نفسه، ويوجهون للناس الاتهامات نفسها التي رمى بها المخبول شعبه الثائر. فالمنتفضون طلباً للحرية وللخبز وللكرامة، في درعا، صاروا عصابات إجرامية رابطت للانقضاض على عربة إسعاف. وفي اللغة المفضوحة المثيرة للسخرية، يلاعب النظام السوري المستبد نفسه طاولة الزهر، فيكبش الحجارة البيضاء، ويترك لإبليس الحجارة السوداء. هو في صف عربة الإسعاف البيضاء، وربما في صف حمامة السلام والفراشات الربيعية، أما الشعب فهو الذي انحاز للعربة السوداء المؤهلة لنقل الموتى، وهو المتربص بالحمام والفراشات. فالناس، في اللغة القذافية، ظلاميون، وفي اللغة الطائفية الاستبدادية للحاكمين في دمشق، بات الناس جواسيس وعملاء لإسرائيل. فهذه الأخيرة، في التقييمات الضمنية المنبعثة من لغة أهل الطنين، تضاهي الرب نفسه والعياذ بالله، لأن خالق الكون، هو وحده الذي يمكن أن يُشقي الناس ثم يتوجب على الناس طاعته واستغفاره. لكن هؤلاء الذين يفتحون قائمة لا نهائية، بأسماء المجاميع البشرية، الفلسطينية والعربية، المرشحة للتعامل مع إسرائيل، هم الذين يُعلون ـــ في الواقع ـــ من شأن هذا الكيان العنصري الظلامي البغيض!
* * *
ليس أسرع ولا أكثر رشاقة من المستبدين في إطاعة إسرائيل وأمريكا. فالمخبول سلّم لواشنطن، مقاربات البحوث في الطاقة النووية بعد تكشيرة امريكية خفيفة، ووشى على العالم الباكستاني فدمر حياته. ومنذ الحصار الجوي على اثر جريمة اسقاط الطائرة المدنية فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية، بدأ في إغلاق مقرات قوات فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وطارد الحركات الإسلامية الفلسطينية، وكان واضحاً في سعيه الى شهادة حُسن سير وسلوك أمريكية: يتغزل في كوانداليزا رايس، معلمة الرئيس بوش وصاحبة الدرس اليومي له في الصباح، لعلها تشفع للضال الذي اهتدى، ويشفع معها السخاء مع الشركات الأمريكية. ثم استقبل أوباما بالمزيد من التحبب، بل إنه ظل يرى فيه عزيزاً ومن "عظام الرقبة" حتى بعد الموجة الأولى من الضربات الجوية للبنية التحتية لقواته، وكان ذلك المنطق انعكاساً لمنتهى الوضاعة حيال الأمريكيين، مقابل منتهى الغرور والحقارة والإجرام مع الشعب!
نشرت فى 31 مارس 2011
بواسطة Khaled-now
Yes we are here نَعم نحن هُنا
نحن صفحة إخبارية تعمل على مدار الساعة تهتم باخبار العرب من المُحيط الى الخليج...فمرحباً بكل العرب.. تاريخ تأسيس الصفحة : 5 مارس 2011 مُديرالصفحة : خالد عويضة »
أخبار من المُحيط الى الخليج
كل الأخبار
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
214,865
ساحة النقاش