سوسن البرغوتي
لا ندّعي ولا يجافي أحد الحقيقة، حينما يؤكد أحرار فلسطين، أن المقاومة المسلحة هي الشرعية الوحيدة، ورايتها بنادق التحرير، لا أنذال التسويات الرخيصة وعلى مدى تاريخ تنازلاتهم "المرحلية" منذ برنامج النقاط العشر، مروراً باتفاقية أوسلو الملعونة، ومؤتمر أنابولس وانتهاءً بمناورات لا تخرج عن إطار الإذعان للعدو المحتل، تحت شعارات، تبدو في ظاهرها، الدعوة إلى وحدة الصفوف، وباطنها إرغام فصائل المقاومة، وجرهم لذات مستنقع الخيبة والفُجر الوطني.
رجال المقاومة يثبتون يوماً بعد يوم، أن برنامجهم المقاوم معلن، ولن تفت من عزيمتهم، غارات العدو، وسخافات سلطة محمية رام الله، وتحليلات بغاة "السلام" عقيمة الجدوى. فلا مؤتمرات دولية، ولا ما يجهز له أعراب منافقون مع دول البحر المتوسط من مؤتمر "دول الاتحاد المتوسطي" وغيرهما، سيغير مواقعهم ويثنيهم عن متابعة نضالهم المشروع، طالما وُجد الاحتلال على أرض فلسطين العربية، التي دنسها اليهود الصهاينة، واستباحوا بجرائمهم الوحشية الدموية، الحجر والبشر والشجر.
من المتعارف عليه، أن الأجنحة السياسية، تحصد ثمار المقاومة في الميدان، لا العكس، ولكن عندما نرى الفصائل الفلسطينية المقاومة الشريفة، تقبل بمصافحة من تلوثت أياديهم بمصافحة المحتل ومسخت عقولاً تقبل بالاعتراف به، وثبت أنها مجرمة كالت من صنوف التعذيب والاعتقالات، للشعب الصابر ولمقاومته.. يحق لنا، أن نتساءل، لمَ يا حماس؟! فليس من المتوقع أن يغير عباس- فياض جلدهما، ولا من المتوقع أن تكف أجهزتهما عن التنسيق الأمني، لسبب بسيط، أن تلك الأجهزة تدربت وتشكلت تحت إشراف الاحتلال وبموافقته، لحمايته أولاً وأخيراً!.
خاضت التنظيمات الفلسطينية الجولات المكوكية باتجاه القاهرة قبل سقوط نظام التطبيع المصري، ورغم أن ذيوله ما زالت حاضرة، إلا أن تلك الجولات لم تخرج لشهور بنتيجة مجدية، وها هو عباس يعيد كرة محاولاته من أجل "المصالحة"، فاختلاف برنامجين لا يستويان، ولا يمكن أن يلتقيا، فلا السلطة على استعداد لتبني المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، لأنها ستُذبح من الوريد إلى الوريد، ولا الفصائل المقاومة على استعداد للقبول بتنازلات السلطة، وتقويض كلمة وسلاح المقاومة.
الأمر الذي لا يريد فلسطينيون الإقرار به، هو أن القضية الفلسطينية لشعب تجاوز عدد سكانه أحد عشر مليوناً، ما بين الوطن المحتل والمهاجر، هم شعب معني بقضيته وتحرير وطنهم، والخلاص من التشرد والإذلال، فلسنا بالخارج أكثر من غرباء وافدين، و"يا غريب كن أديباً، وإلا"، والموضوع الداخلي من تنسيق أمني خياني، واعتقال مقاومين وإعلاميين، ما هو إلا نتيجة وليس بأي حال القضية، وثمرة اتفاقيات وتفاهمات، فكيف لهم جميعاً، تجاهل كل ما سبق، والاكتفاء لتصحيح النتيجة؟!.
لم نطالب سلطة رام الله يوماً، بأن تعدل مسيرة أساسها باطل، ونتائجها مدمرة لنا جميعاً، ولكننا نعتمد بعد الله على رجال المقاومة الأبطال، وفرسان الميدان لا ركبان الذلة والخنوع. وعليه، فإن الشرعية الوحيدة لكتائب وسرايا النور والتحرير، ولتكن كلمة الحق هي العليا، وأفاعيل من أجرموا بحق الشعب وقضيته بالدرك الأسفل من جهنم وبئس المصير.
أمام التغيير الحاصل في الوطن العربي، ينبغي ألا نرهن قضيتنا بيد أنظمة متأمركة ومتصهينة، تتهاوى ولا تقوى على حماية أمن وسيادة بلادها كما يجب، ونستثمر الثورة العربية، لصالح القضية العربية المركزية، مهما حاولوا تقزيمها وحرفها عن مسار التحرير، ولطالما قلنا ودعونا التنظيمات الفلسطينية كافة، لإسقاط سلطة أوسلو، لأنها علة لا شفاء منها إلا بالكيّ، وما زال هناك من ينتهج سياسة النفس الطويل. أكثر ما نخشاه، أن تصبح "المصالحة" هي القضية، في حين أن المقاومة تبني وتبني، ليأتي هؤلاء "حلفاء" العدو، ليهدموا بلقاء واحد علني أو سري، كل ما بنته مقاومتنا الباسلة!.
هنيئاً لنا بكم أسودنا، وسلمت أياديكم ولنا معكم ومع كل عملية بطولية، وقفة عز وإباء، ولكل من يرميهم بماء، نقذفه بحجارة من سجيل، فهم تيجاناً على جباه الشرفاء، الأحياء منهم والشهداء، فقد نالوا إحدى الحسنيين، أو كليهما.
وبعد هذا كله، نصرخ بأعلى صوتنا، كفى للحصار الجائر على القطاع، ولتُرفع حواجز الحدود المصطنعة بينه وبين مصر الثورة، مصر العروبة، إذ لم يعد مقبولاً، أن تبقى أصفاد قيد مليون ونصف المليون من إخوة العرب، مغلولة بفعل أحرار، ولا يعقل ولا من الوطنية بشيء، أن يستمر تهويد القدس، وتقويض أساسات الأقصى، وتقييد حركة أهلنا في فلسطين الداخل، وسلبهم حقهم في إحياء ذكرى النكبة، وإخضاعهم لقوانين عنصرية مجرمة، وجبهات دول الطوق مغلقة، فأقل اعتبار غض النظر عن السلاح والمقاومين المتسللين، ودعم ومساندة الشعب الفلسطيني باسترجاع أرضه، شبراً شبراً، حتى التحرير الشامل من البحر إلى النهر.
ساحة النقاش