جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
خطة العدو للقضاء على ثورات الشعوب
جاءت الحرب العالمية الثانية بدفعة قوية للرأسمالية المصرية لتنهي السيطرة الإستعمارية على النظام المصري وبدأت كل القوى تستعد للمعركة الفاصلة، فكان بنك مصر أول بنك للعرب وبنى طلعت حرب أول فندق في السعودية وشق له الطريق من مكة إلى جدة، ولكن جاء انقلاب يوليو تعبيرا عن القهر الاستعماري لسحق الثورة الرأسمالية الوطنية الوليدة لتسليم مصر والوطن العربي كله للإنتاج الأجنبي
لقد احترم الإسلام الملكية الفردية واحتفظ للإنسان الفرد بمستوى من الكرامة والحرية في أحلك الظروف، إلا أن عبدالناصر أبى إلا أن يبدأ بتأميم الشركات لا طمعا في أي منها ولكن ليجرد الإنسان المصري من أي سلطان ولو على شركة، لقد ضرب الإقتصاد المصري كله بالتأميم حتى لا يظهر في مصر رافع رأسه إلا هو، ومن مدرسة الإرهاب الروسي والألماني تخرج زبانية الإرهاب في العصر الناصري([1]).
نادى عبدالناصر بالحرية ثم جعلها حكرا عليه، وطالب بحقوق الشعوب ثم انفرد وحده بكل الحقوق، وقال: ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عصر الإستعباد ثم عمد إلى قطع رأس كل مواطن حاول رفع رأسه، كان عصر عبدالناصر خارج الشرعية والقانون والدستور بل الإنسانية لأنه جعل نفسه الشرع والقانون والدستور.
كانت خطة العدو دائما سواء كان عدوا من الداخل أو الخارج هي:
-
ضرب القوى الوطنية بعضها ببعض وزرع الفتنة فيما بينها مثلما نرى الآن الصراع بين التيارات الإسلامية والعلمانية، وبين التيارات الإسلامية نفسها.
-
تعطيل الحياة السياسية بتزوير الإنتخابات وأعمال البلطجة التي تجعل الشعب ينأى بنفسه عن تلك الممارسات تجنبا للإعتقال أو غيره من ممارسات القمع والإستبداد.
-
حل الأحزاب والنقابات حتى تفقد تأثيرها في توجيه الرأي العام.
-
وضع السلطة في يد ديكتاتور لا يؤمن بفصل السلطات ويقوم بالسيطرة على الشعب.
في كتاب جون رافيلانج، ارتفاع وسقوط وكالة المخابرات الأمريكية، يقول: إن الوكالة ساعدت عبدالناصر في الوصول إلى السلطة، هذا الرجل ينشر ادعاءه هذا في كبرى الصحف المصرية أنه هو الذي علم ثوارنا أن يكونوا مصريين وعلمهم العروبة وحرضهم على استرداد قناة السويس([1]).
العقاد قاطع ثورة يوليو لأن عبدالناصر أهان شعب مصر عندما وقف يقول أنا علمتكم الكرامة، مع أن الذي علم عبدالناصر الكرامة هو ضابط مخابرات أمريكي، جيل عبدالناصر لا يرى غضاضة في تعلم الدين من أحبار اليهود والوطنية في كامب ديفيد أما العمالة لأمريكا فحلم يشتاقون إليه، علموا الثوريين أن العدو هو الأحزاب والإخوان والعرب.
الاحتلال دائما يعادي أية ثورة تحرر الشعب وتحقق تغييرا جذريا في النظام الإجتماعي والسياسي بما يكفل إطلاق طاقة الأمة في بناء المجتمع والدولة، لأن ذلك يؤدي إلى مقاومة الاحتلال وتصفية مصالحه بالإضافة إلى إقتطاع جزء من هيمنته على السوق العالمية مثلما فعلت أمريكا في القطن المصري وغيره من الصناعات، كنا ملوك القطن، كنا أكبر مركز لصناعة الكتاب العربي، وكنا نحتكر صناعة الكتب الإندونيسية والملاوية والأوروبية، كانت دمياط تصنع الأثاث لنصف العالم العربي([2]).
استخدمت أمريكا أسلوب الكاراتيه وهو فن استخدام قوة الخصم في قهره:
-
لا حاجة لإرسال الجيش الأمريكي لضرب الحكومة.
-
الجيش بقليل من التآمر والرشوة والدعم يقوم بمهمة الفتك بالمعارضين (وقد رأينا ما فعله الجيش في ليبيا وسوريا من مجازر في ربيع الثورات العربية، وقبله الجيش الجزائري حين فاز الإسلاميين في الإنتخابات في التسعينيات، والآن في مصر).
-
لا بأس من إظهار الغضب على الحاكم الديكتاتور من خلال الإعلام الذي يوظف ببراعة لإقناع الشعوب بأن الأمريكان حماة الحرية والديمقراطية، وأن كل القوى الوطنية رجعية ومتخلفة لتبرر غزوها والقضاء عليها.
هذا ما اتبعته أمريكا في الانقلابات التي تمت في المنطقة العربية، وقد ارتبطت السياسة الأمريكية بوجود الكيان الصهيوني وحماية هذا الوجود، فلا حل إلا بضرب العرب وقياداتهم.
لوتز، الجاسوس الإسرائيلي ومدمر سلاح الصواريخ المصري وأحد صناع هزيمة يونيه 1967، قضى عامين في السجن، والشيخ فلان قضى خمسة عشر عاما في السجن لأنه في صباه حفظ سورة الأنفال، يقول لوتز إنه جاء من الخارج مرة بسبعة عشر صندوقا أخرجت فورا من جمرك الإسكندرية، كان منها ستة عشر صندوقا هدايا لكبار الضباط والمسئولين أما الصندوق السابع عشر فكان مليئا بأجهزة تجسس إسرائيلية
ماذا يفعل حاكم يهودي للإضرار بأمن مصر أكبر من إفساد الجيش؟
مهندسة/ سحر زكي
[1] محمد جلال كشك: ثورة يوليو الأمريكية ص:120 (1408هـ- 1988م)
[2] د. حسين مؤنس: باشوات وسوبر باشوات ص:200 (1405هـ - 1985)
[1] د. حسين مؤنس: باشوات وسوبر باشوات ص: 179 (1405هـ - 1985)