<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

الإسلام دين ودولة

"إن الدين عند الله الإسلام"، فإذا أراد الله سبحانه وتعالى للإسلام أن يكون دين الأرض، فكيف يتم حماية هذا الدين بغير دولة، وكيف تم بناء الدولة؟

بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته سرا لأنه يعلم أن التغيير يحتاج إلى عقول تفكر وقلوب تبصر الحقائق، فتخير النبي صلى الله عليه وسلم تلك العقول والقلوب التي بها يبدأ نشر الدين، فكانت خديجة وأبو بكر وعثمان وعلي وغيرهم من السابقين إلى الإسلام رضي الله عنهم أجمعين، اجتمعوا بدار الأرقم ليتدارسوا ويتعلموا الدين الذي يبدأ بالتوحيد، لا إله إلا الله.

ليس موسى إله وليس عيسى إله وليس محمد إله، ليس رئيس الجمهورية إله ولا عالم الدين إله ولا وزير الداخلية إله، ليست أمريكا إله ولا حلف الناتو إله ولا الغرب إله، ليست العلمانية إله ولا الليبرالية إله ولا الديمقراطية إله، ليست الدساتير الوضعية إله ولا مواثيق حقوق الإنسان إله، وإنما الله إله واحد خلق الخلق وأحسن صورهم وفضلهم على كثير من خلقه، خلق الإنسان وميزه عن الملائكة بالعقل ليكون مخيرا في عبادته لربه، يأتيه طائعا لا مكرها، هل رأيت حرية كتلك الحرية التي أقرها الإسلام للإنسان الذي خلقه الله؟ يخلقه سبحانه ثم يقول له: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

حين يعرف المسلم معنى التوحيد وأن الله وحده هو خالقه ومالك أمره، تهون الدنيا ويملك أمر نفسه، يعرف معنى الحرية، هو عبد لله وحده، حين يعرف المسلم هذا المعنى يتحمل الشدائد من أجل الحرية، من أجل هذا الدين.

وعندما بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهر بالدعوة بدأت المحن تقابل أصحابه، لكنهم كانوا قد تربوا على لا إله إلا الله، صبر المسلمون على الأذى وتحملوه بنفس راضية أملا في هداية الخلق لهذا الدين، وحين اشتد الأذى بالمسلمين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة، أرض بها ملك لا يظلم عنده أحد، ليست أرضا تفتن المسلم في دينه بل أرضا تساعده على التمسك بهذا الدين.

أسلم عمر وقبلها أسلم حمزة فإذا بدين الإسلام تقوى شوكته بهذين العملاقين، وإذا بالمسلمين يخرجون لأول مرة في صفين على قلة عددهم على رأس الأول حمزة وعلى رأس الآخر عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، لكن هل يكفي هؤلاء لإقامة دولة الإسلام بهم؟، لا بل يحتاجون إلى آخرين ليقيموا دولة الإسلام، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يبحث من جديد عن قلوب وعقول أخرى تصلح لبناء الدولة، عرض نفسه على القبائل، ولم يكل ولم يمل ولم ييأس من نصر الله له، لكنه لم يجد بغيته في مكة والقبائل المحيطة بها، ثم ماذا؟ لن تنتهي دعوة الإسلام حتى يظهره الله.

جاء وفد من المدينة إلى مكة فقابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا بنصر الله لهذا الدين حيث آمنوا به وعاهدوا رسول الله بدعوة أهلهم بالمدينة إلى الإسلام، وذهبوا إلى المدينة وعادوا بعد عام لتكون بيعة العقبة الأولى بين المسلمين ووفد الأنصار.

بايع الأنصار رسول الله بإقامة دولة الإسلام في المدينة وقبل الأنصار في مقابل الجنة، تلك هي البيعة لإقامة دولة الإسلام، لن نكون على رأس الدولة ولن نتولى الحكم من بعدك يا رسول الله، ولن نطلب وزارة أو إمارة يا رسول الله بل نطلب الجنة وهذا ما عاهد عليه الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية.

وبدأت رحلة بناء الدولة الإسلامية التي أقيمت لحفظ الدين، هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وبدأ تاريخ جديد لدولة الإسلام، المدينة يعيش فيها قبيلتي الأوس والخزرج وهما متنازعتين على الزعامة ويدور بينهما قتال فهل تستقيم أمور الدولة وبين أهلها هذا التنازع؟ يقيم بالمدينة قبائل يهود وهم يؤججون نار الفتنة بين الأوس والخزرج لتربح تجارتهم في السلاح، وآخرون من أهل المدينة يجهزون زعيمهم عبدالله بن أبي ابن سلول ليتولى زعامة المدينة، المهاجرون الذين خرجوا من مكة بدينهم وتركوا أرضهم ومالهم فكيف يستقبلهم أهل المدينة؟ ماذا يفعل رسول الله وأصحابه في تلك الظروف وكيف يمكن بناء الدولة، ما الخطة التي يمكن بها حل تلك المشكلات القائمة وكيف يتم إرضاء تلك الأطراف المتناحرة، على بركة الله نبدأ في تحقيق الهدف وهو بناء دولة الإسلام في المدينة.

الخطوة الأولى: في البناء هي إزالة فتيل العداوة بين الأوس والخزرج ليستبدلوا العداوة التي بينهم بأخوة الإسلام، والحمد لله تمت الخطوة الأولى بنجاح ( كما نتمنى أن تتم بنجاح بين التيارات الإسلامية الموجودة في العالم الإسلامي الآن).

الخطوة الثانية: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وهي أخوة لم تعهدها البشرية من قبل، أخوة في الإسلام  جعلت المهاجر يقاسم أخاه الأنصاري في ماله وداره وربما أزواجه "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"، ما عند الأنصار كان كافيا لهما معا، (إنما المؤمنون إخوة، فأين مسئولياتنا تجاه إخواننا في سوريا وليبيا واليمن والسودان وغيرها).

الخطوة الثالثة: إقامة المسجد الذي يضم هؤلاء المسلمين جميعا ويوحد صفوفهم ويحل مشكلاتهم وتُدار شئون الدولة الوليدة من منبره، ويُسمع فيه لرأي الجماعة المسلمة ويسمح بالخلاف والإختلاف في الرأي لنصل إلى أفضل الحلول، وقد وجدنا أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا من الإختلاف في الرأي بين كبار الصحابة، وجدنا ذلك في أسرى بدر، وجدناه في صلاة العصر في بني قريظة، من المسلمين من أخذ بالنص ولم يُصل إلا في بني قريظة مع دخول وقت المغرب، ومنهم من صلى في الطريق خشية أن يفوته العصر وقد فهم من النص سرعة الوصول، وأقر رسول الله صلى الله عليه وسلم الجميع على اجتهادهم (لتكن المساجد المكان الطبيعي لتجميع صفوف المسلمين كما كانت على مر التاريخ الإسلامي).

الخطوة الرابعة: معاهدة بين المسلمين واليهود تنص على حقوق كل منهما وأنهم شركاء في المدينة لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، فكانت أول وثيقة تحدد العلاقة بين المسلمين ويهود المدينة، وفي حالة الغدر ونقض المعاهدة يكون العقاب.

الخطوة الخامسة: العلاقة بين المسلمين وبين المنافقين الذين لا تعرف لهم توجها، فإن وجدوا قوة في اليهود انضموا إليهم وإن وجدوا قوة في المسلمين انضموا إليهم، لا تعرف لهم لون أو طعم، لكن أنت مطالب في دولة الإسلام أن تتعامل مع هؤلاء لا أن تقصيهم فيكيدوا لك كيدا، وتعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام من المهاجرين والأنصار مع هؤلاء جميعا برحمة وعدل في دولة الإسلام الناشئة التي تخطو خطواتها الأولى في البناء.

بدأت الدولة الوليدة بتحديد أسس العلاقة بين المقيمين والقائمين على الدولة، الأخوة بين المسلمين، والمعاهدة مع الأقلية غير المسلمة، والتعاملات الإنسانية مع التيارات المختلفة في مجتمع المدينة، وذلك لتأمين الدولة المسلمة من الداخل (هكذا يجب أن نتعامل في مصر الآن مع كل هذه التيارات الإسلامية والعلمانية والنصرانية كما تعامل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم).

الخطوة السادسة: بدأت مرحلة جديدة من البناء وهو تأمين الدولة الإسلامية من خارجها، فكانت موقعة بدر التي انتصر فيها المسلمون بفضل الله ليكون أول انتصار على أعداء الدولة، وجاء يوم الثأر في أحد ليكون اختبار لمدى تماسك الدولة وقدرتها على الصمود أمام الأعداء، إلا أن المسلمين عصوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا مكسبا قصير الأمد عن مكاسب طويلة الأجل بالشروع في جمع الغنائم قبل أن تستقر أحوال المعركة لصالح المسلمين، فهزموا في أحد ليتعلموا الدرس ولا يستعجلوا الغنائم فهي آتية لا محالة ولكن يبقى الدين هو المسعى الأول الذي يجب أن يحرص عليه المسلمون. (فلا يجب أن يتصارع المسلمون على المناصب ويتركوا أمر الدين في وقت نحتاج فيه جميعا أن نقف صفا واحدا أمام أعداء الأمة).

ثم جاءت غزوة الأحزاب لتكون بداية لتثبيت دعائم الأمة الإسلامية في وجه أعدائها من الخارج حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النصر وهزيمة الأحزاب: اليوم نغزوهم ولا يغزوننا، ويأتي يوم الأحزاب ليعلم رسول الله المؤمنين أن نصر الله آت وأن دين الله سوف يشع نوره في الآفاق وتفتح بلاد الفرس والروم واليمن ليدخلها دين الإسلام ويعم العدل الأرض التي ملئت ظلما وقهرا علي أيدي الطغاة المستبدين.

الخطوة السابعة: آن لدولة الإسلام بعد أن أمنت الداخل والخارج أن تمارس حقها في حج البيت الحرام، هذه هي العلاقات الدولية التي لا يجب أن تمنع أحدا من الحج، إلا أن قريشا أبت إلا أن تتجاوز تلك العلاقات وأن تفرض قيودا على الدولة الإسلامية في ممارسة هذا الحق خاصة أنهم ذهبوا لأداء العمرة لا يحملون سلاحا بل يسوقون الهدي أمامهم، وقد أرسلوا رسلهم إلى قريش ليخبروهم أننا آتين إلى مكة لأداء العمرة وأننا لا نفكر في غزوكم أو محاربتكم وقد أرسلوا أكثر من رسول ليؤكدوا لهم هذا المعنى وعندما غاب عثمان بن عفان رضي الله عنه ظن المسلمون أنه أصابه مكروه، وكان قتل الرسل يعني الحرب، وبايعوا النبي تحت الشجرة على الثأر لرسولهم.

ولما علمت قريش نبأ البيعة قرروا عقد صلح بينهم وبين المسلمين، هو صلح الحديبية واشترطوا شروطا رآها المسلمون مجحفة إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يوحى إليه ولا يبحث عن عمرة تُؤدى بقدر ما يبحث عن أنصار جدد تقوى بهم دولة الإسلام وافق على شروط الصلح وعاد إلى المدينة على أن يعتمر في العام القابل، عام بأكمله تستطيع دولة الإسلام أن تجد لها أنصارا آخرين خارج المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسائل إلى بلاد الفرس والروم ومصر وغيرها يعلمهم بدين الإسلام الذي أنشئت دولته لحماية هذا الدين، وما كان لهذا الدين أن ينتشر دون إقامة هذه الدولة التي أصبحت لها مكانها بين الدول.

"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"، وقد أوفى المسلمون بعهدهم مع قريش إلا أن قريشا لم تف بالعهد واعتدت قبيلة بني بكر المتحالفة مع قريش على خزاعة المتحالفة مع المسلمين، وكان لابد من نصرة الحلفاء، ولم تكن خزاعة مسلمة في ذلك الوقت إلا أنها قبلت التحالف مع المسلمين، وقرر رسول الله صلى الله عليه وسلم قائد الدولة الإسلامية أن ينتصر لخزاعة، فجهز جيشا لفتح مكة وقد دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصرا حربيا، إلا أن نصره الأخلاقي كان أعظم أثرا في قلوب أهل مكة، حيث أمنهم على أنفسهم وقال: من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، أنزل قائد مكة منزلته التي تليق به رغم كفره، أمن المدنيين على حياتهم، لم ينتهك حرمة المسجد الحرام بالقتال فيه ثم أصدر عفوا كاملا شاملا لأهل مكة حين سألهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم: أذهبوا فأنتم الطلقاء.

هل فعلت دولة في هذا العالم مع أعدائها ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لقد أرسله الله رحمة للعالمين، رحمة تسع المؤمن والكافر، رحمة لو وُزعت على أهل الأرض لوسعتهم.

وجاءت غزوة حنين لتبين للمسلمين ما يسعى إليه رسول الله، انهزم المسلمون في أول الأمر لأنهم ظنوا أن النصر يأتي مع كثرة العدد دون الثقة التامة والإيمان الكامل بأن النصر من عند الله، ولما عاد إلى المسلمين رشدهم عاد إليهم النصر وجاءتهم المغانم الكثيرة، ليوزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها على أهل مكة من الطلقاء ليؤلف قلوبهم لهذا الدين، شعر الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد إلى أهله في مكة ونسي الأنصار ، ووجدوا في قلوبهم شيئا فعلم رسول الله بالأمر.

فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا معشر الأنصار ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف بين قلوبكم قالوا: بل الله ورسوله أمن وأفضل، قال: "ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟" قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل؟

قال: "أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فواسيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا؟ تألفت قوما ليسلموا؟ ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير و ترجعون برسول الله في رحالكم؟ فو الذي نفس محمد بيده إنه لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار، فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسما (فقه السيرة). (يقولون أن من قام بالثورة يجب أن يحكم، ونقول وهل حكم الأنصار دولة الإسلام بعد رسول الله، كانت نصرة الدين وحماية الدولة والجنة هي أهدافهم، وكذلك يجب أن نكون نحن، ننصر الدين ونحمي الدولة ونرجو رحمة ربنا والجنة).

عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وظلت المدينة هي أول دولة إسلامية منذ نزل الإسلام على محمد صلى الله عليه وسلم، ربى فيها النبي القادة الذين يتولون أمور الدولة من بعده، علم المسلمون قواعد بناء الدولة، علم المسلمون كيف يتم حماية الدولة من أعدائها في الداخل والخارج على قواعد سياسية أخلاقية لا تقوم الدولة الإسلامية إلا بها، أما من يدعون أن لعبة السياسة لعبة قذرة، فهذه القذارة لا تليق بالدولة المسلمة، ولذلك نجد الدول التي تقوم على القذارة السياسية بناءها ضعيف لا تلبث أن تسقط "وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون".

لماذا خاف الروم من دولة الإسلام حين قررت حربها في تبوك؟ لماذا لم يواجه الرومان بجندهم الكثيف المسلمون وقد كانوا أقل عددا وعدة؟ لأنهم يعلمون أنهم على الحق ويدافعون عن حق، ومصرون على الدفاع عن حقهم، وحين يجد أعداء الأمة إصرار صاحب الحق على حقه يخشونه ويهزمون بالرعب، وهذا ما كان بعد أن أعد المسلمون العدة وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وجاهد الصديق بكل ماله وترك لأهله الله ورسوله، وجاء عمر بنصف ماله، وقام ذو النورين عثمان بن عفان بتجهيز جيش العسرة الذي كفاه الله شر القتال في تبوك وانهزم الروم بالرعب ( ونحن في مصر الآن نحتاج أن نؤمن حدودنا الخارجية شرقا بتحرير فلسطين، وغربا بتحرير ليبيا، وشمالا بأسطول بحري قوي يحمي مياهنا الإقليمية،وجنوبا بتأمين السودان من مخاطر الدولة الجديدة ومياه البحر الأحمر والخليج العربي الذي يمثل العمق الإستراتيجي للأمن القومي المصري).

لم تبن دولة الإسلام في المدينة بالراحة والدعة والسلامة وحب الدنيا وكراهية الموت، بل بنيت بالعرق والجهد والكفاح والقتال وتحمل الشدائد والصعاب، والجهاد بالنفس والمال، وبطلب الموت في سبيل الله حتى لتجد من فاتته معركة من المعارك ينتظر المعركة القادمة ليكون من المشاركين لينال إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة، وتجد الشباب الصغار الذين لا يؤهلهم سنهم وصغر أجسادهم للمشاركة في الحرب للدخول في منافسة بالسيف ليثبتوا أنهم قادرين على المشاركة في الحرب، بتلك الروح الوثابة والقلوب التي تهفو إلى الحرية، والنفوس التي تتوق إلى الشهادة قامت دولة الإسلام.

ثم كانت حجة الوداع التي ألقى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قواعد جديدة في بناء الأمم المتحضرة، ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عرفة من جبل الرحمة وقد نزل فيه الوحي مبشراً أنه "اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً"

أما بعد أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحرقون من أعمالكم فاحذروه على دينكم، أما بعد أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً، تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى.

ليعلم أهل الأرض جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحارب يوما طمعا في دنيا أو مُلك يصيبه، إنما كانت حربه على عدو اعتدى بغير حق وصد عن دين الله ومنع العباد من حريتهم في الاختيار، حارب ليحافظ على الدولة الإسلامية التي تقوم بحماية الدين، والقائلين بأنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين أو فصل الدين عن الدولة واهمون، فلا تقوم دولة إلا بالدين.

ما الذي أقام دولة الكيان الصهيوني؟ أليس اعتقادهم بأن دينهم هو الذي يحرضهم على إقامة هذه الدولة؟ ما الذي دعى أوروبا إلى الحروب الصليبية واحتلال بلاد المسلمين بما فيهم القدس الشريف؟ ألم يحركهم دينهم؟ لماذا يعتدي الغرب على بلاد المسلمين؟ أليست هي حربا على الدين نفسه، لماذا يساندون الأقلية النصرانية في جنوب السودان لإقامة دولتهم ولا يساندون الأقلية المسلمة في فرنسا أو أمريكا لإقامة دولة مسلمة هناك؟ لماذا يرفضون انضمام تركيا المسلمة إلى الاتحاد الأوروبي ويفرضون دولة الكيان الصهيوني للإنضمام إلى دول الشرق الأوسط المسلمة والتطبيع معهم؟ أليس كل ذلك محاربة للدين الإسلامي بتقويض دولته، فإذا ما سقطت الدولة الإسلامية ضعف الدين في النفوس، وهذا لا يريده الله لدين الإسلام الذي وعدنا ربنا بظهوره على الدين كله ولوكره الكافرون.

فيا أمة الإسلام يا خير أمة أخرجت للناس، أقيموا دولة الإسلام حفاظا على هذا الدين، ليس بحثا عن قيادة أو زعامة إنما بحثا عن مسلمين جدد ينعمون بهذا الدين، وبحثا عن عدل يقام على هذه الأرض يبحث عنه المسلمون وغير المسلمين، وبحثا عن مكارم الأخلاق التي بعث بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن امتلأت الأرض بممارسات غير أخلاقية، وبحثا عن مغزى لهذه الحياة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، يعبدون الله طواعية، وبحثا عن جنة أبدا تجري من تحتها الأنهار، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الجنة وأن نرافق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، ونسأل الله العزة للإسلام والمسلمين

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 407 مشاهدة
نشرت فى 5 إبريل 2012 بواسطة IslamyyaMisr

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,274

اسلمى يا مصر

IslamyyaMisr
مصر وطن حضارته تسبق التاريخ ولم يذل ولم يهزم إلا على أيدي الطغاة الذين باعوا الوطن بقصر في شرم الشيخ وآخر في باريس. وقد قام الشعب المصري بثورته المباركة في 25 يناير 2011 ليثور على هؤلاء الطغاة، وقد سقط الطاغية الأكبر إلا أن أذنابه لم تسقط بعد، ونقول اسلمي يا »