تمهيـــد

الحمد لله منزل القرآن للمؤمنين شرعةًَ ومنهاجاً، رب العالمين وهاديهم إليه فضلاً منه لا احتياجاً، مكرمهم برؤيته يوم القيامة؛ ليزدادوا سروراً وابتهاجاً، ونشكره على نعمه التي غمرتنا جماعاتٍ وأفراداً، ونستعينه ونستهديه ونستغفره على زللٍ فعلناه جهلاً وتقصيراً لا اعتقاداً، ونصلي ونسلم على من اصطفاه ربه فأدناه منه اقتراباً، سيدنا محمدٍ الذي أرسله ربه هادياً للعالمين وسراجاً وهاجاً، فبلغ دينه وأبان للخلق الإسلام علماً وقولاًَ وعملاً واعتقاداً، وعلى آله وصحبه وتابعيهم كلما ذكر الله تعالى الذاكرون  صباحاً ومساءً و هُجَّاداً .

وبعــد

فإن قَدْرَ أيِّ عمل يقوم به الإنسان إنما يقاس بشرف نتائجه وثمرته ومدى نفعه في الحياتين الدنيا والآخرة، ومما لا شك فيه أن للتربية اليد الطُّولى وقصب السبق في هذا الشأن. كيف لا؟! وهي متعلقة بأشرف مخلوق على وجه الأرض وهو الإنسان...

إن تلازم التربية للإنسان تلازم حتمي كحتمية وجوده، إذ بدأت التربية مع بعثة آدم عليه الصلاة والسلام ونزوله خليفة إلى الأرض حيث أخذ يعلم زوجته وأولاده مما أنعم الله عليه من علم يتعلق بالدنيا أو بالآخرة، وبالنسبة لمن سوى آدم عليه الصلاة والسلام َفيصحُّ لنا أن نقول: إن التربية المتعلقة بالإنسان تسبق وجوده وذلك حينما يختار الزوج شريكة حياته أم أولاده – أهم محور من محاور التربية – والتي ستقوم بتربيتهم صغاراً وبتوجيههم كباراً.

وللتربية منزلة عظيمة عند المسلمين خاصة وعند مَنْ يهتمون بها على وجه العموم ومما تشرف به التربية أن الله سبحانه متصف بالربوبية كما قال تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }( [1] ) فالله سبحانه وتعالى "له معنى الربوبية ولا مربوب"( [2] ) فالصغير والكبير الكل يقرأ في صلاته كل يوم سبع عشرة مرة – سوى النوافل - {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }( [3] ) والقرآن الكريم والسنة النبوية غنيان بالتربية ومشتقاتها. وكلما كانت التربية قائمة على أصول ثابتة كانت ثمرتها يانعة نافعة وإذا اقترنت التربية بأمور الاعتقاد كان الشرف أسمى وأجل. وعلماء شريعتنا الإسلامية قد امتزجت أرواحهم ودماؤهم بنور الوحيين: القرآن الكريم والسنة النبوية؛ فانتقل ذلك النور إليهم حيث الهداية للخلق وفق أرقى وسائل ومناهج التربية: تربية نفسية وروحية وعقلية وجسمية للفرد والمجتمع فهم يجمعون بين كل نواحي التربية بما سقوا من ذلك المعين الذي لا ينضب فربَّوا المتعلمين والسائلين المستفيدين تربية جسدية عقلية روحية عقدية فمن ذلك تعليمهم للصغار بقولهم: "فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربَّى جميع العالمين بنعمه وهو معبودي ليس لي معبود سواه والدليل قوله تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }( [4] )فإذا قيل لك: بما عرفت ربك؟ فقل بآياته، ومخلوقاته ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ومن مخلوقاته: السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن، والدليل قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }([5]) والرب هو المعبود والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }([6]) فهذه التربية العقدية تُعمل فكر الصغار على التطلع في الكون فهي ليست مصطلحات جوفاء بل تسير في منظومة الحياة لذلك فهم أولى من غيرهم بصدارة التربية. ولكل منهم منهج هو سالكه في تربيته للناس: فمنهم من يربي مباشرة مثل مواجهة الجماهير بوسائل متعددة ومنهم بطريقة غير مباشرة عبر الكتابة والتأليف وما إلى ذلك وهذا التنوع ناتج عن تعدد ينابيع المعرفة وتنوع مصادر التلقي واختلاف مشارب الفهم، وتنوع أساليب إيصال المعلومات والأفكار منهم للمتعلمين أو للسائلين المستفيدين لشتى أنواع المعرفة وهذا يسفر عن نضج علمي وثراء ثقافي لهؤلاء العلماء المربين وهو بدوره ينتقل لمن تربى على أيديهم وإنما أرادوا من تلك التربية العصرية أو التربية العلمية رضا الله عز وجل حتى ترشد  { وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى })(1) والأجر على قدر المشقة (ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمـــون)(2) ؛ لذا فقد قمت بإعداد هذا البحــــث والذي هو بعنوان:

مناهج التربية العقدية عند الإمام ابن تيميَّة

( دراسة وصفية تحليلية ) 

محاولاً من خلاله إبراز دور الإمام ابن تيميَّة في تربيته العقدية وأخذه بمنهجية التربية وتعدد هذه المناهج عنده فلم يقتصر في تعليمه وتربيته على منهج واحد بل عدَّد مناهجه نظراً للفروق الفردية بين المتعلمين صغاراً كانوا أم كباراً وسواء من طلبة العلم أم من عامة المجتمع.

ويتضح ذلك من خلال خطة البحث الآتية والتي احتوت مقدمة وأربعة فصول ثم ذكر المراجع والفهارس وهي كما يلي:

 

الفصل الأول :

الإطار النظري للبحث ويتكون من خلال خطة البحث الآتية وهي كالتالي :

-         مقدمة .

-         موضوع البحث.

-         أهداف البحث.

-         أهمية البحث. 

-         منهج البحث .

-         أدوات البحث.

-         حدود البحث.

-         مصطلحات البحث.

 

الفصل الثاني :

الإطار العام للبحث ويتكون من المباحث الآتية:   

- الأول : تعريف بالإمام ابن تيميَّة واهتمامه بالمنهجية.

- الثاني : مناهج التربية العقدية عند الإمام ابن تيميَّة . 

- الثالث: الدراسات والبحوث السابقة .

  

الفصل الثالث:

وصف وتحليل واستخلاصات من مناهج التربية العقدية عند الإمام ابن تيميَّة .              

 

الفصل الرابع:

خلاصة البحث وأهم النتائج.

 

المراجع :

وستكون مراجع  البحث مرتبة ترتيباً أبجدياً بحسب أسماء المؤلفين .

 

الفهارس :

وتشمل على ما يلي:

         ‌أ-         فهرس للأعلام مرتب ترتيباً أبجدياً مع ذكر أول صفحة ورد ذكرهم فيها.

      ‌ب-      فهرس لمراجع البحث مرتب ترتيباً أبجدياً بحسب أسماء المؤلفين .

       ‌ج-       فهرس للأشكال والرسومات.

        ‌د-        فهرس عام للموضوعات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول  

( الإطار النظري للبحث )

ويتكون من خلال خطة البحث الآتية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


مقدمـة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد،،

فإن الله عز وجل رفع قدر العلم وعظمه، وخص به من خلقه من أكرمه واختص العلماء من بين خلقه بخشيته فقال تعالى:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }([7]) ومن حكمة العلي القدير سبحانه أنه فرق بين أهل العلم وغيرهم فقال: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }([8]) وقال: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }([9]) ، وما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالازدياد من شيء إلا من العلم كما قال تعالى: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً }([10]) وقد أخبرنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الكثيرة عن فضل العلم والعلماء فقال: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة "([11]) ،وجعله كالمجاهد بقوله: "من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع"([12]) ، وفي رواية "من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله"([13]) ، فمما مر يرى المسلم مدى اهتمام الإسلام بالعلم حتى جعله يساوي الجهاد في سبيل الله كما أظهر فضل العالم على العابــد بقوله: " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضيين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير"([14]) ، وغيرها كثير تحض على العلم وعلى احترام العلماء، ولبيان مدى اهتمام رسولنا صلى الله عليه وسلم وإكرامه له قد أوجب على كل مسلم ومسلمة تعلمه فقال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"([15])، وإنما أوجب الرسول صلى الله عليه وسلم طلب العلم؛ ليدل على أهميته بالنسبة للمسلم "فإن أقوى الفرائض بعد الإيمان بالله تعالى طلب العلم"([16]) ، فطلب العلم في شريعتنا فرض وليس مستحباً وذلك في تعلم ما يجب عليه معرفته من أمور الدين التي هي واجبة بالضرورة، وقد "جعل سبحانه هذه الأمة مع علمائها كالأمم الخالية مع أنبيائها"([17])، بهذا وصف علماء المسلمين وهذا ليس بمستغرب "فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء بهم يهتدي الحيران في الظلماء وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء"([18])

        وهذه مزية خاصة لعلماء هذه الأمة الإسلامية "الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر إذ كل أمة قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم علماؤها شرارها إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم فإنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم من أمته والمحيون لما مات من سنته، بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا"([19])، وذلك لأن "العلماء هم أئمة الأنام و زوامل الإسلام الذين حفظوا على الأمة معاقد الدين ومعاقله وحَمَوْا من التغيير والتكدير موارده ومناهله"([20])، وهذا يعني أنه لا يخلو قرن من الزمان إلا وفيه قائم بأمر الله على بصيرة يحفظ ويجدد لهذه الأمة دينها بأمر ربها كماأخبربذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"([21]).

        ولو أراد الإنسان أن يتتبع أو يستقصي هؤلاء العلماء المجددين ما استطاع لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، وفي قرن يكون مجدد واحد فهو أمة بأسرها، وأحياناً أكثر وربما في بعض الأوقات عدد من العلماء في مجالات شتى، ومنهم من كان إصلاحه للجنان ومنهم من كان إصلاحه بالسنان، ومنهم من كان إصلاحه بالفكر والدعوة والكلام، ومنهم من جمع الله له ذلك كله { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }([22])  ، لذلك سأكتفي بالإشارة إلى بعض مصلحي الأمة من المتقدمين والمتأخرين والذين كان لهم دور في إحياء الأمم ونهضتها  فهم مصابيح الهدى، ودياجير الظلام، وهم قادة قوارب نجاة الأمم.

فمن المتقدمين بعد جيل الصحابة الفريد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز([23])، والإمام الشافعي([24])، والإمام الغزالي([25])، والإمام عبد القادر الجيلاني([26])، والإمام عز الدين ابن عبد السلام([27])، والإمام ابن تيمية([28])، ثم بعد عصر الإمام ابن تيمية أصبح التجديد جزئياً ولم يكن شاملاً للعلوم الدينية والعربية، والعقلية بل صار يختص كل عالم مجدد بشيء برع فيه


ومن هؤلاء الإمام الشاطبي([29])، والإمام البُلقيني([30])، والإمام السيوطي([31])، ومن المتأخرين الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب([32])، والمجاهد ابن باديس([33])، والمهدي السنوسي([34])، والمجاهد عمر المختار([35])، والشيخ حسن البنا([36])، والمجاهد النُّورسي([37])، والأستاذ المَوْدودي([38]).

فهذه إشارة إلى أبرز المجددين والمصلحين عبر القرون وغيرهم الكثير والإمام ابن تيمية أحد هؤلاء بل أبرزهم لجمعه بين العلم والعمل والجهاد والتبحر في العلوم العقلية والديانات.. وقبل التعريف به أو بشخصيته لابد من التعرف على ظروف العصر الذي نشأ فيه؛ لأنه ولابد وأن لـه دوراً في تكوين شخصيته مع عـوامل أخرى ساعدت في نضجه ونبوغه وعبقريته.


موضوع البحث

وهي أسباب اختيار البحث:

حيث يبين الباحث فيه الأسباب التي دعت لاختيار هذا البحث بالذات وهي كما يلي:

1-     أهمية العقيدة وأثرها على الفرد والمجتمع.

2-     تلازم التربية مع العقيدة وفق منهجية محددة.

3-     علو شأن الإمام ابن تيمية وتعدد معارفه.

4-     عدم تطرق الباحثين إلى التربية العقدية ومناهجها عند الإمام ابن تيمية على وَجْه الخصوص.

 

1- أهمية العقيدة وأثرها على الفرد والمجتمع:

      أمر العقيدة من أخطر الأمور أهمية في حياة الأفراد والمجتمعات؛ لأهميتها في ذاتها ثم لأثرها في الأفراد والمجتمعات. فحينما نظر الباحثون إلى أمر العقيدة وجدوا أن بها السعادة في الدارين لمن كانت عقيدته صحيحة وفق الوحي وكذلك فيها سعادة في الدنيا لمن عمل بمبادئ معينة يحيى عليها ويموت مدافعاً عنها إذ هي التي تحرره من العوامل والمؤثرات الخارجية وتجعل توجهه إلى شيء واحد متجرد من العلائق الخارجية وإذا كان ذلك الشيء الواحد هو الخالق سبحانه والمستحق للعبودية المطلقة كانت أهميتها أسمى وأجل وإنما يعرف ويقاس "شرف العلم بشرف المعلوم والباري أشرف المعلومات فالعلم بأسمائه أشرف العلوم([39]) وقد أولى الشرع العقيدة المستكنة في القلب اهتماماً بالغاً فجعل الحد الفاصل بين الخلود في الجنة أو في النار إنما هو بصحة العقيدة أو بفسادها أي: بذلك الشيء الكامن في القلب ثم عبر العلماء عن هذا الشيء المستكن في باطن الإنسان بالعقيدة: يوضح هذا أن عقيدة الإنسان هي إيمانه بشئ إيماناً جازماً ولذلك نجد أن كل ما ورد في الكتاب أو السنة من لفظ الإيمان مرتبطاً بأحد الأركان الستة فالمقصود به: العقيدة وعلى هذا "فالإيمان عقيدة تستقر في القلب استقراراً يلازمه ولا ينفك عنه ويعلن صاحبها بلسانه عن العقيدة المستكنة في قلبه ويصدق

 

الاعتقاد والقول بالعمل وهذا مقتضى هذه العقيدة([40]) ولهذه العقيدة أهمية أخرى وهي تأثيرها على معتنقيها أفراداً وجماعات فهي وحدها التي تتسبب في حدوث الأمن النفسي والأمن على المصير وكذلك هي سبب في اتحاد وجميع الأفراد مع عدم اليأس أو الخوف من المستقبل وهي وحدها الموصلة إلى محبة الله الخالق وشكره مما ينبثق عن ذلك هداية ورحمة بين الأفراد والمجتمعات.

 

2- تلازم التربية مع العقيدة وفق منهجية محددة:

هذا التلازم حتمي ضروري في حياة البشرية؛ إذ إنه لابد للكائن الحي من معتقد يعتقده ويسير وفق تصوره ويحدد مساره تبعاً لذلك المعتقد، وأن هذا المعتقد لا يأتي فجأة بلا إعداد بل يتكون نتيجة لتربية قويمة أصيلة تنمي الروح والفطرة كما يربى الجسد وينمو وكذلك يربط هذا المعتقد من خلال تلك التربية جوانب الحياة بعضها ببعض مع جعل الفرد عضواً فاعلاً ذا تأثير إيجابي في مجتمعه مما يؤدي بالمجتمع إلى الوصول إلى مرحلة الكمال البشري، وهذه العقيدة التربوية تقوم على دعائم منهجية راسخة تظهر أهميتها أي أن هناك مناهج متعددة لتأصيل العملية التربوية في نفوس المتعلمين لذلك فإن وجود المنهجية مع التربية شيء أساس في العملية التعليمية؛ فلذا تلازم التربية العقدية مع المنهجية في أداء وحصول العملية التعليمية والوصول بالإنسان إلى أرقى الكمالات البشرية.

 

 

 

3- علو شأن الإمام ابن تيمية وتعدد معارفه:

    وهذا المنصب العلمي بين العلماء والباحثين جعله محطاً للدراسات والأبحاث سواء فيه خاصة أو في علمه أو عبادته أو دعوته أو في منهج معين من المناهج التي يسلكها في حياته العلمية والتربوية يضاف إلى هذا تعدد معارفه والتي أثرت الأبحاث بمادة خصبة يجد الباحثون بغيتهم فيها وعبرها؛ لذلك اتجه الباحث للإطلال في بحثه على جانب معين من دعوته ألا وهو المناهج التربوية في تعليمه للعقيدة.

 

4- عدم تطرق الباحثين إلى التربية العقدية عند الإمام ابن تيمية على وَجْه الخصوص:

فمع ما كتب عن الإمام ابن تيمية من نواحٍ متعددة: فكرية وتربوية وشرعية وعقلية إلا أن الباحث لم يجد – فيما اطلع عليه- بحثاً عاماً أو ضمنياً تكلم على مناهج التربية العقدية عند هذا الإمام، لكن يذكر العلماء والباحثون دوره في نشر العقيدة أو دعوته من خلال العقيدة؛ لهذا رغب الباحث في الإسهام في الكلام على ذلك الصرح الشامخ عبر التاريخ الإمام ابن تيمية فكان هذا البحث تحديداً في إظهار تلك المناهج التي سلكها ذلك الإمام – فيما يرى الباحث- والتي وظفها في تربيته العقدية لمن عاصروه أفراداً وجماعات أو لمن أتوا بعده كذلك.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


أهداف البحث

 

لقد مشى العلماء وساروا في تعليمهم وتربيتهم المتعلمين خُطىً ثابتة حيث اتباعهم مناهج معينة وفق معايير دقيقة لضبط تلك المناهج وقياس مدى فعاليتها، وهم من خلال تلك المناهج يبينون ما يريدون إيصاله إلى المتعلمين سواء اشتملت مناهجهم على معلومات أو أحكام بعينها فعلاً أو تركاً وسواء اشتملت على تربية أو تقويم سلوك أو وضع ضوابط تطبيقية في بعض المجالات. والعلماء متعددو المعارف والعلوم ومتباينو الثقافات فمنهم من عرف عنه تخصص في علم بعينه فأصبح مشهوراً به معروفاً بإتقانه له ومنهم ومن برع في أكثر من علم وفنٍ ومنهم من طالت يده معارف عصره فأصبحت له مشاركات في شتى العلوم...

 

ومن هذا الصنف الأخير الإمام ابن تيمية حيث لمعت عبقريته في كل من العلوم النقلية والعقلية وفي هذا البحث سيتناول الباحث نوعاً من أنواع التربية برع فيه هذا الإمام ألا وهو التربية العقدية مع ذكر بعض المناهج التربوية – فيما يبدو للباحث- والتي سلكها لبيان وتأصيل العقيدة في نفوس المتعلمين قولاً وعلماً وعملاً واعتقاداً فأصبحت شخصيته وسيرته وتربيته نبراساً لمن تعلموا منه ولمن أتى بعده من العلماء على وجه الخصوص ثم غيرهم على وجه العموم وسيتم ذلك من خلال ما يلي:

مشكلة البحث وذلك من خلال الإجابة على عدة أسئلة:

وهذه الأسئلة تعرض للباحث وتُكَوِّنُ أساسَ موضوعِ البحثِ ويتم الإجابة عنها من خلال عناصر البحث ومن خلال طرح تلك الأسئلة والإجابة عنها تبرز أهمية الدراسة وأنها جديرة بالبحث مع بيان مدى فعالية البحث وسيكون ذلك من خلال ما يلي:

أولاً: ما المنهج العقدي الذي سلكه الإمام ابن تيمية ؟

سلك الإمام ابن تيمية منهج أهل السنة والجماعة: قرن النبي صلى الله عليه وسلم والقرن الذي يليه والقرن الذي يليه وخلاصة هذا المنهج تتمثل في الإيمان بكل ما أخبر الله به في كتابه وبما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بفهم علماء الأمة من السلف الصالح في جميع الأمور العقدية وغيرها والذي نحن بصدد الكلام عليه هو المتعلق بالجانب العقدي وقد أبان وفصل معتقده ومنهجه العقدي: منهج أهل السنة والجماعة في رسائل مختصرة ومطولة وهي تعتمد بشكل رئيس على أصول الإيمان الستة وهي : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره حلوه ومره وجميع تلك العقيدة في رسالة كتبها لما طلب منه أن يكتب معتقد أهل السنة وهذه الرسالة هي رسالة العقيدة الواسطية حيث بين فيها أصول العقيدة الستة ثم أتبعها ببعض الأمور المتعلقة بتلك الأصول الستة مع ذكر خصائص وميزات أهل السنة والجماعة وأنهم وسط بين الفرق؛ لتمسكهم بالسنة واجتماعهم عليها؛ فلذا سموا أهل السنة والجماعة.

ثانياً: ما أصول المنهج العقدي الذي سلكه الإمام ابن تيمية ؟

التزم شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة منهج أهل السنة والجماعة : القرون الثلاثة ، فمنهجه هو منهجهم وأصوله هي أصولهم وهذه الأصول هي أصول الإيمان الستة كما يلي :

1-    الإيمان بالله تعالى .              2-  الإيمان بالملائكة عليهم السلام

3-الإيمان بالكتب السماوية .          4-  الإيمان بالرسل عليهم السلام .

5-الإيمان باليوم الآخر .             6-   الإيمان بالقدر .

فهي نفس الأصول التي سلكها الإمام ابن تيمية في منهجه التربوي وهي ركائزه التي يقوم عليها .

ثالثاً: ما أسباب اختيار الإمام ابن تيمية لهذا المعتقد؟

 إن اختيار الإمام ابن تيمية لمعتقد أهل السنة والجماعة يرجع إلى أسباب عديدة منها:

1- انه معتقد النبي صلى الله عليه وسلم خاصة والأنبياء عامة؛ إذ كل الأنبياء يقرون بأصول العقيدة – أصول التوحيد- من الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره إجمالاً وتفصيلاً واعتقادهم جميعاً بأن الله –تعالى- لـه الأسماء الحسنى والصفات العلى واتفاقهم على الدعوة لإفراد الله بالعبودية والنذارة عن الشرك؛ لأن هذه الأشياء هي دين الإسلام الذي بعث الله الرسل جميعاً للدعوى إليه كما قال تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } ([41]) وقال: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ([42]) ودعوة الأنبياء أقوامهم لإفراد الله بالعبادة عدد القرآن ذكره في غير ما موضع: بقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } ([43]) وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } ([44]) فكلهم اتفقوا في دعوة أقوامهم إلى أصل الدين: التوحيد وهو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة لكن اختلفت شرائعهم فيما سوى التوحيد؛ تبعاً للحكمة الإلهية كما أخبر بذلك سبحانه بقوله: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً })([45]) إذاً فدين الأنبياء كلهم واحد وهو التوحيد وشرائعهم متعددة وقد أكد هذا المعنى الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد"([46]) ، وقال: "الأنبياء إخوة لعلات"([47])، حيث شبه النبي صلى الله عليه وسلم الأنبياء كأنهم أخوة لأمهات شتى وأبوهم واحد والمقصود به التوحيد، ولهذا قال الإمام ابن تيمية: "فدينهم واحد وهو عبادة الله وحده لا شريك لـه وهو يعبد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت وذلك هو دين الإسلام في ذلك الوقت([48]) ،هذا بدوره يدل على أهمية سلوك الإمام ابن تيمية لهذا المنهج؛

إذا هو كسفينة نوح من كان في ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك مع الهالكين.

2- أنه معتقد الصحابة وتابعيهم بإحسان: معتقد الصحابة الذين هم أولى الناس بفهم القرآن والسنة ثم معتقد تابعيهم بإحسان والذين تربوا على أيدي الصحابة لجدير بالاتباع من غيره؛ لأنهم خير القرون في هذه الأمة المعصومة فالصحابة امتدحهم القرآن الكريم في مواضع كثيرة وهم صفوة الخلق الذين اختارهم الله ليحملوا الرسالة الخالدة: الإسلام فلا يعقل أن يذكروا في كتب الله ويمدحوا في التوراة والإنجيل والقرآن ثم في السنة المطهرة ويكون معتقدهم فاسداً أو فيه خلل أو لم يفهموا المراد من بعض النصوص! ولو خفي على بعضهم لعرفه الباقون –حاشاهم- ولو خفي عليهم أجمعين لم يخف على المعصوم بوحي السماء صلى الله عليه وسلم ؛ لهذا كانت الخيرية في تلك القرون الثلاثة كما نص على ذلك نبينا الكريم بقوله: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"([49]) فحتم هذا أخذ العقيدة منهم لا من غيرهم؛ إذ هم الذين نقلوا لنا الدين كله: قرآناً وسنة.

 3- أنه هو المعتقد الوسط بين الإفراط والتفريط من فرق الأمة التي انحرفت عن هدي القرآن والسنة فلا يوافق أهواء المنحرفين ولا يأخذ بأقوال المغالين ولا يتماشى مع معتقدات المقصرين بل هو وسط في كل شيءٍ: في القدر أو في جانب مرتكب الكبيرة أو بالنسبة لآل البيت وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين وقد بين هذه الوسطية الشيخ تقي الدين ابن تيمية بقوله واصفاً أهل السنة والجماعة ومنهجهم: "هم الوسط في فرق الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم. فهم وسط في باب صفات الله سباحنه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة، وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة،وبين المرجئة والجهمية ، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج"([50])... فهذه الوسطية جعلته المنهج الحق الذي يجب على كل مسلم اعتقاده واتباعه ونصرته .

4-أنه المنهج الوحيد الموافق للفطرة: فلا يجعل من الرسالة والنبوة شيئاً خرافياً ولا ينتقص من حق الرسالة والرسول شيئاً وكذلك في مجال الغيبيات أوضح الطريق وأنار السبيل للباحثين عن حقيقة وجوهر هذا الدين: فعند تعرضه للأمور الغيبية (ما وراء الطبيعة) لم يأت بهرطقة أو خرص أو تخمين إنما خاطب الفطرة مكتملة خاطبها بكل معانيها فما في الإنسان يسير مع منظومة الفطرة حثه على فعله وما فيه خدش أو إخلال للفطرة حذر منه وأمر باجتنابه فأوجب الإيمان بالله الخالق المستحق لجميع أنواع العبودية، إذ كيف يخلق ويُعبد غيره ويرزق ويُشكر سواه؟!، وفي حياتنا الدنيا إن فعل إنسان لآخر معروفاً فإنه وحده المستحق بالشكر وكذلك صاحب العمل يعطي أجوراً لمن يعمل عنده لا لمن يعمل عند غيره فهذا يصادم العقل والفطرة ولله المثل الأعلى هو الوحيد المستحق لكل أنواع العبادة وهذا ما نادت به الرسل؛ ولهذا فالفطرة السليمة تأبى المشاركة لأنها لا تأتي بخير كما خاطب هذا المنهج العقدي الفطرة بذلك في كتاب ربنا –جل وعلا- {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }([51])  وفيه أيضاً {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } ([52])؛ لذلك أمر صاحب الفطرة السليمة بالوحدانية بقوله: {وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ } ([53]) وصاحب الفطرة السليمة في أي زمان أو مكان لا يصل إلا إلى دين الفطرة: الإسلام 

5- أنه منهج توافق نصوصه الصحيحة العقول الصريحة: الخالية نم الشهوات أو الشبهات فاهتم ذلك المنهج العقدي بالعقل أيما اهتمام لكن جعل للعقل حداً ينتهي إليه لا يتعداه إذ لا طائل من وراء إقدامه على معرفة ذلك وهذا الحد الذي لا ينبغي محاولة البحث في كنهه فإدراك العقل في الحياة الدنيا لـه احتمال  معين لا يتخطاه وإن تخطاه تاه في المهلكة كحال الصغير لـه إدراك معين فلو حاولنا تعليمه مصطلحات فوق قدرته ما استطعنا ولو أكل الصغير الرضيع لحماً كطعام من لهم مدركات وقدرات أعلى منه دخل في التهلكة بل إن الكبير المدرك لو مرض وحذره الطبيب الحاذق الماهر باجتناب أفعال معينة أو أقوال معينة وجب عليه اتباعها وهكذا أهل الحل والعقد لو ألزموا الشعوب بأحكام تحفظ حياتهم وأرواحهم كالتنظيمات الخاصة بالمرور والطرق... تحتم اتباعها؛ لأن فيها المصلحة ومخالفتها تؤدي إلى التهلكة ولا يأت إنسان يقول: أنا أخالف وأنجو! لو نجا كبا في أخرى فلله المثل الأعلى وهو أعلم بمايصلح العقل البشري، إذ هو خالقه كما قال سبحانه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ([54]) فأوقف هذا المنهج العقل عن تخطي حد الغيب من كلام عن الخالق أو البعث أو حقيقة الموت أو الروح أو ... أما ما سوى ذلك فأرشده إلى طلب المزيد في شتى العلوم النافعة للدين والدنيا والله لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الاستزادة من شيءٍ إلا من العلم كما في التنزيل: { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } ([55])يوضح هذا أنه بما أن للعين مدىً ينتهي في الإبصار حيث إن الإنسان لا يستطيع الرؤية لحقيقة الأشياء إلا عندها وإن جاوزها وطلب منه وصف ما يرى فإنه سيختلق أوصافاً ليست هي الحقيقة لكن إن استخدم مكبراً أو عدسة أو نظارة أو ... فإنه يرى ما توقف مدى بصره عنده فكذلك العقل لـه مدىً يقف عنده لا يستطيع مجاوزته ولو تجاوزه لكان حاله مثل البصر من اختلاقٍ لأوصاف وأشياء ليست هي الحقيقة لكن إن استخدم مكبراً أو ... فإنه سوف يرى ما توقف مداه عنده وإن المكبر لرؤية العقل إنما هو الوحي فبه يرى ما وراء الطبيعة حقا ًوبغيره لا يرى الحقيقة وإن بذل ما استطاع من جهود؛ لأن الغيب حجبه صاحبه وجعل الوحيد المتكلم فيه هو ذاته العلية... فهو في الدنيا عقله لا يدرك أموراً في عالم آخر وبناموس آخر لكن حينما يكون هو في ذلك العالم الآخر بحواس ذلك العالم فإن الأمر سيختلف قطعاً؛ فلهذا كان منهج أهل السنة هو الأولى والأوجب بالاتباع لمحافظته على كيان العقل الصريح الذي لو أطلق لنفسه التفكير مجرداً من الشهوات والشبهات في بداية وجوده ونهايته لعلم يقيناً بأن المنهج الرباني و الحق وأن ما سواه غيٌ وهوىً"إذ من المسلم به لدى كافة البشر أن الإنسان كغيره من الكائنات الحية في هذا الوجود لا يملك على الحقيقة شيئاً بدليل أنه يخرج أول ما يخرج إلى هذا الوجود عاري الجسم حاسر الرأس حافي القدمين ويخرج عندما يخرج منه مفارقاً له ليس معه سوى كفن يواري به جسده"([56]) فهذا إعمال للعقل في معرفة من أحق بالتملك فالذي لـه حق التملك قبل وجود الإنسان ألا يستحق توجيه إرشاد عقل الإنسان بعد وجوده لما ينفعه؟! ويعني هذا أن منهج أهل السنة والجماعة ساير العقل في الوصول إلى الحق ولم يحجب نور الهداية عنه بل دعاه به وأمره باستخدامه للوصول إلى حقيقة العبودية.

6- أنه منهج قام على قواعد راسخة وثابتة بثبات أصله: فمعتقد أهل السنة والجماعة لم يقم على هوىً بل إنه قام على أصول راس

التحميلات المرفقة

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1063 مشاهدة
نشرت فى 20 مايو 2011 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

215,414