رُؤَىً تَرْبَوِيَّةٌ وَفَوَائِدُ تَعْلِيمِيَّةٌ

حاشِيَةٌ على

مَتْنِ الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ

 

لِعَالِمِ الزُّهَّادِ وَزَاهِدِ الْعُلَماءِ

شَيْخِ الإسْلامِ  النَّوَوِيِّ

المَوْلود سنة 631هـ والْمُتَوَفَّى سنة676هـ

رحمه الله تعالى

 

 

جمعها وأعدها

أبو حمزة

محمود داود دسوقي خطابي

 

 

 


P

قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7 - 8]

وقال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5]

قال رسول الله r: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»[1].

وقال رسول اللهr عن الإحسان: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»[2].

قال الشاعر[3]:  

وما من كاتب إلا سيفنى *** ويبقى الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفِّك غير شي ءٍ... يَسرّك في القِيامة أن تَراه


M

بين يدي الكتاب

    الحمد لله منزل القرآن للمؤمنين شرعة ومنهاجاً، رب العالمين وهاديهم إليه فضلاً منه لا احتياجاً، مكرمهم برؤيته U يوم القيامة؛ ليزدادوا سروراً وابتهاجاً، و نشكره على نعمه التي غمرتنا جماعات وأفراداً،و نستعينه و نستهديه ونستغفره على زلل فعلناه جهلاً وتقصيراً لا اعتقاداً،و نصلى ونسلم على من اصطفاه ربه فأدناه منه اقتراباً، سيدنا محمدr الذي أرسله ربه بنور للخلق سبيلاً ورشاداً فكان هادياً للعالمين وسراجاً وهاجاً فبلَّغ دينه وأبان للخلق الإسلام علماً وقولاً وعملاً واعتقاداً وعلى آله وصحبه وتابعيهم كلما ذكر الله الذاكرون صباحاً ومساءً وهِجاداً.

أما بعد:

·      قدر الأعمال: -

    فإن قدر أي عمل يقوم به الإنسان إنما يقاس بشرف أصله ومصدره وثمرته ومدى نفعه في الحياتين: الدنيا والآخرة،و مما لا شك فيه أن السنة النبوية أشرف العلوم بعد القرآن الكريم؛ لأنها أحد الوحيين وقد خرجت والقرآن الكريم من مشكاه واحدة؛ إذ هي شقيقة القرآن الكريم والسنة هي: ما أضيف إلى النبي r من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.

·      مقام السنة المطهرة من القرآن الكريم: -

   هذا والسنة المطهرة مكملة للقرآن الكريم وموضحة له ومبينة له وقاضية عليه في إيضاح المراد مما فيه من دَلالات فهي و إن خرجت هي والقرآن الكريم من مشكاة واحدة إلا أنها دون القرآن؛ لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى حقيقةً حروفه ومعانيه وهو مُنزَّلٌ غير مخلوق منه بدأ و إليه يعود بخلاف السنة فالمعنى واللفظ من النبي صلى الله عليه وسلم وفيها المتواتر والآحاد بخلاف القرآن الكريم الذي كله متواتر ومن أنكر حرفاً منه كفر اتفاقاً.

ومقام السنة المطهرة مع القرآن الكريم أنها تعاونه في بيان الأحكام الشرعية وهذه المعاونة لا تخرج عن أمور ثلاثة وهي:

الأول: أنها تُخصِّصُ عُمومَه وتُبيِّنُ ناسخه من منسوخه و تُفصِّل مُجْمَلَهُ وتُبَيِّنُ مُبْهَمَهُ ومثال ذلك: أحكام الصلاة.

- الثاني: أنها تأتي بأحكام مكملة ثَبَتَ أساسها في القرآن الكريم،ومثال ذلك: الفصل بين الزوجين في قضية اللِّعان.

- الثالث: أنها تجئ بحكم مستقل لم يرد في القرآن الكريم أصلاً،ومثال ذلك: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها.

وبالجملة[4] فإن أحكام السنة راجعة في معناها إلى القرآن الكريم سواء بطريق النص أم الإشارة.

فوائد مُدارسة السنة النبوية المشرفة[5]:

 هذا وإن مدارسة السنة النبوية المطهرة ثلاث فوائد يحصلها المسلم وينال شرفها في الدنيا والآخرة، و هذه الفوائد هي:

1-                        التعرف على أدلة الشريعة المحمدية الغراء[6].

2-                        كثرة الصلاة والسلام على سيدنا محمد r.

3-                        الفوز بالنضرة.


·      قسما علم الحديث الشريف[7]:

ينقسم علم  الحديث إلى قسمين:

  ـ الأول: علم الحديث دراية (وهو المعروف بعلم مصطلح الحديث)0

  ـ الثاني: علم الحديث رواية (وهو علم يشمل ما أُضيف إلى النبي rمن قول أو فعل أو 

    تقرير أو صفة).

ولكل من العِلْمين مبادئ ينبغي معرفتها والإحاطة بها؛ ليكون الطالب على بصيرة تامة...لكننا سنشير هنا إلى مبادئ علم الحديث رواية.

·      مبادئ علم الحديث رواية: -

درج المؤلفون في تصانيفهم ذكر مبادئ كل علم من العلوم التي يتحدثون عنها،و حيث أن علم الحديث رواية يعتبر فناً مستقلاً بذاته شأنه كغيره من سائر الفنون؛ فإن له مبادئ خاصة به[8] و هذه المبادئ عشرة وقد جمعها العلامة الصَّبَّان[9]بقوله: "وقد نظمتُ العشرة فقلتُ[10]:

إنَّ مبادِئَ كُلِّ فنٍّ عَشَرَهْ *** الحَدُّ والموضُوعُ ثم الثمرهْ

ونِسْبَةٌ وفضلُهُ والواضعْ *** والاسمُ الاستِمْدادُ حُكْمُ الشارعْ

مسائلٌ والبعض ُبالبعضِ اكتفى *** ومَنْ دَرَى الجميعَ حازَ الشرفا».انتهى.

ـ أما علم الحديث رواية: فـ " هو علم يشتمل على نقل ما أضيف إلى النبي r قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفة.

ـ وموضوعه: ذات النبي rمن حيث ما يخصه r.

ـ وثمرته: الاحتراز عن الخطأ في نقل ما أضيف إلى النبي r0

ـ وأول من دَوَّن فيه: محمد بن شهاب الزُّهْرِيُّ في خلافة سيدنا عمر بن عبد العزيز t بأمره بعد وفاة النبي r.

ـ واسمه: علم الحديث رواية.

ـ واستمداده: من أقوال النبي rوأفعاله و تقريراته.

ـ وحكمه: أنه فرض عين على من انفرد به وفرض كفاية عند التعدد.

ـ ونسبته: أنه من أشرف العلوم؛ إذ به يعرف الاقتداء بالنبي r.

ـ ومسائله: قضاياه الجزئية، كقولك: قال النبي r: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ». (رواه البخاري ومسلم).

ـ فإنه في قوة قولك: بعض أقوال النبي r: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ...». إلى آخره.

 


الإمام النَّوَوِيّ والأربعون النَّوَوِيّة

·      أولاً: ما يتعلق بالإمام النَّوَوِيّ: -

     إنه مما لا شك فيه أن الإمام النَّوَوِيّ إمام في علوم كثيرة أعلاها الحديث الشريف والفقه والتفسير والعبادة والزهد والورع والرجال واللغة وهو صاحب الكلمات النورانية الأخَّاذة والقلم السيَّال فهو إمام سنة وقامع بدعة فكم من ألوف الآلاف  من المسلمين تعلموا السنة منه عبر العصور ومعلوم أن نشر السنة معناه هدم لباطل وإبطال لبدعة... وهو رأس في التألُّهِ والأدب الجم مع العلماء والمخالفين، شيخ الإسلام الإمام أبو زكريا يحي بن شرف النَّوَوِيّ زاهد العلماء وعالم الزهاد حتى إن صدق نية هذا الإمام وإخلاصه قد ظهرت من خلال سيرته العطرة ومن استفادة كافة العلماء فضلاً عن طلبة العلم على تعدد مشاربهم من مؤلفات هذا الإمام العملاق فكتبه: كرياض الصالحين والتبيان والمجموع وغيرها تُقرأ في المعاهد العلمية وتُنثر دُرَرُها بين العلماء وطلبة العلم والعامة في كل حين،و إنه لَيَجْدُرُ بنا أن نقول في حقه: إنه ما جاء بعده من عالم ولا متعلم إلا وللإمام النَّوَوِيّ رحمه الله تعالى في عنقه منة- نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً – هذا وقد بارك الله I له في عمره؛ لأن هذه الخيرات تركها كلها والتي سردها أو نشرها علم واقتناؤها حلم وفهمها غُنم والواحد منا يعجز-إلا من رحم الله تعالى- عن قراءتها فكيف بتأليفها؟!وقد وفقه الله تعالى في تأليفها وعمره لم يتجاوز الخامسة والأربعين سنة: إذ  إن ميلاده كان سنة (631 هـ) ووفاته كانت سنة (676 هـ) ولكن فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء ولقد صدق ابنُ عطاءِ الله السَّكَنْدَرِيَّّ[11]؛ إذ قال عبارة أراها تنطبق على إمامنا النَّوَوِيّ–والله حسيبه-: ((رُبَّ عُمُرٍ اتَّسَعَتْ آمادُهُ وقَلَّتْ أمدادُهُ،و رُبَّ عُمُرٍ قليلةٌ آمادُهُ كثيرةٌ أمدادُهُ)).

ويتضح  الكلام عن الإمام النَّوَوِيّ من خلال ما يلي:

ـ التعريف بالإمام النَّوَوِي[12]ّ:  

*** اسمه: هو يحيى بن شرف بن مُرِّيِّ بن حسن بن حسين بن محمد جمعة بن حِزام.

*** نسبته: النَّوَوِيّ إلى نَوَى، و هي قاعدة الجولان من أرض حُوران  من أعمال دمشق، فهو الدمشقي أيضاً، خصوصاً وقد أقام الشيخ بدمشق نحواً من ثمان وعشرين سنة، [13]، فهو النَّوَوِيّ مولداً والدمشقي[14] إقامة والشافعي مذهباً والحزامي قبيلة والسني معتقداً.

*** لقبه: لُقِّب بمحي الدين- مع كراهته له[15]-؛ لأن تلك الألقاب كانت متداولة في عصره ومع ذلك كان يكره ذلك اللقب.

***كنيته: أبو زكريا مع أنه من العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج وإنما كُني؛ لأن ذلك من السنة وهو أن يكنى المسلم ولو لم يتزوج أو لم يولد له أو حتى لوكان صغيراً،و قد قالت السيدة عَائِشَةُ ل لِلنَّبِىِّ r يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ نِسَائِكَ لَهَا كُنْيَةٌ غَيْرِى. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ r«اكْتَنِى أَنْتِ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ». فَكَانَ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ. حَتَّى مَاتَتْ وَلَمْ تَلِدْ قَطُّ. (يعني: ابن الزبير ابن أختها أسماء y)أنت أم عبد الله " أخرجه الإمام أحمد في مسنده وصححه الشيخ الألبانى.

وفي صحيحي: البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ  tقَالَ كَانَ النَّبِىُّ rأَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ – قَالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ - وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ». نُغَرٌ[16] كَانَ يَلْعَبُ بِهِ: يداعبهr لما مات الطائر الذي كان يلعب به.

***البيئة التي نشأ فيها: نشأ تحت كنف والده وكان مستور الحال فكان يعمل في دكان أبيه مدة وكان الأطفال يُكْرِهونه على اللعب معهم وهو يهرب منهم ويبكي ويقرأ القرآن الكريم فرآه الشيخ ياسين-رحمه الله تعالى- وكان من صالحي ذلك الزمان وهو على هذه الحالة فقال للذي يعلمه القرآن الكريم وأوصاه به وقال له: هذا الصبي يُرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم وينتفع الناس به فقال له المعلم: منجم أنت؟! فقال لا و إنما أنطقني الله تعالى بذلك فذكر ذلك لوالده فَحَرَصَ عليه إلى أن ختم القرآن الكريم وقد ناهز الاحتلام...

ثم قدم به أبوه إلى دمشق وكانت آنذاك مَحَطَّ العلماء وطلبة العلم وكان عمره (19) سنة فسكن المدرسة الرُّوَاحِيَّة وقد قال الإمام النَّوَوِيّ نفسه: "وبقيت نحو سنتين لا أضع جنبي بالأرض وأتقوت بجِرَاية[17] المدرسة».

*** دراسته وهو صغير: ذكر الإمام ابن العطار[18] وهو التلميذ النجيب للإمام النَّوَوِيّ أن شيخه حكى له عن نفسه أنه كان يقرأ كل يوم (12) درساً على مشايخه شرحاً وتصحيحاً.

وقال: وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شَرْح مُشْكِلٍ ووضوح عبارة ضبط لغة وبارك الله تعالى لي في وقتي.

 ثم إنه أراد تعلم المنطق فأظلم قلبه فتركه رحمه الله تعالى.

*** حرصه على وقته: كان الإمام النَّوَوِيّ لا يضيع وقتاً لا في ليل ولا في نهار حتى إنه في ذهابه في الطريق و إيابه يشتغل في تكرار محفوظاته أو مطالعة..... ثم أدى فريضة الحج مع والده وكان عمره لم يتجاوز الاثنين والعشرين عاماً.

*** عبادته: كان كثير العبادة من الصلاة والصوم والذكر و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  و الإفادة والتعليم والتأليف.

 *** زهده وورعه: وصفه كل من رآه بأنه زاهد في الدنيا مقبل على الآخرة كثير التحري والانجماح عن الناس وكان يصوم الدهر ولا يجمع بين إدامين وكان لا يأكل من فاكهة دمشق؛ لأنها كثيرة الأوقاف لمن هو تحت الحَجْر شرعاً وكان يقبل من الفقير ويرد الغني ولما جاء المرسوم السلطاني بوجوب الإنفاق على الجند ذهب الناس إلى الإمام النَّوَوِيّ وشَكَوْا إليه فأرسل رسالة إلى السلطان ابتدأها ببيان حق الراعي والرعية ثم حثه على الالتزام بالشريعة ونهاه عن هذا الفعل فغضب السلطان وأمر المسؤولين أن يعزلوا هذا الشيخ ويمنعوه راتبه فتلطفوا له قائلين له: إنه لا يتعاطى راتباً وليس له منصب.

*** صفته: كان أسمر كث اللحية رَبْعَةً مَهِيباً قليل الضحك عديم اللعب يقول الحق ولا يخشى في الله تعالى لومة لائم وفي بحثه مع الفقهاء تعلوه السكينة.

*** عُزُوفُهُ عنِ الزواج وسببه: الإمام النَّوَوِيُّ مِنَ العلماء الذين آثروا العلم والعبادة على الزواج فهذان الأمران جعلا الإمامَ النَّوَوِيَّ وكثيراً من كبار العلماء من صالحي هذه الأمة كاالإمامين: النَّوَوِيِّ وابْنِ تَيْمِيَّةَ[19] وغيرهما[20] يَعزُفون عن الزواج لا رغبة عنه ورهبنة بل تُعتبر مثل "حالهم هذه – والله أعلم- أنها مسلك شخصي فردي اختاروه لأنفسهم مايزوا فيه ببصيرتهم الخاصة بين خير الزواج وخير العلم الذي يقومون به فرجح لديهم خير العلم على خير الزواج لهم فقدموا مطلوباً على مطلوب ولم يدعوا أحداً من الناس إلى الاقتداء بهم في هذا المسلك ولا قالوا للناس: التبتل للعلم أفضل من الزواج ولا ما نحن عليه أفضل مما أنتم عليه"[21] بل إنهم تركوا الزواج وهم عالمون بأحكامه وبما دلت عليه الشريعة ولهم من العلم ما يرقى بهم ويسمو عن أن يفعلوا شيئاً جاهلين بأحكامه وكيف يكون هذا؟! ولهم في مصنفاتهم كلام رصين متين موزون أبانوا فيه أحكامه الشرعية بل وتكلموا على سائر الموضوعات التي لها علاقة بالزواج سواء من قريب أو من بعيد بمعرفة فاحصة وعلم غزير وفهم ثاقب مستنير ويشهد لذلك كلامه وفتاواه المتناثرة في كتبه والتي يتداولها العلماء بإكبار.

*** مؤلفاته: لقد بارك الله تعالى في عمر الإمام النَّوَوِيّ ووقته فمع أن عمره (45) سنة إلا أنه ترك مؤلفات سارت بها الركبان في حياته وبعد مماته وأصبحت مراجع غنية ومصادر ثرية ينهل منها العلماء وطلبة العلم والعامة، و لا تكاد تجد عالماً أو طالب علم بعد الإمام النَّوَوِيّ – إلا ما شاء الله تعالى – إلا وقد استفاد من مؤلفات الإمام النَّوَوِيّ بواسطة وبغير واسطة....... وهذه إحدى  كرامات هذا الإمام الجليل إضافة  إلى ما امتن الله تعالى عليه من كرامات كثيرات منها ما تمناه الإمام النَّوَوِيُّ  حين قال[22]: "اللهم أقم لدينك رجلاً يكسر العمود المُخَلَّق ويخرب القبر الذي في جيرون " واستجاب الله تعالى دعاءه بشيخ الإسلام ابن تيميَّة وقد قال شرف الدين[23]: "فهذا من كرامات الشيخ محي الدين،فكسرناه ولله الحمد وما أصاب الناس من ذلك إلا الخير والحمد لله وحده».

أما كتبه فمنها ما يلي: -

·      أولاً: في الاعتقاد ويتمثل ذلك فيما يلي:

·      الإمام النَّوَوِيّ ذكر معتقد أهل السنة والجماعة في آيات وأحاديث الصفات وأحياناً يذكر معهم قول الخَلَف لكنه في آخر عمره ألَّف رسالة صغيرة في إثبات كلام الله تعالى ورد بها على الأشاعرة ومن مشى في ركابهم أو تعلق بفلكهم أو لَفَّ لَفَّهم وهي رسالة موسومة بـ (جزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات). والذي يدل على سلفيته العقدية ما يلي:

1-                        رسالته السابقة في إثبات صفات الرحمن والرد على الأشاعرة...

2-                        تكلمه بإسهاب في شرحه لصحيح الإمام مسلم وكان كثيراً ما يذكر قول السلف والخَلَف ولا يرجح،و كذلك في سائر كتبه وفتاواه متناثراً؛ وعدم ترجيحه يعود إلى أمور منها: -

أ‌-       أن شرحه كان منصباً على فقه الحديث خاصة.

ب‌- أنه كان ينقل من شرحي الإمامين الجليلين القاضي عِيَاض[24]ومن شرح الإمام المازَرِي[25] على صحيح الإمام مسلم فكثير من الأقوال كانت نقلاً لا ابتداءً وكان هو فيها ناقل وليس بقائل وأنه لم يتفرغ لتحقيق المسائل العقدية رحمه الله تعالى. 

جـ- أن عقيدة الأشاعرة كانت هي الغالبة في عصره0

 د- أنه أراد وضع خلاصة معتقدة في نهاية عمره(الذي لم يتجاوز الـ 45سنة) فكتب الرسالة السابقة ثم عاجلته المنية بعد ذلك رحمه الله تعالى.

·      ثانياً: في الحديث الشريف وعلومه ويتمثل ذلك فيما يلي: -

1-                        شرح صحيح الإمام مسلم وهو المعروف بـ " المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ».

2-                        الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار r.

3-                        رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

4-                        الأربعون حديثاً النَّوَوِيَّة وهو هذا الكتاب.

5-                        التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير r وهو اختصار لكتاب الإرشاد الذي هو مختصر كتاب علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح.

6-                        إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق r وهو اختصار كتاب معرفة علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح.

7-                        الإرشاد إلى بيان الأسماء المبهمات وهو اختصار كتاب الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة للإمام الخطيب البغدادي.

8-                        الخلاصة في أحاديث الأحكام وصل فيه إلى الزكاة.

9-                        شرح سنن أبي داود وصل فيه إلى الوضوء.

10- التلخيص شرح صحيح الإمام البخاري وصل فيه إلى العلم.

11- الإملاء على حديث إنما الأعمال بالنيات.

·      ثالثاً: في الفقه ويتمثل ذلك فيما يلي: -

1-                        روضة الطالبين وهو اختصار الشرح الكبير للإمام الرافعي في الفقه الشافعي.

2-                        منهاج الطالبين وهو اختصار للمُحَرَّر للإمام الرافعي مع الزيادة عليه بفرائد حسان.

3-                        الإيضاح في المناسك.

4-                        المجموع شرح المهذب للإمام الشِّيرازي وصل فيه إلى الربا.

5-                        فتاوى الإمام النَّوَوِيّ المعروفة بالمنثورات من جمع تلميذه الإمام ابن العطار  وهي دليل على مرتبة الاجتهادالمطلق التي وصل إليها الإمام النَّوَوِيّ؛ حيث إنه كان يفتي فيها بما ترجح له دليله.

6-                        جزء لطيف في الترخيص في الإكرام بالقيام واسمه: الترخيص بالقيام لذوي الفضل والمزية من أهل الإسلام.

·      رابعاً: في الُّلغَة: -

1-                        تهذيب الأسماء واللغات.

2-                        التحرير في ألفاظ التنبيه.

3-                         ما تناثر في كتبه من تحقيقات علمية بديعة كالمجموع وشرحه لصحيح الإمام مسلم وآخر التبيان و...

·      خامساً: في علوم القرآن:

1-   التبيان في آداب حملة القرآن.

2-   كلامه المتعلق بعلوم القرآن الكريم في كتبه.

·      سادساً: في الزهد: إضافة إلى سيرته العطرة له: بُستان العارفين.

*** وفاته: توفي الإمام النَّوَوِيّ سنة ست وسبعين وسِتِّمائة من الهجرة عن خمس وأربعين سنة رحمه الله تعالى.

·      ثانياً: أحاديث الأربعين: -   ويتضح ذلك من خلال خمس مسائل وهي كما يلي:

المسألة الأولى: أحاديث الأربعين وسبب تسميتها بذلك:

أكثر علماء الحديث رحمهم الله تعالى من السلف الصالح ومَنْ بعدهم مِنْ جَمْعِ أربعين حديثاً في باب من أبواب الشريعة المحمدية الغراء سواء كانت في التوحيد أم في العبادات أم في الأخلاق أم الجهاد أم الزهد أم...وهكذا في أصول الشريعة وفروعها فأراد الإمام النَّوَوِيّ رحمه الله تعالى جمع أربعين حديثاً تشمل ذلك كله فكانت الأحاديث الموسومة بالأربعين النَّوَوِيّة وهي في الحقيقة ثنتان وأربعون حديثاً ولكن على طريقة العرب في جبر الكسر والتقريب وهي نَوَوِيّة؛ لأنها منسوبة إلى الإمام النَّوَوِيّ جامِعِها رحمه الله تعالى كما نص على ذلك بقوله: "وقدِ استخرتُ الله تعالى في جمع أربعين حديثاً[26] اقتداءً بهؤلاء الأئمة وحفاظ الإسلام "[27] ويتضح ذلك من خلال الجدولين الكشافين التاليين:


(1)جدول كشاف للرواة حسب ورودهم في متن الأربعين النَّوَوِيّة

<td style="border-right: #f0f0f0; padding-right: 5.4pt; border-top: #f0f0f0; padding-left: 5.4pt; padding-bottom: 0in; border-left: windowtext 3.75pt double; width: 144.2pt; padding-top: 0in; border-bottom: windowtext 1pt solid; height: 0.5pt; background-color: transparent; mso-border-top-alt: solid .75pt; mso-border-left-alt: thick-thin-small-gap 3.75pt; mso-border-bottom-alt: solid .75pt;

م

اسم الراوي

سنة الوفاة

أرقام الأحاديث التي رواها في متن الأربعين النَّوَوِيّة

عدد الأحاديث التي رواها رُوَاةُ متن الأربعين النَّوَوِيّة

1

عمر بن الخطاب t

23 هـ

1، 2

2

2

عبد الله بن عمر ب

73 هـ

3، 8، 40

3

3

عبد الله بن مسعود t

32 هـ

4، 14

2

4

التحميلات المرفقة

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 621 مشاهدة
نشرت فى 20 مايو 2011 بواسطة Islamisright

ساحة النقاش

محمود داود دسوقي خطابي

Islamisright
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

220,738