الأسرة ودورها مع المعوق

إعداد

الأستاذ السيد جمعه السيد

إستشارى وخبير تأهيل ذوى الإعاقة 

مقدمة وتعريف

الأسرة نظام إجتماعى بشكل أساسى وجود ومصدر الأخلاق فيه والأسرة هى الوحدة الأساسية فى كافة المجتمعات البشرية بصرف النظر عن الفروق المختلفة فالأسرة لا تعمل على تلبية الحاجات الأولية للفرد من طعام ومأوى وملبس فحسب ، ولكنها تلبى حاجاته الإنسانية الأخرى كالحاجة إلى الحب والإنتماء وتنقل من جيل إلى جيل التقاليد والقيم الثقافية والروحية والأخلاقية 

 وليس من شك فى أن الأسرة إحتلت مكانة هامة لم تحتلها أى مؤسسة إجتماعية أخرى فى الحقب الزمنية المختلفة من تاريخ التطور الإنسانى فيما يتعلق بالتنشئة ، فقد كانت الأسرة فى المجتمعات الإنسانية القديمة المؤسسة الإجتماعية الوحيدة التى تعلم الأطفال وتعدهم للمستقبل . 

 ومع تطور الحياة البشرية تغيرت الأدوار التربوية للأسرة حيث أن المجتمعات الحديثة سلبت الأسرة وظائفها تدريجياً ... وقد عبر أحد المفكرين عن ذلك بأن الأسرة تطورت من الأوسع إلى الواسع ثم إلى الضيق فالأضيق ، فوظائف الأسرة كانت واسعة شاملة لمنظم شئون الحياة الإجتماعية ، ولكن المجتمع العام أخذ ينتقص هذه الوظائف شيئاً فشيئاً ، وينتزعها من الأسرة واحدة بعد الأخرى . 

ولكى يتسنى لنا فهم الأدوار التى تقوم بها الأسرة ينبغى التذكر بأن الأسرة نظام ديناميكى، فالعلاقة ما بين الفرد وأسرته علاقة تبادلية فهو يتأثر بها ويؤثر فيها ولا أحد من أفراد الأسرة يعمل بمعزل عن الآخرين

نظام الأسرة : 

الإطار لنظام الأسرة يشتمل على أربعة مكونات رئيسية هى : 

1-المصادر الأسرية وتمثل المصادر والوسائل المتوافرة لإشباع الحاجات الفردية والجماعية لأعضائها 

2-التفاعل الأسرى ويتمثل فى العلاقات بين أفراد الأسرة والمجتمعات المتفرعة منها (العلاقات الزوجية – علاقات بين أفراد الأسرة – الأبوة والأمومة ... إلخ ) . 

3-الوظائف الأسرة وتمثل جملة الإحتياجات المختلفة التى يتمثل الأسرة مسئولية تلبيتها (وظائف تربوية – إقتصادية – إجتماعية – مهنية – صحية – عاطفية – تعويضية ) . 

4-مجرى حياة الأسرة وتمثل سلسلة التغيرات التى تطرأ على الأسرة فى المراحل والأوقات المختلفة . 

دور الأسرة فى التنشئة الإجتماعية : 

أن تحمل المؤسسات التربوية الرسمية لمسئوليات متزايدة على صعيد تربية الأطفال وتنشئتهم لا يقلل من أهمية دور الأسرة ، كما كانت دائماً ، أقوى نظم المجتمع فهى تعلم أفرادها قيم المجتمع وتقاليده وتوفر لهم الحماية والرعاية وتوجههم وتطور كفاياتهم الشخصية وتلبى حاجاتهم إلى الشعور بالأمن وتقدير الذات ، والمدرسة لا تلغى دور الأسرة ووظيفتها التربوية ويؤكد التربويون على أهمية التعاون بين المدرسة والأسرة فتستطيع المدرسة أن تحقق بمفردها محدود ولابد أن تنظر المدرسة إلى الآباء كشركاء تشريعات وأصدقاء فى العملية التربوية . 

وهناك دول كثيرة سنت تشريعات تلزم المدارس بإشراك الأسرة فى العملية التربوية حتى لا تبقى الأمور وهى رغبات المعلمين أو مواقف أولياء الأمور وإتجاهاتهم ، وتأكيداً للدور الهام الذى تلعبه الأسرة فى تنشئة الطفل فقد أقر مؤتمر القمة العالمى من أجل الطفل فى الإعلان العالمى لحماية الطفل (اليونيسف 1990) بأن رعاية الأطفال وحمايتهم من مرحلة الطفولة المبكرة إلى مرحلة المراهقة هى مسئولية الأسرة أساساً ، وإذا أريد تنمية شخصية الطفل تنمية متكاملة ومتناسقة ينبغى أن تنشأ فى بيئة أسرية وفى جو من السعادة والمحبة والتفاهم وعلى كافة المؤسسات فى تنشئة أطفالهم والعناية بهم فى بيئة أسرية . 

أن العلاقة المتبادلة بين عناصر الثالوث المكون من الأم والأب والطفل هى التى تحدد سلوك الطفل فى المستقبل وتلعب الدور الأساسى فى تحديد علاقته بالناس . 

وتمثل السلوك السوى أو المرضى ، وأثر البيئة الأسرية على الطفل ونموه يكون فى ذورته فى السنوات الست الأولى من العمر حيث أن الطفولة المبكرة تزخر بما نسميه مراحل النم الحساسة أو الحرجة .

ولعل من المناسب أن نشير هنا إلى أن تأثير الأسرة والوالدين على الطفل يبدأ حتى قبل ولادته فمن خلال العمليات الوراثية ينقل الآباء إلى الأبناء بعض الخصائص ومن المعروف أن عددا غير قليل من الإضطرابات والأمراض الجسمية والنفسية ذات جذور وراثية والبحوث العلمية تؤكد أن للأمهات تأثيراً على أطفالهم وهم مازالوا أجنة فى أرحامهن وأن للإرتباط بين الأم وطفلهاجذوراً فى مرحلة ما قبل الولادة  

أن الأسرة صاحبة الدور الأول فى تشكيل شخصية الفرد وسلوكه فالبيئة الأسرية تؤثر فى تحديد ملامح النمو اللغوى للأبناء ، فالأطفال يتعلمون بالمحاكاة فإذا كانت النماذج التى تقدمها الأسرة ضعيفة لغوياً فهم قد يعانون من التأخر أو الضعف اللغوى .

كذلك فالبيئة الأسرية تلعب دوراً لا يمكن تجاهله على صعيد تعلم الأطفال للقراءة والنمو المعرفى للأطفال الذى يأتى محصلةللتفاعل النشط مع الأسرة وأفرادها كذلك التحصيل الأكاديمى فى الأسرة لا يقل أهمية عن المدرسة . 

وهناك ثلاثة أنماط رئيسية وهى : 

(1) النمط السلطوى Autharitatise Style : 

    لا يتردد الآباء الذين يستخدمون هذا النمط باللجوء إلى الجزم إذا دعت الحاجة ولكنهم أيضاً يحافظون على إستقلالية الأبناء و.......... ، فهم وإن كانوا يؤمنون بضوابط حازمة لسلوك أبنائهم إلا أنهم منطقيون وعقلانيون ومرقون وماليون لمراعاة حاجات الأبناء وبوجه عام يتمتع الأبناء فى هذه الحالة بالإعتماد على النفس وبالثقة بالذات ويستمعون بإستكشاف بيئتهم . 

(2) النمط التسلطى 

    يمارس الآباء الذين يستخدمون هذا النمط معايير جامدة ولا يؤمنون بالأخذ والعطاء مع الأبناء ، ويحرصون على الأبناء دون مراعاة لفرديتهم ولا يشجعون إستقلالة الإنتباه . 

(3) النمط المتساهل 

    لا يفرضون قيود لهم يتسامحون بدرجة كبيرة ونادراً ما يعاقبون أبنائهم ولا يهتموا بهم ولكنه فى بعض الأحيان يفقدون القدرة على التحمل فيستخدمون القوة لضبط أطفالهم ويتصف أبناءهم بالإتكالية وعدم ضبط النفس وعدم النضج . 

النمط السلوك الوالدى خصائص الطفل

1- السلطوى الضبط ، الحزم ، الدفء ، العقلانية ، الأخذ والعطاء اللفظى، المحافظة على القواعد والتعليمات ، إحترام الفردية الإستقلالية ، ضبط النفس ، الإعتماد على الذات، النضج الإجتماعى

2- التسلطى الضبط المفرط، التقييم الناقد لسلوك الطفل ، وإتجاهات، إنفصال عاطفى، أخذ وعطاء لفظى أقل الإنسحاب،  عدم الثقة بالنفس وبالآخرين، السخط والأشياء

3- المتساهل عدم الضبط ، قلة إستخدام السلطة ، عدم العقاب ، اللامبالاة قصور فى  الإعتمـاد علـى النفس ، قصور فى الضبط الذاتى

    ويجب ألا نغفل العلاقات الأسرية وأثرها على الأبناء وما يترتب على المشكلات الأسرية فى التأثير على تنشئة الطفل . 

الردود الفعلية النفسية لأسر الأطفال المعوقين :

    ان ردود الفعل النفسية التى قد تحدث لدى الوالدين غالباً ما تشكل حاجزاً حقيقياً يحد من قدرتها على تربية الطفل المعوق ورعايته . 

    بالرغم من التباين الشديد فى ردود الفعل النفسية من أسرة إلى أخرى إلا أن معظم الأسر يتولد لديها ردود فعل متشابهة مثل : 

1- الصدمـــة : 

    وهى تعنى عدم تصديق أولياء الأمور للحقائق وأولياء الأمور فى هذه الحالة بحاجة إلى التفهم والدعم . 

2- النكــــران : 

    قد ينكر أولياء الأمور حالة الإعاقة لدى طفلهم خاصة عندما تكون الإعاقة غير واضحة (إعاقة بسيطة) وأحياناً يسهم الأخصائيون والأقارب والأصدقاء فى تطور النكران وذلك من خلال محاولاتهم طمأنة أطفالهم 

3- الندم والغضب : 

    قد يلقون اللوم عل الطبيب وغيره وقد يلقون اللوم على أنفسهم . 

4- اليـــأس : 

    وهو فقدان الأمل نهائياً بتحسن حالة الطفل والبكاء على الحلم الجميل (الطفل العادى الذى كان منتظراً) . 

5- الخجـل والخـوف : 

    قد يحدث الخجل والخوف نتيجة توقعات الآباء والأمهات وترقبهم لإتجاهات الآخرين وخاصة المهمين منهم ، وقد يتجنب الآباء مخالطة الناس والتفاعل معهم . 

6- الرفض أو الحماية الزائدة : 

    يتبنى بعض أولياء الأمور مواقف سلبية جداً من طفلهم المعوق مما قد يعرض الطفل للإهمال وإساءة المعاملة الجسمية والنفسية وبالماقبل يلجأ البعض إلى الحماية المفرطة لأبناءهم فيفعلون كل شئ نيابة عنهم . 

7- التكيــف والقبــول : 

    غالباً ما يحدث أخيراً الإعتراف بالحقيقة ومواجهتها وتدرك الأسرة مدى بالإعاقة المصاب بها الطفل ويبحثون عن الخدمات المناسبة لتلبية حاجاته . 

دور الأسرة فى تقييم إحتياجات طفلها المعوق ذهنياً : 

 لما كان التخلف العقلى يشير إلى إنخفاض ملحوظ فى مستوى الأداء العقلى العام بصحة إنخفاض فى السلوك التكيفى وبطء فى التعلم فهو بالضرورة ينطوى على حاجات خاصة عديدة ومتنوعة ، فالأطفال المتخلفون عقلياً لهم إحتياجاتهم الخاصة التى قد تختلف قليلاً أو كثيراً عن حاجات ذوى الإعاقاة الأخرى فالمتخلف عقلياً لديه الحاجة إلى أن يحظى بالحب والتقبل ويحتاج إلى التحرر من الخوف ، والأسرة لابد أن تتفاعل مع هؤلاء الأطفال بإيجابية وتطوير إتجاهات واقعية نحوهم فهم فى حاجة إلى تعلم الإعتماد على أنفسهم وإزالة العوائق التى تحول دون إندماجهم فى المجتمع المتمثل أولاً فى البيت والعائلة والحى والمدرسة أو المركز . 

 لدى بعض الأطفال المتخلفين عقلياً حاجة خاصة إلى خدمات طبية وصحة مساندة فالطفل المتخلف قد يكون يحاجة إلى علاج طبيعى وتمرينات لتقوية المهارات الحركية الكبرى والصغرى كذلك التدريب على النطق ومهارات التواصل سواء على صعيد اللغة التعبيرية أو الإستقبالية وهناك حاجات رئيسية أخرى منها الحاجة إلى التدريب على بعض المهارات الحسية والمعرفية والإجتماعية والإدراكية والأكاديمية والعناية بالذات .

    وتعتمد طبيعة الإحتياجات على عوامل عديدة منها مستوى التخلف وعمر الفرد وجنسه وغير ذلك ، ولذلك فإن الأسرة لها أيضاً حاجات عديدة منها : 

1-الحاجة إلى معرفة طبيعة التخلف العقلى وأسبابه . 

2-الحاجة إلى الدعم والمعلومات حول نمو الطفل ومستقبله . 

3-الحاجة إلى معرفة البرامج التدريبية التى يحتاج إليها الطفل ( لغوى – علاج طبيعى – تمرينات – رعاية ذات ... إلخ ) . 

4-الحاجة إلى التفاعل مع الأسر الأخرى التى لديها أطفال متخلفون بهدف تبادل الخبرات والدعم المتبادل . 

    ولابد أن يتم قياس إحتياجات الأسر كإستمارة إستبيان عن حاجات الأسر 

أشكال المشاركة الأسرية : 

(1) الملاحظــــة : 

    هناك بعض السلوكيات وبعض المهارات التى قد لا نتمكن داخل المركز من ملاحظتها فلابد من معاونة الأسرة فى هذا كذلك عن تعديل سلوك معين لدى الطفل فيطلب من الأسرة الملاحظة وتبادل المعلومات بينهم وبين المركز (كراسة الملاح ) . 

(2) الدفاع عن حقوق الأطفال المعوقين : 

    وذلك عن طريق دعم البحوث والدراسات والمشاركة فى تنفيذ نظرة المجتمع السلبية نحو المعوقين وتحسين واقع الخدمات المقدمة . 

(3) مساعدة الجهاز العامل بالمركز : 

    بناء علاقة قوية مع الأسرة يساعد الجهاز العامل أخصائيين ومدربين فى التخطيط للأهداف التربوية وإختيار الأساليب الأثكر ملائمة لهم ولطفلهم . 

 

المصدر: نشره الاتحاد رقم 91
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,408,157

مشاهير رغم الإعاقة