1-مقدمة :
منذ أواخر الخمسينات نشأت ظاهرة خطيرة لا زال مسلسلها مستمرا وتتوالى أحداثها المثيرة بين يوم وآخر ، وهذه هي ظاهرة إنهيار المنشآت المبنية حديثا في مصر ، وليس أدل على خطورة هذه الظاهرة من تدوال زكالات الأنباء ، ومحطات الإذاعة العالمية لأبنائها ، نظرا لكثرة عدد ضحايا ، وأصبحت هذه الإنهيارات سمة تميز نوع الكوارث التي تتعرض لها مصر . وذلك يستدعي إلى الذهن تناقض ما آلت إليه الحال ، مع شهرة مصر طوال تاريخها بمبانيها المتينة التي تتحدى الزمن منذ آلاف السنين .
يترتب على إنهيارات المباني كوارث إنسانية تتمثل الوفيات وحوادث الإعاقة البدنية التي تحدث للقاطين بها ، بالإضافة لتشريد ما يتبقى من الأمر وفقدانها لمساكنها ، ومقتنياتها . هذا بالإضافة للرعب النفسي الذي يستحوذ على شاغلي المباني الحديثة ، مما يخبئه لهم القدر من إنهيارات قد تحدث لمبانيهم .
والأسباب المباشرة التي تؤدي لإنهيارات المباني ، هي حدوث أخطاء في تصميمات وتنفيذ هذه المباني ، وهي أسباب فنية ومهنية . إلا أنه لا يمكن تجاهل عوامل إجتماعية وقانونية أثرت في المجتمع المصري ، وأدت إلى شيوع هذه الأخطاء ، وما يترتب عليها من كوارث .

2-أخطاء التصميم والتنفيذ التي تؤدي إلى إنهيارات المباني :
أولاً :- أخطاء التخطيط العمراني :
زيادة الكثافة البنائية والسكانية في مناطق لا تكون شبكة المجاري بها معدة لإستيعاب هذه الزيادة .
وفي هذه المناطق لا تكون شبكة المجاري سعتها قادرة على إستيعاب هذه الزيادة ، مما يترتب عليه طفح مستمر للمجاري والذي يسبب حدوث تلفيات خطيرة وتآكل وضعف في حوائط الأدوار الأرضية وأساسيات المباني ، بما يجعل بتداعي المباني وإنهيارها .
ومع ترك السلطات المحخلية الحبل على الغارب بالنسبة للتجاوزات الرهيبة في إرتفاعات المباني في الأحياء الجديدة ( ةش 2 ، 3 ) أصبحت هذه الأحياء هي الأخرى تعاني من طفح المجاري وأثارها المدمرة ، مثلها في ذلك مثل الأحياء القديمة .

ثانياً :- أخطاء تصميمات الأساسات :
1)عدم إعداد تصميم الأساسات بواسطة مهندسين متخصصين .
2)عدم تحمل أساسات المبنى ، بعد زيادة عدد طوابق المبنى وزيادة إرتفاعه ، عن عدد الطوابق والإرتفاع الذي صممت بموجبها أساسات هذا المبنى .
3)عدم ملائمة تصميم الأساسات لنوعية تربة طبقة التأسيس ، نتيجة عدم كفاية المجسات ، أو لعدم الوضع في الإعتبار عند التصميم وجود آبار أو مصارف أو مقابر أو مقالب موجود أسفل طبقة التأسيس .

ثالثاً :- أخطاء التصميمات الإنشائية :
1)عدم إعداد تصميم إنشائي للمبنى بواسطة مهندسين متخصصين .
2)عدم تحمل حوائط المبنى ( في حالة الحوائط الحاملة ) وعدم تحمل الهيكل الخرساني ( في حالة المباني ذات الهياكل الخرسانية المسلحة ) لطوابق إضافية ( تعليات ) لم تكن موضوعة في الحسبان عند عمل التصميم الإنشائي وتنفيذ المبنى في وقت سابق .
3)عمل تعديلات معمارية ، مع عدم الرجوع للمهندس الإنشائي لتعديل الرسومات الإنشائية لتناسب هذه التعديلات .
4)التجاوز الهندسي بالنسبة للسقف الذي كان مصمما إنشائيا ومتخذا على إعتبار أن السقف الأخير للمبنى – أي السطح – وإستخدام هذا السطح كسقف لدور متكرر في حالة تعلية المبنى بعد تمام الإنتهاء منه في زمن سابق .
5)التجاوز الهندسي بالنسـبة لقطاعات الأعمدة المسلحة في حالة عمل تعليات على أسطح نهائية ، وزيادة قطاعات هذه الأعمدة في الدوار العلوية .

رابعاً :- أخطاء نتيجة عدم التنفيذ طبقا للمواصفات القياسية والإشتراطات العامة لأعمال البناء :
1)التأسيس على طبقات من التربة غير الصالحة للتأسيس عليها وعدم الرجوع لمصمم الأساسات لعمل التعديلات المناسبة عند ملاحظة تغيرات في طبقة التأسيس عند تنفيذ الأساسات .
2)عدم مطابقة مواد الإنشاء المستخدمة للمواصفات القياسية :
‌أ-الزلط والرمل غير خاليين من الشوائب مثل الأتربة أو المواد الطفلية أو الجيرية ، كذلك إستخدام جبيبات زلط غير متدرجة الحجوم وأيضا إستخدام رمل ناعم غير حرش في المون والخرسانات .
‌ب-الأسمنت المورد للموقع غير مطابق للمواصفات القياسية وخاصة بالنسبة للأسمنت المستورد . كذلك تلف السمنت نتيجة لتعرضه للرطوبة قبل التوريد ، أو نتيجة لتشوينه السئ في الموقع .
‌ج-حديد التسليح غير مطابق للمواصفات القياسية ، مثل الحديد السابق إستخدامه ، والحديد المبروم والصدى والمسحوب الغير مطابق للمواصفات .
‌د-المياه المستخدمة تحتوى على أملاح ، أو كبريتات ، أو مواد عضوية .
3)عدم مطابقة علمية خلط الخرسانات للمواصفات القياسية ، وذلك بعدم وضع النسب الصحيحة للمواد المكونة للخلطة الخرسانية : الزلط ، والرمل ، والأسمنت ، والمياه . وكذلك بزيادة بعض مكونات الخلطة ، وغير ذلك مما يؤثر على كفاءة الخرسانة ويضعفها ، كما أن عدم التقليب الجيد لمكونات الخلطة الخرسانية يؤدي إلى ضعف الخرسانة الناتجة وعدم تجانسها .
4)عدم مطابقة عملية صب الخرسانات للمواصفات القياسية . وذلك يرش مياه كثيرة على الخرسانة أثناء الصب ، كما أن تقليل المياه وعدم الغرغرة الجيدة أثناء الصب ، يؤدي إلى وجود فجوات بالخرسانة المسلحة بعد شكها تقلل من قوتها ، وتعرض حديد التسليح الموجود بها للصدأ ، ومن الأخطاء الشائعة والخطيرة تحريك أسياخ التسليح من مواضعها الصحيحة في الكمرات والأعمدة أثناء عملية صب الخرسانات المسلحة .
5)الأخطاء في مصنعيات حديد التسليح أو التقليل في كمية حديد التسليح عما هو محدد في الرسومات ، يؤدي لعدم مطابقة حديد التسليح للمواصفات القياسية وللرسومات الإنشائية      ( ش 1 ) .
6)عدم معالجة الخرسانة المساحة برشها بالمياه بعد صبها وحتى وقت الشك النهائي ، في غير وقت كثافة الإشعاع الشمسي .
7)ترحيل الأعمدة الخرسانية المسلحة عن مواقعها الهندسية المحددة في الرسومات ، وعدم إستقامة الأعمدة رأسيا على إمتداد إرتفاع المبنى ، وعدم وجود أشاير للأعمدة أعلى الأسقف بإرتفاع كاف للإمتداد داخل أعمدة الطابق الأعلى ( 40 مرة ققطر السيخ ) ، وغير ذلك مما يؤثر على السلامة الإنشائية للهيكل الخرساني .
8)فك الشدات الخشبية للأسقف الخرسانية المسلحة قبل المواعيد التي حددتها المواصفات القيلسية ، حتى تكتسب الخرسانية المسلحة صلابتها وقوتها .
9)عمل غرف أعلى الأسطح النهائية للمباني ، أسقفها من الخرسانة المسلحة ليست محملة على أعمدة الهيكل الخرساني للمبنى ، ولكنها محملة على قواطيع وأكتاف من المباني .
10)عدم سلامة التركيبات الصحية وأعمال الطبقات العازلة للمبنى وعدم مطابقتها للمواصفات القياسية ، مما يترتب عليه طفح المجاري ، وبالتالي التأثير على سلامة أساسات البماني . كما يترتب على ذلك أيضا تسرب المياه من شبكة الأعمال الصحية إلى المباني والهيكل الخرساني للمبنى بما يجعل بإنهيار المبنى .

المصدر: مهندس إستشاري محمد سمير محمد سعيد مدير عام البحوث والدراسات والتدريب المكتب العربي للتصميمات والإستشارات الهندسية
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,516,668

مشاهير رغم الإعاقة