الاقتصاد للجميع

يهتم الموقع بالدراسات والمشاكل الاقتصادية والتحليلات

القضايا الاقتصادية الزراعية المتعلقة بالاستثمار الزراعي في مصر

د. محمد إبراهيم محمد الشهاوي

أستاذ الاقتصاد الزراعي المساعد
كلية الزراعة (سابا باشا) - جامعة الاسكندرية

تمهيد :

يتم في هذا الجزء تناول المشاكل الاقتصادية الزراعية المتعلقة بالاستثمار الزراعي في مصر ، بينما باقي المشاكل الاقتصادية التي تعترض الزراعة المصرية في الفصول التالية . والمشاكل الاقتصادية الزراعية المتعلقة بالاستثمار الزراعي في مصر والمتمثلة في ضآلة حصة المقتصد الزراعي المصري من الاستثمارات القومية ، ضعف التراكم الرأسمالي الزراعي ، مشاكل ومعوقات الاستثمار الزراعي في مصر ، المخاطرة واللايقين وأثرهما علي الزراعة المصرية ، الفاقد في المحاصيل الزراعية .

 

القضية الأولي : ضآلة حصة المقتصد الزراعي المصري من الاستثمارات القومية

استهدفت السياسات الاقتصادية القومية تعبئة الفائض الاقتصادي الزراعي وتجميعه وذلك منذ الستينات من اجل توفير النقد الأجنبي من خلال التصدير وتوجيهه لأغراض الاستثمار في المقتصدات غير الزراعية وبصفة خاصة الصناعة ، واتبعت في ذلك العديد من الأساليب التقليدية التي ألحقت الضرر بالمقتصد الزراعي . ولم توجه في نفس الوقت الاستثمارات التي تتناسب مع حجم هذا المقتصد حيث اتسمت بالضآلة بالمقارنة بالاستثمارات في القطاعات الأخرى . ويقوم بتمويل الاستثمارات الزراعية كل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص ، حيث أن القطاع الحكومي مسئول عن تنفيذ مشروعات البنية الاساسية والخدمات والبحوث الزراعية ، بينما القطاع الخاص الذي يمثل ما يزيد عن 97% من حجم المقتصد الزراعي المصري ، والاستثمارات الزراعية لم تتعدي نسبة 10.7% من إجمالي الاستثمارات القومية في الفترة 70/1971 حتى 2004/2005 ، وهذا المستوي المتدني من الاستثمارات يعد من أهم معوقات التنمية الزراعية ويحول دون وفاء الزراعة بتلبية مختلف الاحتياجات القومية .

ويقوم الائتمان المصرفي دورًا هامًا ومتزايد في النظم الاقتصادية المعاصرة كوسيلة من وسائل الدفع ، خاصة بعد تعاظم دور البنوك في النشاط الاقتصادي واتساع قدرتها علي خلق النقود بالمعني الواسع ومن ثم فان التغير الذي يحدث في حجم الائتمان المصرفي الذي تقدمه البنوك إلي سائر قطاعات المقتصد القومي يؤثر تأثيرًا ملموسًا علي حجم السيولة النقدية وبالتالي علي أوجه النشاط الاقتصادي .

ونتيجة للطبيعة الموسمية للإنتاج الزراعي بالإضافة إلي العوامل الأخرى تنشأ وتتأكد الحاجة إلي ضرورة العمل علي تحقيق نوع من التوازن بين الكميات المطلوبة والكميات المعروضة من رؤوس الأموال الائتمانية المزرعية لتطوير المقتصد الزراعي وإدخال الأساليب التكنولوجية الحديثة ، والحد من الاختناقات المالية التي قد تواجه بعض الزراع خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية والائتمانية المصاحبة لعمليات التحرر الاقتصادي . وفيما يلي بعض المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بهذا الموضوع :

الائتمان والمديونية : Credit & Debt   

يعرف الائتمان بأنه عبارة عن الطاقة أو القدرة الذاتية علي تجميع واستعمال رؤوس الأموال عن طريق الاستلاف آو الاقتراض وتختلف الطاقة الائتمانية أو القدرة الذاتية علي الائتمان من شخص أخر تبعا لتغير أيا من تلك الأوضاع إذ تقل الطاقة الائتمانية للشخص بزيادة السلف والقروض التي يتم الحصول عليها وتزداد بسداد بعضا من هذه الالتزامات .

كما تزداد أيضًا الطاقة الائتمانية للشخص بزيادة أو ارتفاع القيم السوقية للأصول المزرعية وغير المزرعية لدي المزارع وتقل بانخفاض قيم تلك الأصول كما تتأثر الطاقة الائتمانية للمزارع أيضا بمدي أمانته وحرصه علي الوفاء بتعهداته والتزاماته .

ويعتبر منح الائتمان في حقيقة الآمر عبارة عن تبادل في شيئين هما : ائتمان المدين (أي الطاقة الائتمانية للمدين) وجانب من رؤوس الأموال الخاصة بالدائن مع وعد بالوفاء بالالتزامات النقدية والزمنية الناشئة عن هذا التبادل . ويشير الاحتياطي الائتماني إلي مدي قدرة المزارع علي مواصلة استخدام مزيد من رأس المال الائتماني .

ويتفق فهوم الائتمان مع مفهوم المديونية إذ يعتبران شيء واحد ينظر إليه من زاويتين مختلفتين كوجهي العملة الواحدة فهما عبارة عن تعهد أو التزام للدفع في المستقبل ، فمن وجهة نظر الشخص الذي سوف تؤول إليه المدفوعات المختلفة في المستقبل فان ذلك التعهد يعتبر دين وعلي ذلك فان إجمالي الائتمان المتحقق خلال فترة زمنية معينة  لابد أن يتساوي مع إجمالي المديونية المتحققة خلال نفس الفترة .

ويختلف في ذلك مفهوم الائتمان عن مفهوم التمويل ، إذ يختص الائتمان بدراسة كل ما يتعلق برؤوس الأموال الاستلافية والمقترضة فقط ، أما التمويل فيختص بدراسة كل ما يتعلق برؤوس الأموال بما فيها الاستلافية والمقترضة ، ويتبين من ذلك أن التمويل أعم وأشمل من مفهوم الائتمان .

ويمنح الائتمان بصوره المختلفة عادة بعد الموافقة عليه للشخص مقابل الضمان أو الضمانات المقدمة من ذلك العميل والذي يتعهد بدفع تكلفة الائتمان بالإضافة إلي القيمة النقدية الاساسية وفقًا لشروط العقد ووفقًا لخطة السداد المتفق عليها.

ويوجد عند تقرير الائتمان (المنح) العديد من الأنواع والأشكال والتي لعل أهمها :

القرض Loan  : هو عبارة عن قيمة نقدية أو عينية أي عبارة عن تسهيل ائتماني تمنح قيمته بالكامل بعد الموافقة عليه للشخص وفقًا للشروط المتفق عليها في بنود العقد.

السلفة Advance  : هي عبارة عن قيمة نقدية أو عينية أي عبارة عن تسهيل ائتماني (اعتماد) ولكن لا تمنح قيمته بالكامل بل يعني بها الحساب الجاري للعميل ويسمح له بالسحب منها وفقا لبرنامج زمني وفي إطار الاعتماد المحدد له ، ومن ثم تظهر أرصدتها تقلبات خلال فترة تشغيل الحساب . ولا يوجد أي التزام من قبل العميل بالسحب من هذا الحساب ، ولمقابلة ذلك يقرر البنك عمولة إضافية تسمي عمولة ارتباط تتراوح بين 0.5-1.5% من قيمة الاعتماد لضمان جدية العميل ولمقابلة تكلفة الأموال الراكدة ، وعادة ما يطلب البنك من العميل القيام بتنظيف الحساب أي بضرورة قيام العميل بسداد المسحوبات مرة واحدة خلال فترة زمنية يتفق عليها حتى يتأكد البنك أن أمواله المخصصة لتمويل مشروع معين لم تصبح بصفة دائمة جزءا من رأس مال المشروع ، كما يشترط البنك في حالة الاعتمادات الكبيرة أن يكون لدي العميل وديعة أو حساب تعادل قيمته نسبة معينة من الاعتماد وذلك في حدود 10-20% تسمي وصف الميزان التعويضي .

وهذه الطريقة مفيدة لكل من البنك والعميل إذ يمكن للبنك أن يغلق الاعتماد في أي وقت بعد إخطار العميل ، كما تكون مفيدة أيضا للعميل الذي يرغب في ضمان سيولة نقدية يلجأ إليها في اللحظات والظروف المناسبة والتي تتفق مع طبيعة أعماله دون تحمل أعباء أموال ائتمانية قد تكون راكدة لديهم .

الدفع من تحت الحساب Payment under Account   : في هذه الطريقة يسمح البنك لعميله أن يصبح حسابه لدي البنك مدين وذلك في حدود مبلغ معين إلي أن يتم تغطية ذلك الحساب خلال فترة زمنية معينة معرفة .

عمليات الخصم Discountable Bill  : ترتبط هذه الطريقة بما يسمي بالكمبيالة إذ يقوم البنك بوضع قيمة الكمبيالة تحت تصرف العميل دون انتظار اجل السداد ويقوم البنك بتحمل أصل الدين وتحصيل الكمبيالة من المدين بقيمتها في موعدها كما يقوم البنك بتحصيل تكلفة ائتمانه من عميله . وفي هذا الإطار يمكن للبنك أن يعود إلي كل من المدين والعميل معا باعتبارهما يكفلان سداد الدين بالتضامن . كما تقوم الجهات الائتمانية تصنيف القروض عند التحصيل لتحديد مركز العميل من الناحية الائتمانية إلي أربعة أصناف أو أنواع رئيسية :

1- الائتمان الجيد : وفيه يتم سداد الأصل والفوائد في مواعيد الاستحقاق ، وفيه يكون العميل ذو كفاءة ائتمانية عالية مع سلامة وكفاية الضمانات المقدمة .

2- الائتمان دون المستوي : ويتأخر تحصيل الأصل والفوائد فيه لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور ، وهذا النوع من الائتمان تشوبه بعض المشاكل والصعوبات علي الرغم من سلامة وكفاية الضمانات ، وقد ترجع مثل تلك المشاكل والصعوبات إما إلي أمور خارجة عن إرادة المشروع أو لأسباب صحية .

3- الائتمان المشكوك في تحصيله : ويتأخر تحصيل الأصل والفوائد فيه لمدة لا تقل عن ستة شهور ، ويكون هناك محل شك في تحصيله ، وتكون ضماناته غير كافية ويصعب تسيلها في وقت مناسب .

4- الائتمان الرديء :  يستحيل تحصيل الأصل والفوائد أو تحصيل جزء منه خلال 12 شهر من تاريخ الاستحقاق ، وتكون ضماناته في نفس الوقت غير مناسبة لأحوال السوق ، وعلي البنك في تلك الحالة اللجوء للقضاء للحفاظ علي حقوقه.

ويساعد هذا التصنيف الائتماني الإدارة التمويلية في تقدير مخصصات الديون المشكوك فيها والرديئة لتلافي أي أضرار بمصالح الجهات أو المصادر الائتمانية .

الطلب الائتماني الزراعي الفعال :

يعرف الطلب الائتماني الزراعي الفعال بأنه عبارة عن تلك الحاجة أو الرغبة في الحصول علي رؤوس الأموال الائتمانية المصحوبة بالقدرة السدادية للالتزامات الائتمانية ، والمتمثلة في مختلف الالتزامات النقدية والزمنية التي يلتزم بها المدين تجاه الدائن بخصوص الائتمان .

ويرتبط عادة منح الائتمان بتقديم خمسة عوامل رئيسية (5C's) التي تقيس بدرجة أو بأخرى المخاطر الائتمانية المحتملة والتي تكتنف العميل والمتمثلة في كل من :

1- الشخصية Character  والتي تشير إلي أخلاق وسلوك وسمعة ونزاهة العميل ومدي حرصه علي ووفاءه بالتزاماته .

2- المقدرة Capacity  والتي تعني القدرة علي أداء الأعمال المزرعية بكفاءة وبشكل يزيد من العوائد والنمو المزرعي .

3- رأس المال Capital  لدي المزارع والتي تشير إلي وضعه المالي والاقتصادي والذي يعتبر في نفس الوقت الضمان النهائي أمام المصادر الائتمانية .

4- الظروف المحيطة بالمزارع Conditions  والتي تشير إلي وضع المزارع والمزرعة في السوق ومدي قدرته علي توفير مستلزمات الإنتاج وتصريف المنتجات بكفاءة عالية .

5- الضمان Collateral  والذي يؤخذ عادة أو لمقابلة بعض أوجه القصور أو نواحي الضعف في من العناصر السابقة .

أما فيما يتعلق بائتمان والإقراض الزراعي فقد ازداد حجم القروض الزراعية من حوالي 657.53 مليون جنيه عام 1983 إلي حوالي 3594.06 مليون جنيه عام 1993 ، ثم زاد فبلغ حوالي 11986.9 مليون جنيه عام 2002 . وبالرغم من هذه الزيادات إلا انه باستخدام الأرقام القياسية لأسعار الجملة لسنة 1980 لتقدير القيم الحقيقية لهذه القروض ثم تقدير المتوسط السنوي لقيمة القروض بالأسعار الثابتة خلال الفترات السابق ذكرها يتبين أنها بلغت حوالي 473.04 ، 601.01 ، 1283.39 مليون جنيه علي التوالي أي أن الزيادة الحقيقة في حجم هذه القروض خلال الفترة (1983-2002) لم تتجاوز 171.3% .

ويتسم العائد علي رأس المال المستثمر في استصلاح الأراضي بكونه منخفضًا للغاية ، فضلا عن ارتفاع حجم الاستثمارات اللازمة لهذه الأنشطة في الوقت الذي تحقق الايدعات في البنوك عائد لا يقل عن 8% سنويا يحصل عليها أصحابها دون جهد أو مخاطرة ولا تتطلب منهم خبرة أو مهارة .

ويستدل من كل ما سبق علي سلبيات الائتمان الزراعي الراهنة والتي لا تتفق مع الزيادات المضطردة في تكاليف الإنتاج الزراعي ولا تحفز علي التنمية في الداخل (الراسية) وللخارج (الأفقية) وتساهم في التشوهات الاستخدامية لرؤوس الأموال ، وليس أدل علي ذلك من رواج الاستثمار في تجارة الأراضي الزراعية سواء كانت بورًا أو مزروعة في الوقت الذي يحجم المستثمرون عن الأنشطة الزراعية ذات الجدوى من الناحية القومية .

القضية الثانية : ضعف التراكم الرأسمالي الزراعي

يقصد بالتراكم الرأسمالي حجم رأس المال المتكون من داخل قطاع الزراعة عاما بعد عام والتي يمكن استغلاله في الزراعة مرة أخري لتنميتها ورفع كفاءتها . ويرجع قلة هذا التركم إلي عدة أسباب أهمها هو أن الزراعة بطبيعة الحال تنتج مواد أولية خام تعتبر أسعارها منخفضة مقارنة بمنتجات الصناعة أو الخدمات . بمعني أن القيمة المضافة في  الزراعة تكون منخفضة مقارنة بالصناعة . ولنضرب مثلا لذلك صناعة السيارات التي تتطلب إعداد الحديد الخام ليدخل في مرحلة تالية هي إنتاج الصلب الذي يستخدم لصناعة هيكل السيارات ثم الموتور ... الخ ، فكل مرحلة من هذه المراحل تضيف قيمة إلي السلعة . فالحديد الخام سعره منخفض لكن بعد تحويله إلي صلب يصبح سعره اعلي والفرق بين السعرين هو ما يطلق القيمة المضافة. فلو قارنا سعر المادة الخام (الحديد) بالمنتج النهائي (السيارة) سنجد فرقًا كبيرا . هذا الفرق لا يتواجد في الزراعة وبالتالي فإن معظم منتجاتها رخيصة ، فإذا أضفنا إلي ذلك صغر حجم الحيازات وارتفاع عدد السكان الزراعيين وبالتالي ارتفاع نسبة الإعالة (عدد السكان ÷ عدد المشتغلين) . إذا أضفنا كل ذلك إلي انخفاض قيمة المنتجات سنجد أن الدخول الزراعية الفردية منخفضة مقارنة بالصناعات والخدمات غير الزراعية وهذه الدخول المنخفضة عادة لا يتبقي منها الكثير للادخار والتراكم الرأسمالي ولذلك فان البعض قد يري إتاحة الفرصة لأفراد من خارج الزراعة للاستثمار في الزراعة وتوفير رؤوس أموال اللازمة لإحداث نقلة تكنولوجية وفنية في الزراعة لتحقيق معدل نمو مرتفع . ولذلك فإنه في بعض الدول الصناعية كثيرًا ما تحاول الحكومات في هذه الدول تعويض المزارعين عن طريق الدعم المالي والفني ويثار دائما التساؤل عن مدي أهمية هذا الدعم الذي يهدف إلي رفع دخول المزارعين لتتقارب من الدخول في القطاعات غير الزراعية .

وفي الحقيقة تدور معظم البلاد المتخلفة في دائرة مفرغة فالفقر الذي تعانيه يؤدي إلي ضعف معدلات الادخار والاستثمار ، وهذه المعدلات الضعيفة بدورها تؤدي إلي ضعف نسبة زيادة الناتج والدخل لدرجة تجعل المعدلات المرتفعة نسبيا للزيادة السكانية تبتلع تلك الزيادة في الناتج والدخل بحيث تظل مستويات المعيشة علي ما هي عليه من انخفاض أو حتى تنخفض إلي مستويات أدني إذا أدت العناية الصحية إلي انخفاض معدلات الوفيات بحيث ترتفع بالتدريج نسبة الزيادة الصافية في السكان .

أما عن عرض المدخرات فيذكر رودان في نظرية النمو المتوازن أن الحد الأدنى المرتفع للاستثمارات يستلزم حجما كبيرا من المدخرات التي يكون من الصعب تحقيقه في اقتصاد متخلف ذا دخل منخفض ، وطبقًا لرودان يكون الحل الوحيد لضمان معدل مناسب ومرتفع للادخار في اقتصاد يتسم بانخفاض مستوي الدخل هو عن طريق زيادة في الاستثمار يمكن تحقيقها بتحريك موارد إضافية كامنة مثل القوة العاملة المعطلة وفي نفس الوقت يجب أن تتخذ بعض التدابير خاصة عن طرق الضرائب لرفع المعدل الحدي للادخار علي هذا الدخل الإضافي .

وأن عرض رأس المال تحكمه المقدرة والرغبة في الادخار بينما يتوقف الطلب علي رأس المال علي الحافز علي الاستثمار . وهنا توجد علاقة دائرية في كل من جانبي تكوين رأس المال في الاقتصاد المتخلف :

 ففي جانب العرض : هناك المقدرة الضعيفة علي الادخار الناشئة عن انخفاض مستوي الدخل الحقيقي الذي ما هو بدوره إلا انعكاس للإنتاجية المنخفضة التي ترجع بدورها إلي حد كبير إلي نقص رأس المال ، ونقص رأس المال هو نتيجة لضعف المقدرة علي الادخار وهكذا تقفل الدائرة المفرغة .

وفي جانب الطلب : نجد أن الحافز علي الاستثمار ضعيف بسبب صغر حجم القوة الشرائية للناس (أي ضيق السوق) التي ترجع إلي ضآلة دخولهم الحقيقية ، والتي ترجع بدورها إلي الإنتاجية المنخفضة ، وانخفاض مستوي الإنتاجية هو نتيجة لصغر كمية رأس المال المستخدم في الإنتاج والتي قد يسببها جزئيا علي الأقل ضعف الحافز علي الاستثمار. وهكذا تكتمل دائرة مفرغة أخري.

وهكذا يبدو أن انخفاض مستوي الدخل الحقيقي ، الذي يعكس في نظر الإنتاجية المنخفضة يعتبر عاملا مشتركا في كلا الدائرتين . ولكسر هذه الدائرة المفرغة ، يري نيركس ضرورة القيام بدفعة كبيرة من الاستثمار في عدد مختلف من الصناعات حتى يتسع نطاق السوق ، ويزيد بالتالي الطلب علي منتجاتها .

القضية الثالثة : مشاكل ومعوقات الاستثمار الزراعي في مصر

رغم أن قوانين وتشريعات الاستثمار في مصر قد توحدت في القانون 230 لسنة 1989 لكافة المجالات وان الجهة القائمة علي تطبيق قوانين الاستثمار هي الهيئة العامة للاستثمار وهي الجهة التي تحدد بالتعاون مع جهات الاختصاص الأخرى مجالات الاستثمار ، ورغم المزايا والإعفاءات المشجعة للاستثمار ، إلا أنه لازالت هناك معوقات ومشاكل تعترض الاستثمار الزراعي والخاص في مصر أهمها :

1- المعوقات الإدارية والإجرائية :

تتمثل في تعدد الهيئات والجهات التي يجب أن يتردد عليها المستثمر للحصول علي الترخيص بالاستثمار ، بالإضافة إلي تعدد الأوراق المطلوبة لكل جهة والتعقيدات الروتينية التي تواجه المستثمر نتيجة عدم إدراك مواد ونصوص قوانين ولوائح الاستثمار مما يؤدي إلي طول فترة الحصول علي تراخيص الكهرباء والمياه والمباني وطول فترة الإفراج الجمركي وتعدد أوراقها وتعقيداتها . وهي في النهاية تعطل وتعوق تنفيذ وإنشاء المشروعات . مثل هذه الأمور تؤدي إلي الإحباط ويترتب عليها إضعاف الحافز علي الاستثمار .

2- المعوقات الاقتصادية :

ترتبط بالمناخ الاستثماري في الدولة من حيث المحددات الخاصة بالسياسات الاقتصادية ودرجة الاستقرار الاقتصادي ، واستقرار أسعار الصرف والمستوي العام للأسعار وحدود الضرائب ، وضمان الاستثمار وتحويل الأرباح ورأس المال للخارج ، وغيرها من العوامل الاقتصادية المرتبطة خاصة حرية الاستيراد والتصدير . وتتفاعل تلك العوامل مع بعضها البعض محددة حجم المخاطر . وتقل المخاطر في الدولة كلما تهيأت لها فرص الاستقرار الاقتصادي والسياسي وكانت الفرص مهيأة لنجاح الاستثمار . ولا يقبل المستثمر علي الاستثمار في دولة كلما زادت درجة المخاطرة فيها ، ولا شك أن تهيئة المناخ الاستثماري الجيد ، يعتبر من أهم العوامل الجاذبة للاستثمار .

ويدخل ضمن المحددات الاقتصادية المحددات الإنتاجية والتسويقية وقد أخذت مصر مؤخرا بأسلوب القائمة السلبية وبالتالي أصبح ما عداها حرًا للاستثمار الخاص . ويعتبر عدم توفر مستلزمات الإنتاج اللازمة للمشروعات خاصة التي تستورد منها مثل الأعلاف اللازمة لمشروعات الإنتاج الحيواني والدواجن من أهم المعوقات ، أما المعوقات التسويقية والتصديرية فهي مؤثرة في اتخاذ القرار الاستثماري ، ويعتبر من أهم بنود دراسات الجدوى للمشروعات الاستثمارية . وتتمتع مصر باتساع أسواقها الداخلية . أما بالنسبة للتجارة الخارجية فان برامج الإصلاح الاقتصادي في مصر تعمل علي تحرير التجارة الخارجية . وقد قطعت مصر شوطًا كبيرًا في مجال تحرير التجارة الخارجية ، وبالرغم من ذلك فإن سياسة التجارة الخارجية تتضمن بنود حماية للمنتجات المحلية الشبيهة وحظرًا علي تصدير الخامات اللازمة للصناعات المحلية .

ويندرج ضمن المحددات الاقتصادية كذلك المحددات التمويلية خاصة في المشروعات التي تحتاج إلي تمويل بدرجة كبيرة مثل مشروعات استصلاح الأراضي  ولقد ترتب علي قرار البنك المركزي المصري لتحديد السقوف الائتمانية إلي توقف بعض المشروعات وعدم استكمال إنشاء البعض الأخر ، وإحجام جانب من المشروعات عن البدء بالتنفيذ نتيجة العجز عن توفر التمويل اللازم من البنوك . هذا الإجراء وأن كان الهدف منه تقليل التضخم إلا أنه كان يحتاج إلي دراسة متأنية لبيان أثاره المرتقبة علي التنمية في مصر ، وهناك اتجاه لاستثناء بنك التنمية والائتمان من تحديد هذه السقوف الائتمانية. ولا زال الحصول علي قروض عمومًا يحتاج إلي توفير ضمانات كافية (رهن المشروع – أرض – عقارات) .

3- المعوقات السياسية :

كثيرا ما تؤثر العلاقات السياسية بين الدول علي العلاقات الاقتصادية بينها فتوقفها ، وقد تذهب إلي أبعد من ذلك فتلغي اتفاقيات سبق اتخاذها ، وتجمد وتصادر ممتلكات رعايا الدولة الأخرى . وتعتبر هذه العقبة من العقبات الهامة التي تؤثر علي المناخ الاستثماري للدولة خاصة بالنسبة للاستثمار الأجنبي والعربي ، ولذلك يجب الفصل التام بين العلاقات السياسية والعلاقات الاقتصادية وتوفير الضمانات الكافية للاستثمار خاصة وأن معظم الضمانات القانونية المتوفرة مصدرها تشريعات محلية داخلية تكون عرضة للتعديل والتبديل من طرف واحد .

4- المعوقات الإعلامية والترويجية :

ومنها عدم الإعلان عن الفرص الاستثمارية المتاحة وعدم وتوفير البيانات والمعلومات التي تهم المستثمر ويحتاج إليها في اتخاذ قراره الاستثماري ، وعدم معرفة المستثمر بالمزايا الاستثمارية التي تمنحها الدولة ، وعن المناخ الاستثماري بها . وينشأ ذلك من عدم الاهتمام بمراكز ومكاتب الاستثمار المتخصصة ومن ضعف إمكانياتها عن القيام بواجبها في الإعلان عن الفرص الاستثمارية المتاحة والترويج لها بالداخل والخارج ، وتسهيل حصول المستثمر علي المعلومات التي يطلبها واللازمة لدراسات الجدوى لمشروعه الاستثماري وتسهل من مهمة المستثمر في الحصول علي الموافقة الفنية لمشروعه ، وتفيد متخذ القرار برفع مشاكل الاستثمار في القطاع إلي المسئولين للمساعدة في إيجاد الحلول اللازمة لها .

ولقد قامت وزارة الزراعة بإنشاء مكتب الاستثمار الزراعي يقوم رغم إمكانياته المتواضعة بجهود كبيرة في مجال الإعلان عن الفرص الاستثمارية الزراعية والترويج لها بالداخل والخارج كما يهتم بتكوين قاعدة بيانات تهم المستثمر ومتخذ القرار ، ويقوم بعقد ندوات ولقاءات مع المستثمرين وجمعيات رجال الأعمال ، ويقوم بالحصول علي الموافقة الفنية علي المشروعات عن طريق ضباط اتصال تابعين في الجهات المختلفة وفي الوزارة وخارجها . ويمكن بدعم هذا المكتب أن يقوم بدور فعال في التنشيط والترويج للفرص الاستثمارية المتاحة عن الاستثمار الزراعي تعرف المستثمر خاصة العربي والأجنبي بالفرص الاستثمارية المتاحة والمناخ الاستثماري المصري ومزايا الاستثمار في مصر .

وفي دراسة استطلاع رأي ميداني قامت به مؤسسة ضمان الاستثمار لاستطلاع رأي 40 مشروعا استثماريًا زراعيًا تبين أن أهم معوقات ومحددات الاستثمار الزراعي في مصر هي :

1- معوقات في مرحلة ما قبل المشروع (إعداد الدراسات) :

ª عدم توفر البيانات عن خطة الدولة .

ª عدم توفر دراسات عن مجالات الاستثمار الزراعي وأماكنه .

ª التضخم في أسعار المدخلات الزراعية .

ª نقص الخبرة في مجال الاستثمار الزراعي عند المستثمرين .

ª عدم معرفة كيفية إنهاء الإجراءات والدراسات .

ª التغير المستمر في القوانين الاقتصادية مثل قرارات ترشيد الاستيراد وغيرها .

2- معوقات في مرحلة الإجراءات الرسمية :

من أهمها تعدد الجهات المرتبطة بالاستثمار الزراعي .

* فبالنسبة لمشروع إنتاج حيواني أو دواجن يتطلب موافقة كل من :

4 وزارة الزراعة لإقامة المشروع علي ارض زراعية والأعلاف .

4 المجلس المحلي للموافقة علي الموقع .

4 وزارة الصحة للاشتراطات الصحية .

4 وزارة التموين للأسواق والأسعار .

4 وزارة الكهرباء لدارسة الأحمال علي الشبكة الرئيسية .

* وبالنسبة لمشروع أسماك يتطلب موافقة كل من :

Õ وزارة الري للموافقة علي المشروع وتوفير مصادر مياه له .

Õ وزارة الزراعة للتأكد من أن المشروع لا يقام علي ارض زراعية وللتأكد من توفير الأعلاف والأدوية .

Õ مديرية التموين .

Õ الهيئة العامة للثروة السمكية .

إلي غير ذلك من المشروعات والتي تحتاج إلي جهات عديدة يتردد عليها المستثمر . ومن الجدير بالذكر أن الرجوع إلي الهيئات المختلفة ضروري لتنظيم الاستثمار في الدولة وحتى لا تظهر مشاكل مستقبلة من حيث الامتداد العشوائي وتلوث البيئة وغيرها من المشاكل، إلا أنه من الممكن التعامل مع جهة واحدة في هذا الخصوص وتقوم هي بالحصول علي الموافقات اللازمة عن طريق ضباط اتصال لها في كل المواقع .

3- معوقات خاصة بمرحلة قبول المشروع :

يقابل المستثمر في هذه المرحلة :

× طول فترة الإجراءات والتعقيدات الروتينية وتعدد الجهات .

× تعدد الأوراق المطلوب إعدادها والموافقات وذلك نتيجة عدم وجود التنسيق بين تلك الجهات وبعضها البعض . ونتيجة وجود أسس ثابتة لإنهاء الإجراءات والجهل بها .

4- معوقات مرحلة التمويل :

حيث تبالغ البنوك في ضرورة ضمانات كافية (رهن المشروع ، أرض زراعية ، رهن عقاري) ، كما أن سعر الفائدة مرتفع نسبيًا ويفوق أحيانًا معدلات العائد علي استثمارات المشروع ، كما أن وضع سقوف ائتمانية لا تتعداها البنوك يعتبر من أهم عوائق تنفيذ المشروعات واستمراريتها .

5- معوقات الإفراج الجمركي :

حيث يعتبر طول إجراءاتها وتعقدها ، وكثرة الأوراق المطلوبة لاستيراد الآلات والمعدات ومستلزمات الإنتاج من أهم المعوقات .

6- معوقات إدارية :

يتعرض لها المستثمر في كافة المراحل بدءًا من الحصول علي الترخيص إلي تنفيذ المشروع إلي مرحلة الإنتاج أو ما بعد التنفيذ ، حيث يواجه المستثمر بالجمود البيراقراطي في الكثير من المواقع الحكومية وعدم فهم القوانين وعدم المرونة في التعامل .

7- معوقات عامة :

خاصة من حيث ضعف واضطراب أسواق المال ، وعدم حماية الدولة للإنتاج المحلي الناشئ ، وإغراق الأسواق في بعض الأحيان بالسلع المستوردة والمنافسة للإنتاج المحلي ، وعدم توفر المعلومات عن الأسواق ، وتعدد التشريعات والقوانين وعدم استقراها ، وهذا بالإضافة إلي ضعف البنية الأساسية التسويقية وضعف الإعلام الاستثماري في مصر .    

 مقترحات تنشيط الاستثمار الزراعي الخاص :

رغم ضخامة الإمكانيات الاستثمارية المتاحة في القطاع الزراعي ورغم التيسيرات التي خولها قانون الاستثمار (230 لسنة 1989) والإجراءات الحكومية التي تستهدف إعطاء القطاع الخاص دورًا أكبر في الاستثمار والتنمية إلا أن القطاع الزراعي كان أقل القطاعات جذبًا لرأس المال الخاص ، ويشير ذلك إلي ضعف الوسائل الفعالة لجذب رأس المال الخاص للاستثمار في المشروعات الزراعية ، والي المعوقات والمشاكل التي تواجه المستثمرين في القطاع الزراعي ، ويمكن تشجيع وتنشيط الاستثمار الزراعي الخاص بتهيئة المناخ الاستثماري الجيد وحل المشاكل التي تواجه المستثمرين مع الترويج بكافة السبل للمجالات الاستثمارية الزراعية المتاحة . ولا شك أن الحكومة المصرية بإجراءاتها لتشجيع الاستثمار الخاص تعمل علي تحسين المناخ الاستثماري في مصر . ويمكن أن يتم ذلك من خلال :

1- خلق النظم الإدارية التي تتعامل بمرونة وتفتح مع المستثمرين وتسهل من إجراءات الحصول علي التراخيص ، والتغلب علي مشاكل البيروقراطية لسـرعة البت في الطلبات الاستثمارية وتبسيط التعامل مع الجهات الرسمية ,

2- قصر التدخل الحكومي علي التأكيد من جدوى المشروع قبل تنفيذه ، ثم متابعة أدائه بعد التنفيذ للمساعدة في حل المشاكل التي تواجهه دون أن تشكل تلك المتابعة نوعا من السلطة الرقابية علي المشروع ,

3- تعديل القانون 230 لسنة 1989 فيما يختص بتوزيع نسبة 10% من الأرباح علي العاملين ، والتدخل الحكومي في تسعير منتجات مشروعات الاستثمار .

4- العمل علي استقرار التشريعات المرتبطة بالاستثمار وإزالة الغموض والتعارض بينها ، والعمل علي استقرار السياسات المالية والنقدية .

5- الاهتمام بتطوير سوق الأوراق المالية لتشجيع الاستثمار وتمويل المشروعات الاستثمارية .

6- الاهتمام بتوجيه استثمارات الحكومة نحو تطوير البنية الأساسية خاصة في المناطق الجديدة لتشجيع الاستثمار الزراعي الخاص بها .

7- إزالة المحددات الخاصة بالتسويق والتجارة الخارجية وتوفير الحماية لمنتجات المحلية خاصة الناشئة منها ، وتسهيل عمليات الائتمان اللازمة لمشروعات الاستثمار الزراعي .

8- الاهتمام بوضع خرائط للاستثمار الزراعي يوضح فيها مجالات الاستثمار الزراعي ومواقعه وترتيب أولوياته ، والأراضي القابلة للاستصلاح والمرافق المتاحة بها وكيفية الحصول عليها .

9- الاهتمام بالترويج للفرص الاستثمارية المتاحة في القطاع الزراعي داخليًا وخارجيًا بالاتصال المباشر وإرسال البعثات الترويحية للاستثمار ، ويتطلب ذلك الاهتمام بالإعلام الاستثماري عن المجالات الاستثمارية ومواقعها وتوفير البيانات والإحصاءات اللازمة للمستثمر .

10- تدعيم مراكز الاستثمار المتخصصة مثل مكتب الاستثمار الزراعي التابع لوزارة الزراعة لتمكينه من توفير البيانات والمعلومات عن المجالات الاستثمارية الزراعية المتاحة ، وإعداد دراسات جدوى أولية لها ، والترويج لهذه المجالات ، بالوسائل الإعلامية المختلفة ، وعقد لقاءات مع المستثمرين ورجال الأعمال للعمل علي حل المشاكل التي تواجههم وخدمة المستثمرين وتسهيل أعمالهم .

11- التوسع في إقامة المعرض لعرض منتجات شركات في الداخل والخارج وعقد الندوات والمؤتمرات عن الاستثمار الزراعي وحل مشاكل المستثمرين وتعريفهم بفرص ومجالات الاستثمار ومزايا الاستثمار في مصر وإجراءاته وضماناته .

12- تدعيم دور الدولة في البحوث والإرشاد والتوجيه والرقابة والاستثمار في مجالات البنية الأساسية وفي المجالات التي لا يقبل عليها المستثمر الخاص والضرورية لإقامة المشروعات الاستثمارية واستكمال حلقاتها الإنتاجية .

معايير تحديد الاستثمار :

يوجد العديد من المعاير لتحديد الاستثمار من أهمها ما يلي :

1- الربحية الاقتصادية (التجارية) : يعتبر معيار تقييم الربح هو المعيار السائد في اقتصاديات السوق بوجه عام ، ويقوم علي أساس اتخاذ ما تولده المشروعات من ربح خاص أساسًا لتقدير أولويات الاستثمار حيث يجري تحديد الآثار المباشرة للمشروعات في شكل عوائد طبقًا لأسعار السوق والمفاضلة بينها تبعا لتقييم ما يتوقع لها تحقيقه من أرباح .

2- تراكم رأس المال : حيث يتم المفاضلة بين المشروعات علي أساس توزيع الاستثمارات علي مجالات الإنتاج المختلفة علي أساس المشروعات التي تنظم معدل الادخار وإعادة الاستثمار من عام إلي أخر نتيجة الاستثمار الأول .

3- كثافة رأس المال بالنسبة للناتج : نقصد به أن تستخدم لتوزيع الموارد الرأسمالية المتاحة بين مختلف نواحي الإنتاج حيث يتم اختيار المشروعات أو القطاعات تبعًا لانخفاض نسبة رأس المال للناتج .

4- معيار النقد الأجنبي : نظرًا لاحتياج الدول النامية الشديد للنقد الأجنبي فإن أثر المشروعات الائتمانية علي ميزان المدفوعات يكون عامل هام في تحديد أولويات الاستثمار لصالح المشروعات التي تقتصد في استخدام النقد الأجنبي أو تزيد موارده وفي هذه الحالة تفضل المشروعات التي تنتج سلع بديلة لواردات أو سلع تصديرية .

5- معيار التشغيل : حيث تفضل المشروعات التي تشغل أكبر نسبة من العمالة .

تقدير الاحتياجات الاستثمارية اللازمة للتنمية الاقتصادية :

يفترض نموذج هارد و دومار Hared & Domar  أن زيادة الدخل بمعدل معين يتطلب معدلا معينًا من الاستثمار المطلوب الإضافي وباستخدام نسبة رأس المال إلي الناتج يمكن تقدير الاستثمار المطلوب لتحقيق الزيادة المستهدفة في الإنتاج أو الدخل الحقيقي ، ويمكن التعبير رياضيًا علي هذا النموذج كما يلي :

R = (

St

) (

Pro

)

It

Cap

حيث أن :  R = معدل النمو الاقتصادي .

St  = مقدار الادخار القومي في الفترة ت .

It  = مقدار الدخل القومي في الفترة ت .  

Pro / Cap = مقلوب نسبة رأس المال إلي الناتج .

ويتضح من هذا النموذج أن معدل النمو يتوقف علي كل من نسبة المدخرات مقلوب نسبة رأس المال إلي الناتج " بمعني أن مثلا إجمالي الاستثمارات الجديدة البالغة 400 مليون جنيه تعمل علي زيادة الدخل بمقدار 100 مليون جنيه ففي هذه الحالة فان نسبة رأس المال إلي الناتج 4 : 1 ومقلوبها 1/4"

ولتقدير معدل الاستثمار بافتراض أن الادخار يعادل الاستثمار فان علي القائمين بالتخطيط تقرير المعدل السنوي الذي يستهدفون تحقيقه في نهاية الخطة كما أن عليهم القيام بتحديد المعدل المناسب لمعدل رأس المال إلي الدخل ويمكن وضع النموذج السابق في الصورة التالية :

R = (

Z

) (

Pro

)

Cap

حيث أن : Z = نسبة الادخار إلي الدخل (St / It)

ولتوضيح ذلك افترض أن القائمين بالعمل التخطيطي يسعون إلي تحقيق معدل نمو سنوي يبلغ 5% ، وكانت نسبة رأس المال إلي الناتج هي 4 : 1 فإنه يمكن تحديد معدل الاستثمار وفقًا لنموذج هارد ودومار كما يلي :

R = (

Z

) (

Pro

)

Cap

5

=

1

(Z)

100

4

 

Z =(

 

5

) (

4

) = 20%

100

1

أي أن معدل الادخار القومي السنوي إلي الدخل القومي يبلغ 20% ، وهذا يعني أنه لتحقيق معدل نمو 5%  يقتضي استثمار قدره 20% من الدخل القومي.

 

دالة الاستثمار لقطاع الزراعة المصري :

تشير النظرية الاقتصادية إلي أن الإنفاق الاستهلاكي والإنفاق الاستثماري هي أهم محددات الدخل القومي والعمالة في المقتصد القومي ، وفي حالة دراسة أثر توظيف الاستثمارات علي الدخل والعمالة فإن الأمر يقتضي التفرقة بين الأثر الناشئ عن هذا التوظف في كل من المدى القصير والمدى الطويل :

ففي المدى القصير: تنشأ الزيادة في الدخل والعمالة عن طريق ما يعرف بالمضاعف ولذلك فان هذا الأثر أي الزيادة في الدخل والعمالة نتيجة زيادة الاستثمارات يعرف بأثر الدخل .

في المدى الطويل: فإنه ينشأ عن زيادة الاستثمارات أثر أخر يعرف بأثر السعة والذي يحدث طالما لم يتواجد بالمقتصد عمالة كاملة ، وينشأ عن زيادة السعة الإنتاجية للمقتصد القومي يتبعها زيادة في الدخل والعمالة .

وعند دراسة العلاقة بين حجم الاستثمارات الموظفة والعوامل أو المتغيرات التي تؤثر مع بعضها البعض في تحديد حجم هذه الاستثمارات أو ما يعرف بدالة الاستثمار ، وتعتبر هذه العلاقة موصفة بدرجة معقولة في النظرية الاقتصادية إلا أنها تعتبر غير كاملة التوصيف والتحديد من ناحية أخري حيث نجد في الواقع العملي أن هناك كثيرًا من العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يصعب أو يستحيل توصيفها كميًا والتي تقوم في نفس الوقت بدور لا يستهان به في تحديد حجم الاستثمارات الموظفة .

ولمعرفة العوامل التي تؤدي دورًا في تحديد حجم الاستثمارات الموظفة في القطاع الزراعي للاستفادة بها في تخطيط السياسة الزراعية ( أي دراسة دالة الاستثمار للقطاع الزراعي ) فانه يجب التفرقة بين نوعين من الاستثمارات وهما :

4 الاستثمارات الحكومية "المحددة مسبقًا وفقًا للخطة" .

4 استثمارات القطاع الخاص : التي يعتبر جزءًا منها منظمًا بواسطة الحكومة في شكل قروض وجزءًا أخر غير منظم يتوقف علي عوامل أخري مختلفة في السوق. وبصفة عامة تعتبر أهم المتغيرات التي تؤثر في تحديد حجم الاستثمارات الموظفة في المقتصد القومي هي :

1- السيولة النقدية .             2- معدل الربح .

3- الأسعار .                    4- سعر الفائدة .         5- الإهلاك .

ودراسة أثر هذه المتغيرات علي الاستثمار في القطاع الزراعي المصري يعتبر أمرًا صعبًا أو غير منطقي نظرًا لسببين :

أولهما : أن الاستثمارات الإجمالية تحدد مسبقًا في خطط التنمية .

ثانيهما : أن توزيع الاستثمارات علي القطاعات المختلفة يتم بطريقة نمطية بحيث أن قطاع الزراعة يحصل تقريبًا علي نفس نسبة الاستثمارات كل سنة لذلك فإن معرفة أثر المتغيرات علي إجمالي الاستثمارات في قطاع الزراعة يكون أكثر وضوحا ومنطقية في حالة دراسة أثر تلك المتغيرات علي استثمارات القطاع الخاص .

ومن دراسة دالة الاستثمار الإجمالي في قطاع الزراعة وضع نموذج يتضمن إجمالي الاستثمارات الموظفة في قطاع الزراعة كمتغير تابع وكل من المتغيرات التالية كمتغيرات مستقلة :

. الدخل الزراعي كبديل عن الربحية من الاستثمارات في قطاع الزراعة .

. حجم العمالة الزراعية والأجور الزراعية .

. سعر الخصم .

. أسعار المنتجات الزراعية .

. أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي .

وقد تبين أن أهم المتغيرات من حيث الأهمية النسبية في تأثيرها علي استثمارات القطاع الخاص في الزراعة هي متوسط اجر العامل المشتغل في الزراعة يليه النسبة السعرية بين مستلزمات الإنتاج والمنتجات الزراعية يليها القيمة المضافة (الدخل) في قطاع الزراعة .

قضية الرابعة : المخاطرة واللايقين وأثرهما علي الزراعة المصرية

يتسم أي نشاط بقدر من المخاطرة تختلف باختلاف ما يلي :. نوع النشاط ، حجم النشاط ، خصائص النشاط ،  العوامل المؤثرة علي النشاط .

وتساهم درجة المخاطرة التي يعترض لها أي نشاط بدرة كبيرة في توجيه القرارات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي ، ويتوقف ذلك إلي حد كبير علي حجم المعلومات ومدي دقتها وصحتها . كما تؤدي الخبرة دورا هاما في تقليل المخاطر التي تواجه القطاع الزراعي . وعليه فإن صانع القرار يجب أن يأخذ في الاعتبار هذه المخاطر عند اتخاذ أي قرار يتعلق بالنشاط الاقتصادي

وتتسبب الأخطار في حدوث خسارة في جزء من المحصول أو فقد المحصول بالكامل وبذلك يتحمل المزارع هذه الخسارة التي تمثل تكلفة إضافية تزيد من إجمالي تكاليفه يترتب عليها انخفاض العائد الذي يحصل عليه أو انعدامه مما يزيد من مخاوف المزارع من تكرار زراعة هذا المحصول مرة أخري . وبناءًا علي ذلك فإن المزارع تكون لديه الرغبة في استخدام الأسلوب الذي يمكنه من تجنب المخاطرة المحتمل أن يتعرض لها نظير التضحية بجزء من دخله وهذا الجزء يمثل تكلفة المخاطرة .

وتتيح دراسة المخاطرة توضيح الرؤيا لدي المزارع الفرد لتقرير البدائل الأقل مخاطرة مع رفع كفاءة توظيف الموارد وتقيل التباينات بين العوائد المختلفة للبدائل وتقليل الفاقد من الإنتاج ومستلزمات الإنتاج وتعديل خطط الإنتاج والتسويق في ظل المخاطرة وذلك لتعظيم الناتج القومي الزراعي .

ويتعرض القطاع الزراعي للكثير من المتغيرات الطبيعية والاقتصادية والتي تنعكس علي أدائه مثل:

q حساسيته للتقلبات المناخية .

q تعرضه للآفات الحشرية

q الأمراض الفطرية وزيادة نسبة الفاقد من المنتج

q ارتفاع درجة المخاطرة واللايقين السعري والإنتاجي والتكنولوجي

وينعكس ذلك علي انخفاض الإنتاج وبالتالي صافي العائد والحد من الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي . وعلي الرغم من تنوع المخاطر إلا أن هناك أساليب لمواجهتها والحد من أضرارها وخسائرها وذلك لاستقرار دخول المنتجين والتقليل من مخاوفهم في ظل السياسة للاقتصادية السائدة . وقدرت الدراسات الحديثة تكلفة المخاطرة علي مستوي الجمهورية في ظل التحرر الاقتصادي بنحو 11.58% بالنسبة لصافي عائد الوحدة الأرضية وبنحو 7.58% بالنسبة لصافي عائد الوحدة المائية . في حين قدرت دراسة أخري تكلفة المخاطرة بنحو 4.02% لصافي عائد الوحدة المائية الشهرية وأوضحت دراسة أهمية تامين المحاصيل ضد الأخطار المتعددة والمتنوعة ، واقترحت إنشاء صندوق تكافلي زراعي ضد المخاطرة والكوارث الطبيعية .

وقد عرفHeady  المخاطرة علي أنها الأحداث والنتائج التي يمكن قياسها بطريقة كمية أو تجريبية وهذه النتائج لا يمكن التنبؤ بها وان المخاطرة يمكن التأمين ضدها ويمكن وضعها علي أنها نوعا من التكاليف . أما اللايقين فهي تلك الأحداث أو النتائج التي يمكن أن تقع مستقبلا والتي لا يمكن قياسها بطريقة كمية أو تجريبية ويعبر عن نقص المعلومات .

ويتسم الإنتاج الزراعي بقابليته للتعرض للعديد من المخاطر الإنتاجية نظرًا لظروف الإنتاج الذي يتم في ظل بيئة مكشوفة ، ويصعب علي المنتج الزراعي تقديرها بدقة أو التنبؤ بها بدرجة كافية ، وينعكس تأثير هذه العوامل بدرجة كبيرة علي التركيب المحصولي المصري والقرارات المتعلقة به خاصة في ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي ، وقد أهملت دراسات عديدة سابقة عامل المخاطرة عند تخطيط التركيب المحصولي ، بفرض اليقين التام دون النظر إلي الخسائر والأضرار ، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في التركيب المحصولي الحالي كأسلوب وقائي للحد من المخاطرة في الإنتاج الزراعي .

وتساعد البرمجة الخطية إلي تدنية أو تعظيم هدف معين في ضوء القيود التي تفرضها المشكلة وقد تكون تلك القيود طبيعية أو تنظميه أو تسويقية أو فنية ، وتعتبر البرمجة الخطية أحد الطرق الرياضية التي يمكن بها تحديد التوزيع الأمثل لاستخدام عوامل الإنتاج التي تحقق أنسب توليفة لمزج هذه العناصر للحصول علي أقصي عائد بأقل تكاليف ممكنة وذلك في حدود القيود والإمكانات المتاحة . وتختلف البرمجة الخطية عن البرمجة غير الخطية في أن البرمجة الخطية يكون فيها عدد الأنشطة يكون محدود والامثلية تتحقق علي حدود المنطقة العملية ، بينما البرمجة غير الخطية يكون عدد الأنشطة في النماذج غير المفيدة كبيرًا والامثلية تتحقق داخل المنطقة العملية.

ويمكن استخدام نموذجي البرمجة الخطية وغير الخطية معًا في تقدير حجم المخاطرة، حيث يهدف الأول إلي تعظيم صافي العائد بدون أخذ المخاطرة في الاعتبار، في حين يعظم النموذج الثاني صافي العائد مع أخذ قيود المخاطرة في الاعتبار ، ومنها يمكن تقدير تكلفة المخاطرة وهي عبارة عن مقدار الانخفاض في القيمة النقدية لدالة هدف النموذج الرياضي النمطي في ظل اليقين التام والذي يستهدف تعظيم دالة الهدف بصرف النظر عن المخاطرة المحتملة ، وتتأثر تكلفة المخاطرة بكل من :

Õ حجم ونوعية القيود المفروضة علي النموذج الرياضي .

Õ مستويات صافي العائد المتوقع لكل نشاط وبحجم ونوعية المخاطرة المحتملة .

 ويتم استخدام أسلوب البرمجة غير الخ

ElShahawy74

د. محمد إبراهيم محمد الشهاوي أستاذ الاقتصاد الزراعي المساعد كلية الزراعة (سابا باشا) - جامعة الاسكندرية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1874 مشاهدة
نشرت فى 28 إبريل 2012 بواسطة ElShahawy74

ساحة النقاش

Assistant Prof. Mohamed Ibrahim El-Shahawy

ElShahawy74
استاذ الاقتصاد الزراعي المساعد كلية الزراعة سابا باشا - جامعة الاسكندرية ت.منزل : 640 53 53 (03) 002 محمول : 305 91 97 (0100) 002 ت. عمل : 646 31 58 (03) 002 605 30 58 (03) 002 فاكس : 008 32 58 (03) 002 [email protected] [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

180,463