الزراعة في الأراضي الجديدة
د. محمد إبراهيم الشهاوي
أستاذ الاقتصاد الزراعي المساعد
كلية الزراعة سابا باشا - جامعة الاسكندرية
يتناول هذا الجزء الأنشطة الزراعية في الأراضي الجديدة من حيث علاقتها بإدارة المياه سواء علي مستوي المناطق المستصلحة أو علي المستوي المزرعي . لذلك يهتم هذا الباب بالسياسة الزراعية في مجال التوسع الأفقي . وكذلك تقسيم الأراضي الجديدة إلى أراضي حديثة الاستصلاح وأخري قديمة . كما يتناول الباب مشاكل ومعوقات استصلاح واستزراع الأراضي الجديدة . ثم يتناول الباب التركيب المحصولي وأنماط الإنتاج الزراعي في الأراضي الجديدة وكفاءة استخدام المياه بها . وعلي المستوي المزرعي تناول الباب طرق وأساليب الري الحديثة وأثرها علي ترشيد مياه الري وإنتاجية المحاصيل المنتجة بتلك المناطق .
السياسة الزراعية في مجال التوسع الأفقي :
تستهدف السياسة الاقتصادية القومية تحقيق غاية معظمة الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع . ويتطلب تحقيق هذه الغاية تحقيق هدفين رئيسيين هما :
أولا- معظمة صافي الناتج الاجتماعي من خلال التخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية.
ثانيا- الوصول إلى التوزيع الأمثل للدخل بين أفراد المجتمع من خلال تحقيق مستوي معين من إشباع الحاجات الأساسية الإنسانية مع مراعاة درجة إسهام أفراد المجتمع في الناتج القومي . وبالنسبة للتوسع الأفقي فان معظمة صافي الناتج الاجتماعي تتطلب تحقيق القدر الأقصى من الكفاءة في دراسة وتخطيط وتنفيذ برامجه ومشروعاته . أما تحقيق العدالة الاجتماعية فيكون ذلك من خلال تحديد أنماط الحيازة الملائمة في الأراضي الجديدة .
وقد تناولت إستراتيجية مصر للتنمية في القرن الحادي والعشرون ملامح لمختلف قطاعات الاقتصاد القومي ومنها القطاع الزراعي . ومن أهم مرتكزات التنمية الزراعية لهذه الإستراتيجية تحقيق هدف الارتفاع بإنتاجية الأراضي الجديدة المستصلحة منذ عام 1982 والتي تبلغ نحو 1.6 مليون فدان خارج الزمام والمتاخمة لوادي النيل وشرق وغرب الدلتا. كما أكدت الإستراتيجية علي أن تحقيق معدلات التنمية الزراعية المرغوبة مرهون بضرورة التركيز علي رفع كفاءة استخدام الموارد المائية من خلال إعادة استخدام مياه الصرف واستخدام المياه الجوفية والأمطار . ودعت الإستراتيجية إلى التركيز علي استصلاح 3.4 مليون فدان خلال 4 خطط تنموية وأن يعتمد التوسع الأفقي بصفة رئيسية علي الامتداد نحو جنوب الوادي وفي سيناء واستكمال المناطق القريبة من الوادي القديم .
وفقا لإستراتيجية التنمية الزراعية في التسعينيات التي تشمل ضمن أهدافها ضمان الاستخدام الأمثل للموارد الزراعية وبصفة خاصة الأرض والمياه مع صيانة وتحسين وتطوير الموارد لتحقيق التنمية المتواصلة . وعند عرض هذه الإستراتيجية علي الدول المانحة لمعونات التنمية في باريس خلال يناير 1994 أبدوا استعدادهم لتمويل استمارات برامجها ومشروعاتها مع إعطاء الأولوية لتحسين الري وبرامج تحسين إدارة التربة والمياه علي مستوي المزرعة . كما أهتم مانحي المعونات ببرنامج التكثيف الزراعي الأراضي الجديدة حديثة الاستصلاح والقديمة . كما تضمنت إستراتيجية التنمية في مصر دعائم منها :
à التأكيد أكثر علي كفاءة استخدام المياه .
à مشروعات تحسين وصيانة التربة .
à الاستمرار في الحفاظ علي تمليك صغار الخريجين أرضي جديدة ضمن مشروع مبارك للخريجين لتقليل البطالة ثم توزيع الأرض الباقية علي المزارعين من صغار المستثمرين .
à الاستمرار في برامج استصلاح الأراضي الجديدة في مساحة قدرها 3.4 مليون فدان من الأراضي التي تشملها الخطة الرئيسية للموارد الأرضية ، وهذه الأرضي تقع في جنوب مصر والواحات بمحافظة الوادي الجديد وشرق وشمال قنال السويس والبرنامج القومي لتنمية جنوب الوادي .
وتضمنت التوجهات المستقبلية للتنمية الزراعية في مصر علي المحاور أو التوجهات المستقبلية لإستراتيجية التنمية الزراعية التالية :
أولا- تشجيع القطاع الخاص والتعاوني علي المساهمة في برامج الاستصلاح والاستزراع للأراضي الجديدة بأن تتولى الدولة إنشاء البنية الأساسية ويقوم القطاع الخاص بأعمال الاستصلاح الداخلية .
ثانيا- التركيز عند اختيار الأراضي القابلة للاستصلاح علي الأراضي التي ترفع إليها مياه الري لمسافات صغيرة مثل : مناطق الساحل الشمالي ووسط وشرق الدلتا .
ثالثا- ضرورة مراعاة إجراء دراسات تقويم الخزان الجوفي بالمناطق التي تروي من مياه جوفية كما في واحات الفرافرة والبحرية وجنوب الوادي .
رابعا- استمرار الاعتماد علي نظام تمليك الخريجين جانب من المساحات المستصلحة ضمن مشروع مبارك القومي للمساهمة في حل مشكلة البطالة .
خامسا- دعم المشروعات التي تقدم خدمات الإرشاد الزراعي لمزارعي الأراضي الجديدة خصوصا البرامج الإرشادية المتعلقة بصيانة الموارد المائية .
سادسا-الاستمرار في برامج استصلاح الأراضي التي تعتمد علي المساحات القابلة للاستصلاح وفقا للمخطط الرئيسي للموارد الأرضية .
ولقد تضمن تقرير صدر عن وزارة الزراعة في أغسطس 1998 الخطة المستقبلية للوزارة في مجال استصلاح الأراضي خلال الفترة (1997-2017) وتمت مناقشته ضمن تقرير وفيه يتضح أن إجمالي المساحة المستهدف استصلاحها بلغت نحو 4328 ألف فدان . كما أن الوزارة تعتمد في هذه الخطة علي الموارد المائية المتاحة حاليا وتلك المتوقع توفيرها من نهر النيل أو المياه الجوفية أو مياه الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي المعالجة .
ويوضح الجدول التالي برنامج استصلاح الأراضي المقترح بواسطة وزارة الزراعة . وتشتمل تلك الخطة المستقبلية لوزارة الزراعة ثلاث مشروعات كبري هي:
à منطقة ترعة السلام وتغطي نحو 620 ألف فدان .
à منطقة جنوب الوادي وتغطي حوالي 540 ألف فدان .
à منطقة شرق العوينات التي من المتوقع أن يستصلح بها نحو 200ألف فدان
ولقد ورد في إستراتيجية التنمية الزراعية في التسعينيات أن أهداف التوسع الأفقي في الأراضي الجديدة تمثل فرص لزيادة الإنتاج الزراعي وامتصاص الزيادة السكانية . إلا أن هذه الإستراتيجية شددت علي ضرورة أن يتناغم ويتسق برنامج استصلاح الأراضي الجديدة مع تقديرات إجمالي المتاح من الموارد المائية . وأن الأولوية الأولي لابد وأن تعطي لمعظمة العائد من الأراضي الجديدة المستصلحة فعلا حتى يتسنى الحصول علي عائد سريع من برنامج الاستصلاح. ومن أجل تحقيق ذلك لابد من البدء في تنفيذ برنامج تكثيف زراعي في هذه الأراضي بشرط أن يعزز ببرنامج دعم بالخدمات الزراعية .
جدول : برنامج استصلاح الأراضي المقترح بواسطة وزارة الزراعة خلال الفترة 1997-2017
المنطقة |
المساحة المستهدفة بالألف فدان |
الأهمية النسبية من إجمالي المساحة (%) |
سيناء |
413.3 |
9.5 |
شرق الدلتا |
647.7 |
15 |
وسط الدلتا |
109 |
2.5 |
غرب الدلتا |
1053 |
24.2 |
مصر الوسطي |
99 |
2.3 |
مصر العليا |
948 |
22 |
الوادي الجديد |
948 |
22 |
السد العالي |
50 |
1.2 |
حلايب وشلاتين |
60 |
1.3 |
الجملة |
4328 |
100 |
أما إستراتيجية وزارة الزراعة للتنمية الزراعية فقد تضمنت بعض القضايا الأساسية للتنمية الزراعية منها :
à اختلال التوازن بين السكان والموارد الأرضية الزراعية .
à محدودبة الموارد المائية الاروائية المصرية .
واستهدفت تحقيق الكفاءة الاقتصادية في تخصيص واستخدام الموارد الزراعية وتحقيق التنمية الزراعية المتواصلة والمحافظة علي البيئة . كما اعتبرت أن التوسع الزراعي الأفقي باستصلاح واستزراع الأراضي الجديدة أحد ركائز تحقيق التنمية المتواصلة . أما فيما يتعلق بمحددات الإستراتيجية فقد تضمنت أن الموارد المائية والموارد الأرضية في طليعة محددات التنمية الزراعية . وفي مجال الآليات والسياسات التي يمكن من خلال تطبيقها التغلب علي المحددات وتحقيق الأهداف ومنها آليات تحقيق التنمية المتواصلة وأهمها :
أولا- آليات الاستخدام الأمثل للموارد المائية من خلال :
à تطوير نظم الري خصوصا في الأراضي الجديدة .
à إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي المعالجة .
à تقليل الفاقد من المياه .
à استخدام المياه الجوفية والسطحية والخزانات الجوفية والزراعة المطرية .
ثانيا- آليات التوسع في استصلاح واستزراع الأراضي وتوزيعها علي شباب الخريجين وأن يقتصر دور الحكومة علي المساهمة في أعمال البنية الأساسية والدراسات اللازمة لتحديد أفضل المواقع و إمداد القطاع الخاص بالائتمان .
ولتحقيق أفضل الأنماط الإدارية لتملك واستغلال الأراضي الجديدة من خلال إبراز أثر عنصر الإدارة والتنظيم علي كفاءة الإنتاج في الأراضي الجديدة تبين أن الأنماط السائدة هي : الخريجين و المنتفعين والمستثمرين . وتفوق نمط المنتفعين علي كل من نمط المستثمرين ونمط الخريجين في إدارة الأراضي الجديدة ، ويرجع ذلك بأن المساحة المخصصة للمنتفع هي المساحة المثلي مقارنة بالأنماط الأخرى . أما نمط المستثمرين فهو الثاني من حيث الترتيب والسبب في تأخره إلى المرتبة الثانية يرجع إلى عدم توفر مياه الري من المصادر النيلية وارتفاع نسبة الأملاح بالأراضي الموزعة عليهم. وبخصوص نمط الخريجين فقد أحتل المركز الأخير بسبب ما يواجهه من مشاكل منها : ضعف التمويل المتاح وأن معظم المساحة مزروعة بالزيتون بهدف تصنيعه ولكن الخريجين لم يلائمهم تحقيق هذا الهدف .
ويقترح ( فاروق الباز في عام2000) إستراتيجية للتوسع الأفقي تتضمن النقاط الآتية :
أولا- يجب أن نبدأ الاستصلاح بالأودية المتاخمة لوادي النيل وعددها علي الأقل عشرون واديا. ثانيا- في حالة عدم كفاية المياه الجوفية أو بسبب ارتفاع ملوحتها يمكن نقل مياه النيل إلى تلك الأودية بالترع أو أنابيب .
ثالثا- فيما يتعلق بأراضي الوادي الجديد لابد من الوصول إلى رأي حاسم حول المياه الجوفية من حيث تجددها أو عدمه . و حتى حسم هذه القضية يجب أن يخطط استخدامها علي أساس أن المياه لا تتجدد بأن نستخدم طرق الري الحديثة .
رابعا- دراسة إمكانية تعمير أراضي الصحراء الغربية في مناطق المنخفضات بنقل مياه النيل لها لمواجهة مشكلة قلة المياه الجوفية بها .
خامسا- تلي منطقة جنوب الوادي (مشروع توشكي وسهل كوم أمبو) أودية النيل من حيث مناسبتها للتوسع الأفقي لعدة أسباب منها : لقربها من بحيرة السد حيث يوجد المياه الحاملة للطمي ولقربها من مصادر الحصول علي العمالة الزراعية ولكثرة الأراضي المنبسطة وأخيرا لسهولة تطبيق أساليب الزراعة الحديثة بها . وتعتمد هذه الفكرة علي رفع مياه بحيرة السد العالي خلف السد ونقلها في أنابيب إلى تلك المناطق .
سادسا- أما سيناء فيجب أن تعتمد علي إنشاء مستوطنات متكاملة ومتلائمة مع الطبيعة الصحراوية وتكون مكتفية ذاتيا بمعني لا تحتاج إلى الوادي في متطلبات حياتها. ويجب أن تعتمد علي القطاع الخاص .
سابعا- بصفة عامة لابد أن نقلل من طريقة الري بالغمر والاعتماد أكبر علي الري بالرش والتنقيط في الأراضي الجديدة. كما يجب إتباع التكنولوجيات الحديثة في زراعة الأراضي الجديدة .
الأراضي الجديدة الحديثة والقديمة :
تعرف عملية الاستصلاح بأنها تخطيط وتنفيذ جميع أعمال البنية الأساسية والاستصلاح الكامل لكل الأراضي التي تدخل في حيز المشروع ، ثم الانتقال بها إلى عمليات الاستزراع حتى تصل إلى الحدية الإنتاجية وبعدئذ تدخل مرحلة الزراعة الإنتاجية التي يتزايد دخلها ، ويرتفع مستوي إنتاجيتها بصفة مطردة .
ولقد أصبحت عملية استصلاح الأراضي ضرورة حتمية من أجل إعادة التوازن بين السكان والموارد الزراعية خصوصا المياه والأرض الزراعية والعمل علي تقليل الفجوة الغذائية ورفع مستوي المعيشة .
ويرجع التفريق بين الأراضي الجديدة القديمة والأراضي الجديدة الحديثة إلى تقارير للبنك الدولي حيث اعتبرت الأراضي المستصلحة منذ أواخر الخمسينيات حتى بداية السبعينيات تسمي الأراضي الجديدة القديمة أما الأراضي التي تم استصلاحها منذ أواخر السبعينيات فتسمي بالأراضي الجديدة.وقد شاع هذا التقسيم فيما بعد .
وتعرف وزارة الزراعة الأراضي الجديدة بأنها تتضمن الأراضي المستصلحة داخل محافظات الوادي وتلك التي تقع بعد 2 كيلو متر كمنطقة عازلة من الحدود الإدارية للأراضي القديمة بالإضافة إلى كل الأراضي في المحافظات أو المناطق التي تحتوي الآن أو في المستقبل علي أراضي جديدة . أما الأراضي المستصلحة داخل الحدود الإدارية لوادي النيل فتعتبر أراضي جديدة قديمة .
وقد مرت الأراضي الجديدة بعدة مراحل كما يلي :
أولا- المرحلة الأولي : وهي تمتد خلال الفترة 1952-1982 وهي تقع في قطع أو أشرطة داخل المناطق الإدارية سواء في الوجه البحري أو وسط مصر أو الوجه القبلي . وأحيانا يشار إليها بالأراضي الجديدة قديمة الاستصلاح Old – New Lands ومعظم هذه الأراضي عانت من مشاكل أعاقت استخدامها في الإنتاج الزراعي مثل تطبيل الأرض أو التمليح للتربة وذلك قبل استصلاحها. ومن أمثلة تلك الأراضي تلك المستصلحة في شمال الدلتا بمحافظة كفر الشيخ والنهضة ومريوط في شمال النوبارية وأبيس في محافظة البحيرة وأستا وابشواي في محافظة الفيوم. ومعظم هذه الأراضي ذات تركيب محصولي مشابه للتركيب المحصولي السائد في الوادي أي يعتمد علي محاصيل الحبوب والقطن . ولا يوجد إعادة توطين مزارعين في هذه الأراضي . وقليل من هذه الأراضي مازال يتم استصلاحها حتى الآن . وبالتالي يمكن تقسيمها إلى أراضي قبل 1982 وبعدها .
ثانيا- المرحلة الثانية : وتشمل الأراضي التي استصلحت منذ عام 1982. ومعظم هذه الأراضي غير متجانسة ويمكن تقسيمها إلى تقسيمات فرعية أخري . وهي في غالبيتها الصحاري الواقعة خارج الأراضي القديمة ولكنها قريبة إلى النيل و الدلتا . وهي قد لا تقع في أي من محافظات الوادي . ومعظمها استصلحت خلال العقود الثلاثة الماضية. ولكن ليست كلها فوق الحدية . ويشير إليها الباحثين بالأراضي الجديدة حديثة الاستصلاح New Lands . ومن أمثلة هذه الأراضي تلك الواقعة في مشروع غرب النوبارية للتكثيف الزراعي الذي يغطي نحو 900000 فدان ومنطقة جنوب التحرير والخطاطبة في جنوب غرب الدلتا والصالحية بشرق الدلتا ومعظم الأراضي المجاورة لغرب الدلتا . والتركيب المحصولي لهذه الأراضي يكون مختلف عن الأراضي القديمة فيتضمن محاصيل عالية القيمة مثل : الفواكه والخضر وات والقليل من الحبوب والقطن . وقد تم بها تطبيق برامج إعادة توطين لمزارعين وأسرهم وعمال زراعيين من الأراضي القديمة. لقد استثمرت بها أموال كثيرة ومعظمها لم تكتمل بعد . ويعمل بهذه الأراضي عدد كبير من كبار المستثمرين وصغارهم والمنتفعين والخريجين . ويحوز كبار المستثمرين مزارع كبيرة تستخدم مستويات تكنولوجية عالية . وبسبب ندرة مياه الري تعتمد تلك الأراضي علي نظم أكثر تكلفة مثل الري بالتنقيط أو الرش . وبعض المزارعين في المناطق النائية يستخدمون المياه الجوفية في الري الإضافي .
ثالثا- المرحلة الثالثة : وهي تغطي الأراضي التي تقع بعيدا عن أراضي المرحلة الأولي. وهي تخضع لعمليات استصلاح ومن المتوقع توزيعها علي شركات كبيرة ذات إمكانيات لإدارة إنتاج المحاصيل عالية القيمة مثل : الفواكه والخضر وات من أجل التصدير . وتعتمد علي تكنولوجيات عالية المستوي والتكلفة في عمليات الاستصلاح والزراعة والتسويق . ومن أمثلة هذه الأراضي توشكي وشرق العوينات في جنوب مصر ومنطقة ترعة السلام في سيناء . وهذه الأراضي من المتوقع اعتمادها علي الزراعة ذات الميكنة العالية وأنشطة الزراعة الآلية . وبعض الباحثين يشير إليها بالأراضي الجديدة جدا .
وقد تبين أن مساحة الأراضي الجديدة حديثة الاستصلاح تبلغ نحو 2 مليون فدان وهي تتوزع علي مناطق في أطراف الوادي والدلتا ومعظم أراضيها رملية أو جيرية أو ملحية وترفع المياه لها. كما أنها تسود زراعتها محاصيل الخضر والفاكهة وتتغير تدريجيا إلى زراعة المحاصيل التقليدية مثل القمح والفول والشعير والذرة الشامية . والحيازات المز رعية متفاوتة بشدة فيوجد نسبة كبيرة من صغار المزارعين والخريجين يملكون نحو 5 أفدنه كما توجد شركات خاصة وجمعيات تعاونية تبلغ حيازتها مئات أو آلاف الأفدنة. ومستوي الخدمات الحكومية الموجهة إلى تلك المناطق منخفض خصوصا خدمات البحوث والإرشاد والتسويق والمواصلات .
ولقد تضمنت إستراتيجية التنمية الزراعية في التسعينيات برنامج يوازن بين كل من الأراضي المستصلحة الجديدة والأراضي المستصلحة القديمة . فبالرغم من أن استصلاح الأراضي يمثل أولوية من وجهة نظر الحكومة المصرية فان القضايا الأساسية هي ضمان التوازن في الاستثمارات بين الأراضي الزراعية المستصلحة الجديدة وعمليات التكثيف القائمة في الأراضي الزراعية المستصلحة القديمة . ويتطلب ذلك أيضا ضمان الجدوى الفنية والاقتصادية للاستثمارات . ويجب مراعاة المنهج التالي في توجيه الاستثمارات :
أولا- يجب إعطاء الأولوية إلى التكثيف الزراعي في المساحات التي استصلحت من خلال مشروعات استثمارية تستهدف الأراضي الجديدة الحديثة الاستصلاح .
ثانيا- أما في الأراضي المستصلحة القديمة فان هناك حاجة للاستثمار في إصلاح الإنشاءات التي تتحكم في المياه وفي تحسين نظم الري علي مستوي المزرعة مما يؤدي إلى الحصول علي عوائد عالية في وقت قصير نسبيا بتكاليف وحدة منخفضة .
ثالثا- وفي إطار السياق السابق فان برنامج استصلاح أراضي جديدة أكثر تواضعا وبساطة يجب القيام به بشرط أن يبني علي ثقة في توفر موارد مائية لتنفيذه وأن يكون مرتكزا علي خطط ذات جدوى فنية وقادر علي البقاء من وجهة النظر الاقتصادية .
مشكلات ومعوقات استزراع الأراضي الجديدة :
يمكن تقسيم المشكلات التي واجهت استصلاح واستزراع الأراضي الجديدة إلى مجموعتين رئيسيتين هما :
أولا- مجموعة مشكلات تتعلق بالموارد المائية والأرضية مباشرة . وتتضمن تلك المجموعة المشكلات التالية :
à قصور المعلومات اللازمة لتخطيط وتنفيذ الاستصلاح والاستزراع خصوصا التقديرات الدقيقة للموارد المائية سواء السطحية أو الجوفية المتاحة لري الأراضي الجديدة .
à إتباع نظم ري غير ملائمة لاستزراع الأراضي الجديدة. فعلي سبيل المثال فقد تم إتباع نظام ري بالغمر أدي إلى ارتفاع مستوي الماء الأرضي وتمليح الأرضي كما حدث في بعض مناطق جنوب التحرير . ولقد ترتب علي ذلك أيضا نقص كمية المياه المتاحة مما تسبب في إتلاف مساحات كبيرة من الأراضي المزروعة .
ثانيا- مشكلات أخري مرتبطة بالموارد المائية والأرضية بطريقة غير مباشرة . وتشمل تلك المجموعة المشكلات التالية :
à اختيار بعض مناطق الاستصلاح علي أسس فنية واقتصادية غير سليمة .
à افتقاد التنسيق بين أعمال الاستصلاح والاستزراع والبنية الأساسية لتفرق المسئولية عن تنفيذها علي عديد من الجهات الحكومية.
à عدم مراعاة الطبيعة الخاصة للأراضي الصحراوية عند تخطيط مشروعات الاستصلاح كما حدث في مشروعات غرب النوبارية والمزرعة الآلية في شمال التحرير ومناطق الوادي الجديد
à عدم تحديد طريقة التصرف في الأراضي قبل استصلاحها رغم أن ذلك له تأثر مهم علي طريقة التخطيط والتنفيذ . بالإضافة إلى تطبيق سياسة توزيع الأراضي المستصلحة علي الخريجين دون التأكد من مناسبتهم للعمل الزراعي في الأراضي الجديدة قلة توفر الاستثمارات الكافية لبعض مشروعات استصلاح واستزراع الأراضي الجديدة ولقد حدث ذلك بوضوح بعد عام 1967 .
à تعرض كثير من الأراضي المستصلحة لتعديات أو وضع يد بطريقة غير مشروعة
à قصور إدارة كثير من مشروعات التعمير والتوطين في الأراضي الجديدة .
à لم تحظ كثير من مشروعات الاستصلاح للأراضي الجديدة بدراسات للمتابعة والتقويم و دراسة الأثر مما منع الاستفادة بالدروس المستفادة من هذه المشروعات
à وجود كثير من التعقيدات القانونية والإدارية أعاق نجاح مشروعات الاستصلاح والاستزراع الزراعي في الأراضي الجديدة .
وبدراسة أهم المشاكل التي تواجه التنمية في المناطق الجديدة من خلال دراسة ميدانية تبين ما يلي :
à الخطة الخمسية الأولى والثالثة لم تحققا أهدافهما في استصلاح الأراضي وبلغت نسبة الأراضي التي تم استصلاحها إلى المستهدف استصلاحها بهاتين الخطتين 29.8% ، 67% ، مما يشير إلى وجود بعض المعوقات التي أدت إلى ذلك .
Ãتدني مساهمة الأراضي الجديدة في الإنتاج الحيواني ، حيث بلغت قيمة الإنتاج الحيواني في الأراضي الجديدة خلال تلك الفترة نحو 847.3 مليون جنيه تمثل حوالي 4.8% من إجمالي قيمة الإنتاج الحيواني بالجمهورية لنفس الفترة .
وبإجراء دراسة ميدانية حول المعوقات التي تواجه التنمية الزراعية في الأراضي الجديدة إلى معوقات اقتصادية تشمل ما يلي :
à صعوبة الحصول على القروض .
à انخفاض قيمة القروض الممنوحة للمحاصيل ، وصعوبة تسديد القروض .
أما المعوقات الإنتاجية فيري المزارعون أنها عبارة عن :
à ارتفاع أسعار المستلزمات الإنتاج .
à ارتفاع أسعار العمالة .
à نقص العمالة .
وفيما يتعلق بالمشكلات التسويقية فأهمها ما يلي :
à استغلال تجار الحاصلات .
à نقص المعلومات السوقية للمنتجين .
à ارتفاع تكلفة النقل .
ويعد من أهم المشاكل الفنية التي تواجه التنمية الزراعية بالأراضي الجديدة
à تأخر مواعيد المناوبات لفترة طويلة .
à قلة المياه مما يؤدي إلى صعوبة الري .
à عدد الوحدات الصحية غير كافي .
à الخدمات الأمنية غير كافيه .
à عدد المدارس الإعدادية والثانوية غير كافي .
ويتضح أن أهم المشاكل المتعلقة بكفاءة استخدام المياه تتمثل فيما يلي :
à نقص مياه الري شائع خصوصا في نهاية الترع ويرجع ذلك إلى وجود مشاكل توزيع المياه .
à تكلفة رفع المياه أصبحت مشكلة يزيدها تعقيدا تقطع وصول الكهرباء إلى تلك الأراضي .
à يوجد كثير من الفقد في المياه يحدث بسبب التسرب والممارسات التي لا تتسم بالكفاءة وعدم التخزين الجيد للمياه علي مدي ساعات اليوم .
à انخفاض مستوي المياه الجوفية فتوجد في بعض المناطق .
à تفتقر معظم الأراضي الجديدة إلى خدمات الإرشاد الزراعي .
وتري إستراتيجية الزراعة في التسعينيات ضرورة وجود برنامج مركز لتكثيف الإنتاج الزراعي في الأراضي الجديدة ضمن إطار الإصلاح المؤسسي يتضمن العناصر التالية :
أولا- برنامج للبحوث الزراعية لتكييف التكنولوجيات الجديدة لتتناسب وظروف الأراضي الجديدة .
ثانيا- برنامج إرشاد زراعي غير تقليدي ليلبي حاجات مزارعي الأراضي الجديدة .
ثالثا- وجود ترتيبات ائتمانية و أخري للإمداد بالمدخلات للأراضي الجديدة .
رابعا- دعم البنية الأساسية خصوصا الكهرباء وشبكة الطرق والخدمات الاجتماعية مثل المدارس والخدمات الصحية .
التركيب المحصولي وأنماط الإنتاج الزراعي في الأراضي الجديدة :
يرتبط تعديل التركيب المحصولي في الأراضي القديمة وتحديد التركيب المحصولي الأمثل في الأراضي الجديدة بهدف واحد هو توفير المياه من الأراضي القديمة للوفاء بمتطلبات ري الأراضي الجديدة كما أن اختيار التركيب المحصولي بعناية في الأراضي الجديدة يصب أيضا في تحقيق نفس الهدف . أي أن الهدف النهائي لتعديل التركيب المحصولي في كل من الأراضي القديمة أو الجديدة هو ترشيد استعمال الموارد المائية المتاحة حتى يمكن زيادة التوسع الأفقي .
ومفهوم التركيب المحصولي الأمثل في الأراضي الجديدة هو مفهوم ديناميكي أي متغير وفقا للزمان والمكان وما يتضمناه . ويعني ذلك أن الاعتبارات الفنية المتعلقة بتجهيز التربة لتصبح صالحة للزراعة أو بتوفير الآلات والمعدات الزراعية ومقاومة الآفات تؤثر في تحديد التركيب المحصولي الأمثل . كما يحدد التركيب المحصولي اعتبارات اجتماعية واقتصادية وتشريعية مثل : درجة توفر خدمات التسويق والإرشاد الزراعي والأيدي العاملة بالإضافة إلى مستويات الأجور وأسعار عناصر الإنتاج . وأيضا يتأثر قرار التركيب المحصولي بأهداف برامج الإنتاج الحيواني والتصنيع الزراعي .
وتبين من دراسة الخصائص التركيب المحصولي في الأراضي الجديدة أن محاصيل الفاكهة الرئيسية في الأراضي الجديدة هي التفاح والعنب والبلح والخوخ والمشمش والليمون . بينما الخضر وات الرئيسية هي الطماطم والفلفل والبطيخ . ويزرع في الإسماعيلية المانجو والموالح والزيتون والطماطم . بينما في الفيوم يزرع الزيتون والموالح والمانجو والمشمش والطماطم والكوسة . أما في المحافظات خارج الوادي فان المحاصيل الرئيسية هي : البلح والطماطم والبطيخ وفي شمال سيناء يزرع الخوخ والزيتون و التين والكانتلوب والطماطم . علي حين يزرع في النوبارية باعتبارها منطقة إنتاج رئيسي للفاكهة والخضر محاصيل الموالح والعنب والتفاح والزيتون والموز والخوخ والطماطم والبطيخ والبطاطس والكوسة والفلفل والباذنجان . وتشير الدراسة إلى أنه بصفة عامة تنخفض الإنتاجية في الأراضي الجديدة عنها في الأراضي القديمة وبصفة خاصة لصغار المزارعين بسبب مشاكل متعددة منها : نقص البنية الأساسية الاقتصادية ممثلة في نقص مدخلات الإنتاج والائتمان وبسبب أسواق المحاصيل البستانية التقليدية. بالإضافة إلى قلة خدمات البحوث والإرشاد الزراعي والتدريب . ويضاف إلى تلك المشاكل ضعف مستوي إدارة المياه ومشاركة المنتفعين. أما في مجال الإنتاج الحيواني فتشير الدراسة إلى عدم وجود فروق كبيرة في الأداء بين الأراضي القديمة والأراضي الجديدة فيما عدا إنتاج الألبان فان إنتاجيتها أقل قليلا. وتفسر الدراسة ذلك بنقص جهود الإرشاد والمشاكل المتعلقة بأسواق مدخلات الإنتاج . كما أن الخريجين يفتقدون خبرة إدارة الماشية التقليدية أو المهجنة . وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج فتوضح الدراسة أنها تتغير بشكل واسع في الأراضي الجديدة ولكنها عالية بصفة عامة عن المتوسط القومي للأراضي القديمة لمعظم المحاصيل . ولقد كان لجهود إصلاح السياسات أثرها علي زيادة التكاليف بدرجة أسرع في الأراضي الجديدة بسبب الاحتياجات الأعلى من المدخلات والاعتماد الأكثر علي ضخ مياه الري . ونتيجة لانخفاض أسعار المنتجات البستانية لزيادة إنتاجها بواسطة المستثمرين فان المزارعين في الأراضي الجديدة تحولوا إلى زراعة المحاصيل التقليدية . وأوضحت الدراسة أن السياسة المائية حيوية جدا لتنمية الأراضي الجديدة ونقل المياه والري يشكلان معا القيد الرئيسي علي كفاءة الإنتاج الزراعي في الأراضي الجديدة . وفور إنشاء السد العالي فان إتاحة المياه أدت إلى مضاعفة المساحة المحصولية مما أدي إلى زيادة استخدام المياه وترتب عليه مشاكل والتمليح . ولقد أدي ذلك إلى فقد طويل الأجل في إنتاجية الأراضي وزيادة فاقد الموارد المائية النادرة . بينما عاني المزارعين في المناطق المستصلحة بدرجة كبيرة من نقص إمدادات المياه لهم . وهذه المشاكل أثرت سلبا وبدرجة أكبر علي الخريجين وصغار المزارعين في نهاية نظم الري .
ويعتبر رفع كفاءة استخدام مياه الري هدفا مهما لتوفير المياه اللازمة للتوسع الأفقي . وتشير دراسة إلى أن كفاءة استخدام مياه الري في مصر تبلغ 55% مما يطلب بذل الجهود للارتقاء بكفاءة شبكات التوزيع ومجاري الري لضبط توزيع المياه وزيادة كفاءة نظام الري الحقلي بالغمر في الأراضي القديمة وطرق الري الأخرى بالأراضي الجديدة .
وتشير نتائج الدراسة إلى أن الكفاءة الاقتصادية لاستخدام مياه الري مقاسه بمؤشر تكلفة الرفع لوحدة المياه في الأراضي الجديدة قد بلغت نحو 39 ، 39 ، 20 ، 19 ، 15 ، 12 ، 11 جنيه/1000م3 من المياه لمحاصيل الفول البلدي ، الفول السوداني ، الأرز ، القمح ، بنجر السكر،الذرة الشامية ، القطن علي الترتيب . وفيما يختص بمؤشر الانحراف النسبي لكمية المياه الفعلية مقارنة بالمقنن المائي للمحاصيل المختلفة في الأراضي الجديدة بلغ نحو 37% ، 61 % ، 66% ، 73% ، 77% ، 305% ، 482% لمحاصيل الأرز ، الذرة الشامية ، بنجر السكر، القطن ، الفول السوداني ، القمح ، الفول البلدي علي التوالي . أما مؤشر صافي العائد لوحدة المياه في الأراضي الجديدة فقد قدرته الدراسة بحوالي 170 ،160 ، 150 ، 90 ، 50 ، 40 ، 210 جنيه/ 1000م3 لمحاصيل القمح ، الأرز ، الذرة الشامية ، الفول البلدي ، الفول السوداني ، بنجر السكر ، القطن علي التوالي . وفيما يتعلق بمؤشر العائد الكلي إلى تكاليف وحدة المياه بالجنيه في الأراضي الجديدة فقد قدرته الدراسة بنحو 49 ، 19 ، 14 ، 14 ، 14 ، 13 ، 10 لكل من القمح ، الذرة الشامية ، الفول البلدي ، الفول السوداني ، الأرز ، بنجر السكر ، والقطن علي الترتيب . وبلغ مؤشر صافي العائد إلي تكاليف وحدة المياه في الأراضي الجديدة أعلي قيمة له في حالة محصول الفول البلدي (13.64 جنيه) ، يليه بنجر السكر (8.5 جنيه) وأقلها الفول السوداني (1.33 جنيه) .
وبمعرفة سياسات الاستخدام المائي وعلاقتها بنمط التركيب المحصولي في الزراعة المصرية ، على اعتبار أن الزراعة من اكبر القطاعات المستهلكة للمياه في مصر . تبين إمكانية إعادة النظر في التركيب المحصولي لأهم المحاصيل الزراعية عالية الاستهلاك علي ضوء تقدير بعض معايير الكفاءة الاقتصادية لاستخدام المياه . ومن أهم المحاصيل التي يمكن تعديل مساحتها الأرز وقصب السكر وفول الصويا والقطن والكتان و بنجر السكر والقمح والفول البلدي والخضر وات . إلا أن الدراسة تري بأن النتائج والتوصيات لهذه الدراسة تخضع في النهاية لتنسيق الجهود بين صناع القرار والفنيين ، ومستهلكي المياه .
وتتمثل أهداف دراسة في التعرف على طبيعة التغير في الكمية المستخدمة من مياه الري على مستوى الحقل وعلى مستوى العروة والمنطقة خلال الفترة 1986– 1994 ، ثم تجزئة التغير في كمية مياه الري المستخدمة على مستوى الحقل. ويلي ذلك قياس درجة مساهمة التغير في المساحة المحصولية أو التغير في المقنن الحقلي بالإضافة إلى التأثير المشترك لها في إحداث التغير في كمية المياه المستخدمة للعروة موضع الدراسة على مستوى المناطق المختلفة . ثم تجزئة التغير في كمية مياه الري المستخدمة لري حاصلات العروات مجتمعة على مستوى الجمهورية وفقا لمصدر التغير المسئول ، وهذه العوامل تشمل التغيرات في كل من المساحة المنزرعة والمقنن المائي والكثافة المحصولية ، بالإضافة إلى الأثر المشترك العائد إلى التداخلات المحتملة بين العوامل المذكورة . وتتلخص أهم نتائج الدراسة فيما يلي :
أولا- أن كمية مياه الري قد تناقصت خلال الفترة الكاملة للتحرر الاقتصادي ( 86-1994) وذلك بحوالي 561.8 ، 3780 ، 1110 مليون متر مكعب والتي تمثل نحو 5.1% ، 19.8% ، 30.8% وذلك في كل من العروة الشتوية ، الصيفية ، النيلية على التوالي .
ثانيا- أن تجزئة التغيرات في كمية مياه الري المستهلكة أكدت أن الإحلال بين المحاصيل كان أكثر العوامل تأثيرا في مياه الري في كل من العروة الصيفية والشتوية أما بالنسبة لمحاصيل العروة النيلية ، فلقد كان أكثر العوامل تأثيرا في كمية الوفر في مياه الري هو التغيرات في المساحة المنزرعة .
ثالثا- أن استجابة المزارعين لسياسة الإصلاح الاقتصادي في القطاع الزراعي هي التحول نحو زراعة المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه خلال فترة الدراسة .
وتهدف دراسة إلى توصيف الموارد المائية المتاحة للري بمنطقة جنوب الوادي وتحديد التركيب المحصولي الأنسب والأكفأ استخداما لعنصر المياه . ثم تحديد العائد المتحقق من التركيب المحصولي الملائم والأقل احتياجا لعنصر المياه . ولقد اقترحت الدراسة أربعة بدائل للتراكيب المحصولية تتلاءم مع طبيعة المنطقة لتقليل الفاقد في عنصر مياه الري وتعظيم الاستفادة من المتاح منه .
ويتضمن التركيب المحصولي الأول تنمية الإنتاج الحيواني ، حيث يعتمد بصورة أساسية على تنمية محاصيل الحبوب كالقمح والشعير ومحاصيل الأعلاف المستديمة كالبرسيم الحجازي بالإضافة إلى زراعة بعض المحاصيل الزيتية مثل فول الصويا وعباد الشمس وبعض الخضر المستديمة مثل الخرشوف والأسبرجس بالإضافة إلى الفاكهة كالنخيل والتين والرمان والزيتون ، وتوضح نتائج الدراسة آن الإنتاج الكلي المتوقع من هذا التركيب المحصولي يقدر بنحو255.2 ألف طن ، 4462.5 ألف طن ، 1488.2 ألف طن لكل من محاصيل الحبوب والأعلاف المستديمة والأعلاف الشتوية على الترتيب ، وتقدر احتياجات الري لهذا التركيب المحصولي بنحو 5.61 مليار متر مكعب ، كما تقدر احتياجات الوحدة المنتجة (الطن) في التركيب المحصولي الخاص بتنمية الإنتاج الحيواني اقل كميه من المياه بالنسبة للتراكيب المحصولية الأخرى ، حيث قدرت بحوالي 1497 متر مكعب في السنة ، وبالنسبة لأعلى صافي عائد بالنسبة لاحتياجات الفدان المائية بالمتر المكعب فكان لمحصول القمح ، حيث قدر بنحو 189 جنيها .
أما التركيب المحصولي الذي يتضمن التصنيع الزراعي والذي يعتمد على محاصيل الأعلاف المستديمة وتمثل نحو 15% . بينما يخصص 10% من المساحة لمحصول القطن ، 30% لل�
ساحة النقاش