الاقتصاد للجميع

يهتم الموقع بالدراسات والمشاكل الاقتصادية والتحليلات

<!--<!--<!--<!--<!--

 

الوضع الحالي للموارد المائية المصرية

د. محمد إبراهيم محمد الشهاوي

أستاذ الاقتصاد الزراعي المساعد

كلية الزراعة سايا باشا - جامعة الاسكندرية

 

اعتقد الاقتصاديون الأوائل أمثال مارشال وجون استيوارت ميل وادم سميث وريكاردو وغيرهم أن مورد المياه موردا لا يشتمله الندرة الاقتصادية لوفرة المعروض منه بمعدل يزيد عن الطلب عليه الأمر الذي جعلهم لا يتعرضون له في كتاباتهم ، والآن والصورة قد تغيرت تماما لذلك يسعي جميع المهتمين من الاقتصاديين الزراعيين تعظيم الناتج من وحدة المياه نتيجة زيادة الطلب عليها وقلة المعروض منها والوصول إلي امثل طريقة لتوزيع الموارد المائية بين مختلف الاستخدامات الأمر الذي يحتم ضرورة دراسة وتحديد أهم المصادر المائية المصرية ، والتي تنحصر في مصادر خمسة .

وتعتبر المياه من القضايا الهامة والحيوية لتحقيق التنمية الاقتصادية بصفة عامة والتنمية الزراعية بصفة خاصة ، وان اغلب موارد مصر المائية العذبة في الوقت الحاضر قد استنزفت وأصبح من الواضح أن المياه وليس الأرض هي القيد الرئيسي علي التوسع في إجمالي المساحة الزراعية في مصر والتي ستساهم في الحد من الفجوة الغذائية ، الأمر الذي يتطلب تحليل خصائص الميزان المائي المصري بجانبيه المصادر المائية الذي يمثل العرض والاستخدامات المائية التي تمثل الطلب حتى يتسنى لمتخذي القرار تبني الاستراتيجيات الملائمة لحسن إدارة الطلب علي المياه وتحقيق الاستخدام الأمثل والأفضل للموارد المائية المتاحة .

مصادر الموارد المائية (العرض) :

تنحصر مصادر الموارد المائية المصرية فيما يلي :

المصادر المائية التقليدية : وتشمل ثلاثة مصادر رئيسية هي :

 1. مياه نهر النيل .       

 2. المياه الجوفية .        

 3. الأمطار .

المصادر المائية غير التقليدية : وتشمل ثلاثة مصادر رئيسية هي :

1. مياه الصرف الزراعي .      

2. مياه الصرف الصحي .      

3. تحليه مياه البحر .

 

 

أولا – المصادر المائية التقليدية :

مياه نهر النيل :

يعد نهر النيل مصدر الحضارة والتقدم والرقي ، ويعتبر أطول انهار العالم حيث يبلغ طوله حوالي 6.83 ألف كيلو متر ، كما يعتبر مياه نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه السطحية في مصر حيث تغطي حوالي 95%من جملة الموارد المائية المتاحة حالية ، أما بقية المصادر المائية الأخرى فهي محدودة الأهمية ولا يمكن الاعتماد عليها في مجال التوسع الزراعي الأفقي ، وتبلغ مساحة قطاعه نحو 5700 متر مربع ، وعند قناطر الدلتا يتفرع النيل لفرعي دمياط ورشيد ، يبلغ طولهما نحو 239 ، 245 كيلو متر لكل منهما بنفس الترتيب ، وقد أقيمت قناطر إدفينا علي فرع رشيد ، وقناطر زفتي وسد فارسكور علي فرع دمياط ، وقبل بناء السد العالي لم يكن هناك تحكم في كمية مياه النهر خلف أسوان أو عندها مما كلن يؤدي لزيادة الفاقد من المياه ، وبعد بناء السد أمكن التحكم في كميات المياه المتصرفة وتوزيعها في فترات العجز ، وترد مياه نهر النيل من مصدرين: المصدر الأول هو وسط أفريقيا عن طريق المنابع الاستوائية ، بينما المصدر الثاني فهو هضبة الحبشة . ويشمل حوض النيل تسع دول هي تنزانيا ، كينيا ، الكونغو ، رواندا ، بوروندي ، أوغندا ، الحبشة ، السودان ، مصر .

وتقدر المياه التي تحملها روافد النهر بحوالي 106 مليار متر مكعب سنويا إلا أن متوسط الإيراد السنوي لنهر النيل جنوب السودان يقدر بحوالي 84 مليار متر مكعب سنويا ، وقد تحدد نصيب مصر من هذه المياه بمقدار 55.5 مليار متر مكعب وفقا لاتفاقية عام 1959 مع السودان والتي تنضم إليها باقي دول حوض نهر النيل حتى الآن (تسع دول افريقية) وكانت حتى عام 1977 حوالي 57 مليار متر مكعب سنويا طبقا للاتفاقية السابقة ، ويختلف الإيراد المائي النهري من عام إلي أخر كما حدث في سنوات انخفاض الإيراد من 1979 حتى 1987 لذلك يستلزم الأمر تعويض هذا النقص من المخزون خلف السد وانخفض المنسوب الحي للمياه نحو 150 متر في عام 1988 ، وبدا الجزع من نقص المياه والخوف من تكرار ذلك ، الأمر الذي أدي إلي الجدية أن تعمل الدولة جاهدة علي ترشيد مياه النيل في الري أساسا خاصة وانه يستنفذ نحو 86% من المعروض من المياه مع تقليل كمية المنصرف إلي البحر . وهذا الوضع يجعل مصر في موقف بالغ الصعوبة وأكثر تعرضا لتحديات المستقبل المتمثلة في اتجاه بعض دول الحوض إلي زيادة استغلالها لمياه النيل من ناحية ومدي كفاية نصيب مصر الثابت في مواجهة زيادة السكان من ناحية أخري . وفيما يلي مبادرة حوض النيل :

مبادرة حوض النيل( NBI ) :  THE NILE BASIN INITIATIVE

مبادئ المبادرة :

تقوم المبادرة على عدد من المبادئ العامة التي تساعد على تحقيق أهدافها ، وتسهل من عملها ؛ وهي :

      * أن المياه حق لكل دول الحوض .

* عدم قيام مشروع يؤدي إلى الإضرار بمصالح الدول الأخرى .

* أن تعم الاستفادة من أي مشروع على دولتين على أقل تقدير .

* اتجاه متزايد باستبعاد فكرة الصراع، باعتبار أن المشكلة هي سوء الاستخدام ، وليست  ندرة المياه .

 أهداف المبادرة :

* إعداد إطار مقبول للتعاون بين دول الحوض .

* زيادة مستوى التعاون في الإدارة المتكاملة لمصادر المياه .

* تحديد أنصبة كل دولة في استخدام مياه النيل (هام للغاية) .

* تحسين أساليب استخدام المياه لتحقيق الفائدة الاقتصادية والاجتماعية لكافة شعوب الحوض .

الدول الأعضاء :

 يتكون الأعضاء من الدول التالية :

( بوروندي – رواندا - بوروندي– الكونغو الديمقراطية – تنزانيا – كينيا - أوغندا – إثيوبيا – السودان - مصر – إريتريا (مراقب) )

مجلس وزراء المياه بدول حوض النيل (Nile-COM) :

يضم المجلس الوزراء المعنيين بشئون الموارد المائية بالدول المتشاركة في حوض النيل ، ويمثل المجلس السلطة العليا لاتخاذ القرارات والتوجيهات بشأن عمل الأمانة العامة، واختصاص اللجان الفنية، وصياغة المشروعات وتنفيذها .

انعقد الاجتماع الحادي عشر للمجلس في أديس أبابا في ديسمبر 2003 ، ثم عقد الاجتماع الثاني عشر في كينيا في مارس 2004 ، ثم سيلي ذلك انعقاد الاجتماعات في الأسبوع الثاني من فبراير كل عام وفق الترتيب التالي : رواندا ، ثم أوغندا ، ثم الكونغو الديمقراطية ، ثم بوروندي ، ثم تنزانيا ، ثم السودان ، ثم مصر .

 الأمانة العامة (Nile-SEC) :

تأسست الأمانة العامة للمبادرة في 1/6/1999 تحت إشراف مجلس وزراء المياه بدول حوض النيل، ومقر الأمانة هو مدينة "عنتيبي" في أوغندا . تولت الهيئة الكندية للتنمية الدولية تمويل عمل الأمانة للستة أشهر الأولى من عملها ، وانتهى التمويل بانتهاء فترة الستة أشهر اللاحقة، وحل محله إسهامات الدول المتشاطئة على حوض نهر النيل . أشارت الأمانة إلى تعثر الكونغو الديمقراطية ورواندا في سداد حصصها المقررة بسبب الحروب وعدم الاستقرار.

 مهام الأمانة العامة :

* العمل كأمانة للجنة الاستشارية الفنية، ومجلس وزراء المياه، ودعم أنشطتهما .

* الدعم المباشر والتنسيق بين أنشطة الحوض، وخاصة ما يتعلق "ببرنامج الرؤية
    المشتركة" .

* دعم برامج العمل الفرعية، وفق ما تقتضيه الحاجة .

* تولي المهام الإدارية والمالية واللوجستية والإعلامية لدعم المجلس واللجنة .

* يتم تبادل رئاسة المبادرة دورياً ، وتسلمت كينيا الرئاسة من تنزانيا أوائل فبراير 2004 لمدة عام .

اللجنة الاستشارية الفنية  (Nile-TAC):

أسس هذه اللجنة مجلس وزراء المياه بدول حوض النيل، وعقدت أول اجتماع لها في "دار السلام" في 13-16/6/1998. تضم اللجنة مندوباً عن كل دولة من دول حوض النيل ، بالإضافة إلى شخص آخر بديل (إجمالي عدد الأعضاء 18 عضواً) . كما تضم اللجنة من خارج دول الحوض كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، والبنك الدولي ، والهيئة الكندية للتنمية الدولية كمراقبين يمكنهم حضور الاجتماعات عند توجيه الدعوة إليهم .

مهام اللجنة الاستشارية الفنية :

* إطلاق عملية التعاون بين دول الحوض (وهي المبادرة القائمة بالفعل اليوم).

* صياغة الرؤية المشتركة (وقد تم ذلك بالفعل) .

* إعداد المشروعات ذات الأولوية في تطبيق الرؤية المشتركة ، ورفعها لمجلس وزراء المياه

* تنسيق أنشطة مجلس وزراء المياه بدول حوض النيل .

* مراقبة عمل الأمانة العامة وتوجيهها .

التمويل :

تحقيقاً للاستخدام الأمثل للموارد المالية للمبادرة ، والمتمثلة في الأساس في مساعدات الدول والجهات الدولية المانحة ، وإسهامات الدول الأعضاء ، فقد أنشأت المبادرة "صندوق ائتمان" (Trust Fund) لتجميع التمويل وتوجيهه فيما ينفع أنشطة المبادرة . تم تقسيم قنوات صرف هذه الأموال إلى 12 قناة؛ 7 منها لمشروعات الرؤية المشتركة ، وقناتين لبرامج العمل العابرة للحدود ، وقناة لبرنامج عمل النيل الشرقي ، وقناة لبرنامج عمل النيل الجنوبي ، وقناة لأنشطة المبادرة . يتيح هذا التقسيم للمانحين معرفة أين تذهب إسهاماتهم ، وكيف يتم صرفها .

 برنامج الرؤية المشتركة SHARED VISION PROGRAM  (SVP):

بدأ تكون برنامج الرؤية المشتركة على مدار الفترة الممتدة من فبراير 1999 وحتى مارس 2001 ليتحول من 4 محاور موضوعية إلى7 مشروعات تغطي الحوض بأكمله ، وقد تولت الأمانة العامة للمبادرة تنفيذ هذه العملية وتنسيقها ، بينما شاركت فيها اللجنة الاستشارية الفنية مشاركة فعالة، وصدق عليها رسمياً مجلس وزراء المياه بدول حوض النيل في "دار السلام" في 22/2/1999.

تتمثل الرؤية المشتركة للمبادرة في "تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتمـاعية المستدامة من خلال الاستخدام المتكافئ بالموارد المائية المشتركة بحوض النيل والانتفاع بها" ، وذلك من خلال "إقامة آلية للتنسيق ، وخلق بيئة مواتية ، لتحقيق الرؤية المشتركة من خلال أعمال ملموسة على أرض الواقع" ، والمستهدف هو أن يمتد البرنامج ليشمل الحوض بأكمله ، ويساعد على دعم العمل المشترك ، وتبادل الخبرات ، وبناء القدرات ، ذلك بما يكفل أساساً قوياً للتعاون الإقليمي .

تبلغ التكلفة التقديرية لدراسات الجدوى نحو 122 مليون دولار، وهذه المشروعات هي :

1. العمل البيئي العابر للحدود .                    

2. التجارة الإقليمية للطاقة بحوض النيل .

3. الاستخدام الفعال للمياه في الإنتاج الزراعي.   

4. تخطيط موارد المياه وإدارتها .

5. بناء الثقة وإشراك الأطراف  .                     

6. التدريب التطبيقي .

7. التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمشاركة في المزايا .

كما تجدر الإشارة إلى أن الوزراء المكلفون بشئون الكهرباء في دول حوض النيل قد عقدوا اجتماعاً في "دار السلام" في 20/5/2003 شاركت فيه مصر بوفد ترأسه السيد الدكتور/ حسن يونس، وزير الكهرباء والطاقة، وضمت أهم نتائجه :

* إعلان دار السلام" للتعاون الإقليمي بين دول الحوض في مجال نقل الكهرباء والطاقة .

* التصديق على تنفيذ مشروع تجارة الطاقة بمنطقة حوض النيل .

* تبني رؤية طويلة المدى لإقامة "منتدى الطاقة بحوض النيل"

 (Nile Basin Power Forum)

تتصدر النرويج قائمة الدول التي تقدم دعماً مادياً لمشروع استغلال الطاقة الكهربائية بحوض النيل ، وتعهدت بتقديم ما يقرب من 14 مليون دولار لهذا الغرض . كما تشير التقارير إلى أن الدعم السنوي الوارد لبرنامج الرؤية المشتركة يأتي من كندا ، والدانمارك (7 مليون دولار) ، وألمانيا (3 مليون مارك) ، وهولندا ، والنرويج (11 مليون دولار) ، والسويد (2 مليون دولار) ، وبرنامج التنمية الشامل ، والبنك الدولي .

 برامج العمل الفرعية :

تختص هذه المشروعات بالأحواض الفرعية في كل من الهضبة الإثيوبية وفي منطقة البحيرات العظمى ، والهدف من هذه البرامج هو إطلاق مسار موازي للرؤية المشتركة يعمل على تنفيذ مشروعات استثمارية ، عابرة للحدود ، وذات منفعة مشتركة . وتضم المشروعات الفرعية :

 1- برنامج العمل الاستراتيجي للنيل الشرقي (ENSAP) :

ويضم مصر والسودان وإثيوبيا ، ويهدف إلى ضمان الاستخدام الأمثل للمياه ، ومواجهة قضايا الفقر . وقد تم البدء في هذا البرنامج من خلال مشروع أولي يسمى "التنمية المتكاملة للنيل الشرقي (IDEN) ، يضم سبعة مشروعات فرعية  هي :

- نموذج تخطيط النيل الشرقي .           - تنمية صادرات المياه متعددة الأغراض

- الإنذار المبكر من الفيضانات .          - الري والصرف . 

- تطوير وسائل الاتصال بين السودان وإثيوبيا .

- استثمار وتجارة الطاقة للحوض الشرقي .

- إدارة مصادر المياه .

قائمة المشروعات مفتوحة أمام إضافة أية مشروعات جديدة تستجد الحاجة إليها في المستقبل. تم إنشاء "المكتب الإقليمي الفني لحوض النيل الشرقي" ومقره أديس أبابا لتسهيل العمل التعاوني بين الدول الأعضاء ، ويديره 3 مديرون واحد من كل دولة . كما رصد البنك الدولي وبريطانيا مبلغ مليون دولار لدعم هذا المكتب.

2- برنامج العمل الفرعي لبحيرات النيل الاستوائية (NELSAP):

الدول الأعضاء به هي بوروندي ، ورواندا ، والكونغو الديمقراطية ، وتنزانيا ، وأوغندا، وكينيا ، والسودان ، ومصر ، والهدف منه هو " الإسهام في الحد من الفقر ، والارتقاء بالنمو الاقتصادي ، ووقف التدهور البيئي " . تم تشكيل مجلس لوزراء الموارد المائية بهذه الدول (NEL-COM) ، كما تم تشكيل لجنة استشارية فنية له أيضاً (NEL-TAC) .

وتصنف مشروعات هذا البرنامج تحت 3 أقسام رئيسية هي :

أ- برامج استثمارية :

   - الاستخدام الفعال للمياه في الزراعة : ينتفع به صغار المزارعين ويساعدهم على الارتقاء بالإنتاجية ، وذلك بالاستثمار في تجميع مياه الأمطار ، وأساليب الري صغيرة المدى .

   - تنمية الطاقة وتجارتها : يشمل تنمية الطاقة المائية بالمناطق الحيوية ، وتقوية وسائل الاتصال بين الدول الأعضاء .

ب- برامج إدارة الموارد الطبيعية :

-  مصايد بحيرتي ألبرت وإدوارد : لإدارة صناعة الأسماك والاستثمار فيها، والارتقاء بظروف المعيشة بهذه المجتمعات السكانية من خلال إقامة عدد من المشروعات الصغيرة .

-  إزالة ورد النيل من حوض نهر كاجيرا : للتحكم في المخاطر الناجمة عن ورد النيل لإتاحة استخدام الموارد المائية وتنميتها بما ينفع قاطني الحوض والبيئة الاستوائية .

ج- برامج إدارة الموارد المائية وتنميتها :

وضع إطار للإدارة التعاونية بحوض نهر "مارا" : يضم تنزانيا وكينيا ، وتعد هذه المنطقة ثاني أكبر حديقة للحياة البرية بالعالم .

- الإدارة المتكاملة للموارد المائية بحوض نهر كاجيرا : يضم بوروندي ، ورواندا ، وتنزانيا ، وتشهد هذه المنطقة تدهوراً بيئياً بالغاً ، إلا أن بها فرص كبيرة للتنمية .

-  إدارة الموارد المائية في أنهار سيو ومالابا ومالا كيسي : يضم أوغندا وكينيا ، ويهدف إلى مواجهة الرعي الجائر .

ولأهمية مياه النهر بمصر تعمل الحكومات المصرية علي مر العصور علي الحفاظ عليه وتقليل الفاقد منه وتتبعه من المنبع والي المصب ، وكانت مشروعات أعالي النيل خطوة عملاقة وأمل كبير لتقليل هذا الفقد الكبير ولتوفير الموارد اللازمة للتوسع الزراعي الأفقي ، ورغم المشاكل التي تتزايد حاليا وتعوق البدء في أي مشروعات بأعالي النيل إلا انه يمكن عرض هذه المشروعات باختصار ، فقد يأتي الوقت الذي يمكن فيه تنفيذه وهي :

(1) مشروع تقليل الفاقد من مستنقعات بحر الجبل والزراف : حيث ينفذ هذا المشروع علي مرحلتين : الأولي تمثل شق قناة جونجلي ، والثانية توسيع هذه القناة لتصل قدرتها هلي التصريف إلي حوالي 40 مليون متر مكعب يوميا . وتقدر الفائدة المائية للمرحلة الأولي بحوالي 3.8 مليار متر مكعب سنويا تزداد إلي حوالي 7 مليار متر مكعب سنويا بعد استكمال المرحلة الثانية ، ولكن ظروف الحرب الأهلية بجنوب السودان حالت دون تنفيذ هذا المشروع حيث توقف العمل فيه منذ 1983 .

(2) مشروع تقليل الفاقد من مستنقعات بحر الغزال : والمتضمن إنشاء عدة قنوات لتجميع المياه من الأنهار الصغيرة الواقعة داخل حوض بحر الغزال بالسودان ، وتقدر الفائدة المائية التي تعود من تنفيذ هذا المشروع عند أسوان بحوالي 7 مليار متر مكعب سنويا .

(3) مشروع تقليل الفاقد من مستنقعات روافد السوباط وفروعه : وتقدر الفائدة المائية من تنفيذ هذا المشروع عند أسوان بحوالي 4 مليار متر مكعب سنويا .

ويتضح من ذلك أن إجمالي الفائدة المائية المستقبلية من مشروعات أعالي نهر النيل تصل إلي حوالي 18 مليار متر مكعب سنويا تقسم مناصفة بين مصر والسودان ليصبح نصيب مصر من الموارد المائية النيلة حوالي (55.5 + 9 = 64.5 مليار متر مكعب سنويا) .

2- المياه الجوفية :

تتضمن الموارد المائية موارد مائية متجددة وموارد مائية غير متجددة ، ففيما يتعلق بالموارد المائية المتجددة فهي عبارة عن المياه الموجودة بباطن الأرض نتيجة لتسرب مياه النيل من الأراضي المروية بها وكذلك جوانب وقاع القنوات الحاملة لمياه النيل ، وأيضا لتسرب مياه الأمطار إلي طبقات الأرض التي بها خصائص جيولوجية خاصة من ناحية نفاذيتها للمياه ، علاوة هلي المخزون من الزمن القديم جدا خلال الفترات الممطرة في صحراء مصر فانه يتكون الخزان الجوفي بمصر الذي يمتد عبر الصحراء الغربية ويحتوي علي اكبر مخزون من المياه الجوفية التي تقدر بحوالي 40 ألف مليار متر مكعب والمستغل منها حاليا يعتبر قدر قليل جدا حيث لا يتعدي حوالي 350 مليون متر مكعب سنويا وذا القدر كافي لزراعة نحو 100 ألف فدان بالواحات إلا أن المنزرع الآن فقط في هذه الواحات يقدر بحوالي 42 ألف فدان بالداخلة والخارجة ، أي انه يمكن الاعتماد تماما علي المياه الجوفية في استزراع نحو 600 ألف فدان اغلبها يقع في الوادي الجديد وشرق العوينات ووادي النيل .

وتعتبر المياه الجوفية ثرة طبيعية يجب العمل علي استغلالها وعمل الدراسات الدقيقة لها حتى لا يكون استخدامها كمورد إروائي علي حساب مصادر أروائية أخري. ونظرا للمزايا العديدة للخزانات الجوفية فإنها تعتبر من ضمن المصادر الهامة الاروائية حيث لا تتأثر مياهها بالبخر مع إمكانية استغلال الخزان الجوفي لعدة سنوات متتالية دون إقامة منشات عليها إلا دق الآبار فقط والتي تكون تكاليف إنشائها قليلة نسبيا مع إمكان استغلالها أيضا في أغراض الصرف . وهكذا يمكن استغلال المياه الجوفية داخل وادي النيل وخارجه ، ففي داخل  وادي النيل تعتبرا مصدرا ثانويا رغم أن الدراسات التي تمت في هذا المجال أوضحت أن الخزانات الجوفية بالدلتا والوجه القبلي تعتبر احد الخزانات الضخمة علي المستوي العالمي حيث تبلغ سعتها الكلية حوالي 400 مليار متر مكعب موزعة علي النحو التالي : حوالي 120 مليار متر مكعب في الوجه القبلي ونحو 280 مليار متر مكعب في الدلتا والوجه البحري ، ومن الجدير بالذكر أن حجم المياه المستغلة فيمصر يبلغ حوالي 1.6 مليار متر مكعب سنويا في الوجه البحري وحوالي 1.3 مليار متر مكعب سنويا في الوجه القبلي أي أن حوالي 2.9 مليار متر مكعب سنويا . وفي خارج الوادي يتركز الاعتماد في المناطق الصحراوية علي المياه الجوفية كمصدر أساسي نظرا لبعدها عن النيل وصعوبة توصيل مياهه إليها .

ولقد ثبت من الدراسات العديدة التي أجريت حتى الآن أن مصدر هذه المياه في الصحراء الغربية من الأمطار التي تسقط علي الجبال بشمال دولة تشاد ، وتشير بعض هذه الدراسات إلي مساهمة مياه النيل في تكوين الخزانات الجوفية في الصحراء الغربية والتي تفقد أثناء مرور النيل خلال طبقات الحجر الرملي النوبي في كل من مصر والسودان ، كما قدرت بعض الدراسات كميات المياه المنحدرة من ناحية الصحراء الليبية طبقا للدراسات الأولية بحوالي 1.2 مليار متر مكعب يوميا ، ومن شمال السودان نحو 0.4 مليون متر مكعب يوميا . ونظرا لان المساحة الصحراوية تزيد عن 96% من الرقعة الأرضية الفيزيقية المصرية لذلك أصبح من الضروري التوجه نحو زراعة الصحراء واستغلالها اقتصاديا بقدر المتاح من الموارد الاروائية وحسب إمكانية استغلالها بغرض زيادة الدخل القومي المصري عن طريق استصلاح الراضي واستزراعها بتلك المناطق الصحراوية لخلق متجمعات عمرانية جديدة تعمل علي إعادة توزيع الكثافة السكانية المصرية من الشريط الضيق بوادي النيل إلي المجتمعات الصحراوية الشاسعة .

وبدراسة مشروع الوادي الجديد ومن التقرير الخاص الصادر في فبراير 1983 انه يمكن زيادة الأراضي المنزرعة به من نحو 42 ألف فدان إلي قرابة 100 ألف فدان اعتمادا علي المياه الجوفية .

وعموما يقدر ما يسحب من مياه هذا المصدر المائي (المياه الجوفية) بحوالي 4.8 مليار متر مكعب سنويا ، ولا يسمح باستنزاف مياه هذه الخزانات إلا عند حدوث قحط لفترة زمنية طويلة ، ولذلك ينظر لهذه المياه علي أنها ذات قيمة إستراتيجية .

3- الموارد المائية المطرية (الأمطار) :

تعتبر الأمطار نظام مباشر أو نظام طبيعي للري فهي المصدر الرئيسي لجميع أنواع المصادر المائية الأخرى ، فمياه نهر النيل تعتمد مباشرة علي كميات الأمطار التي تسقط في المناطق الاستوائية . ومياه الأمطار هي احد المصادر الرئيسية التي تعتمد عليها زراعات الساحل الشمالي الغربي والشرق بمصر . ويمتد موسم سقوطها في الفترة من شهر أكتوبر وحتى بداية شهر مايو من كل عام بمتوسط تساقط يصل إلي حوالي 8 – 10 بوصات سنويا ، وبذلك تقدر كميات الأمطار التي يمكن الحصول عليها بواسطة الخزانات والسدود بحوالي 0.875 مليار متر مكعب سنويا في منطقة الساحل الشمالي الغربي والممتدة من الإسكندرية إلي السلوم ، لذلك ينصح أن تكون محاصيلها ذات احتياجات مائية قليلة ومتحملة للعطش ، وتقدر المساحة التي يمكن استغلالها في الزراعة بتلك المنطقة بنحو 125 ألف فدان من جملة المساحة القابلة للاستصلاح والمقدرة بنحو مليون فدان . وبالنسبة للساحل الشمالي الشرقي ومنطقة سيناء فان كمية المياه التي يمكن الحصول عليها من الأمطار المتساقطة علي هذه المنطقة يقدر بحوالي 0.365 مليار متر مكعب سنويا ، ورغم كبر حجم كميات الأمطار المتساقطة علي تلك المنطقة إلا أن يضيع اغلبها لعدم إمكانية تخزينها والاستفادة منها ، ورغم وجود سد الروافعة الذي له سعة تخزينية تقدر بحوالي 3 مليار مت مكعب إلا أن ما يخزن خلفه بالفعل لا يتجاوز 0.5 مليار متر مكعب تستغل في أغراض الشرب بالرغم انه كان من المفروض أن يقوم بري حوالي 400 فدان سنويا .

 وعموما تقدر جملة الموارد المائية المطرية الحالية بمصر والتي يمكن استغلالها اقتصاديا 1.4 مليار متر مكعب سنويا . مع العلم أن الموارد المطرية تتسم بالتقلبات العنيفة من سنة لآخري ، ولذلك فانه لا يمكن رسم سياسة أو خطة للتوسع الزراعي الأفقي تعتمد علي هذا المورد .

ثانيا -  مصادر المصادر المائية غير التقليدية :

1- مياه الصرف الزراعي :

يقصد بالموارد المائية الناتجة من الصرف الزراعي المياه التي يتم التخلص منها لزيادتها عن حاجة النبات ، وتمثل مياه الصرف الزراعي قدرًا لا يستهان به من الموارد المائية ، حيث تبلغ نحو ثلث مياه الري المستخدمة بالأراضي الزراعية المصرية ، وتعتبر الاستفادة من مياه الصرف الزراعي في أغراض الزراعة فكرة قديمة ، حيث كانت تستخدم من قرن مضي في مصر الوسطي عندما كانت مياه مصرف المحيط الغربي تغذي ترعة بحر يوسف بحوالي 2 مليون متر مكعب يوميا في الفترة من فبراير إلي يوليو من كل عام .

وعندما أعيد التفكير في استخدام مياه الصرف الزراعي في ري مناطق الاستصلاح كانت هناك دراسات علمية تدعم ذلك الفكر ، حيث أثبتت التجارب العلمية أن مياه الصرف الزراعي أفضل من غيرها في تحسين تربة الأراضي الملحية ذلك لأسباب عديدة منها :

- أن المياه المالحة نسبيا اقدر علي اختراق التربة من المياه العذبة ، وبالتالي فهي ذات اثر فعال في عمليات الغسيل .

- لا تسبب تغير مفاجئ في صفات التربة الطبيعية وبالتالي تحافظ علي قوامها أثناء عمليات الغسيل.

وأهم مصادر مياه الصرف الزراعي بمصر هي :

- مياه الصرف الناتجة من عمليات غسيل الأراضي وقت الاستزراع وبعدها .

- المياه الزائدة بالترع والتي تعطي خصيصا لمنع ترسيب الطمي بقاعها .

- المياه التي تعطي لأغراض الملاحة .

وتتوقف صلاحية مياه المصارف لأغراض الري علي عوامل عديدة منها :

- مقدار الأملاح الذائبة ونوعيتها .

- درجة تركيز أملاح الصوديوم بها تحدد مدي حدوث قلوية التربة في حالة استخدام هذه المياه لفترات طويلة .

- نوعية الحاصلات الزراعية وأصنافها ودرجة تحملها للملوحة والقلوية حيث أنها تحدد مدي الانتفاع بمياه الصرف في تلك المناطق الجديدة .

ولقد أثبتت الدراسات الخاصة بالأراضي والمياه أن مياه الصرف الزراعي التي تقل بها درجة تركيز الأملاح عن حوالي 500 جزء في المليون تستخدم دون مشاكل في جميع أنواع الأراضي ، في حين المياه التي يتراوح بها درجة تركيز الأملاح من نحو 500 – 1100 جزء في المليون تصلح فقط في ري الأراضي جيدة الصرف . ولا يجب أن تتجاوز درجة تركيز الأملاح بمياه الصرف الزراعي عن حوالي 3200 جزء في المليون حيث تسبب مشاكل كبيرة نتيجة استخدامها في الأراضي حتى الخفيفة والسريعة للصرف منها .

ويقدر الحجم الإجمالي لمياه الصرف الزراعي في مصر في الوجه البحري بحوالي 17.44 مليار متر مكعب سنويا يستخدم منها في الري حوالي 2.5 مليار متر مكعب سنويا أي حوالي 14% فقط منها وذلك بعد خلطها بمياه النيل العذبة لزراعة نحو 3.8 ألف فدان ، وبذلك يتضح أن هناك حوالي 15 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي بالوجه البحري غير مستغلة نهائيا . وتقدر كمية مياه الصرف الزراعي المستغلة أو المستخدمة في الري في الوجه القبلي بحوالي 1.8 مليار متر مكعب سنويا .

و يمكن حصر مشروعات إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي في الري فيما يلي :

- مشروع ترعة السلام : توفر حوالي 2 مليار متر مكعب سنويا .

- مشروع مصرف العموم : يوفر حوالي 2 مليار متر مكعب سنويا .

- مشروع مصرف البطس : يوفر ح�

ElShahawy74

د. محمد إبراهيم محمد الشهاوي أستاذ الاقتصاد الزراعي المساعد كلية الزراعة (سابا باشا) - جامعة الاسكندرية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1495 مشاهدة

ساحة النقاش

Assistant Prof. Mohamed Ibrahim El-Shahawy

ElShahawy74
استاذ الاقتصاد الزراعي المساعد كلية الزراعة سابا باشا - جامعة الاسكندرية ت.منزل : 640 53 53 (03) 002 محمول : 305 91 97 (0100) 002 ت. عمل : 646 31 58 (03) 002 605 30 58 (03) 002 فاكس : 008 32 58 (03) 002 [email protected] [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

180,456