التربية الشعورية للآباء والمعلمين والأطفال
تؤكد أيضاً بعض البحوث التربوية بجلاء أن العلاقات تُبنى على المشاعر وعلى ذلك فإن المعلم الذي يريد أن ينمى علاقات عمل طيبة مع الآباء يحتاج إلى أن يتفحص مجموعة من المشاعر :
(1) مشاعر المعلم نفسه .
(2) مشاعر الآباء .
(3) مشاعر الأطفال الذين يعلمهم .
(4) المشاعر عميقة الغور وغالباً ما يحتاج الأمر إلى بحث طويل للعثور عليها وجهد كبير لتفهمها وعندما نعمل على استكشاف عالم المشاعر فسوف تتضح لنا الدوافع الخفية لفعل مباشر أو لكلمات منطوقة بل تتبصر بما يدور في الأذهان(1) .
أولاً شعــور المعلــم :
من ناحية أخرى يحسن معلم الفصل صنعاً إذا ما بدأ بنفسه بأن يفكر في قليل من الأسئلة وأن يضع لها الإجابات المخلصة بتفكير عقلي منطقي شعوري خالص وهذه الأسئلة تدور حول التلاميذ على سبيل المثال :
· ما هو شعوري عن الخصائص التي تكوّن الأب الصالح ؟
· وكم عدد الاختلافات التي يمكن أن أتقبلها ؟
· وهل أشعر أن جميع الآباء إما صالحون وإما طالحون ؟
· وما هو شعوري إزاء إبلاغ الآباء بالطرق التي استخدمها في التدريس ؟
· وما هو شعوري عند الإجابة عن أسئلتهم حول الأسلوب الذي أتبعه في الفصل بالرغم من اعتقادي أنني قد أوضحتها بما فيه الكفاية ؟
· ما هو شعوري إزاء حضور الآباء إلى المدرسة ؟
· وما هي حقيقة شعوري في أعماق نفسي إزاء مجيئهم إليها ؟
· وما هو الشعور الذي ينتابني حقيقة بالمقارنة بالشعور الذي كان من الأجدر أن أشعر به ؟
· ما هو شعوري إزاء الوالد الذي ينتقد أو يقدم اقتراحات ؟
· وهل يجعلني ذلك أشعر بعدم الارتياح أو بعدم الثقة أو بالمضايقة ؟
· وهل يثير ذلك اهتمامي ؟
· أو يبعث السرور في نفسي ؟
· ما هو شعوري عندما يخبرني الآباء بأنهم يظنون أنى ارتكبت خطأ مع أطفالهم ؟
· ما هو شعوري إزاء اتخاذ الآباء كأصدقاء ؟
· وهل أشعر أن الصداقة سوف تهدم مركزي بالنسبة إليهم ؟
· وهل أشعر بارتياح إذا ما كنت صديقاً لبعضهم دون البعض الأخر مثلما أتخير أصدقائي من بين جماعة أخرى ؟
· وهل أرى من الأوفق والأحسن أن تكون صداقتي مع الجميع على السواء ؟
· وهل حقيقة أشعر أنني أصادق الجميع على قدم المساواة ؟
· ما هو شعوري إزاء نفسي كمعلم ؟
· وإلى أي مدى اعتقد في نفسي أنني معلم صالح ؟
· وكيف يكون في رأيي المعلم الصالح ؟
· ما هو شعوري إزاء ما يجدر أن يكون عليه شعور الآباء نحوى ؟
· وما هو شعوري إزاء المشاعر الحقيقية لمختلف الآباء ؟
· ما هو شعوري إزاء محاولة تفهم مشاعر الآباء ؟
· وهل أشعر أنها تستحق الوقت الذي تتطلبه ؟
· ما هو شعوري إزاء المشاعر التي أرى أنه يجدر بأن يشعر بها الآباء تجاه أبنائهم ؟
· وما هو شعوري عندما يبدو أنهم لا يشعرون بالمشاعر التي أرى أنه كان جديرا بهم أن يشعروا بها ؟
ليس هناك من يستطيع القول بما يجب أن يكون عليه شعور معلم الفصل إزاء كل ما تقدم من أسئلة أو ما يماثلها ولقد أظهرت الخبرة أن بعض المشاعر تساعد كثيراً على تكوين علاقات عمل مفيدة أكثر من غيرها .
· ثانياً مشـاعــر الآبــاء :
نظرا لأن اعتبار معلم الفصل لمشاعر الآباء ينقصه الوقوف على المعلومات الداخلية التي تتوافر له عند اعتباره لمشاعره الخاصة لذلك يجب عليه أن يعتمد على ما يقوله الآباء عن مشاعرهم وعلى إحساسه بالنسبة للمعاني الخفية التي تتضمنها أحاديث وتعليقات الآباء وعلى مهارته في تصيد المشاعر التي تختفي وراء الكلمات المنطوقة وعلى تفهمه لأساليب حياتهم(2) .
ولكن لابد من الحذر خشية الخطأ في ترجمة بعض الكلمات أو الأفعال إلى مشاعر ليس لها وجود كما يجب عدم التسرع في استنتاج أسباب المشاعر التي تبدو واضحة والأسئلة التالية مثال لتلك التي يمكن الاستعانة بها لتعميق الفهم إذا ما حاول المرء أن ينفذ من خلال الكلمات والأفعال إلى المشاعر التي تكمن وراءها .
· ما هو شعور الآباء وأولياء الأمور تجاه نفسيهما كوالدين ؟
· وهل يشعران أنهما والدان صالحان ؟
· وماذا يكون عليه الوالدين الصالحان من وجهة نظرهما ؟
· وهل يبدو أنهما يشعران بالكثير من التردد والقلق أو يبدو عليهما أنهما راضيان ؟
· وما هو شعورهما إزاء صداقتهما معك ؟
· وهل يكونان عصبين أو مرتاحين ومنشرحين عندما يتحدثان معك ؟
· وهل يكونان في عجلة من أمرهما ويودان الانصراف أو يبدو أنهما يودان الاستطراد في الحديث ؟
· وما هو شعورهما البادي في أثناء تعليقاتهما عما يدور في المدرسة ؟
· وهل يغلب عليهما الجبن أو العداوة ؟
· أو التماس الأعذار أو الثقة ؟
· ما هو شعورهما بالنسبة لتقديم الاقتراحات ؟
· هل يبدو أنهما يشعران بأنك ترحب بالاقتراحات ؟
· أم أنهما غير واثقين من كيفية تقبلك لها ؟
· وهل يبدو عليهما أنهما على ثقة من أنك سوف لا تكون مسروراً ؟
· كيف يبدو شعورهما إذا ما طلب منهما تقديم المساعدة ؟
· وهل يبدو أنهما يرغبان في المساعدة ؟
· أم أنهما مترددان ؟
· أو يبدو واضحاً عدم رغبتهما في ذلك ؟
· وهل يتطلعان إلى الإسهام في نواحي النشاط المدرسي ؟
· أم يعملان على تجنب التورط في ذلك ؟
· كيف يبدو شعورهما تجاه تقدم طفلهما ؟
· وماذا يريدان منه أن يتعلمه ؟
· وماذا يعجبهما في المدرسة وماذا لا يعجبهما فيها ؟
· ما هو شعورهما تجاه مكانة المعلم في حياة طفلهما ؟
· وماذا يريدان أن يكون رأيه بالنسبة لمعلميه ؟
ولا يمكن معرفة مشاعر الوالدين من مقابلة واحدة أو مقابلتين كما لا يمكن للمعلم أن يكون على ثقة من مشاعره بمجرد نظرة عابرة . ولذلك لابد من التيقظ المستمر لمعرفة جميع المشاعر التي يكون لها أثرها البارز في العلاقات الطيبة .
ولا يجب أن نتغاضى لحظة عن هذه الدوافع نظراً لأنها تشكل وتوضح الأفعال الظاهرة (3)
· ثالثاً مشـاعــر الطفـــل :
لابد أن يكون المعلمون على إدراك واسع لمشاعر الأطفال ومن المؤكد أن الكثير من المعلمين أصبحوا يدركون أهمية مشاعر الأطفال بالفعل وعلى إدراك واسع لمشاعرهم من قوى فعالة وحتى يتزايد اهتمامهم بدرجة أكبر فهم يريدون أن يعرفوا الأسباب الكامنة وراء سلوك الصغار . كما يعرفون لماذا يستجيبون لأفعالهم . فضلاً عن :
· هل يجب فصله في حالة إظهار سلوك غير سوى ؟
· وما هو شعوره نحوى ؟
· وما هو شعوره تجاه زملائه في الفصل ؟
· وما هو شعوره نحو التعلم ؟
· وهل هو راغب في التعلم ؟
· ما هو الشيء الذي يعتقد أنه مهم ؟
· وهل يكره بعض نواحي نشاط الفصل ؟ ولماذا ؟
· هل يرغب في تقبل الفصل له ؟
· أم أنه يفضل أن ينظر إليه على أنه مختلف عنهم ؟
· وما هي الأشياء التي ترضيه ؟
· هل يشعر أنه يؤدى ما عليه على ما يرام ؟
· أم لا يشعر بهذا ؟
· ما هو شعوره تجاه والديه ؟
· هل يرحب بمساعدتهما ؟
· أم يستنكر ويتأفف من اهتمامهما ؟
· وهل يرحب بزيارة والديه للمدرسة ؟
ويجب معرفة أن الطفل الصحيح سرعان ما يستجيب للتوجيه والإرشاد أما الطفل الذي يعانى من قلق عاطفي يقيم الحواجز والسدود التي تحول بينه وبين التعلم والمشكلة التي تجابهنا هي أن نكتشف مكامن العقد ونعرف كيف نتخلص منها ومثل هذه المعرفة يمكن أن تكون من أكبر الثمار الطيبة التي نجنيها من وجود علاقات صداقة بين الآباء والمعلمين .
مدى العلاقات الودية بين المعلمين وأولياء الأمور
غالباً ما يخفى الآباء اهتمامهم واستعدادهم للعمل مع المعلمين خلف قناع من عدم المبالاة وهم غالباً ما يظهرون وكأنهم غير راغبين في التعاون بسبب الخجل أو بسبب اعتقاد شائع قديم مؤداه أن المعلمين نوع من الناس معزولين عن غيرهم حتى إن فكرة المعلم الذي يريد أن يتعرف إليهم وأن يتبادل الرأي معهم تعتبر فكرة جديدة للغاية بالنسبة لكثير من أولياء الأمور .
ومع ذلك فمن المعقول أن يتصور المعلم أنهم يرحبون بتكوين علاقات ودية فمن اللحظة التي يدخل فيها الطفل المدرسة لأول مرة إلى اللحظة التي يتسلم فيها شهادة المدرسة الثانوية سوف تحتل المدرسة جانباً كبيراً من ساعات صحوة وسوف يكون في تلازم مستمر مع معلمه ويتأثر بما يقوله وبما يفعله ويجدر بالآباء أن يتعرفوا إلى كل معلم على التوالي إذا ما أرادوا متابعة طفلهم في حياته المدرسية وطوال دراسته في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية لابد للبيت من أن يتوافق مع طابع المدرسة كما تتوافق المدرسة مع البيوت .
ويريد الآباء أن تكون السنوات التي يقضيها أولادهم في المدرسة مفيدة وهم يريدون من الناشئ أن ينمو وأن يتقدم لأنهم يعرفون أن ما يتعلمه في المدرسة سوف يؤثر في حياته على مدى مراحلها وهم يأملون أن يكون ناجحاً وأن يصبح شخصاً يفخرون به . وليطمئن المعلمون إلى أن الغالبية العظمى من الآباء يسرهم العمل مع معلم طفلهم في سبيل التأكد من أن تكون الحياة المدرسية على أحسن وضع مستطاع وعلى هذا الافتراض يمكن أن يمضى معلم الفصل في بناء علاقاته مع الآباء في ثقة وطمأنينة . ويجدر الإشارة إلى أن الآباء وكثير من أولياء الأمور هم أيضاً معلمون أيضاً فهم يتابعون ويعلمّون في البيت بجانب المعلم في المدرسة وأحسن تعليم يمكن أن يتم إذا تساند النوعان من التعليم في توافق وانسجام وغالباً ما يطلب المعلمون من الآباء أن يتركوا التعليم المدرسي للمدرسة حتى لا يختلط الأمر على الطفل بين الطرق المختلفة لتعليم المادة العلمية طبقاً للمنهج المعمول به . ومثل هذا الطلب يعنى أنه يمكن أن ينحصر التعلم داخل حدود المدرسة ولكن التعليم لا يمكن تحقيقه أو قطعه بمثل هذه السهولة فإذا سلمنا بالحقيقة الواقعة وهى أن الآباء يعلمون أبنائهم وأنهم يستطيعون تعليمهم فعندئذ يمكن الوصول إلى اتفاق على نوع التعليم الذي يمكن أن يقوم به الآباء وعندما تصبح معاونة الطفل على التعليم عملية تعاونية فإنه عندئذ أن نتوقع تحسن العلاقات بين أولياء الأمور وبين المعلمين(4) .ومن البديهي ألا يستطيع معلم الفصل أن يعرف كل ما يحبه وما يكرهه كل واحد من الآباء ولكن عليه أن يعرف أنهم بشر ويمكنه أن يجتهد في تفهم التوافقيات الفردية التي عليهم أن يقوموا بها . ويمكنه أن يدرك الكثير من الضغوط والمطالب الواقعة على كواهلهم وتمكنه أن يعرف أن لهم اهتمامات بمسائل أخرى غير المدرسة وأن يقدر الشعور بأن كون الإنسان والداً غالباً ما يكون خبرة محيرة . وإذا ما نما هذا الفهم فلاشك أن تقبل المعلم للآباء سوف يزداد وأن صبره على اختلافاتهم سوف يطول وأن استعداده لأن يدعهم على سجيتهم سوف ينمو وهذه المكاسب في الفهم تساعد على إيجاد علاقات إنسانية أنضج . وفى العموم يقاوم الآباء محاولات ومجهودات المعلم لاسيما إذا تصورا أنه يعمل على تغييرهم ومن الأفضل عادة أن يبذل الجهد في تفهمهم وإذا كان لابد من إجراء تغييرات فدعهم يقوموا بإجرائها بأنفسهم وعلى كل حال فقد يرغب المعلم الأخر في استخدام أسلوب مختلف .
وربما تنشأ مقاومة إجراء التغيير من الشعور بأن التعاليم التي عرفوها وقدروها على أنها طيبة مهددة بالإزالة والآباء الذين يشعرون بذلك ربما كانوا على صواب . ويرى بعض الباحثين التربويين أنه من الأفضل والأحسن إذا تم استطلاع آراءهم فمثلاً ربما يتشككون في وسائل جديدة لحفظ النظام لأنهم يريدون أن يكونوا على ثقة بأن زمام الأمر سيكون في يد المعلم وربما يتساءلون عما إذا الطرق المستحدثة لتعليم الرياضيات واللغات والعلوم سوف توصل إلى المهارات التي يريدون أن يتقنها أبنائهم . وربما يتشككون فيما إذا كانوا سيتمكنون من ذلك .فإذا ما وجدت علاقات طيبة بين الأب والمعلم أمكنهم المصارحة بالشكوك التي تراودهم والتحدث عنها ويمكن إعادة الطمأنينة إلى نفوسهم إذا ما عرفوا أن سيطرة المعلم على الفصل سوف تستمر ولكن بطرق مختلفة عما ألفوه في الماضي وغالباً عندما ندعوهم للحضور لزيارة المدرسة وليروا كيف يعالج المعلم المواقف الشديدة الصعوبة فسرعان ما تزول مخاوفهم وعندما يجدون أن أبنهم قد تعلم دروس الحساب مثلاً أو القراءة ......ألخ تتأكد ثقتهم .
وعندما يقاوم الآباء فلابد دائماً من سبب ما والعلاقات الودية تزيد من فرص تعرف الأسباب الخفية . ومن المحتمل أن نقلل من حدوث المقاومة التي نلحظها أحياناً إذا ما اتضحت لأولياء الأمور الأسباب والأهداف
فلقد تغيرت طرق التدريس ومناهج اليوم تختلف عن تلك التي كانت مقررة منذ سنوات في الماضي فلا عجب إذا تساءل الآباء عن أسباب التغيرات التي تحدث دون علمهم . ولذا فإن مقاومة المعلم لأسئلة الآباء إنما تزيد من مقاومة أولياء الأمور للتغييرات ولكن إذا كان المعلم على استعداد للإيضاح والتوضيح التام فإن ذلك سيجعلهم يشعرون بحرية في توجيه الأسئلة وبذلك يتيسر تبادل الآراء وإن جعل خطوط الاتصال مفتوحة ومحررة من سوء التفاهم الذي يعترضها لأمر يستحق أن نعمل على تحقيقه . فلأولياء الأمور الحق في أن يعرفوا ما يجرى في المدرسة ويحسن المعلمون صنعاً إذا ما عملوا على ما يريدون معرفته وإنه لما يبعث الارتياح في نفوس الآباء أن يعرفوا أن المعلمين راغبون في أن يقولوا لهم ما يريدون معرفته . ومعلمو الفصول محتاجون إلى عديد من الوسائل لكي يظل أولياء الأمور محاطين علماً بما يتم من عمليات تعليمية فالاجتماعات الجماعية والدورية مفيدة ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة فبعض الآباء يكرهون مثل هذه الاجتماعات والبعض الأخر لا يستطيعون المواظبة على حضورها والمقابلات الفردية في المدرسة لها قيمتها الكبيرة وحتى إذا أحكم التخطيط وصدقت النوايا فإن معلم الفصل لا يمكنه الاتصال بجميع أولياء الأمور الذين يلزم أن يقابلهم ويصدق نفس الكلام على الزيارات المنزلية .
وهناك وسائل أخرى للمحافظة على الاتصالات التي تبقى على العلاقات في حالات صالحة للعمل فأولياء الأمور أو الآباء يقدرون الملاحظات الودية التي توقفهم على بعض نواحي تحصيل أبنائهم وكذلك إصدار الفصل لصحيفة أخبارهم تكون مفيدة لاسيما إذا ما أعد الأطفال جانباً من محتوياتها والتحدث إلى التلاميذ عن ما يود آباؤنا أن يعرفوه عن أعمالنا يشجعهم على أن يكونوا على اتصال دائم بكافة المعلومات المطلوبة .
والواجب المنزلي هو في الواقع رسالة إلى الآباء والأمهات لأنها تقول لهم هذا ما نفعله والطريقة التي نفعلها . وعلى ذلك إذا ما خططنا العلاقات بين البيت والمدرسة بحيث تكون متناسقة مع الحياة الأسرية بلاً من أن تكون مقلقة لها فلاشك أنها ستتوطد كثيرا. والمعلم الماهر يتذكر أن الأطفال في كثير من البيوت عليهم القيام ببعض الأعباء المنزلية في المساء وأن الأسر قد ترغب في قضاء بعض الوقت في مرح . ومن المهارة أيضاً المعلم الذي يعمدا إلى تشديد وطأة العمل خلال الأسبوع ولكنه يخفقه في نهاية الأسبوع حتى تتمكن الأسرة من إنجاز أمورها . وبهذه الوسائل وأمثالها نستطيع نحن المعلمين أن نجعل أولياء الأمور يعرفون ما يحدث .
لابد من تبادل الثقة بين المعلمين وأولياء الأمور
في الحقيقة لا تبنى علاقات العمل الطيبة في يوم وليلة كما لا يمكن أن تزدهر دون رعاية مستمرة وغالباً ما تقفز إلى بداية طيبة ثم تهمل وتموت وعادة إذا ما كانت البداية ضعيفة فبالرعاية الواعية تأخذ فى النمو المنتظم وأحياناً لا تبدأ مطلقاً ويهتم المعلم اليقظ دائماً بنمو العلاقات مع مختلف الآباء وهو يتوق إلى معرفة طريقة ما لقياسها وسرعان ما يجد أن الأشياء الصغيرة توضح غوامض الأمور وأنها على صغرها كبيرة في مضمونها ومدلولها حتى ليستحيل على المرء أن يحيط بها جميعاً وغالباً ما يكون ذلك في صورة شعور داخلي شيء يتعذر أن نتلمسه(5) .
ينطبق بكل وضوح بحيث يعرف المرء أن الاتصال قد تحقق وأن العلاقات قد قويت وربما تكون على صورة إشراقه دافئة وشعور بالارتياح يحل محل التوتر مما يدل على التقدير وهذه مقاييس غير ملموسة يتعذر وصفها وصفاً . ويمكن إجراء التقدير عن طريق أسئلة كتلك التي يستطيع أي معلم أن يصوغها فتمده إجاباتها بالدليل :
· \هل يشعر الآباء بالارتياح فلا يضطربون إذا ما اختلفوا معك حول توضيح يتعلق بطفلهم ؟
· هل يدلون إليك ببراهينهم ؟
· هل تهتم بأن يفعلوا ذلك ؟
· هل يشعرون بحرية لأن يقولوا : يجدر بنا أن نعاود التفكير في هذا الأمر عندما تدلى باقتراح يتعلق بطفلهم ؟
· هل يسر الآباء عندما يتحدثون إليك عن اهتمامات طفلهم في البيت ؟
· وهل تهتم بالاستماع إلى ذلك ؟
· هل تشعر بأنك قادر على أن تقدم اقتراحات للآباء دون أن تخشى نفورهم من عملك هذا ؟
· هل أنت ناجح في أن تجعلهم يصلون إلى اقتراحات تمس أموراً هامة من أحوالهم المنزلية ؟
· هل تدخر ملاحظات عن الحياة اليومية في المدرسة لتحدث الآباء عنها ؟
· هل تضطر كثيرا إلى أن تذكر للآباء بعض التفاصيل عن طريقة تدريسك ؟
· هل تسر عندما يسألك الآباء عن عمل طفلهم ؟
· هل يزداد تساؤلك عن تأثير بعض نواحي الحياة المدرسية في حياة الأسرة ؟
· هل يشعر الآباء بحرية لأن يقولوا لك ما يقوله طفلهم في البيت عن المسائل المتعلقة بالمدرسة حتى ولو كانت غير مرضية ؟
· هل تجد أن محادثتك مع الآباء تأخذ يوماً بعد يوم طريقاً مزدوجاً تتبادل فيه الآراء بينكما ؟
· هل يمنحك الآباء فرصة واسعة لتوضيح لهم الأمور التي لا يوافقون عليها ؟
· هل يتحدثون إليك بصراحة عما يريدون أن يتعلمه طفلهم ؟
· هل يكثر سؤالهم عما يستطيعون تقديمه من خدمات ؟
· هل يتزايد عدد الآباء الذين يقبلون عليك عندما يصادفونك في الشارع أو في السوق أو في أي مكان أخر ؟
· هل يكثر وضعك لنفسك في موضع الآباء وتفكير في الأحوال كما تبدوا لهم ؟
· هل يروى لك الآباء بعض النوادر الصغيرة التي يقولها أطفالهم متصورين أنك ستهتم بسماعها ؟
· وهل أنت مهتم بذلك ؟
· هل يتكلمون بحرية عن الطريقة التي يتقدم بها طفلهم من وجهة نظرهم ؟
· هل تجد نفسك تتلقى الاقتراحات والتعليقات غير المرضية دون أن تشعر بالامتعاض أو القلق أو التحفز للدفاع ؟
· هل تسر حقيقة من الآباء كثيراً ؟
لا يستطيع أحد أن يقول إن الإجابة عن هذه الأسئلة يجب أن تكون بالإيجاب لتكون العلاقات طيبة كما أن ثمة دلائل وراء الإجابات إذا كانت ( لا ) أو ( ربما ) أو ( أحيانا) .
وتؤكد البحوث التربوية إننا عندما نكوّن علاقات فإنما نعالج مجموعة متداخلة من المشاعر والأفكار والتقاليد والتحامُلات والقدرات والخصائص الفردية .
وهذه الزوايا تجعل تقدير العلاقات أمراً صعباً ولكن ها لا يبرر طرح المهمة جانباً على أنها مستحيلة بل يحفزنا ذلك للبحث عن قرينة تدل على التقدم وقد تكون أوصاف التغيرات والتقارير القصصية للعمليات والأحداث من بين أنواع القرائن التي تستحق أن تجمع .
--------------------------------------------------
(1) إيرفنج ستاوت وجريس لانجدون – بحوث تربوية في خدمة المعلم العلاقات بين الآباء والمعلمين – ترجمة : عدلي سليمان – مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر – عام1975 – ص28
(2) نفس المصدر السابق- ص35
(3) نفس المصدر السابق – ص50
(4) نفس المصدر السابق – ص51:52
(5) نفس المصدر السابق – ص49
ساحة النقاش