حين عاد الى قصره ،لاحظ الرجل الثري ان أحد العاملين على بوابة قصره يرتدي زيا رسميا لكنه لا يناسب برودة الشتاء ، فسأله ؛الا تشعر بالبرد ؟
فأجاب ببساطة ؛ اشعر لكن مسئوليات العمل تأخذني كل يوم فتلهيني ، و حين احصل على راتبي أنسى لفحات الهواء و شدة الصقيع ،
تعاطف صاحب القصر مع الرجل ، و وعده بزي مناسب للبرد القارس ، و انه سيرسل له فورا ما يدفئه ، و حين دخل قصره نسي كل شيء ، بينما جلس العامل يرتعد من البرد منتظرا دفئا لا يأتي و وعدا لم يتحقق ، فمات ،
لقد حرك الثري احلام العامل البسيط ، بوعده المنسي ، و العامل الذي تحمل برد السنين لم يستطع تحمل لفحات الانتظار ، لقد حرك عدم احتماله ، و انتظاره ، و مضى ،
و هكذا يكون حال المحركين ،
حين نستسلم لأغنية معينة نسمعها او مقطوعة موسيقية تهديء البال ، او نتابع مسلسلا و أحداثا وابطالا لنستمد منهم الرضا او الغضب ، فيلم ، اخبار على شبكات التواصل ، برنامج يوقفنا عن العمل و يحبطنا عن الإنجاز ، حين نستقبل و لا نفكر ، فنحن نسلم انفسنا للمحركين ، و هم غالبا لا يفكرون الا في مصالحهم و فقط ،
يتولى المحركون الامر بدم بارد و جاذبية مفرطة ، و جودة في العرض وفنون الاداء ، يودون مشاهدهم باحترافية كبيرة لتحريك مشاعر الجماهير ثم سلوكياتهم كأنهم عرائس ماريونت ، يلعبون بعواطفهم ، و يدسون سمهم في وعاء العسل و الهم المختلط بالطموح و الأمل ،
تتأكد الآراء المتحركة للجماهير بعد متابعة اداء المحركين في مشاهد و مواقف رغم الإعادة و التكرارية انها لا تزال تحقق متابعة عالية كأفلام قديمة نشاهدها آلاف المرات ، تتحرك الاّراء يميناً و يسارا هدوءا و اشتعالا ليس وفق العقيدة و المبدأ بل وفق جودة اداء المحركين ، و قد ساهم انتشار الاعلام بوسائله التقليدية و الجديدة في ازدياد حركيّة الاّراء و السلوكيات ، و لم يعد الثبات ممكنا ، و لا تستطيع السلطات المتعددة خاصة اذا تصارعت مصالحها ان تقود الجماهير ، بل ان صراع السلطات يؤدي الى تفتت الجماهير ما يفقدها سيطرتها و طغيانها ، و هذا امر له جانباه من الجودة و السوء ،
عبر العصور استخدم محركو الجماهير نفس القواعد مع اختلاف الادوات التي تتطور بفعل كل عصر و معطياته و مستحدثاته ، فهم يكررون رسائلهم ، و يؤكدونها بيقين مبالغ فيه باستبداد رأي ، و اجبار على تبني وجهة نظرهم و ينجحون غالبا معتمدين على سرعة الانتشار بالعدوى الجماهيرية ، ،
تكريس السلبية و ابقاء الوضع على ما هو عليه ، هو احد اهم اساليب المحركين ، هزيمة القدرة على الفعل المحرك نحو الإنجاز الانساني ، مكتفين بتحريك النفس نحو الغضب ، او السعادة ،
التسلية و الترفيه و الغرق في الفرجة و المتابعة كفعل يومي يلهينا عن كل ما يجب انجازه ،
طبيعي ان الترفيه و التسلية ضرورة للحياة و استراحات إنسانية من مشقات يومية و اجهاد العمل ، لكن الغرق فيهما دون العمل مشكلة ، يغرقنا فيها المحركون ،
عواطف الجماهير متطرفة بين التأكيد و النفي ، شدة القبول او الرفض ، الحب و الكراهية ، الجماهير لا تعرف المنتصف ،
ان امتلاك المؤشر ، و مقاومة ضغوط المحركين بالعمل هو أقصى ما يمكن عمله ، ان نحدد قائمة بما علينا فعله ، و بأوقاتنا و كيف نمضيها ، دعم مسئوليتنا الفردية عن قرارات مهمة تخص يومنا و عمرنا ، هذه ابسط الأساليب لمواجهة ضغوط طغيان المحركين ،
الوعي و عدم الاستسلام ، تحديد الهدف ، امور تدفعنا للمقاومة
، و العمل يمنحنا الحركة بقوة ما نفعل و ما نريد انجازه ،
الهيبة الشخصية- تحديد الهيبة الشخصية وتصنيفها-الهيبة المكتسبة والهيبة الذاتية أو الشخصية- أمثلة متنوعة على ذلك- كيف تموت الهيبة الشخصية.
الموروث الحضاري من السلوك و العقائد يصعب اقتلاعها ، حتى تتحول للتعصب الذي يعمل عليه محركو الجماهير ،