نعم اعرفها تماماً ، هي جميلة طيبة ، فصيحة في كلام قليل و تحية حميمية صادقة ، بصحبة ابنائها غالبا تحمل الاوراق و الاجهزة الالكترونية ، تركن سيارتها ، و تلقي بالبسمات و التحايا على المصادفين ، ذات منصب رفيع ، يتعجب من لا يعرف حين يعرف انها كذلك في ذاك المقام العالي ، الذي لا يمكن لأحد ان يكتشفه الا اذا اقترب ، فاقتربت قليلا ، و احترمت ،
لا ادري تاريخ اليوم الذي حدث فيه التغير بدقة ، لكنني لاحظت عددا من تحولات سابقة على شكل حضورها في لقاءاتنا القصيرة ، شرود ، سلام فاتر ، خلل في الساعة المنضبطة بدقة على مواعيد العمل ومصالح الابناء ، خلل في مواعيد الدخول والخروج ،
تطور الامر الى صمت تام حين نلتقي مصادفة ، كأن اللغة هربت من اللسان الفصيح ، لا سبب عندي و لا تفسير ، لكنها تعرف بالتأكيد ، لا استطيع السؤال هي تحب صناعة المسافات و الحدود و لا تسمح بمزيد من القرب ،
اختفت ، اترقب لقاء الصدفة فلا يحدث ، فجأة وجدتها، صارت معهم ، هؤلاء الذين كنت أشاهدهم فلا أقترب ، واذا اقتربوا ابتعدت ، يثير منظرهم تساؤلاتي لبرهة ثم انصرف كأن شيئاً لم يكن ، نعم هي ، تلملم الاوراق و العلب الفارغة امام مسجد قريب ، حين رأيتها انضمت لقائمتهم ، صدمتني الجميلة الطيبة ، ترتدي هذا الثوب الذي كان راقياً و أعرفه ، لا ادري متى اصبح رَثا متسخا هكذا ، ولا متى توقفت عالية المقام عن الاستحمام ، حدقت فيها ، و هي تبتسم ببساطة لوجه كانت تألفه لكنها لا تبدي اية ذاكرة او ذكريات ، سألتها هل تريد شيئا ، هل استطيع المساعدة ؟؟!! حدقت في وجهي ثم ردت بفصاحة بهلول مخاطبا هارون الرشيد ؛ ( لا حاجة لي عندك ، مملوك و لست الملك ، و لا حاجة لي عندك ، لا حاجة لي عندك )
و ظلت تكررها حتى بكيت فانصرفت 😪😪