حتى اراك
،،
شعوب ، و هموم ، وحسابات مجانية
،،،
منذ أواخر رمضان الماضي نتحدث عن بريطانيا ، الحكومة والملكة ، ورئيس الوزراء والشعب ، والدولار والجنيه الاسترليني واسعار الذهب ، والسلع والصادرات والواردات ، نعم أصبحنا نعلم اكثر من اي وقت مضى اثر اهتزاز جناح الفراشة في بريطانيا على منطقتنا ، مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في معرفة تفاصيل دقيقة كان يعرفها مسئولو وزارات الخارجية والاعلام ، والداخلية ، وقصور الرئاسة في العالم كله ، و لا شيء تفعله هذه المعارف المتناثرة ما لم تجد روابط وتحليلات وتفسيرات حكيمة تمكننا من قطف ثمار احداث يعيشها غيرنا ، ولا نظل ندفع الثمن و فقط ،،
يختلف الزمان ، و يختلف المكان ، وما يترتب على هذين الاختلافين من اثار عظمى تتجلى في نوعية الحياة ، و سمات البشر ، والحجر ، الا ان ارساء واقع جديد سريع التغيير ، صار سمة مميزة لهذا العصر ،
ماذا يحدث ، الى هذا الحد تتشابه الشعوب مع اختلاف الهموم ، ام فرط التواصل ، وسيطرة اصحاب المفاتيح السحرية لتطبيقات السوشيال ميديا صدروا لنا هذا التشابه لصناعة عالم جديد توحده المفاهيم والتعابير والكلمات التي تحتل الصدارة في مؤشرات البحث ، واحلام الشعوب ، وأذواق الناس ؟
تتبادل الجماهير خبراتها اسرع مما نتصور ، مع اختلاف همومها وطموحاتها ، نعيش في منعطف تاريخي يتأكد لنا طغيانه يوما بعد يوم ،و اذا انتصرت الارادة تحققت الاحلام ، و اتضحت الطرق ، و تنوعت الوسائل ، وليس اعظم من هذا التواصل اثرا على توحيد الارادة وتوجيه العقول والقلوب تجاه احلام بمزيد من الحقوق والحريات والوفرة و الامتلاك ، رغم زيادة الازمات ، و حصار لهيب النار من اتجاهات متعددة ، وسط يأس تام ، تخطف مواقع التواصل أنظار الناس لقضايا اخرى فنغرق في تفاصيل تسطو سطوتها فتنسينا الواقع ،
لا انتمي لصف الخبراء في الشأن البريطاني لكني اعتقد ان المسئولين يكونون اكثر نزاهة وصدقا في فترات الوعود الانتخابية ، و قد وعد ديفيد كاميرون بالاستفتاء اثر تزايد عدد الراغبين في الانسحاب من الاتحاد الأوربي بعد اكثر من أربعين عاما على الانضمام دون ثمار جنتها بريطانيا من وجهة نظر الرافضين للاستمرار ، رغم ان بريطانيا حافظت على عملتها الجنيه الاسترليني ، في حين اعتمدت اغلب دول الاتحاد اليورو عملة موحدة ، و حافظت على مكانتها كسوق للمال ، والأعمال والاستثمارات ،
ولان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وعد بإجراء استفتاء حول مستقبل بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، اذا فاز في الانتخابات التشريعية لعام 2015 ، ليكسب الأصوات التي تصاعدت بين كثير من نواب حزب المحافظين وحزب الاستقلال البريطاني ، فقد كان لزاما عليه ان يلتزم بوعوده ،
و رغم جهود كاميرون للحصول على وضع خاص لبريطانيا داخل الاتحاد ونجاحه في ذلك ، الا ان الواقع فرض نفسه وسط هتافات الكترونية في أنحاء العالم تشيد و تقارن و تتوقع سيناريوهات المستقبل البريطاني والاوربي ، و كانت صور وداع كاميرون وأسرته في صدارة المشهد على مواقع التواصل الاجتماعي ، لتحتل صور تيريزا ماي ، ووزير خارجيتها المثير للجدل حديث الناس ،
الشعوب تستقوي بالعدد على الحكومات ، والحكومات تستقوي بالسلطة ، و طرح الموضوعات الحساسة المؤثرة للاستفتاء مخاطرة لكنها ضرورة لمؤشرات الديمقراطية ، وسواء انتصرت الشعوب ام الحكومات فان الجدل لا ينتهي حول تمسك كل طرف بموقفه ، و تنقل لنا مواقع التواصل اساليب وخبرات متنوعة لبناء مواقف واحترام الاخر ، فهل يمكننا البحث عن أوجه الاستفادة من هذه المواقع رخيصة التكلفة عالية الأثر ،
الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا التي احتفلت بعيد ميلادها التسعين هذا العام ، تنشر أخبارها وتكتب اراءها ولا تدخل في جدل خلافي ، يلتقطون معها السيلفي ، و تكمل مشوارها وهي ممتنة انها ما زالت على قيد الحياة ، وتبحث عن مدير لحسابات السوشيال ميديا يعمل لدى الاسرة المالكة بمرتب مجزٍ كما ذكرت الصحف البريطانية ، وقد كتبت ملكة بريطانيا أولى تغريداتها على موقع التواصل "تويتر" في عام 2014، وأطلقت قناة "اليوتيوب" الخاصة بها كانت في عام 2007 ، ومؤكد تتابع اهم ما يدور على مواقع التواصل الاجتماعي لتحتفظ بمملكتها على ارض واقع ضيق ، يتسع فقط بفتح نوافذ آفاق السوشيال ميديا ، التي تتيح حسابات مجانية للملكة والشعب .