حتى اراك

،،، 

 أن أعرف كيف أحب

،،،

كخ

عيب

غلط

غبي

لا

هذه المفردات الاساسية التي يستخدمها الكثيرون وهم يبدأون مشوار التربية الطويل مع الابناء ، ثم يكبر الابناء قليلا فيبدأ فن   سرد الحكايات عن الزمن الجميل الذي تربى فيه  الآباء  مع والدين لهما من القوة والمهابة الكثير ، وحكايات التفوق والأدب والاخلاق الرفيعة التي يحاصر بعض الأهالي بها ابناءهم ،،

فتسمع بفخر عجيب موروثات تكاد تكون مشتركة في اجيال متعاقبة عن الاشادة بأساليب تربوية بحكايات بلغت من الشهرة حد العموم و التوريث ،

- كانت امي اذا اخطأت تقرصني من " لباليبي " ، و تجري ورائي  " بالشبشب "  وحين تشكوني لأبي عند عودته متأخرا من العمل ، يجرني من سريري لعلقة ساخنة ،!!

- لم يسمح ابي لنا بالنقاش الا بعد ان تخرجت  من الجامعة ، وتأكد اني استطيع تحمل المسئولية !!!

- لم نكن نفتح التليفزيون الا بإذن او كمكافأة على تفوق !!!

- لم نكن نجرؤ على التعبير عن أفكارنا اذا تعارضت مع افكارهم  ، بل لم يكن لنا امام أساتذتنا اي رأي هكذا علمنا الآباء!!! 

- لابد ان نكون مؤدبين جدا ولا نرتكب الأخطاء ، ولا نسأل الاسئلة الغبية ، حين يصل ابي من عمله لنحصل على مكافأة !!

- هذه العلامة المميزة اثر علقة تهذيب ساخنة من امي او ابي ،، لكنهما كانا في منتهى الحنان والحسم !! 

،، هذه وغيرها من عبارات يرددها كثير من  الآباء والأمهات بفخر وهم يتحدثون عن جهود والديهم معهم بحسرة وأسى و معاناة من سوء التربية لدى الأجيال الجديدة ،، بعض الآباء والامهات يمجدون في طرق تربوا عليها ، وفقدت مرونتها و تلبيتها لحاجات العصر،،

التربية استثمار لمستقبل افضل ، والمعرفة اهم أسلحة مواجهة التغيرات العصرية المتسارعة المنهكة بقفزات هائلة في كل مجال ، المعرفة تمكننا من اختيار ما ينبغي الحفاظ عليه من موروثات ، وما يتحتم تغييره  ، ليست الام الصالحة هي تلك التي أفنت عمرها في غسل الملابس وكيها ، وطهي الطعام وتنظيف المنزل تنظيفة العيد واستقبال الضيوف ، وفي المساء كانت في قمة الإنهاك و التعب ، ولا قدرة لديها على الاستماع للابناء او مناقشتهم الا باختصار حاسم لإنهاء النقاش ،  طبعا هي هنا تبذل مجهودا كبيرا وعظيما لكنه ليس كافيا بل قد يكون ليس الأهم ، بعض المهام يستطيع ان يقدمها البدلاء ، بالاستعانة بالمعاونين ، مكوجي ، ترزي ، عاملة ، وغير ذلك من اشكال المعاونة ، واذا لم نجد الوفرة او الفرصة لوجود هؤلاء البدلاء ، فيتحتم علينا حسن ترتيب الاولويات ، و صناعة التوازن بين المهام دون افراط في مهمة و التفريط في غيرها ، قد تكون الاهم والأصلح والانفع ،    لن يناقش الابناء و يسمح لهم بالأسئلة ، ويفتح عقولهم ، ويوسع صدورهم ، ويمنحهم الوقت و الجهد على الاستماع لأفكارهم وتنمية ذواتهم ،  برغبة حقيقية في ان يكونوا ثمارا عظيمة الا الآباء والامهات ، نحبهم ، نعم لكن الحب لا يكفي ،  الاهم ،  ان نعرف كيف نحب ،  كيف نحتويهم ، و نحتوي افكارهم اللا محدودة بصبر وقرب ، ان نعرف كيف نمتص غضبنا من افعال ونقاشات مجهدة ، ان نعرف مفاتيح المعرفة و نمنحها لهم ، ان نعرف ونبحث ونتعلم ونتربى و نتجدد يوميا لأجلهم ، ولأجل انفسنا ، كثر المتنافسون في تربية الابناء الان ، وربما لن يسألوك عن اي شيء من ابسط مسألة لاعقدها ، لن يسألوا عن  أمر غامض يقلقهم ، الا اذا تمتعت بنيل ثقتهم ، ومنحتهم امان الكلام ،  والا فمحركات البحث على شبكة الانترنت اقرب ، و أقل إجهادا ، واكثر أمانا وحبا وحنانا ، فماذا سنفعل ؟  

الانانية  تبدو واحدة من ابرز مشاكل  الكبار ، فحين يثق الكبار في انفسهم ، و يرغبون في نقل افكارهم ومعيشتهم وأساليبهم للصغار ، ويفرضون ما يحبونه ، و ما يكرهونه وما ينتقدونه دون نقاش ، فانهم يصادرون حق الاخرين  في الحياة ، و الخاسر هو المجتمع كله ، فالتربية على مهارات التفكير  و النقد والتحليل والابداع ،  والتقييم ، والقبول والرفض وطرح الافكار والنقاش ، كلها امور تحميهم من هجمات فكرية شرسة يتعرضون لها مع تقدم العمر ، التدريب على التفكير يحميهم ويحمينا ، ويساعدنا في اهداء اجيال جديدة مختلفة متطورة لعالم الان  ، بدلا من الانهيار ، والعد التنازلي لمهارات الحياة التي آلت اليه بلادنا ، 

لكل جيل أساليبه وطريقة وأدواته في تربية نفسه ومن يليه ، وحين تتغير الدنيا ، ينبغي ان تتغير الوسائل والاساليب  ، نحن جميعا نتفق على القيم العليا العظيمة لكن الأساليب تتنوع و تتطور ، و تعديل خطط  آباءنا وأمهاتنا  لا يعني ابدا اننا ننتقص من محبتهم في قلوبنا ، 

  "سيدني ألتمان" عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي من أصل كندي، الفائز بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1989  يقول: "إن القمع اللفظي والجسدي لا يصنع إبداعاً، الإبداع يحتاج إلى جناحين، هما: المبادرة، وعدم الخشية من الوقوع في الخطأ، هل رأيتم طائراً يحلق بلا جناحين؟".

 ، أرصدوا ما ينبغي تطويره في تعاملاتكم  مع ابنائكم ، لا تربوا أبناءكم كما تربيتم بل انتقوا ما يمكن استمراره  ، وما ينبغي تغييره ، كثير من الآباء يتمنون لو عاد الزمن ، لتجريب طرق افضل في التعامل مع الآبناء ،  حين ادركوا انهم يحصدون ما زرعوا ،  

نرث طرقا ، وننسى ان لكل زمان طرقه وأساليبه وأدواته مع الحفاظ على القيم الاخلاقية ، 

ونجد الكثير من الاطفال لا يعبرون عن انفسهم ، ولا يكملون الجمل ،  رغم ما يمكن ان يكون داخلهم من ابداع ، وهذه من اكثر الأعراض ظهورا على الابناء الذين يعانون اساليب خاطئة في التعامل ، 

مهارات بناء الجملة ، ومخارج الألفاظ ،  والتعبير عن الذات والتواصل مع الاخرين وطرح الاسئلة ، ودعم الثقة بالنفس ، مهارات تواصل اساسية لبناء شخصية سليمة يقوم عليها اي  بناء لكل تخصص بطرق راسخة ،

مهارات ضبط النفس و ادارة الذات ، والذكاء الانفعالي لن نجدها الا لدى هؤلاء الذين تربوا في أسر سوية متطورة ، 

مهارات ادارة الضغوط ، والتعاون وبناء الفريق واحترام الاخر ،  

مشاعر السلام والمحبة والتعاطف  سنجنيها اذا زرعناها

 

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 595 مشاهدة

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

650,935