مع سرعة الحياة ، و الاداء ، و تحكم التكنولوجيا و فرط التواصل و سرعته ، و تعرض الانسان لعدد هائل من المشاعر المتباينة ازداد الغضب ،
وقد حكم القضاء الاميركي على عدد من النجوم و المشاهير باتباع مجموعة من الحصص و الجلسات للتحكم في الغضب ، بسبب ارتكاب عدد من التصرفات المسيئة للاخرين تحت وطأة الغضب ، من بينها ضرب ناعومي كامبل عارضة الأزياء الشهيرة احد المساعدين بالهاتف المحمول ،
واعتداء شون بن و كانييه ويست على بعض ملتقطي الصور الفوتوغرافية ، و كذلك رمي جاستن بيبر منزل احد الجيران بالبيض ،
و كذلك احكام على بعض قائدي السيارات خاصة النقل و الثقيل ، و الشاحنات ، و كذلك الأطباء ، و الجراحين ، رغم ما كان مشهورا عنهم بهدوء الاعصاب الا ان امراض العصر و سماته تدخلت في احداث تغييرات كبيرة ،
القاسم المشترك لهولاء جميعا انهم يرددون كنت غاضبا جدا ،
و ما يحدث لنا يحدث في كل دول العالم وفي الولايات المتحدة، نحو 10 % من البالغين "لهم سجل في السلوك الغاضب وقدرة للحصول على اسلحة نارية" وفق دراسة مشتركة لجامعات هارفرد وكولومبيا وديوك. كذلك فإن ثلثي المراهقين الاميركيين يعانون نوبات غضب خارجة عن السيطرة وفق دراسة اخرى لجامعة هارفرد ، و في بريطانيا يعترف شخص من كل عشرة أشخاص انه يعيش نوبات غضب. ، فهل يهدأنا ذلك ام يجعلنا نندفع نحو مزيد من الغضب و نستسلم بما اننا شركاء فيه و تدعمنا الأغلبية الغاضبة ، ام نلجأ للحل الثالث ، ادارة الموقف ، ادارة الغضب ، بل و استثماره ، ،، ان احساسنا بالهجوم يدفعنا للدفاع ، و هنا تبدأ المشكلة ، تخفيف الاحساس بالهجوم ، لا احد يهاجمك ، لكنه موقف له عناصر مشتركة لكل منهم ظروفه و دوافعه ،،
الغضب انفعال عاطفي ،،شحنة ، طاقة ، لها علامات ، لكنها قد تأتي في مواقف تحدث دائماً ، كما انها تأتي فجأة وبدون ترتيب ،،لذلك قيّمها ، وضع سيناريو مسبق للتعامل معها ،،
فقد يكون يومك يحتوي على مواقف تحدث باستمرار لذلك لديك العديد من الفرص للتدريب والممارسة على السيطرة على الغضب ،، وكلما تدخلت مبكرًا للسيطرة على غضبك زادت فرصك في النجاح ،، وهناك علامات انت تعرفها عن نفسك ،، توتر عضلي ، جفاف حلق ،سرعة نبضات قلب ، هذه و غيرها كثير ،،
وقت إدراكك لهذه العلامات حدث نفسك بها ،، وأخبر نفسك انك غاضب الان ،، هذا الحديث الذاتي يقوي الوعي بالموقف ، لا تتحدث كثيرا ولا تتخذ قرارات ،، وابحث عن تفسير مختلف لما يدور في ذهنك ويجعلك غاضبا ، ضع احتمالات اكبر بان من أغضبك لديه شيء ما لا تعرفه ،،
،،،،
أغلب مواقف الغضب تلقائية، تحدث فجأة ،، لا تعرفها و قد لا تتوقعها ، لكنك مؤكد تعرف نفسك اكثر من معرفتك بالموقف ، و. تتوقع ردود أفعالك او هكذا ينبغي ،، لذلك استعد انت وتدرب لمواجهة غضبك المحتمل ،،
يحكي ستيفن كوفي في كتابه (العادات السبع للناس الأكثر فعالية) أن رجلاً دخل إلى القطار ومعه خمسة من الأولاد الذين انتشروا في القطار يلعبون ويصدرون الفوضى والإزعاج في حين ظل هو جالسا بكل هدوء دون أن يمنعهم من إزعاج الآخرين. ضاق الناس بالأولاد،، فحادثه الرجل الجالس بجانبه في القطار وهو غاضب يحثه على منع أولاده من مضايقة الآخرين. فقال أبو الأولاد: (لقد ماتت أمهم منذ قليل، ولا أعرف ماذا سأقول لهم..!!). عندها دهش الرجل الغاضب قائلا : ( أنا آسف. هل يمكن أن أفعل لك شيئاً؟؟ ).
لم يضع الغاضبون اية احتمالات لغضبهم سوى ان هذا الرجل غير المبالي بإزعاج الآخرين يضايقهم بأبنائه ،،
الغضب يقلل فرصك في النجاح بل يقلل الفرص التي يمكن ان تحدث لك ،،
يشكو الناس من سوء حظهم ،، وغضبهم تجاه ما يحدث لهم ، وان الحياة تسير على غير ما يخططون له ،، ينسون في ذلك وضع المواقف الحياتية في تقديرها الصحيح ،،
- يواجه الناس غضبهم اما بالكتمان والكبت و التحمل ،، هذا التصرف اذا استمر يجعلك مثل وعاء الضغط،، يظل في حالة الغليان حتى تجد متنفسا ،،فهل تستطيع ان تعيش هكذا في غليان دائم حتى يأتي احدهم ليحرك الامر قليلا فتفرغ الشحنة ،ثم تعود من جديد ،،؟؟!!
- التصرف الثاني حيال الغضب هو الصراخ والصياح والشجار ،، لا احدثكم عن الخسائر التي قد نمر بها على المستوى الجسدي والنفسي والاجتماعي ،، فكل منا مر بتجارب عديدة يعرف نتائجها ،،
- التصرف الثالث هو الاعتداء على من سبب لك الغضب ،، وهذا يجعل الأمور أسوأ من التصرف الثاني ،،
انت الان تدرك رد الفعل المحتمل لغضبك وما يترتب عليه ،، هل يعجبك ؟؟!!
لن يعجبك بالتأكيد ، فما الذي يمكن ان يعجبك ؟؟ ؟ جرب الان سلوكا من اثنين ،،
- اولهما التدرب على التعبير عن غضبك بكلمات حاسمة هادئة ، و بتواصل فعال عبر لغة الجسد المناسبة المعبرة الحاسمة ايضا ، مع تحديد زمن ينبغي ان ينتهي فيه هذا الموقف الحاد الذي لو تُرك دون ادارة انفلت الكثير من الأمور ، ،،
- الثاني اذا كنت في موقف لا يمكنك التعبير فيه عن ذلك فاشغل نفسك عن مصدر غضبك ،، والتمس عذرا ثم مارس تدريبات الإرخاء التصاعدي للعضلات، والاسترخاء بالتحكم في الإيحاءات ، وما يتضمنه من التنفس بعمق ،، على ان يكون زمن الزفير اطول من الشهيق ، وتصور أنك في مكان خاص تشعر فيه بالهدوء والأمن.
،،
استبق غضبك بالتدرب على مواجهته عن طريق
تخيل مواقف تغضبك ،، اشعر نفسك بالتوتر تجاهها كأنها تحدث بالفعل ،،ذكر نفسك بمدى بشاعة من يغضبك وما يغضبك ،، استشعر الغضب الشديد ،،
ابدأ في الاسترخاء ،، الجسدي والعضلي ، خذ نفسا عميقا ،، وبعده نظم نفسك ،،استخدم إيحاءات جيدة تضع فيها سيناريوهات مختلفة لما أغضبك ومن أغضبك ،،
انشغل بأمر اخر ،،
،،
يشكو بعض الناس من فتور شديد في رد الفعل المتوقع ، البعض لا يغضب ، لا يثور ، لا يعطي رد الفعل المناسب للغضب فهل منا من لا يغضبه اي شيء ، مؤكد لا ، لكن بعضنا فقد التفاعل مع معطيات الغضب ، اما انه قرر بارادة حاسمة ان لا يستسلم و اما انه وصل لحالة حقيقية من الفتور الذي قد يؤذي من يتعامل معه ،
وهنا لابد ان نعلم ان للغضب نوعين
- الغضب الإيجابى :ــ وهو ميكانيكيه نلجأ اليها عندما تحبط أهدافنا او هدف منها او نشعر بالتهديد لأنفسنا او لأشخاص او افكار عزيزه علينا .الغضب يساعدنا على الإستجابه السريعه عندما لايكون هناك وقت لتدبر حريص او تحليل عقلانى للموقف. فقد يساعد على حل المشكله او تحقيق الهدف ويحسن من تأكيد الذات والثقه بالنفس عند ازاله التهديد .
-الغضب السلبى و هو الغضب الذي تناولناه في السطور السابقة ، و يصل بصاحبه الى الاندفاع و الخسائر المتتالية ، بل انه يفقد الانسان الكثير من ثقته بذاته ، لانه يبدأ في التعامل مع الناس تحت تأثير غضبه منهم ، و تجنبهم له ، فيشك في محبتهم و تراوده الظنون ، و يزيد الامر سوءا ،،،
،،،
من يحافظون على تطورهم ، و أعصابهم ، و يدخرون جهدهم ، لا يستسلمون للغضب بل يعلمون ان كل موقف يزول ،، ولا يدوم الحال ،،
هذه مهارات أساسية للذكاء الانفعالي وضبط النفس في إطار مهارات التواصل المتقدمة