مهمة شاقة كمن يسير على حبل في سيرك ... تحته النار ويسنده الهواء وقدماه متشبثتان  بحبل رفيع ...

هكذا اشعر حين اكون على الهواء  في كل برنامج ،،فهذا وقت عصيب ....تحكمني الأخلاق  المهنية والقواعد والمعايير ... وصراع اعانيه بين قاعدة مهنية وضمير شخصي .. ،،وتنتصر القاعدة المهنية والأخلاقية  ولا اختيار ..ويشاركني ،،على ما اعتقد ،،ابناء  المهنة  حين يسيرون في الاتجاه الاصعب ؟؟

أتلقى الرسائل ،،على الهواء ،،وإقرأها بتصرف بسيط وصياغة تليق بالراديو ،، وأخبر الناس بذلك ،، أظل أتذكر   بعض الرسائل ،، كثيرا ،،

حين ابلغني عبد الحي ( شاب من مصر ،،مستمع منتظم ) انه يكرهني ،، نعم يكرهني ،، لكنه لم يكن يحول مؤشر الراديو عني أو يغلقه ،،ليسمعني للآخر ،، ويتأكد انه مازال يكرهني !!! ،، لم اغضب ،، كنت اقدر موقفه ،، لكنني أتمنى رضاه هو وكل مستمع  ،، واظل كما انا ،،، احاول اتباع القاعدة المهنية والأخلاقية ،، 

فجأة اخبرني عبد الحي انه غير تفكيره ،، فحين اختلاط الحابل بالنابل ،،، رأي ان التحدي الكبير ان يظل الاعلامي إعلاميا خالصا مخلصا ،،

،، لم أتعجب لكنني  فرحت ،،، حين اكتشف انه يقدرني ،،،، ارسل رسالة مطولة يشرح لي أسبابه ،،،

الجمهور ،،، زبون ،، ليس شرطا ان يكون دائماً  على حق ،، لكن ينبغي علي دائماً ان اقدره واسعى لرضاه ،،واسأل نفسي .. من انا الان ؟؟!! .. والاجابة تنتصر للمهنة ...خاصة على الهواء فاحاول صنع توازن شاق بين أولويات الأحداث الراهنة  وأجندتي الإعلامية التي تسعى لأهداف بعيدة ... وبين تحيز المتلقي الذي يبحث عن دعم لمعتقداته غالبا.. وتحيزاتي التي لا أنكرها لكني لا اسمح لها ابدا بالسيطرة،،

وانظر لمهنة شاقة لها قواعد وأدوات ومعايير لكنها بحكم الواقع تقع رهن ممارسيها بين الفتوة الاعلامي ،، والفهلوي الاعلامي ،،و ،،،الاعلامي الاعلامي ،، العادي جدا ،،

لم يختف الفتوة من الحارة المصرية ،، لكنه قام بتغيير العنوان لينتقل من الحارة الى الفضاء الفسيح !!! لا  يسقط   الفتوة بقرار جماعي   , وإنما يسقط بظهور فتوة آخر ينازعه  ويبارزه  فيهزمه , لينتصر ،، فيقدسه أهل الحارة  ،، حتى تدور الدوائر ويأتي الفتوة الجديد ،،، لكن تظل العلاقة القديمة بين المجتمع والفتوة تسيطر على أطراف المعادلة ، وتعمل على تشويه الجميع ،،الفتوة مستبد ،، واهل المكان ينقسمون  الى فرق ،، كل يحدد دوره ومكانه ومكانته ،

و يظهر على  سطح المشهد  ايضا  الفهلوى الاعلامي   صاحب العقلية و الموهبة ،، لكنه يؤثر ان يسعد  الفتوة ومجتمعه وربما  يخدعهما  لكى يتجنب الغضب و العقاب ،،، هذه الفهلوة  امتد مفعولها الى علاقات ابعد من علاقة التملق باستخدام كافة الأساليب في التعامل بين الفهلوي والفتوة وأهل الحارة ،،،،فاصبح الاعلام يستخدم كل فنونه وذكائه وعناصر إبهاره وإنتاجه ليصل  إلى تملق  الفتوة الذي ( بناء على ما سبق )امتد مفهومه  ليشمل السلطة  ، الجماهير ، او  الادارة ورأس المال ،،

 

والإعلام فى أى بلد يفترض أنه كاشف للحقيقة وموقظ للوعى ومحرض على التغيير نحو الأفضل والأجمل والأصلح ,حين تغزوه الفهلوة والفتونة  ،،، اصبح يسوق لخطاب إعلامى خادع للجميع  بالبريق الإعلامى والإلحاح المتكرر ، ليصبح الإعلام أداة ترويج وتدعيم لوباء خطير ،،،

،،،

واصبح الفتوة والفهلوي هما النموذجان الأكثر ظهورا على الساحة الإعلامية وبالتالي المجتمع كله  ،،وأصبح الانسان الطبيعي صاحب المهنة والقيم و العمل والإبداع هو الدخيل على المجتمع لدرجة اننا نتندر حين يرفض مواطن رشوة ،،او حين نجد مدرسا متمكنا داخل الفصل الدراسي في ( مدرسة الحكومة )  او طبيبا مخلصا في مستشفى عام ،، او أعلاما طبيعيا ،، ونبدأ في سلسلة من التخمينات وسوء الظن ،، في حين ان هذا هو العادي جدا !!!

 

DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 5 ديسمبر 2013 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

651,093