ثم تزول المعرفة ولا يبقى منها الا الجمل المبتورة القصيرة من غير دلالة . لكنها لسبب ما تعجبنا . فنستخدمها في غير موضعها ... وهكذا !!!!!! ولنا في الجبنة التي اكلها الجميع خير دليل, ونعود للحكاية :

من كتاب من الذي حرك قطعة الجبن (سبنسر جونسون): صدر عام 1998، ابطال القصة  أربعة أشخاص يعيشون في متاهة، ويبحثون عن قطع الجبن التي تمدهم بالغذاء و تشعرهم بالسعادة . اثنان منهما  هما"سنيف" و"سكوري" والاثنان الآخران  في حجم الفئران، ولكنهما  يتصرفان كالبشر وهما  "هيم" وهاو".

 

وكأن الجبن هو الهدف الذي  تريد أن تحققه ،  عمل ، اقامة علاقة ناجحة

 الحصول على مال  ، منصب ، سلطة ، كل واحد منا له جبنته ، و ربما هنا هو السر في الانتشار و التداول ، ... واختيار المتاهة التي يعيش فيها الأبطال و يتعرضون لمشكلة البحث عن الجبنة ، هي تعبير  عن المكان الذي نبحث فيه عما نريد-  البيت ، العمل ، مكان الدراسة ، الشارع ، ، وفي نهاية  القصة  ينجح أحد الفريقين في الوصول الى الهدف  بنجاح، ويكتب ما تعلمه من هذه التجربة على جدران المتاهة.

وعندما تقرأ ما كتب على هذه الجدران تكتشف بنفسك كيف يمكنك التعامل مع التغيير الذي يفاجئك و الصدمات التي تصادفها ، ان نتعلم التعامل مع المواقف للوصول الى الهدف ، و  النجاح ،، فكر هاو وعقد العزم على التغيير لأنه لو بقي مكانه فانه حتما سيفنى. وعندما شاهد هيم صديقه يرتدي حذائه بادره قائلاً: لا اصدق انك ستذهب للمتاهة مرة أخرى لا بد أن تنتظر معي هنا حتى يعيدوا لنا الجبن إلى مكانه.  أجاب هاو: ليس هناك من يعيد لنا جبننا, فنحن مسئولون عن أنفسنا لقد حان وقت البحث عن جبن جديد. في بعض الأحيان تتغير الأمور, وهذه هي سنة الحياة !فالحياة تمضي ويجب أن نمضي معها.  انطلق هاو نحو المتاهة وشعر بالخوف الشديد وظل يبحث بين دهاليزها فتارة يرى طريقا مظلما وتارة طريقا مسدودا فتأخر في مشواره وبدأ يتسلل له اليأس حتى انه فكر في الرجوع لصاحبه لعل قطعة الجبن قد رجعت الا انه قد تراجع عن ذلك لأنه ادرك ان ذلك مغامره غير مضمونه وان شعوره ناتج من الخوف. فقال في نفسه: أن اصل متأخراً خير من أن لا اصل على الإطلاق.  و تذكر أن قطعة الجبن كانت تتناقص يوما بعد يوم وليس ذلك فقط بل إن العفن بدأ يكسوها فاستغرب كيف فاته ذلك ولم يلحظه. وكان في جيبه بعض من قطع الجبن القديمة فأخرجها ولاحظ كم قد كساها العفن. فقرر التخلص منها حتى يستطيع أن يجد قطعة جبن جديدة.    بدأ هاو يتخيل نفسه وقد عثر على قطعة جبن طازجة وأنه يتذوق طعمها. عندها انكسر حاجز الخوف الذي شعر به في البداية خاصة بعد أن عثر على بعض قطع الجبن القليلة من هنا وهناك. فكتب على جدار قابله جملا لعل صديقه اذا بدأ البحث يقرأها:

( التحرك في اتجاه جديد يساعدك في العثور على جبن جديد.)
وبدأ يشعر بالسعادة في رحلة المغامرة والبحث عن قطع الجبن ..فأصبح هدفه ليست الجبن فحسب!! بل الاستمتاع بالمغامرة والبحث أيضا وأنكر على نفسه شعوره بالخوف في بداية الطريق. توقف مرة أخرى وكتب على جدار جديد:

( عندما تتجاوز الخوف الكامن بداخلك تشعر بأنك حر.)
كلما تذكر صديقه هيم يكتب بعض اللافتات ويعلقها لعل صديقه يجدها فكتب على لافته (( لكي لا تفنى ابحث عن قطعة جبن جديدة)). وعلى لافتة أخرى كتب: (( لكي تحصل على قطعة جبن جديدة لا بد أن تتخلص من جبنك القديم )) وأيضا:

(( ولكي تحصل على جبن جديد يجب ان تكسر حاجز الخوف بداخلك )).
أدرك هاو مرة أخرى إن ما تخشاه لا يكون بالضرورة سيئاً بالدرجة التي يصورها لك خيالك, وأن الخوف الذي تدعه يتضخم في عقلك أسوأ بكثير من الموقف الذي تعيشه فعلاً.
ومضى في طريقه مستمتعا بالبحث إلى أن وصل إلى موقع وجد فيه قطعة جبن لا بأس بها ففرح وقنع بها في بداية الأمر إلا انه تذكر تجربته القديمة: إن الجبن لن يبقى كما هو وإنما سيتناقص أو يصيبه العفن فقرر أن يأكل من الجبن ثم يعود إلى المتاهة باحثا عن قطعة أخرى ثم يرجع.
ظل على هذا الحال حتى عثر في أحد الأيام على جبل كبير من الجبن المنوّع ففرح به فرحا كبيرا واخذ يأكل ويأكل. ولا غرابة فقد وجد الفأران في نفس المكان يأكلان وقد بدت عليهما البدانة، يبدوا أنهم قد وصلوا منذ زمن. رحب الفأران به واستحسنوا قدومه وإقباله على التغيير.
لكنه اكتشف إن التغيير نعمة من نعم الله تعالى لأنه قاده إلى العثور على الجبن أولا وعلى جانب من قواه الخفية الكامنة داخله ثانياً, ثم تأكد أن اكتشاف الإنسان لذاته أهم من اكتشاف الجبن.
تذكر صديقه وكيف أنه فشل في إقناعه وأدرك انه لكي يتغير هيم فلابد له أن يغير نفسه وطريقة تفكيره ثم كتب على الجدار: عليك أن تطلب من الآخرين أن يتغيروا لكن لا تحاول إجبارهم على ذلك فمن لا يتغير من الداخل لا يتغير أبدا.
فكتب ما استنتجه على لوحه وعلقها أمامه لكي لا تتكرر:
1. لكي لا تفني أبحث عن قطعة جبن جديدة

2. لكي تعثر على قطعة جبن جديدة لا بد أن تتخلص من جبنك القديم

3. اكسر حاجز الخوف واستمتع با البحث والمغامرة لأنك حتما ستلقى ما هو أفضل مما أنت عليه

4. توقع التغيير, لأن الجبن يتحرك باستمرار
5. تغير أنت .. قبل أن تحاول تغيير الآخرين
تناهى إلى مسامع هاو ما خيل إليه انه صوت قادم من أطراف المتاهة.. ثم علا الصوت أكثر وكأن شخصاً ما على وشك دخول المخزن. تساءل هاو: هل هو على وشك أن يرى وجه صديقه القديم هيم.. يدخل إلى المخزن شاحباً ومنهكاً من الجوع وتعب المسير !

شاركونا

عن فطعة الجبن القديمة التي علاها العفن ويجب التخلص منها..

عن رحلة التغيير التي ينبغي ان تبدأ داخلنا بقناعات جديدة واساليب مختلفة من التفكير..

عن توترنا بين الرضا بالوضع مهما كان سيئا والمجهول الذي نخشاه ولا نعرفه...

عن افكار تسجننا فلا نتحرر ولا نتحرك...

عن المنطقة الرمادية الغامضة في فترات التغيير ....

عن الحسم والتركيز...

عن قوة ننتظرها فنفعل ما لا نرغب لنصل الى ما نرغب ...

واخيرا عن المعرفة التي تتوه منا ولا تبقى الا الجمل المبتورة ..

نحن الان نشعر اكثر بمن الذي اكل الجبنة؟؟؟

،،

 الجبنة هنا غذاء الروح....تناولها بالهناوالشفا..!!!!

المصدر: د.نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 589 مشاهدة
نشرت فى 19 ديسمبر 2012 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

590,136