( ١) 

الحفل  

في فرح الصديق الأكبر شهير  الذي تاخر في الزواج قليلا لظروف عمله في حقول البترول البعيدة، اجتمع الثلاثة أصدقاء، شهير العريس، هشام صديقه المقرب، و تامر صديقهما الثالث، 

مي (العروس) ، جميلة، ذكية، تحمل خبرات وجع طفولية عميقة لذكريات أب ثري يعشق الفاتنات من طبقة الفن و الرقص الشرقي، يعربد بأمواله و اجسادهن، و يتشاجر مع امها كل مساء، انغمست العروس في حياة الثراء و الألم و الدراسة، حتى قابلت شهير، شاب هاديء، وسيم وخجول، اختارت ان تتزوجه ففعلت بأقل جهد ممكن ،

 

ليلة الزفاف كانت تفكر في مستقبلها الواضح جدا، جهزت الشقة على أعلى مستوى و انفقت الكثير على الملابس و الحلي، و التحقت قبل الزفاف بالدراسات العليا في مجال التاريخ،

لن تكرر حكايات الماضي لكنها تعرفها جيدا، خبرت كتالوج الشخصيات، الأبطال و الهامشيين،

قررت ان تكون البطلة مهما كلف ذلك، تنظر باعجاب إلى شهير الذي يحقق اختيارا فريدا متميزا لها ، 

تلاحظ كل من في الحفل بدقة ثاقبة، تقرأ و تحلل، و تستفيد من هذا التشابك المتقن في مزيد من ادوات دور البطولة الذي اختارته لحياتها و هذا حقها،  و لحياتهم حتى لو سلبتهم  بعض الحقوق، 

لاحظت صديقتها (سهيلة) تنظر لصديق عريسها ( هشام ) بتفحص لجنة توظيف  تنظر إلى متفوق في كشف الهيئة، اخبرتها انه متزوج، و اشارت لسيدة هادئة تجلس  على طاولة كبيرة خالية من المدعوين الذين قاموا للرقص و مجاملات أخرى ،

نصحتها بصديقهم الثالث  (تامر ) ، الذي يبدو أقل جاذبية، اقل تعليما، اقل مالا و حظا، لكنه اعتاد ان يكون طيبا و لا يمكنه غير ذلك،

لم تبد سهيلة ترحيبا بالمقترح، و اعلنت لصديقتها انها تؤثر  الاستمرار مع زوجها الذي ترفضه،  عن التفكير في تامر الصديق الأقل،

اتجهت العروس نحو امال زوجة هشام الصديق المقرب لشهير، تستكشفها اكثر، و تنسج خيوط الثقة حولها، بينما سهيلة لا تكف عن تفحص زوجها لا اراديا، حتى اتخذت قرارا مفاجئا بالبدء، نظرت لها امال و قد دق ناقوس خطر بقلبها، و العروس تحاول ان تلهيها عن ملاحظة الحوار الذي لا تسمعه و الضحكات التي تراها بين زوجها و بين سهيلة ، 

لم تستطع امال  اخفاء الغضب، و اتجهت مباشرة نحو زوجها تطلب الانصراف، لانها متعبة فرفض، و اقترح عليها ان تتحرك بمفردها لانه لا يستطيع ترك صديقه في يوم عرسه، احتد النقاش بينهما، قررت البقاء حتى ينتهي الحفل،

بذكاء المراقب المنتظر  لاحظت سهيلة هذا التوتر الشديد بين الزوجين فاستثمرت في ذلك و لم تضيع وقتا، 

جمهور كبير من المدعوين، يرقصون و يأكلون، يتهامسون، و يتصايحون ، 

فرحة ام العروس كبيرة، اما  حين حضر طليقها  ابو العروس في أبهى صورة، ازدادت فرحا و ابدت ترحيبا كبيرا به، تتباهى امامه بالعروس و اخوتها الذكور، و هو هاجرهم، تستعرض  اناقتها بعد ان كسبت عددا من القضايا ضده، و اثبتت بسهولة عن طريق محاميها اليقظ ثرواته و صولاته و جولاته،فأضافت رقما معتبرا لثروتها في البنك، 

المشاعر تتطاير، فرح و ألم، خوف و شوق، شغف و انطفاء، مكائد و مصائد، كل هذا و أكثر تلتقطه كاميرا نيرفانا  المصورة المحترفة، مصممة حفل الزفاف التي تستطيع ان تقرأ جيدا ما تقع عدسة كاميرتها عليه، 

تعمل نيرفانا بثلاثة كاميرات، حيث تكلف اثنين من المساعدين بالتقاط الفيديوهات في الاماكن التي تنشغل عنها، حتى لا تفوتها لحظة من الحفل، يتعاقدون معها في كل مناسباتهم و ينتظرون البومات الصور و الفيديوهات كما ينتظر جمهور السينما فيلم نجمه المفضل،

ليلة طويلة تفاصيلها متشابكة ، متى تنتهي؟

 

المصدر: دكتورة نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 66 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2021 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

590,179