الايجو و وسائل الاتصال ( انتصارات هشة و هزائم عميقة )
،،،،
قدم المحلل النفسي النمساوي سيجموند فرويد دراسة تحليلية مهمة للنفس الانسانية عام 1923 ، قدم فرويد من خلالها ثلاثة مصطلحات وفق ما يعرف ب "النظرية البنيوية" " Structural theory" ليصف فكرته عن العلاقة بين العقل الواعي consciousness ، و اللا واعي unconsciousness ، حيث يرى فرويد أن الشخصية مكونة من ثلاثة أنظمة متفاعلة 'id' و 'ego' و 'super-ego'.
الايجو يتعامل مع الواقع الخارجي، والسوبر ايجو هو الضمير و القيم الاخلاقية و المعايير التي تمثل المحاكمة الأخلاقية الداخلية ، اما ال ID فهي مخزن الرغبات و يتضمن جانبين ، جانب فطري يرتبط بالغرائز اللاواعية و جانب مكتسب و يتضمن المشاعر والدوافع المكبوتة ،
بعض الباحثين يربطون ال id بالجانب البيولوجي للشخصية، وال ego بالجانب السيكولوجي للشخصية، وال super-ego بالجانب السسيولوجى للشخصية ،
الايجو حالة التوسط ، و يسعى الى احداث التوازن بين الفطرة البدائية (حاجات الانسان و غرائزه ) ، و بين الاخلاق و الضمير و القيم المتحضرة ( المتفق عليها في مجتمعه من خلال أسرته و مدرسته و اصدقائه ، و في ذاته العليا ) ، و اذا لم يحدث التوازن المنشود بين الفطرة و الذات العليا ينتاب الانسان القلق و يلجأ إلى تقلبله بالعديد من الحيل الدفاعية ، و يمر هنا بعديد من الاضطرابات الشخصية ،
الاصل ان يستطيع غالبية البشر احداث التوازن بين حاجاتهم الفطرية و مثلهم العليا و ضمائرهم ، الانسان يحتاج للمال فيسعى و يعمل للحصول عليه ، الانسان يحتاج الطعام و الشراب فيسعى لإشباع جوعه و عطشه ، و لا يسرق و لا يقتل من اجل هذا الهدف للحصول على إشباع مفرط ، الاصل في الانسان هو التوازن ،
لكن مع تطور الاتصال بين البشر ، و عرض النماذج الانسانية من خلال وسائل الاتصال الحديثة التي تغوص في اعماق النفس البشرية و تسرد قصص الناس و حكاياتهم ، و تبرز شخصيات الأبطال المتصارعة ، و دراما الاحلام و الاوهام الكوميدية و التراجيدية ، لدرجة انها تضفي الاثارة و الغموض على ابطال القصص الواقعية ، تبرز الانتصارات الهشة في مشاجرات الشارع ، على انها بطولات ، تقدم افراد العصابة كشخصيات جذابة ساحرة ، ملأت فراغ احلام الناس و طموحاتهم بخيالات مريضة و شخصيات مدمرة ، بدأ الخلل ينتشر و يتجلى ذلك في زيادة اعداد الناس الذين يصارعون و يضطربون و لا يستطيعون إشباع حاجاتهم مع حفاظهم على القيم و الضمائر ،
و حين يختل التوازن بين الواقع و الهدف الحلم ، يقع الانسان في مصائد الايجو الذي يدافع عن حقوقه في الحياة و شهواته و يلجأ للحيل الدفاعية المخادعة او الشرسة كنظام حماية يحافظ من خلاله الانسان على مكانته ، و صورته و كبريائه و بقائه و قيمته بين الناس ، فيغضب و يصارع و يقاتل و يدافع عن ذاته من اي مساس خارجي يؤذيه او يتصور انه يؤذيه او حتى يتوقع ذلك ،
و من هنا أدى تضخم الايجو عند عدد كبير من الناس الى ظهور مشاكل جديدة و اجهاد متزايد في عمليات الاتصال بين الناس ،