تقرير خاص - أمل الأمة

القضاء على قدرات العراق العسكرية والتكنولوجيه لتنفرد بها اسرائيل فى المنطقة

لعل أهم الأهداف غير المعلنة إحداث تغيير في بنية العراق بتقسيمها وتفتيتها. وخيار التقسيم هذا يرجع إلى امتلاك العراق كل وسائل القوة .. الأرض الواسعة، والثروة الكبيرة، والقوة البشرية المؤهلة، والتفوق العلمي والتكنولوجي في المجال العسكري، والتقسيم يعني القضاء على هذه القوة أو تحجيمها وإضعافها، وبالتالي إضعاف الصف العربي في مواجهة القوى الصهيونية والغربية ممثلة بأمريكا .

وإن كان في الوقت نفسه هناك مؤشرات ودلالات تؤكد أن أمريكا حريصة على استقرار المنطقة للحفاظ على مصالحها الحيوية فيها ، وتقسيم العراق والزج به في أتون حرب أهلية غير مضمونة النتائج قد تؤثر على استقرار المنطقة برمتها ، كما أنه سيخل بميزان القوى في المنطقة، وربما كان خيار التقسيم حسب استراتيجية قديمة ، أما في المرحلة الراهنة مرحلة انتهاء الحرب الباردة وزوال القوة الاشتراكية " الاتحاد السوفيتي السابق " ودخول المنطقة في عملية السلام مع إسرائيل فإنه من المحتمل أن تكون أمريكا قد عدلت عن هذه الخطة –خطة التقسيم- إلى الإبقاء على العراق كدولة واحدة، ولكن دولة ضعيفة لا تقوى على المواجهة، وصنع الأحداث والاستقلال بالقرار ، وفي الوقت نفسه تعطي للوجود الأمريكي في منطقة الخليج مبررات البقاء بحجة حماية حلفائها من خطر التهديد العراقي ، وهذا أيضاً يعطي دافعاً لتلك الدول لشراء السلاح الأمريكي بشكل أكبر من ذي قبل، وهذا ما هو حاصل اليوم حيث تعقد صفقات السلاح بالمليارات .

من أجل توطين الفلسطينيين في العراق

استعرضت دراسة جديدة صدرت عن مركز العودة الفلسطيني في العاصمة البريطانية لندن عنوانها: "اللاجئون الفلسطينيون في العراق" من إعداد الباحث أحمد أبو شلال نشأة فكرة التوطين في العراق في الفكر الصهيوني منذ عهد ما قبل قيام إسرائيل. ويشير أبو شلال في الدراسة التي تربط مقدمتها بين الحصار المفروض على العراق منذ نحو 10 أعوام وبين رفضه الانخراط في العملية السلمية وقبول توطين اللاجئين إلى الدور البريطاني في مشروع التوطين في العراق، كما ظهر في وثائق الخارجية البريطانية التي أُميط عنها اللثام عام 1985، كما يتحدث عن المحاولات الجديدة لإعادة مشروع التوطين والمساعي الحثيثة والضغوط الكبيرة التي تمارسها الإدارة الأمريكية على العراق من أجل قبول توطين الفلسطينيين لديه.

وتطرقت الدراسة في فصل عنوانه: "لماذا العراق؟" إلى الأسباب الحقيقية التي تجعل العراق البلد النموذجي لتوطين اللاجئين كما يراه الإسرائيليون والدول الغربية الداعمة لهم، ومنها أن اللاجئين الفلسطينيين هم من المسلمين السنة، وذلك من شأنه أن يحد من التوغّل الشيعي الموالي لإيران، ويخلق حالة من التوازن الطائفي في المنطقة. كذلك فإن مساحة العراق الكبيرة وبعده النسبي عن بؤرة الصراع والاحتكاك في فلسطين وما يتمتع به من خيرات وثروات كبيرة، كل ذلك يؤهّله لأن يكوّن المكان المناسب للتوطين، وهناك مراهنة على تنازل العراق عن رفضه التوطين مقابل رفع الحصار عنه.

السيطرة على نفط الشرق الأوسط

معركة من أجل السيطرة على الطاقة.
هذا هو بالحرف عنوان الدراسة التي سبق نشرها في ربيع العام الحالي ـ وقبل أن يطلع سدنة السياسة في واشنطن بحكاية خطر أسلحة العراق ودور العراق في محور الشر ومن ثم ضرورة شن الحرب على العراق. الدراسة كتبها خبيران في شئون
النفط وأسواقه العالمية هما إدوار مورس (كان وكيل الخارجية الأميركية المسئول عن سياسات الطاقة) وجيمس ريتشارد وهو من كبار الخبراء في مجالات الاستثمارات النفطية.

الدراسة منشورة في عدد مارس وابريل 2002 من مجلة الشئون الخارجية (فورين أفيرز) ومرة أخرى يوجه صاحباها السهام الى المملكة السعودية ودورها في سوق النفط العالمية وهو دور طليعي في ضوء أحجام الانتاج والاحتياطيات التي تضطلع بها الدولة العربية الشقيقة.

في هذا المضمار بالذات يلاحظ أيضا نوع من التكريس والتضخيم لدور العراق النفطي وخاصة في حقبة ما بعد صدام وهي ـ كما لا يخفى على فطنتك ـ حقبة ما بعد الحرب حيث يبدأ الفرقاء في حصد الأسلاب وتعداد المغانم.. وكأن القوم يقولون للشعب الأميركي أن ثمة جائزة يفوح منها «عبير الجاز» تنتظر واشنطن.. فقط إذا ما وافقت قطاعات الرأي العام على تعبئة الجيوش وتسيير الأساطيل وارسال حاملات الطائرات لتخوض حربها المرتقبة في مسرح العراق.

مكانة العراق النفطية
ليست صدفة إذن أن تنشر كبريات الصحف الأميركية ـ في هذه الفترة بالذات ـ أحدث الاحصاءات عن جائزة العراق ـ النفطية.. وأن ترصع هذه الاحصاءات بجدول له عنوانان يقول أولهما: - العراق منتج رئيسي للبترول.

ويقول ثانيهما في مواجهة العنوان الأول: - وأميركا هي أفضل زبون لهذا البترول.

وتحت هذين العنوانين يطالع القارئ الأميركي قصائد التغزل الاحصائي المشبوب في «وعود» البترول العراقي وعلى رأسها حقيقة أن العراق يضم ثاني أكبر احتياطيات نفطية في دول الأوبك (1125 مليار برميل) بعد السعودية (2593 مليار برميل) ويليه الكويت (94 مليار) ثم الامارات (922 ملياراً) وبعدها ايران (897 ملياراً) وأخيرا تأتي في ذيل قائمة الشرف البترولية فنزويلا، الجارة المشاغبة لأميركا (779 مليار برميل).

والمعنى بغير مواربة أن الدول الصناعية الفاعلة في العالم تدور تروسها وتهدد ماكيناتها وتتواصل رفاهيتها بفضل تدفقات نفط الشرق الأوسط (وفنزويلا الى حد محدد) في شرايين تلك الأقطار.

دراسة مهمة
من هنا تكتمل الصورة بالدراسة التي نشرتها في الأيام القليلة الماضية الكاتبة الأميركية «نيلا بانريجي» وحذرت فيها أساسا من خطر حرب أميركا «العراقية» حرب الخليج الثالثة على اقتصاديات البترول ومن ثم حملت هذه الدراسة العنوان التالي:

- الخبراء يقولون: ان استقرار أسعار النفط العالمية من المرجح أن يكون أول من يسقط صريعا من ضحايا الحرب المقبلة.

تؤكد الدراسة في مستهلها أن حملة بوش ضد صدام حسين تحفل بعدد من الألغاز أو المجاهيل، كما تسميها الدراسة التي ما زالت محجوبة أو لم تجد طريقها الى التفسير بعد. لكن ثمة عنصرا متوقعا ومعروفا بشكل مسبق وهو أن حملة بوش على العراق كفيلة بأن تهز أسواق النفط العالمية من أساسها.

والخشية هنا أمر طبيعي حيث يتوقع الخبراء أن تتعطل حركة الامدادات مما ينخفض معه العرض السوقي وترتفع الأسعار ربما الى مستويات لا تطيقها ولا تحتملها أسواق الاستهلاك.

مع ذلك ينقسم خبراء البترول الى متشائم خوفا على وحدة العراق وخشية اندلاع صراعات أهلية ـ داخلية في ساحاته مما يؤدي الى تعطل الامداد النفطي، وبين متفائل بأن البترول سوف يكتسب مكانة أهم وأرفع في عراق المستقبل أو على حد تعبير جريج سوليفان خبير شئون النفط في الخارجية الأميركية: سيكون البترول هو عصب الحركة ودينامو دورانها في جهود اعادة إعمار العراق.

وبالمناسبة ـ تشير الكاتبة الأميركية التي نحيل اليها ـ الى أن الخارجية الأميركية تضم حاليا عدة مجموعات عمل عاكفة منذ فترة على تجهيز خطط لعراق ما بعد صدام حسين، وإن كان سوليفان يقول مؤكدا: - لن يحتاج إعمار العراق أي مشروع مارشال (على غرار مشروع تعمير أوروبا بعد الحرب العالمية) لأن بترول العراق سوف يتولى هذه المسألة دون حاجة لمساعدات أخرى.

نتائج مخيفة

من ناحية أخرى، هناك من الخبراء من تساورهم الخشية من أن تؤدي الحملة العسكرية الأميركية الى نتائج لا تحمد عقباها ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بعواقبها.. منهم من يخشى من اضطرابات في مناطق الجوار بشبه الجزيرة العربية بسبب المشاعر المعادية للعمليات العسكرية الأميركية، ومنهم من يخشى ردودا انتقامية من جانب النظام العراقي أو بعض فعالياته أو عناصره وقد تتخذ هذه الردود شكل أعمال تخريبية واسعة النطاق، خطيرة الآثار وقد تمتد لتلحق أفدح الأخطار بآبار البترول على امتداد مناطق الاستخراج أو الانتاج أو التصدير.

هذه المعطيات كلها دفعت لفيفا من المراقبين والمحللين الى رصد البعد البترولي في كل ما يدور في العاصمة الأميركية ـ الادارة في واشنطن والأمم المتحدة وفي نيويورك ومراكز الانتاج الصناعي ومواقع النشاط المصرفي، ناهيك بدوائر الانتخابات التي ينشط في محيطها اعضاء مجلسي الكونغرس.

وقد يبدو هذا البعد النفطي مستترا وقد يبدو متواريا في سلم الأولويات المطروح ـ دعائيا على الأقل ـ وقد تغطي عليه دعايات الميديا الرهيبة بشأن تحولات الديمقراطية واسقاط الديكتاتورية وتكسير محور الشر.. الخ.. لكن محور البترول يظل موجودا وفاعلا ومؤثرا ولو من وراء حجاب.. وكم هو دقيق ذلك التوصيف الذي ورد على لسان لورنس جولدشتاين رئيس مؤسسة بحوث البترول في الولايات المتحدة حين قال:
- المسألة ليست حول البترول.. عظيم لكنها لاتلبث أن تتحول لتصبح.. حول البترول..!

الحكومة المصرية والشعب المصري يعرفان هذه المرة أن الهدف من هذا العدوان الجديد علي العراق هو خدمة إسرائيل والاستيلاء علي ثروة العراق النفطية . أن موقف مصر في الحرب القادمة يجب أن يكون واضحا ضد العدوان وعلي مصر أن تلعب الدور المحوري الذي لعبته في الحرب الماضية . مطلوب من مصر أن تشكل تحالفا عربيا رافضا للعدوان مؤيدا للعراق وداعما له . فقد كان جيش العراق إلى جانب فلسطين ومصر وسوريا في حروبهم ضد إسرائيل فلا أقل من أن ترد الجميل .

 

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 110 مشاهدة
نشرت فى 25 مايو 2011 بواسطة DrKasem

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

276,052