الفلسفة الإسلامية هي مجموع الأفكار والآراء والنظريات والمذاهب التي نشأت وتطورت حول العقيدة الإسلامية، وما تفرع عنها من قضايا ومشكلات استدعت ظهور فرق وشخصيات تجادل بعضها مع بعض، كما تجادل بعضها مع أصحاب العقائد والمذاهب الأخرى التي عاشت في المجتمعات الإسلامية القديمة.

         ومن المعروف أن هذه الفلسفة قد صدرت وتفاعلت مع المصادر الإسلامية الخالصة كالقرآن الكريم والسنة النبوية ، ثم مع ما تلقاه المسلمون من الثقافات والحضارات السابقة عليهم وبصفة خاصة الثقافة الإغريقية والحضارتين الفارسية والهندية ، إلى جانب ما تحاوروا حوله مع أصحاب الديانتين السماويتين: اليهودية والمسيحية

           والواقع أن الفلسفة الإسلامية في وضعها الذي وصلنا لا تقتصر على مجال واحد، بل إنها تضم عدة مجالات أبرزها: الفلسفة ذات الاستلهام الإغريقي كما تمثل لدى الكندي والفارابي وابن سينا وأمثالهم، وعلم المنطق كما ظهر عند ابن سينا والغزالي وابن رشد، وعلم الكلام أو علم التوحيد كما تمثل في ثلاث مدارس كبرى هي: المعتزلة والأشاعرة والماتريدية، وعلم مقالات الفرق كما ورد في مؤلفات أهل السنة والشيعة والخوارج، وعلم التصوف في مظاهره المختلفة سواء كان لدى المحاسبي والمكي أو الحلاج والسهرودي وابن عربي، وعلم الأخلاق كما تجلى عند مسكويه والسبكي وابن الجوزي، وآداب البحث والمناظرة الذي ورد إلينا في صورة رسائل قصيرة ولكنها شديدة التركيز، أو تطبيقات عملية لدى العديد من مفكري الإسلام وأبرزهم ابن حزم الأندلسي.

ولا شك أن الفلسفة الإسلامية قد قامت بأدوارها العديدة في المجالات المذكورة خلال العصور السابقة، وكان أهمها محاولة الرد العقلي على خصوم الإسلام بواسطة استخدام نفس الأدلة والحجج التي اعتمد عليها هؤلاء بعيدًا في معظم الأحيان عن النصوص الدينية لعدم اعترافهم بها، كما كان من أدوارها محاولة الرد على خصوم التيار العام المسمى بمذهب أهل السنة والجماعة، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك ما قام به أبو حامد الغزالى في الرد على طائفة الباطنية في كتاب شهير ومفحم عرف بعنوان "فضائح الباطنية" ، وكان من أدوار الفلسفة الإسلامية الرئيسية محاولة التوفيق بين الدين والفلسفة التي وفدت على العالم الإسلامي في مطلع الاحتكاك الثقافي الذي تم بين مختلف الشعوب والحضارات على عهد الدولة العباسية… أما الدور المهم، والذي لم يلق عليه حتى الآن ضوء كاف من الدارسين ، فهو انتشار علم المنطق الأرسطي في دوائر التعليم، والإفادة منه في حركة التأليف العربية التي شاعت في كل المجتمعات الإسلامية.

ومما يلاحظ بوضوح أن مصطلح الفلسفة الإسلامية لم يجد لدى جمهور المسلمين القدر الذي كان يستحقه من الذيوع والرعاية، وإن ظلت عناصر تلك الفلسفة موجودة ومستمرة، وذلك على الرغم من رفض الفقهاء وأهل الحديث بالذات لمجال الفلسفة ذات الاستلهام اليوناني، وهى التي هاجمها بكل قسوة شخصيات دينية كبيرة مثل الغزالي وابن تيمية، وقد استمر هذا النكران لمصطلح الفلسفة الإسلامية بصفة عامة حتى العصر الحديث، وعودة احتكاك العالم الإسلامي بأوربا وظهور الدراسات الاستشراقية التي راحت تلقى الضوء على بعض الأعلام المتميزين في الفلسفة الإسلامية مثل الفارابى وابن سينا وابن رشد واخوان الصفا، وابن خلدون (في علم الاجتماع وفلسفة التاريخ)، إلى جانب نشر العديد من مخطوطات الفلسفة الإسلامية وترجمتها إلى اللغات الأوربية الحديثة، وهو الأمر الذي شجع الباحثين الجدد على مزيد من الاهتمام بالفلسفة الإسلامية، وقيام الجامعات الأوربية بتخصيص الكراسي العلمية لأساتذتها، وعقد المؤتمرات لمناقشة قضاياها ونظرياتها.

الواقع أن جامعة القاهرة كانت هي أولى الجامعات العربية التي احتضنت تخصص الفلسفة الإسلامية، واستقدمت لتدريسها بعض المستشرقين إلى أن نهض بها الشيخ مصطفى عبد الرازق، وألف أول كتاب منهجي في اللغة العربية بعنوان (تمهيد لدراسة الفلسفة الإسلامية) يتناول نشأتها ونظرياتها، ويعرض لمستقبلها، وعلاقتها الوثيقة بعلم أصول الفقه، ثم تلا الشيخ مجموعة من كبار الأساتذة الرواد الذين شاعت بهم واستقرت الفلسفة الإسلامية في الجامعات العربية والإسلامية ومنهم: أبو العلا عفيفي وعلى النشار ومحمود قاسم ومحمد البهي وعبد الحليم محمود وجورج قنواتي وعبد الرحمن بدوي.. الخ وبالتوازي مع ذلك، كان للكتاب الذي ألفه محمد إقبال، وترجم إلى العربية في الخمسينات بعنوان (تجديد التفكير الديني في الإسلام) أثره الكبير في الاعتراف النهائي بالفلسفة الإسلامية كمصطلح، ومنهج، وموضوعات داخل المجتمعات العربية والإسلامية الحديثة.

 

Dr-mostafafahmy

د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 648 مشاهدة
نشرت فى 1 يونيو 2011 بواسطة Dr-mostafafahmy

ساحة النقاش

مصطفى فهمي

Dr-mostafafahmy
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

475,523