موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

غفر الله ورحم د/السيد محمد الدقن وزوجته وأدخلهما فسيح جناته

authentication required

 
مجلس شورى النواب ( 1866-1876) في ميزان التاريخ
أ.د.السيد محمد الدقن    
   حين تولى الخديوي اسماعيل الحكم سنة 1863 م لم يكن بمصر هيئة نيابية تمثل الشعب منذ إلغاء مجلس الشورى -قصير العمر- الذي أنشأه محمد علي ثم ألغاه نتيجة لطبيعته الاستبدادية، ثم انقضى عهدي عباس وسعيد دون أن يجتمع المجلس، فلما تولى اسمعيل فكر في إنشاء مجلس شورى النواب، ولم يكن اسماعيل يرمي بذلك إلى تطبيق الحكم الدستوري في مصر، فقد كان من أخص صفاته ميله إلى الانفراد بالحكم والاستئثار بالأمر والنهي وإنما أراد أن يجعل منه هيئة استشارية تزيد من رونق الحكم وبهائه، وقد أنشئ هذا المجلس سنة 1866م.
   
   وبالرجوع إلى لائحتي المجلس اللتين تنظمان طريقة انتخابه واختصاصاته، يتضح أنه مجلس استشاري  لا يزيد عن 75 عضوا ينتخبون لمدة ثلاث سنوات بواسطة عمد البلاد ومشايخها، ويجتمع شهرين كل سنة وجلساته سرية وليس له رأي نافذ فينا يعرض عليه من الشئون، وعلى ذلك فلم يكن لهذا المجلس بهذه الصورة أي تأثير عملي في سياسة الحكومة، ولو جعل اسماعيل لهذا المجلس سلطات قطعية في شئون الحكم ولا سيما في مسألة الضرائب والقروض، لكان حقا بعثا لروح النهضة ولأمكن أن تنال مصر على يديه مزايا عظيمة، خصوصا وأن تصرفات الحكومة المالية وقتئذ كانت في أشد الحاجة إلى رقابة فعلية تتولاها هيئة نيابية، ولو وجدت هذه الرقابة لأمكن انقاذ البلاد من هذه القروض الجسيمة التي افضت إلى التدخل الأجنبي في شئون مصر.
   
  ومما هو جدير بالذكر أن مجلس شورى النواب قد ولد ضعيفا في تأثيره في مجريات الحوادث، محدودا في مواقفه وخططه وأعماله ونفوذه الشكلي، وذلك لعدة عوامل أهمها:
* أسس المجلس ولم  تسبقه حركة مطالبة من الأمة؛ الأمر الذي جعله يأخذ شكل المنحة من الحاكم، ومن ثم فلا يجرؤ على معارضته.
*حصر حق الانتخاب في العمد والمشايخ جعل المجلس جديرا بأن يسمى "مجلس الأعيان"، وبذلك كان تمثيل طبقة الصناع والتجار ضعيفا لا يؤثر في طابع المجلس، كما جعله خاليا من تمثيل طبقة المتعلمين من خريجي المدارس والبعثات العلمية منذ عهد محمد علي، وبذلك حرم المجلس من تلك العناصر المثقفة التي تبث في الهيئات النيابية الحرية والاستقلال في الرأي، وتبعث فيها الشجاعة الأدبية والشعور بالواجب.
*كانت البلاد كانت-وقت تأسيس المجلس- خالية من الصحافة التي تنبه الأفكار وترشد النواب إلى واجباتهم وتبصرهم بحقائق الأمور.
*كانت البلاد -وقت تأسيس المجلس- خالية من الجمعيات السياسية التي تبث في النواب أفكارها  ومبادئها القومية، ويتألف منها ومن الصحافة رأي عام يراقب المجلس ويوجهه إلى الوجهة التي ينشدها.
*كانت البلاد -وقت تأسيس هذا المجلس- خالية من الضمانات القانونية أو القضائية التي تحمي الراء وتكقلها.
 

  وبذلك  فلا غرو أن رأينا هذا المجلس ضعيفا في تأثره في أدوار انعقاده في الفترة من 1866 -حين أنشئ إلى 1876 حين دخلت الحياة النيابية في مصر عصرا جديدا يمتاز بظهور روح النهضة والمعارضة التي افضت إلى اشتعال الحركة الوطنية وازدهارها. 

المصدر: أ.د. السيد محمد الدقن، دراسات في تاريخ مصر الحديث والمعاصر(القاهرة: المؤلف، د.ت)
DRDEQENSAYED

ربي اغفر وارحم عبدك السيد محمد الدقن وزوجته - نسألكم الفاتحة والدعاء وجزاكم الله خيرا ولكم بمثل ما دعوتم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 644 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2018 بواسطة DRDEQENSAYED

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

149,500

ابحث

موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

DRDEQENSAYED
يهدف هذا الموقع إلى نشر أجزاء من علم العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى المؤرخ المصري الدكتور السيد محمد الدقن غفر الله له ورحمه، أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، وكذلك نشر كل ما قد يكون في ميزان حسناته وحسنات زوجته رحمهما الله، نسألكم الدعاء والفاتحة للفقيد والفقيدة ولكم بمثل ما دعوتم »