موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

غفر الله ورحم د/السيد محمد الدقن وزوجته وأدخلهما فسيح جناته

طريق الحج العراقي عبر التاريخ - أ. د. السيد محمد الدقن
   
     هذا الطريق يطلق عليه المؤرخون والجغرافيون " درب زبيدة" نسبة إلى السيدة زبيدة بنت جعفر بن ألبي جعفر زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد؛ نظرا لما قامت به هذه السيدة الجليلة من جليل الأعمال على طول هذا الدرب؛ فقد اهتمت بتوفير المياه للحجيج على طول الطريق، فأمرت بحفر الآبار وإقامة الصهاريج والخزانات، وتشييد العديد من المباني لتقديم خدمات لحجاج بيت الله الحرام في المحطات المختلفة، ولعل "عين زبيدة" الشهيرة أوضح دليل على ذلك، ومن ثم فلا غرو أن يحمل هذا الطريق اسمها.
 
    ويبدأ هذا الطريق من الكوفة بالعراق إلى مكة المكرمة، ويمتد على مسافة تقترب من 1300 كيلومتر، وقد عرف هذا الطريق قبل الإسلام باسم "طريق الحيرة/مكة المكرمة" وكانت الحيرة على بعد ثلاثة أميال من موضع الكوفة حاليا، ثم حلت الكوفة محلها مع إشراقة الإسلام على بلاد العراق في عهد الخليفة عمر بن خطاب رضي الله عنه، وقد ازدهر طريق الكوفة/ مكة المكرمة والمدينة المنورة بازدهار الفتوح الإسلامية في المشرق وبانتقال الحكم إلى العباسيين واتخاذ بغداد عاصمة للدولة الإسلامية؛ حيث ازداد عدد الحجاج زيادة هائلة.
   
الكوفة-القادسية-العذيب-مغيثة-القرعاء-واقصة-العقبة-القاع-زبالة-الشقوق-البطان -الثعلبية-الخزيمية-الأجفر-فيد-سميرا-الحاجر-النقرة- مغيثة الملوان-الزبدة-السليلة-عمق-معدن بني سليم-الأفيعية-السلح-غمرة-ذات عرق- بستان ابن معمر- مكة المكرمة.
     
   
   وتسابق الخلفاء العباسيين في مجمل أعمال الخير على هذا الطريق وصيانته وإصلاحه، ولم يقتصر هذا التسابق على الخلفاء بل تعداه إلى زوجاتهم، وقد برز في هذا الميدان السيدة الخيزران زوج المهدي وأم الرشيد والسيدة زبيدة زوج الرشيد، وقد بلغ اهتمام الخلفاء أن يأمر أبو العباس السفاح بتسجيل علامات الأميال وبناء المنارات وإيقاد النيران عليها ليلا لهداية الحجاج في مسيرتهم، وأن يأمر المأمون بزرع جانبي الطريق من بغداد إلى مكة المكرمة. ولقد بلغ اهتمام الدولة العباسية بالعناية بطريق الحج أن جعلها تعين الولاة للإشراف عليه لتوفير الأمن والطمأنينة لضيوف الرحمن، أو أن يوضع الطريق تحت إمرة أقرب الولاة.
        أما عن منازل طريق الحج العراقي فقد كان من المعتاد أن تبدأ مسيرة قوافل الحجيج في اليوم الرابع من ذي القعدة لتصل إلى مكة المكرمة في اليوم الخامس من ذي الحجة؛ حيث تستغرق الرحلة حوالي الشهر ينزل الحجاج في محطات (منازل) متعددة للاستراحة والتزود بالماء والزاد، وكانت المنازل الرئيسية لطريق الحج العراقي هي:
   وأما عن محمل الحج العراقي، فنظرا لاهتمام خلفاء بني العباس بربط شرق العالم الإسلامي بالبقاع المقدسة وربط عاصمتهم بغداد بالحرمين الشريفين، فقد عنوا بالإصلاحات والمنشآت العمرانية بالمدينتين المقدستين(مكة المكرمة والمدينة المنورة)، كما حشدوا إمكاناتهم المادية لخروج مواكب المحمل العراقي سنويا بصورة منتظمة تحمل الهدايا إلى الحرمين الشريفين، وقد بلغ حرص خلفاء بني العباس على خروج الموكب في أبهى صورة أن كان يخرج هؤلاء الخلفاء حاجين على رأس تلك المواكب في أعظم الأحيان؛ لذا كان المحمل العراقي أعظم المحامل في العصر العباسي الأول؛ حيث كان يخرج مزينا بالحرير ومرصعا بالذهب واللؤلؤ.
   وهكذا ظل طريق الحج العراقي ما يزيد على ثلاثة عشر قرنا يؤدي مهمته في وصول الحجيج من بلاد ما وراء النهر وفارس والعراق وشمال شرقي الجزيرة العربية إلى الأماكن المقدسة حتى تغيرت وسائل المواصلات ففقد الطريق أهميته من الناحية العملية، وإن كانت الآثار على الطريق ظلت ماثلة للعيان تنطق بما قدمه هذا الطريق من خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام عبر التاريخ.

المصدر: الدكتور السيد محمد الدقن، كتاب سكة حديد الحجاز الحميدية ، الطبعة الثانية (القاهرة: المؤلف، 2014) الصورة من موسوعة المملكة العربية السعودية، http://saudiency.net/Loader.aspx?pageid=151&CatID=2
DRDEQENSAYED

ربي اغفر وارحم عبدك السيد محمد الدقن وزوجته - نسألكم الفاتحة والدعاء وجزاكم الله خيرا ولكم بمثل ما دعوتم

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 1948 مشاهدة
نشرت فى 29 مارس 2017 بواسطة DRDEQENSAYED

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

125,721

ابحث

موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

DRDEQENSAYED
يهدف هذا الموقع إلى نشر أجزاء من علم العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى المؤرخ المصري الدكتور السيد محمد الدقن غفر الله له ورحمه، أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، وكذلك نشر كل ما قد يكون في ميزان حسناته وحسنات زوجته رحمهما الله، نسألكم الدعاء والفاتحة للفقيد والفقيدة ولكم بمثل ما دعوتم »