بعد الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في التعامل مع تداعيات مقتل ابن لادن، والإعلان عنه, ظهر العاملون في البيت الأبيض وكأنهم مجموعة من الهواة السياسيين. صحيحٌ أن العملية كانت جريئة ودقيقة في التخطيط والتنفيذ, إلا أن ما أعقبها من فوضى سيطرت على الموقف برمته، أبعد العملية كل البعد عن النجاح.. وفيما يلي ملخص لما حدث من أخطاء اقترفها أوباما وإدارته:

1. الكشف عن الصور.. استغرق الأمر حوالي ثلاثة أيام حتى تم الكشف عن الصور. ربما كان عدم الكشف عنها منذ البداية له أسبابه، لكن كان ينبغي على أوباما أن يتخذ قراره سريعا يوم اغتيال ابن لادن؛ حتى لا يدع مجالا للريبة والجدال، ويقطع الطريق أمام اتهام الإدارة الأمريكية بأنها تخفي شيئًا، أو أنها غير حاسمة, الأمر الذي من شأنه أن يُغذي نظريات المؤامرة, وبالتأكيد ستكون الصور قد تسربت على أي حال.

2. بن لادن الأعزل.. القول إن بن لادن كان مسلحا ومختبئا خلف زوجته كدرع بشري يعتبر تزييفا لا يمكن التسامح فيه, بل إن مستشار البيت الأبيض وصفه بالجبان بسبب فعله هذا, وقد اتضح أن هذا غير صحيح بالمرة, حيث أن ابن لادن ظل لسنوات طوال يمثل التهديد الأكبر والأقوى للولايات المتحدة, ويعد هذا الخطأ الأكبر بين سقطات البيت الأبيض خلال أسبوع من مقتل ابن لادن.

3. مهمة اغتيال.. لقد كانت العملية مهمة اغتيال (وليس اعتقال) ولم يخشى أحدا أن يعلن عن هذا ويعترف به. لقد قضى بن لادن نحبه بمجرد إغارة قوات الكوماندوز الأمريكية على مقر اختبائه, إلا أن أوباما وإدارته أصرا على نسج القصص والحكايات من خيالهم حول حمل الرجل سلاحا، أو مقاومته وحده ثمانين من القوات الخاصة، دون أن يشرحوا كيف فعل ذلك.

4. معلومات ساخنة.. من الأخطاء التي وقعت فيها إدارة البيت الأبيض هو نشر الكثير من المعلومات, بسرعة كبيرة للغاية وكان أغلبها زائفا وغير صحيح, واعتبرت الإدارة أن تدفق المعلومات بحرية سيجعلها تبدو جيدة وقوية. بالنسبة للصحافة قد يكون الإفصاح عن المعلومات مفيد ونافع , أما فيما يتعلق بما تطلقه الإدارة الأمريكية من تصريحات, فينبغي أن يتم الكشف عنها بشكل أفضل وأن تكون مصحوبة بوصف دقيق لما حدث دون الخوض في التفاصيل أكثر من اللازم, ولا سيما المعلومات الاستخباراتية التي قادت إلى مخبأ ابن لادن.

5. صدقوا أوباما .. حاول أوباما في خطابه أن يكسب ثقة الأمريكان كثيرا واستدرار ثنائهم, وبطبيعة الحال له الحق في الحصول على الكثير من الثقة, ولكن من الأفضل أن ندع الحقائق تتحدث عن نفسها, كما يكفينا الحديث عن صانع القرار "أوباما", فالفضل في العملية يعود للاستخبارات الأمريكية والقوات الخاصة وبالطبع لعملاء أمريكا الباكستانيين.

6. إثبات الوفاة.. الثغرة الأساسية في العملية التي قامت بها قوات الكوماندوز، تتلخص في الحاجة إلى إثبات وفاة ابن لادن بعد أن سوى التفجير المخبأ بالأرض. قد تكون الإدارة لديها أدلة الحمض النووي, وأدلة التعرف على الوجه وأدلة فوتوغرافية, إلا أن هذا ليس كافيا للقول بإثبات الوفاة, خاصة بعد هذه المعلومات الخاطئة التي تم الكشف عنها على عجل.

7. مهمة اعتقال.. كان من المفترض أن يطلق على هذه العملية بأنها مهمة إلقاء القبض على ابن لادن, لاسيما بعدما علمنا أنه كان أعزلا ولا يحمل سلاحا, وذلك لأسباب ليس أقلها المعلومات الاستخباراتية التي كان يمكن استخلاصها من التحقيق معه, وفي اعتقادي, أن أوباما لم يرغب أن يظل بن لادن على قيد الحياة لأنه كان سيصبح بمثابة صداع في رأسه في كيفيه تقديمه للمحاكمة, وتوفير مكان لاحتجازه إلى جانب تقنيات وأساليب خاصة لاستجوابه.

8. خطاب أوباما المترنح.. لاحظنا جميعا خلال الإعلان عن مقتل ابن لادن ترنح خطاب أوباما بين القومية العصبية إلى الأخلاقية, حيث قال: "نحن ننوه من جديد أن أمريكا تستطيع أن تفعل ما خططت له ووضعته قيد التنفيذ", لو كان بوش هو من قال ذلك, لأصبح محط سخرية وضحك, أما أوباما فقد أصبح أقدر الوعاظ وأقدسهم حينما قال: "من المهم التأكيد على أن الصور التي أوضحت مقتل ابن لادن برصاصة في رأسه لا تبدو وكأننا نحرض على العنف الزائد أو نستخدمه كوسيلة دعائية, فهذا ما لا نحبه ولا نرمي إليه".

9. جدل التعذيب.. كان ينبغي تجنب إثارة الجدل فيما يتعلق باستخدام التعذيب لاستخلاص المعلومات, حيث أن الإدارة الأمريكية أثبتت, من خلال المعلومات الاستخباراتية, أن أساليب الاستجواب هي التي أسفرت عن معلومات هامة عن مخبأ ابن لادن, وهذا بالتأكيد شيء يمكن القيام به دون الإعلان عنه, حيث منحت إدارة أوباما, سياسيا, شيئا للجمهوريين يمكنهم استخدامه ضد أوباما.

10. التشويش على باكستان.. كل من تحدثتُ معهم بهذا الشأن, ولديه معرفة بهذه الأشياء, قال لي إن باكستان أعطت الضوء الأخضر لتنفيذ الهجوم بشكل ما, لكن الباكستانيين, لأسباب وجيهة, لا يريدون الإعلان عن هذا, وبدلا من عدم التعليق على ما إذا كانت باكستان آوت ابن لادن أو كانت تلعب لعبة مزدوجة, فقد فضل البيت الأبيض أن يسكب البنزين على النار من خلال انتقاد باكستان, وهذا ما يُعد تهورا من الإدارة الأمريكية لأنه يثير غضب الباكستانيين وعدائهم ضد الولايات المتحدة.

قد يتفهم المرء منا أن تقع هذه الأخطاء العشر من شخص عادي، أو أي دولة من دول العالم الثالث كم يسمونها, أما وأن يرتكب هذه السقطات إدارة أقوى دولة في العالم فهذا ما لا يمكن تفسيره إلا بمدى الرعب الذي كان يمثله أسامه بن لادن للولايات المتحدة ولا سيما إدارة البيت الأبيض التي أظهرها الموقف في ثوب الهواة.

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 14 مايو 2011 بواسطة BADRFOUDA

ساحة النقاش

ابو استشهاد

BADRFOUDA
ندعوا الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والى تكوين الفرد المسلم والاسرة المسلمة والمجتمع المسلم والى الحكومة المسلمة والى الدولة المسلمة والخلافة الاسلامية والى استاذية العالم »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

121,262