الإعاقة كلمة عربية أصيلة، استعملها القرآن المجيد في موضع واحد في سورة الأحزاب : قال جل جلاله : ) قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف لقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا ( (الآيتان 18 و 19). وهؤلاء هم الذين كانوا يصدون المسلمين عن الجهاد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ويثبطون من عزيمتهم نفاقا منهم، وما فعلوا ذلك إلا بسبب إعاقة نفسية بداخلهم. المعوق في القرآن الكريم
الإسلام هو الدين الشامل؛ لم يغفل حقًا ولم يفرط في أمر من أمور الحياة. والمعوق كجزء من هذه الحياة ذكر القرآن الكريم حقوقه وحث على الاهتمام به في غير موضع، نذكر منها سورة عبس وما جاء فيها من عتاب شديد للرسول صلى الله عليه وسلم حين اهتم بالرجل السوي الجسم صاحب الجاه والمال رغبة في إسلامه، وأعرض حتى لو كان بغير قصد عن ذلك الكفيف عبد الله بن أم مكتوم فلننظر إلى القرآن وحثه على الاهتمام بالناس دون تفريق في النواحي الجسمية وإنما بالنظر إلى أنفسهم. بسم الله الرحمن الرحيم(عَبَسَ وَتَوَلَّى . أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى . وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى . أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى . أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى . فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى . وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى . وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى . وَهُوَ يَخْشَى . فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى . كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ . فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ . فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ . مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ . بِأَيْدِي سَفَرَةٍ . كِرَامٍ بَرَرَةٍ).
فقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يخص بالإنذار أحدًا بل يساوي بين الشريف والضعيف، والفقير والغني، والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار، والله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة.
إن الإسلام قبل أربعة عشر قرنا ضرب لنا درسًا ومثالا في رعاية المعوقين والالتزام بحقوقهم وأهمها حرية الرأي وممارستهم التعبير عما يجيش في صدورهم ففي هذه الآيات الكريمة من سورة (عبس) عاتب رب الخلق صفوة خلقة محمداً صلى الله عليه وسلم عندما أعرض عن الصحابي الكفيف وظل رسول الله الكريم عليه الصلاة والسلام يداعبه طيلة عمره كلما رآه قائلا (أهلا بمن عاتبني فيه ربي).
كما اهتم القرآن بموضوع دمج المعوقين في المجتمع قبل 14 قرنًا من الزمان وهي فكرة يعتبرها بعض المهتمين برعاية المعوقين من الأمور ذات الأهمية الكبيرة في هذه الأيام وهي تعبر عن مدى اتساع أفق الإنسانية في العناية بالمعوقين مع أن الإسلام سبقهم بقرون، فقال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). [سورة النور: الآية 61].
ساحة النقاش