فقد البصر ولكنه اكتسب القوة والإرادة والتحدي والحب، أطلقوا عليه «أمير الظلام».. رفض الاستسلام فعل ما لا يقوي الآخرون علي فعله. عمل في إصلاح الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، تحولت حياته إلي نور لا يبصره سواه.
زيدان لم ييأس بعد فقد بصره وزوجته في حادث سيارة قبل ٣١ عاماً استمد قوته من إيمانه بالله، دفعته الإرادة إلي تحدي الإعاقة والانتصار عليها لتستمر الحياة الحلوة كما يصفها وهو يمارس عمله في إصلاح الأجهزة الكهربائية وبالصبر أصبح أفضل فني في إصلاح أجهزة الراديو والتليفزيون في المحافظة وتعلم علي يديه الكثيرون من المهرة في هذه المهنة.
في حي الحادقة يجلس «عم مصطفي» داخل محله الذي أطلق عليه «شركة أضواء النوار» ترتسم علي وجهه ابتسامة عريضة توحي بأن صاحبها في مقتبل العمر رغم تجاوزه السبعين عاماً وأمامه تليفزيون مفكك ويقوم بإصلاحه في هدوء.
خرجت منه تلك الكلمات: أنا والدنيا في مقاس واحد لم تهزمني يوماً ولم تأكل مني شيئاً، لانني أزرع محبة وأجني محبة وإذا قلت سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم تُبصر بها مالا يراه غيرك».
وروي عم زيدان قصته: «اسمي مصطفي محمد زيدان مواليد عام ١٩٣٩ حاصل علي دبلوم فني صناعي قسم الكهرباء وعملت بالتربية والتعليم في قسم الوسائل التعليمية وعشت حياتي فني كهرباء قبل وبعد فقدان بصري.. تزوجت في ٨ أغسطس ١٩٦٨ من أحببت وعشنا ٩ سنوات حب في حب، سافرت إلي جميع الدول العربية
وفي عام ١٩٧٧ كنت أعمل في السعودية وحصلت علي شهر إجازة لزيارة أمي التي كانت تعاني من انفصال شبكي وبعد الاطمئنان عليها اصطحبت زوجتي وطفلي محمد الذي كان عمره عامين إلي القاهرة بتاريخ ٢٧ سبتمبر من نفس العام لتأكيد حجز السفر الي السعودية وكانت زوجتي وطفلي بجواري في المقعد الامامي للسيارة وفوجئنا بسيارة مسرعة في الاتجاه المقابل اصطدمت بنا فتهشم وجهي وعندما رأتني زوجتي علي هذه الحال أصيبت بصدمة عصبية حادة أدت إلي وفاتها في الحال».
عم زيدان فقد أعز ما يملك زوجته وبصره.. ضاعت مستحقاته المالية في السعودية ووصله قرار فصل من التربية والتعليم استاجر محلاً وأطلق عليه شركة أضواء النوار نسبة إلي نوار الزرع الذي يزهر في بداية إنباته وواصل حياته قاضي وزارة التربية والتعليم وعاد إلي عمله، تزوج من شقيقة زوجته الراحلة وأنجب أربعة اخوة لابنه محمد، هم محمود وأحمد وكريم ومحمد وعند بلوغه سن المعاش أراد الاقتراض من أحد البنوك لتطوير شركته الكهربائية إلا أن البنك رفض لأنه كفيف.
وبروح شديدة التحدي قال عم زيدان عاركنا الحياة وانتصرنا عليها إلا أن مصلحتا الضرائب والتليفونات هزمتانا فالأولي تطالبني بمبلغ ١٨٥٠ جنيها والثانية رفعت الخط الذي كنت أتواصل به مع أحبابي عن طريق إذاعة الكبار التي حصلت علي عضويتها تحت رقم ٣٨.
ساحة النقاش