تتجه الاقتصاديات العالمية وخاصة في منطقتنا إلى الخروج من تجربة القطاع العام باتخاذ خطوات إصلاحية تستهدف مواكبة الاقتصاديات المتقدمة عالميا. من هذه السياسات ما يعرف بالخصخصة والإصلاح الهيكلي. وهنا يجدر السؤال، هل إن زيادة تحرير الأسعار افضل للبيئة من السياسات السابقة القائمة على امتلاك أو إدارة الدولة لعناصر الإنتاج (القطاع العام)؟ وهل هناك علاقة بين التنمية المستدامة وانفتاح الاقتصاد؟
يرى البعض أن زيادة التحرر الاقتصادي زاد من الخلل في توزيع الدخل في المجتمع الواحد وبين المجتمعات المختلفة حيث زاد دخل فئة محدودة بمعدلات خيالية، وفي نفس الوقت انتشر الفقر لجزء اكبر من المجتمع. غير أن هناك جهات أخرى، مثل البنك الدولي، والذي يرى إن زيادة التحرر الاقتصادي تعني ارتفاع في الأسعار مما قد يخفض من استهلاك الطاقة والماء (موارد ناضبة). وهذا بحد ذاته يعمل على تحسين الوضع البيئي على حد تعبيرهم.
في الواقع، إن زيادة التحرر الاقتصادي تعني تخلي الحكومات عن سياسة الدعم للسلع، وخاصة الموارد المستنفدة. وهذا بحد ذاته يعتبر خدمة للتنمية المستدامة، غير أن ذلك لا يؤدي بالضرورة لسياسة بيئية سليمة. بل يجب أن تكون هناك سياسات وحسابات اقتصادية تأخذ في حسابها التكاليف البيئية. لأنه وكما سبق ذكره فان زيادة سياسة الانفتاح الاقتصادي ستزيد الدخل لشرائح معينة من المجتمع، وهذه بدورها وبسلوكها الاستهلاكي ستخلق عبئا على البيئة عن طريق زيادة الاستهلاك وزيادة إنتاج المخلفات.
هناك من يقول أن زيادة تحرر السوق سيزيد من المساهمة في زيادة الكفاءة الاقتصادية، وهذا بدوره سيزيد من فرص العمل المتاحة وخاصة للطبقة المحرومة. إلا أن السياسات الملازمة لسياسة تحرر السوق والانفتاح، والمرتبطة بالإصلاحات الهيكلية، تكون في الغالب مصحوبة بالحد من فرص العمل وتقييد الإنفاق الاجتماعي، ولو على المدى القصير أو المتوسط.
أمانى إسماعيل
ساحة النقاش