العلوم الاقتصادية والقانونية والإدارية البيئية

تعني التنمية المستدامة ان نكون منصفين مع الأجيال القادمة، بمعنى أن يترك الجيل الحالي للأجيال القادمة رصيدا من الموارد مماثلا للرصيد الذي ورثه أو افضل منه.

ويتضمن ذلك تحقيق عدة أهداف أهمها: 
(1)الاستخدام الرشيد للموارد الناضبة (ماء ونفط وغاز). بمعنى آخر، حفظ الأصول الطبيعية بحيث نترك للأجيال القادمة بيئة مماثلة، حيث أنه لا توجد بدائل صناعية لكثير من الأصول البيئية. 
(2) مراعاة القدرة المحدودة للبيئة على استيعاب النفايات. 
(3) الاقتصار على استخدام حصيلة مستدامة للموارد المتجددة. 

أما بالنسبة لتحديد الكمية التي ينبغي استخدامها من كل شكل من أشكال رأس المال (الثروات البيئية والبشرية والرأسمالية) فإن ذلك يعتمد على تحديد قيمتها الاقتصادية الحقيقية وتحديد سعر لها. وهنا تكمن الصعوبة في تسعير الأنظمة البيئية. 

لو نظرنا إلى نظم المحاسبة التقليدية، فإننا نجد أنها تعتبر أن زيادة الإنتاج أو استخراج اكبر للمصادر الطبيعية (مثل زيادة الضخ من المياه الجوفية وزيادة الإنتاج من النفط الخام) هي مدخلات إيجابية عند حساب الناتج القومي الإجمالي.

وحسب هذا المنطق فان صيد سمك اكثر وقطع أخشاب اكثر وبيعها كأخشاب أو تصديرها ، كل ذلك يزيد من الناتج القومي الإجمالي، بغض النظر عما تتركه مثل هذه التوجهات من آثار بيئية سيئة، مثل زيادة سخونة الجو وفقدان طبقة الأوزون والتلوث الناتج لكل من الهواء والماء، والتي لها تكاليفها المخفية وغير المنظورة. ولذلك نجد أن التنمية المستدامة تفترض أن تعكس نظم المحاسبة قدر الإمكان الأسعار الافتراضية للموارد الطبيعية.

ويجب اتخاذ موقف سلبي من نظام اقتصادي أو محاسبي لا يعتبر الموارد الطبيعية أصولا مادية إنتاجية قابلة للنضوب والتدهور نتيجة الأنشطة الاقتصادية المختلفة، لان ذلك سيشجع استخدامها بشكل غير مستدام وسيؤدي إلى إساءة استخدامها. 


كذلك فإن استخدام الناتج القومي الإجمالي كمقياس لرفاهية المجتمع يفتقر للدقة، لأن من متطلبات التنمية المستدامة اقتطاع جزء من الدخل لتغطية تكلفة الأضرار الناتجة عن التلوث. ومن النتائج المباشرة للتنمية المستدامة اعتبار أن رأس المال غير متناقص وبالتالي فإن هناك ضرورة لتقييم الأرصدة والتغير في الأصول البيئية (أي تحديد حجم الأضرار الناتجة عن التلوث أو التحسينات التي تحققت من خلال الأنظمة البيئية). 


من الآثار الأخرى للتنمية المستدامة الحاجة إلى قياس الدخل "المستدام"، وهو بمثابة قياس للدخل الصافي، حيث يجب طرح استهلاك رأس المال المادي والبيئي من الناتج القومي الإجمالي. وبالتالي فان قياس " الدخل المستدام" يتم بحساب الدخل حسب الطرق التقليدية منقوصا منه نفقات حماية البيئة والقيمة النقدية للتلوث المتخلف واستهلاك رأس المال الاصطناعي واستهلاك رأس المال البيئي (الضرر الذي أصاب وظائف النظام الايكولوجي ورأس المال المتجدد ورأس المال الآيل للنضوب). 


إن الهدف الأمثل للتنمية المستدامة هو التوفيق بين التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة. وهي تسعى إلى بلوغ "الحد الأقصى" من أهداف الأنظمة الثلاثة، البيولوجي (التنوع الجيني والمرونة والقدرة على الانتعاش والإنتاجية البيولوجية) والاقتصادي (تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان وتعزيز العدالة وزيادة السلع والخدمات المفيدة) والاجتماعي (التنوع الثقافي والاستدامة المؤسساتية والعدالة الاجتماعية والمشاركة). 

 

 أمانى إسماعيل

 

 

المصدر: د. محمد غنايم معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)

ساحة النقاش

Amany2012
موقع خاص لأمانى إسماعيل - باحثة دكتوراه فى العلوم الاقتصادية والقانونية والادارية البيئية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

554,152