العلوم الاقتصادية والقانونية والإدارية البيئية

ينظر الاقتصاد التقليدي إلى عملية الإنتاج على أنها "نظاما مغلقا" تقوم من خلاله الشركات ببيع السلع والخدمات، ثم توزع العائد على عناصر الإنتاج من ارض ويد عاملة ورأس مال. ومثل هذه المعادلة لا تتضمن عوامل أخرى غير مباشرة تدخل في صميم العملية الإنتاجية.

فعلى سبيل المثال فإن استخراج الموارد الأولية من باطن الأرض يعني نقصا لمجموع هذه الإمكانيات الاقتصادية، بالإضافة إلى أن عمليات الاستخراج نفسها قد تكون مصحوبة بتلويث للبيئة، بما في ذلك من مخلفات لعملية الاستخراج هذه. كذلك فان عملية زراعة المحاصيل وحصادها قد تسبب انجراف للتربة بفعل الريح ومياه الري مما قد يحد من خصوبة الأرض المستقبلية. 


ومن أسس الاقتصاد التقليدي أيضا أن الناتج القومي الإجمالي يعتبر مؤشرا لقياس أداء الاقتصاد والرفاهية على المستوى القومي. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن هنالك عوامل أخرى أغفلها هذا النظام. إذ لا يأخذ في الاعتبار ما يصاحب العملية الإنتاجية من تلوث بيئي، ولا يعطي أية قيمة للموارد الطبيعية وتعتبر التكاليف المتعلقة بمكافحة التلوث والرعاية الصحية للحالات المتضررة مساهمات إيجابية في الناتج القومي الإجمالي، لأن مثل هذه التكاليف هي مدخلات إيجابية لمجموع نشاطات الوحدات الصحية أو الخدماتية القائمة عليها. 


ينظر الاقتصاد البيئي التقليدي إلى مشكلتين، الأولى مشكلة الآثار البيئية الخارجية والثانية الإدارة السليمة للموارد الطبيعية (التوزيع الأمثل للموارد غير المتجددة بين الأجيال). مثل هذا المنطق، وحتى في ظل غياب أي تقدم تكنولوجي، لا ينظر إلى نضب الموارد كمشكلة أساسية إذا كان رأس المال المتجدد الذي يجمعه الإنسان مستداما بالقدر الكافي بالنسبة للموارد الطبيعية.

أي أنه يستعيض عن رأس المال الطبيعي برأس مال اكثر إنتاجية يجمعه من خلال نشاطات ومشاريع معينه. ولكن المأخذ على هذا التوجه هو أن مبدأ الاستعاضة محدود لان رأس المال الطبيعي يمكن أن يستثمر في مجالات عديدة، في حين أن رأس المال الذي يجمعه الإنسان يفتقر إلى مثل هذه الصفة. ولا يمكن مقايضة المصادر البيئية بموارد اصطناعية أوجدها الإنسان لأسباب أخرى، أهمها هو أنه لا توجد بدائل اصطناعية لكثير من الأصول البيئية، كما أن رأس المال البيئي يتميز بأنه لو أتلف لكان فقده دائما، وذلك على عكس رأس المال الاصطناعي والذي يمكن إعادته بعد إتلافه. ويجب أيضا التنويه إلى أن فهم الإنسان لفعل الطبيعة فهم محدود، وبالتالي فإن خفض رصيد رأس المال الطبيعي يعتبر استراتيجية محفوفة بالمخاطر. 


يمكن تعريف الاقتصاد البيئي على انه فرع من فروع علم الاقتصاد يتناول مسألة التوزيع الأمثل للموارد الطبيعية التي توفرها البيئة لعملية التنمية البشرية. ويمكن تعريف البيئة البشرية على أنها المحيط الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على المواد اللازمة لبقائه وتنميته المادية والثقافية، ويبني فيه مسكنه ويفرغ فيه النفايات الناتجة عن نشاطاته اليومية. وبهذا المنطق فإن عناصر الاقتصاد البيئي هي سلع اقتصادية نادرة، ولا توفر الطبيعة كمية كافية من الموارد البيئية لتلبية احتياجات الإنسان، وهي ليست مجانية حتى وان كانت غير قابلة للنضوب بالفعل، أو كان الطلب عليها شبه معدوم. 

 أمانى إسماعيل

المصدر: د. محمد غنايم معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)

ساحة النقاش

Amany2012
موقع خاص لأمانى إسماعيل - باحثة دكتوراه فى العلوم الاقتصادية والقانونية والادارية البيئية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

525,155