د. محمد غنايم معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)
نيسان 2001
مقدمـــــة:
أدى التدهور في الوضع البيئي على المستوى العالمي ممثلا بالتسخين الحراري للجو وفقدان طبقة الأوزون ونقص المساحات الخضراء والأمطار الحمضية وفقدان التنوع البيولوجي واتساع نطاق التصحر وما إلى ذلك من مشاكل بيئية تتعدى الحدود الجغرافية للدول إلى الدعوة لدمج البعد البيئي في التخطيط الإنمائي لدول العالم.
وعلى اثر ذلك، عقدت الأمم المتحدة مؤتمرا حول البيئة والتنمية (مؤتمر الأرض) في ريو دي جانيرو بالبرازيل سنة 1992. من الأهداف الرئيسية للمؤتمر الدعوة إلى دمج الاهتمامات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية على المستوى الدولي. وقد كانت أحد أهم المسائل الرئيسية التي تطرق لها المؤتمر هي وضع وتنفيذ استراتيجيات وإجراءات لتحقيق التنمية المستدامة.
لقد صدر عن "مؤتمر الارض" في ريو إعلان مبادئ يتعلق بالبيئة والتنمية، وبرنامج عمل يتناول الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في القرن الواحد والعشرين (سميت أجندة القرن 21). كذلك تم اعتماد اتفاقيتين دوليتين بخصوص البيئة وهما اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ واتفاقية التنوع البيولوجي، هذا ناهيك عما تولد عن هذه الاتفاقات من اتفاقات جديدة منذ ذلك التاريخ. وقد دعت مجموعة الاتفاقات والبرامج تلك إلى دمج البعد البيئي ضمن إستراتيجيات اقتصادية مسؤولة اجتماعيا، مع العمل في نفس الوقت على حفظ قاعدة الموارد والبيئة لصالح أجيال المستقبل وضمان أوسع مشاركة جماهيرية في المبادرات واتخاذ القرار وتشمل الاجندة أيضا تحديد السياسات وخطط العمل وتنفيذها ورصدها وتقييمها بصورة منظمة.
تهدف هذه الدراسة إلى شرح أبعاد التنمية المستدامة بمعناها الواسع ، والذي يجمع بين التنمية الاقتصادية في ظل حماية للبيئة وعدالة في التوزيع، وتركز على الدور المهم المناط للاستراتيجيات والخطط والسياسات الإنمائية على المستوى القطري وتدعو لدمج السياسات الاقتصادية والبيئة والاجتماعية بما في ذلك إعطاء المجال لمشاركة عناصر المجتمع على اختلاف مشاربهم في صنع القرار، وذلك لأن مثل هذه الالتزامات ، والتي هي نتاج للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، سرعان ما ستفرض علينا بمجرد قيام دولتنا العتيدة.
النمو الاقتصادي وتدهور البيئة في المنطقة
تشارك منطقتنا كباقي أجزاء العالم من حولنا بما وصلت إليه البيئة من تدهور. وقد سبق ذكر العديد من مظاهر هذا التدهور. كما أدت الحروب المتتالية في المنطقة وإخفاقات السوق إلى تدهور في أسعار النفط خلال الأعوام القليلة الماضية، وهذا مما زاد من استفحال المشاكل البيئية. فمن الملاحظ عالميا ، ومنطقتنا لا تختلف عن ذلك، انه كلما انخفض الوضع الاقتصادي لمجتمع ما، زاد إهمال ذلك المجتمع للوضع البيئي. وكلما زاد غنى المجتمع ، كلما زادت الصبغة الاستهلاكية لذلك المجتمع، مما يزيد من استنزافه للمصادر وبالتالي زيادة حجم المخلفات التي ينتجها ونضب لمصادره الطبيعية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن تدهور الوضع البيئي يفرض أعباء ضخمة على الاقتصاد على المدى البعيد، لان تكاليف معالجة التلوث تزداد كلما زادت مدة إهمال علاج ذلك التلوث. وبالنظر للمؤسسات البيئية الموجودة في المنطقة نجد أن غالبيتها تفتقر إلى موظفين ذوي كفاءة ودراية، بالإضافة إلى نقص في الإرادة السياسية لفرض سياسات بيئية جيدة وتحويلها إلى ممارسات فعالة.
أمانى إسماعيل
المسئولة عن مواقع الهيئة
ساحة النقاش