أكثر الناس سعادة في حياتهم أقدرهم على توجيه "رسائل عقلية" إلى الآخرين.. وهم نوع نادر من القدرة.. لا بسبب ندرة مَنْ يمتلكون تلك المقدرة، ولكن بسبب تقاعس الكثيرين بالفطرة عن إستغلال "كل" قدراتهم التي منحها الله لهم.!! وسيظل أقل الناس سعادة هو مَنْ يعيش حياته لا يملك المقدرة على أن يرسل "رسائل عقلية" إلى الآخرين ويكتفي بالحسرة على رغباته غير المتحقّقة.!! وبالطبع فإن أكثر الناس تعاسة هو ذلك الطرف الآخر الذي لا يفعل في حياته أكثر من أن ينفِّذ بدقة كل ما يطلبه منه الآخرون عبر "رسائلهم العقلية" ويحقّق لهم رغباتهم.. ليس فقط بسبب عجزه أو عدم قدرته على الإرسال.. ولكن أيضاً بسبب نشاطه العقلي الزائد في مجال الإستقبال فقط.. وهو نشاط أكثر انهاكاً من النشاط الإيجابي المرتبط بالقدرة على الإرسال.!
ما هي حكاية "الرسائل العقلية" تلك.. وما حظ كلّ إنسان منها.. وهل هي مقدرة وراثية أم مكتسبة.. وإن كانت قدرة مكتسبة فهل هنالك برامج لتعليمها والتدريب عليها..؟!
يولد كل فرد مزوداً بطاقة عقلية محدّدة بسقف تقرره عوامل الوراثة.. قد يعيش ويموت دون أن يستخدم إلا حوالي 7% منها.. وقد تتهيّأ له الظروف البيئية والإجتماعية الملائمة فيستخدم منها المزيد بالمثابرة والإصرار.. لكنّه أبداً ومها تهيأت له تلك الظروف فإنّه لا يستطيع أن يتخطّى ذلك السقف الذي حددته له سلفاً وراثته.. ويقول العلماء في هذا الصدد عبارة شهيرة ترجمتها كالتالي: الوراثة تحدِّد لك أقصى ما تستطيع فعله.. لكن البيئة تحدِّد لك ما الذي ستفعله بالفعل.!
هذا الفرد عندما يتخاطب مع آخر، فإنّه يستخدم اللغة في التفاهم بالطبع.. والمفترض أنّ هذا الآخر يسمعه عندما يحادثه.. ولكن كيف؟ المستمع كما نعرف يستقبل على طبلة أذنه عدداً من الموجات الصوتية التي تحمل كلمات المتحدّث وتنتقل في الهواء دون أن يراها أحد.. لا المتكلِّم ولا المخاطب ولا المستمعين من حولهم.. لتحرّك بذبذباتها طبلة الأذن اهتزازات بشكل معيّن مع كل حرف.. فتهتز معها أعضاء الأذن الوسطى والداخلية.. فتنقل تلك الكلمات إلى العصب السمعي ومن ثمّ إلى المخ فيفهمها العقل.. وقد كانت تلك الكلمات أصلاً مجرّد موجات في الهواء..!
الأمر ذاته يحدث في حالة الرسالة العقلية.. فإذا أنت قرّرت أن ترسل رسالة عقلية إلى شخص يجلس أمامك.. فليس عليك إلا أن تقول في نفسك سرّاً ما تريده منه، وأنت توجه.
ساحة النقاش