لن تجد لليأس ترياقاً كالأمل.. إنه ليس للتسلية والسلوان, بل هو شعور داخلي يوحي بأن الحاضر لن يدوم. أصحاب الأمل ينظرون إلى المستقبل على أنه "الفرصة القادمة" ويتعاملون معه وكأنه تحت أطراف أصابعهم وترسمه أعمالهم وأفعالهم. فهم لا ينشغلون بالباب المغلق عن البحث عن أبواب أخرى تُفتح هنا وهناك.
إن خير الزهور لم نقطفها بعد.. إن خير البحور بحر لم تمخره سفننا بعد.. إن خير الأصدقاء صديق لم نتعرف عليه بعد.. إن خير الأيام يوم لم نعشه بعد.
أصحاب الآمال العريضة "يمتلكون القدرة على تحفيز أنفسهم والشعور بأنهم واسعوا الحيلة بما يكفي للتوصل إلى تحقيق أهدافهم، مؤكدين لأنفسهم أن الأمور إذا ما تعرضت لمأزق ما، لابد أنها سوف تتحسن". أما اليائسون فما إن تبزغ في أذهانهم فكرة مبدعة قفزوا بتفكيرهم نحو العقبات التي ستقف أمامهم، والصعوبات التي سيوجهونها، ومن ثم تخور قواهم وتستسلم وهم مازالوا في طور الفكرة.
لقد تواترت قصص كثيرة عن أولئك الذين أصيبوا بعاهة دائمة، أو نشئوا في ظروف مريعة، أو سجنوا لسنوات عديدة. لكنهم امتلكوا ما عوّضهم عن كل شيء. إنه الأمل الذي انطلقوا به وخطوا أغرب القصص وأبدعها.
لو سألتني: ما هو الشيء الذي بدونه أنت لا تملك شيئاًَ.. وإذا ملكته فلا تتحسر على أي شيء آخر؟ إنه الأمل!
لا يوجد أسوأ من منظر شاب يائس..
بين دائرة الإهتمام ودائرة التأثير..
لو أرخيت سمعك بانتباه إلى ما يجول في مجالسنا من حديث هذه الأيام لرأيت إحدى أكثر صور اليأس وضوحا, لقد امتلأت عقولنا وألسنتنا بالقصص المبكية على ما وصلت إليه أحوالنا خاصة وأحوال المسلمين عامة.
وعبر سنوات طويلة من ترديد هذه (النغمة) المحزنة تملكنا شعور عميق بأنه ليس بالإمكان أبدع مما كان,وأنه ما من سبيل لعمل شيء ذي قيمة سواءً في الشأن الشخصي أو ما يخص الأمة ككل, وأنه ما من مخرج إلا بمعجزة إلهية خارقة أو فاتح عظيم كعمر أو صلاح الدين. وهذا شأن اليائسين في كل مكان وزمان. أما المتفاءلون الذين قدّموا للعالم خدماتهم الجليلة فيسلكون مسلكاً مختلفاً.
يوضح ذلك الكاتب المميز ستيفن كوفي، حيث يفرق بين كلا الفريقين بما يصرفون وقتهم وجهدهم بالتفكير والإهتمام به.
فاليائسون يملئون عقولهم وأوقاتهم بالتفكير بقضايا تقع في دائرة اهتمامهم، ولكنها بعيدة عن دائرة تأثيرهم. فهي مهمة ولكن لايمكن عمل شيء تجاهها. ومثال ذلك الأسلحة النووية، والديون القومية، والإحتلال الأجنبي لبلد مجاور وغير ذلك.
أما المتفائلون فيصرفون أوقاتهم وأعمارهم فيما هو مهم وأساسي ويمكنهم أن يقوموا بشيء تجاهه، لأنه يقع تحت تأثيرهم، وفي حدود إمكانياتهم. وتندرح تحت هذا البند عدد كبير من الأعمال ومنها قراءتك للكتب التي ترتقي بالذات، وإعداد نفسك لكي تكون قدوة في الإلتزام والكفاءة في عملك، ومنها دعوتك لأهلك وجارك للحفاظ على الصلاة، وأداء المعروف، ونشر الفضيلة، واحترام القانون بين أبناء حيّك وغير ذلك. عندما تنشغل بهذه القضايا ستجد ثمرتها يانعة تفيض خيرا عليك وعلى الناس جميعاً وتترك أثراً لا ينمحي. وهل من علاج لليأس خير من هذا؟
ساحة النقاش