إن الثقة تكتسب وتتطور ولم تولد الثقة مع أي إنسان حين يولد، فهؤلاء الاشخاص الذين تعرف أنت أنهم مشحونون بالثقة ويسيطرون على قلقهم، ولا يجدون صعوبات في التعامل والتأقلم في أي زمان أو مكان هم أناس اكتسبوا ثقتهم بأنفسهم.. إكتسبوا كل ذرة فيها، وتعد الثقة بالنفس قيمة ثمينة تساعد من يمتلكها على سرعة تعلم المهارات واكتساب الصداقات المتعددة والاستمتاع بعلاقات انسانية سعيدة، كما تساعد كل فرد على التكيف مع المتغيرات والوصول إلى تحقيق أهدافه.. فبالثقة تصبح الحياة أكثر إمتاعاً.

تعد الثقة ثروة وقيمة غالية في الحياة، فهي ضرورية في جميع المواقف، فالثقة تساعدك على التعامل مع مشاعر عدم الثبات والقلق، وتمكنك من اعتبار التحديات فرصاً، وكذلك تساعدك على مواجهة المخاطر المحسوبة واتخاذ القرارات السريعة، كما أن الثقة تعد من القيم الضرورية عند المشاركة في الحياة العامة : كالانضمام إلى جمعية خيرية في المجتمع، أو العمل على تحسين كفاءاتك في المقابلات التي تقوم بها من اجل الحصول على وظيفة ، وكذلك عند التعامل مع الزملاء والرؤساء في العمل .

لكي تفهم معنى الثقة بالنسبة لك، فكر في موقف شعرت فيه بدرجة عاليه من الثقة، ثم صف شعورك آنذاك، يمكنك أن تقول مثلاً " قد شعرت بالتقدير أو لقد شعرت بأنني متحكم في الامور أو شعرت أنه قد تم تقدير ما أنجزته أو شعرت بالاهتمام من خلال انصات الاخرين لي وتلقيهم ما أقوله بجدية، إذ إن تحليلك لما جعلك تشعر بالرضا عن نفسك ، يساعدك على المساهمة في رفع روحك المعنوية، وبذلك تضمن حسن تقديرك لذاتك.

إذا كنت على درجة عالية من الثقة، فستصبح قادراً على مواجهة التحديات ، واداء المهام الصعبة ،وسوف تتمكن من اقتناص الفرص العديدة أثناء حياتك اليومية ،وتجعلك أكثر جاذبية للاخرين، وتساعدك في الشعور بقدراتك على تقرير مصيرك، والقدرة على تغيير مجرى الأمور، وتكوين الصداقات والعلاقات بشكل متبادل على المدى الطويل ،تمكنك الثقة من الايمان بقدراتك على مواجهة المشكلات والعمل على حلها، وقد حدد علماء النفس ما يعرف بالشعور"بالكفاءة الذاتية" بأنه مدى ثقة الفرد في كفاءتة. ولقد وجدوا أن درجة الشعور بالكفاءة الذاتية تؤثر على الحافز وعلى القدرة على التعامل مع اية مهمة / عمل كما اكتشفوا أيضاً أن الأفراد ذوي الشعور الفائق بالكفاءة الذاتية هم أكثر إيجابية في الحياة بصفة عامة.

تجعلك ثقتك في نفسك أكثر إقبالاً على التعلم واكتساب المهارات وخوض التجارب الناجحة في الحياة، والوصول إلى الشعور بالانجاز والنمو العاطفي . والمعروف أن الثقة ليست لها علاقة بالرضا عن النفس، أو عن الدرجة الرفيعة التي يشغلها الشخص، وانما تعني السعادة في الاعتراف بالفشل ، والاعتراف بأنك لا تعرف كل شئ، وأن أمامك الكثير لكي تتعلمه. كما أن الافراد الواثقين من أنفسهم لا يواجهون مشكلات كثيرة عند تغيير مسار الحياة ،وذلك لأنهم يرون في التغيير فرصة للتعلم والحصول على الخبرات.ومن ثثم فانهم يسعون إلى قبول الوظائف الجديدة وبالتالي تمنحك الثقة الانتباه إلى ما يدور حولك، ومن ثم التعلم أكثر.

من أفضل الطرق التي تبنى الثقة، التصرف وكأنك تمتلكها فعلاً، حتى لو لم تكن تشعر بالثقة في داخلك. وفكر فيما قد يراه الآخرون فيك عند مقابلتك، واتخذ خطوات ايجابية جريئة لتغيير صورتك في اعين الآخرين، بحيث تشعرهم بالثقة فيك وتجعلهم ينظرون إليك على انك شخص واثق بنفسه.

ومن الأساليب الجيدة التي تحسن من معرفتك بذاتك، وتدربك على السلوك الذي ينم على الثقة بالنفس. هو أن تضع نفسك في موقف جديد تماماً. مع أفراد جدد لم تلتق بهم من قبل  وأحياناً يكون من السهل عليك التعامل مع الأغراب ، حيث إنه ليس لديهم تاريخ سابق معك ، وبالتالي فلن يتوقعوا منك سلوكاً محدداً ، وقد تفاجأ من رد الفعل ومن التغذية المرتده التي سوف يمنحونها لك، ولذا فكر في الاشتراك في الأنشطة التي تثير إهتمامك .

الدكتور / رمضان حسين الشيخ

خبير التطوير التنظيمي والموارد البشرية