تحتل عملية تحديد الأهداف أهمية في تطوير دافعية الفرد نحو إنجاز الأداء باعتبار أن الهدف هو ما يشبع الدافع وإليه يتجه السلوك،وفي الواقع أن سيكولوجية بناء الهدف لا تُعتبر شيئاً جديداً ، ولكن الجديد حقاً هو كيف يمكن الاستفادة من تحديد وإختيار الأهدف على نحو أكثر فاعلية وكفاءة ، إن الأهداف إذا ما أحسن إختيارها ، وأمكن تحديدها بأسلوب سليم ، فإنها ولا شك تُساعد على توجيه سلوك الفرد وترشده للغايات المأمول تحقيقها بكفاءة وفاعلية.

وطبيعي أن تتحدد تلك الكفاءة إذا إستطاع الفرد على وضع أهداف سليمة وواقعية.. وعادة فإن جميع الأهداف لا يمكن تحقيقها في وقت واحد أو في فترة زمنية محدودة ، لذلك فإن جهود الفرد منا توجه أساساً تجاه هدف واحد يمثل أولوية على أن يّوجه بعد ذلك إلى تحقيق الأهداف التالية من حيث الأهمية والأولوية، نستطيع أن نقول أن الأهداف هي نقطة الانطلاق نحو تحقيق مستقبل أفضل من خلال تحقيق الأحلام.. ولا يمكنني أتصور أن هناك خطة مستقبلية لأي شخص.. مالم يكن هناك هدف يسعى لتحقيقه.

 

وقد دعا ديننا الإسلامي الحنيف إلى ضرورة تحديد أهدافاً معينه ومحددة عند مباشرتنا للأعمال، حتى تبذل الجهود لتحقيقه، بل إن القرآن الكريم الذي هو دستور الأمة جميعاً  قد بين لنا أن وجودنا في هذه الحياة كان من أجل تحقيق هدف معين وقد جاءت الآية القرآنية الكريمة لتبين الهدف من هذا الخلق فيقول الله سبحانه وتعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" سورة الذاريات (56) .

  

فالهدف من وجودنا هو عبادة الله (عز وجل) وفي هذا الهدف خير لنا ونفع في موضع آخر بين لنا الحق سبحانه وتعالى أن خلق السماوات والأرض وما بينهما لم يكن أمراً عبثاً ولعباً، وإنما هناك هدف من هذا الخلق العظيم، يقول سبحانه وتعالى " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين)، ومن فضائل القوة التي حثنا عليها الإسلام أن يكون الإنسان وثيق العزم ، مجتمع النية على إدراك الإهداف بالوسائل الصحيحة التي تقربك من الله، باذلاً قصارى جهدك في بلوغ مأربك، غير تارك للحظوظ أن تصنع لك شيئاً، أو للأقدار أن تدبر لك ما قصرت في تدبيره انفسك!! وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير  أحرص على ما ينفعك وأستعن بالله ولا تعجز، وغن أصابك شئ فلا تقل ، لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل : قدر الله وماشاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان  رواه مسلم   وقال الرسول الكريم صلوات الله عليه وتسليماته" من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله " لأن التوكل هو الذي يقوى الإنسان به ضرب من الثقة بالله، ينعش الإنسان عندما تكتنفه ظروف محرجه. ويلتفت حوله فلا يرى عوناً ولا أملاً!! وقد بين الله تبارك وتعالى أن هذا التوكل كان غذاء الكفاح الطويل الذي قاوم به النبيون وأتباعهم مظالم الطغاة وبغي المستبدين فقال في محكم تنزيله "وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ" سورة ابراهيم (12).

 

لذلك يجب على كل إنسان أن يحدد له أهدافاً واضحة سواءً (شخصية / عملية / علمية /حياتية...الخ) بحيث أن تتفق هذه الأهداف مع مبادئه وقيمة ويسعى إلى تحقيقها والعمل من أجلها، فقد جاء في الحديث الشريف: عن عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إمرأة ينحكها فهجرته إلى ما هاجر إليه" صدق رسول الله (ص) .

 

إن الأشخاص الناجحين في حياتهم هم ممن يتحدثون بوضوح وبساطة عن أهدافهم قابلة للتحقيق بأسرع ما يمكن لأنهم قد جددوا أهدافهم بطريقة دقيقة متسلسلة ومقسمة إلى أجزاء، مما يجعل عملية إنجاز أهدافهم تسير بأسرع مما تتصور .

 

وإذا كان هدفك غير واضح فإن هذا يزرع الشك والريبة في قلب الإنسان وعدم الثقة بالنفس والتردد في اتخاذ القرار اللازم للتوجه نحو الهدف أو العدول عنه فكان الهدف بالنسبة له لابد أن يكون سرمدياً لا نهائياً. ممتداً فالمعايير الملموسة الدنيوية الكمية وغير الكمية هي معايير زائفة وزائلة وأحياناً ما تكون مضللة وعلى هذا فإن النجاح في الدنيا نجاح مرحلي وهو ضروري ولابد منه ولكن مهما حققنا من أهداف دنيوية لا ترتبط بالهدف الأسمى الذي من أجله نفخ الله من روحه في الانسان يظل كل ما نعمله أقرب إلى العبث منه إلى السعي وما لا عنده من نعمة تجزي الا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى في الدنيا والآخرة.

 

إن عدم وجود أهداف أوخطط واضحة المعالم، ستجعل حياتك متخطبة عشوائية لا تعرف لها هدفاً وبالتالي فلن تركز على أعمال معينة، بل ستجرب كل شئ وتعمل كل شئ، والنتيجة أنك لا تنتج أي شئ .

 

إذا كان في مقدورك أن تضع لهذه المرحلة القادمة من تغيير حياتك تصوراً شاملاً، فماذا سيكون هذا التصور؟ (أن أوفر لنفسي عملاً صالحاً وأن أكون موفق فيه / أن أحيا الحياه التي أحبها / أن أكتسب مهارات جديدة أو أكمل دراستي العليا / أن أختار شريكة (شريك) الحياة التي اعتبرها مثالية وصالحة لي.. وهكذا ) وضع تصور للتغيير الذي ترغبه في حياتك في المرحلة القادمة سوف يساعدك على أن تتخيل أهدافك وتعمل في إتجاه تحقيقها .

 

إن أحد المبادئ الأساسية للنجاح هي أن تعرف في البداية النتيجة التي تريد تحقيقها أو الأشياء التي تريد إنجازها . فقط عن طريق إدراكك لأهدافك تستطيع أن تضع الاستراتيجية المناسبة لتحقيقها .كما أن معرفتك بالنتائج التي ترجوها تساعدك على أن تبقى في الطريق الصحيح عندما تبدأ في التركيز على التفاصيل.

 

الدكتور / رمضان حسين الشيخ

خبير التطوير التنظيمي والموارد البشرية

 

المصدر: مقالاتي الشخصية
Al-Resalah

الرسالة للتدريب والاستشارات.. ((عملاؤنا هم مصدر قوتنا، لذلك نسعى دائماً إلى إبداع ما هو جديد لأن جودة العمل من أهم مصادر تميزنا المهني)). www.alresalah.co

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1487 مشاهدة
نشرت فى 4 إبريل 2011 بواسطة Al-Resalah

ساحة النقاش

الرسـالة للتدريب والاستشارات

Al-Resalah
مؤسسة مهنية متخصصة في مجالات التدريب والإستشارات والبحوث والدراسات، وتُعتبر أحد بيوت الخبرة متعددة التخصصات في العالم العربي.. ومقر الرسالة بالقاهرة.. إن الرسالة بمراكزها المتخصصة يُسعدها التعاون مع الجميع.. فأهلاً ومرحبا بكم.. www.alresalah.co - للتواصل والإستفسارات: 00201022958171 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,948,051