ان كان الوخز بالإبر يخفض فعلا من ضغط الدم، فان تأثيره سيكون ضئيلا على الاغلب، كما سيكون مؤقتا بالتأكيد.

لأكثر من 2000 عام ظل مجربو الطب الصيني التقليدي يستعملون الوخز بالإبر لعلاج ارتفاع ضغط الدم والاعراض المرتبطة به. وقد تحول عدد صغير يزداد مع الزمن من الاميركيين نحو الوخز بالابر كعلاج بديل عن حبوب علاج ضغط الدم، منذ البدء بدبلوماسية «البنغ بونغ» (كرة الطاولة) بين الصين والولايات المتحدة في السبعينات من القرن الماضي. الا ان هناك سؤالا ملحا هو: هل ان الطريقة تؤدي عملها حقا؟

يقول المختصون بوخز الابر، والافراد الذين اختاروا التوجه الى هذه الطريقة الشرقية القديمة، انها تؤدي مهامها. اما نتائج الاختبارات السريرية على النمط الغربي، في هذا الشأن، فليست واضحة تماما. وفي الواقع فانها مشوشة فعلا، فالبعض منها يظهر ان الوخز بالابر، يقلل من ضغط الدم، بينما لا تظهر دراسات اخرى أي شيء من هذا القبيل.

عدم توافق الاختبارات
ينظر الطب الصيني التقليدي الى المرض بوصفه حالة من عدم التوازن في قوة الجسم الحيوية، او
Qi  (وتلفظ «تشي»). ويعتقد انه عندما تغرز الإبر في داخل بعض المواقع المحددة في الجسم، فان المريض يشفى نتيجة اعادة توجيه وإعادة توازن «تشي» الخاص بالمريض.

لكن العلماء الغربيين الذين يدققون في التفاصيل لتوضيح عمل طريقة الوخز بالابر، اظهروا انها يمكن ان تحفز على افراز اكثر للناقلات العصبية eurotransmitters (مواد كيميائية تحمل رسائل بين الخلايا العصبية)، او الإندروفينات endrophins، وهي المسكنات الشبيهة بالمورفين الخاصة بالجسم، وكل من هذه المواد يمكنه تخفيف الألم او تخفيف الحالات الاخرى.

اما كيف يمكن ان يؤثر الوخز بالإبر على ضغط الدم، فان هذا يظل موضع حدس. ومع ذلك، فانه حتى ومن دون آلية معروفة لذلك، فان هذه الطريقة تقدم وكأنها علاج لخفض ضغط الدم.

تختلف اكبر دراستين اجريتا حتى الآن لاختبار الوخز بالابر، عند الحديث عن فوائدها. واختبرت الدراسة الموسومة «برنامج بحث إيقاف ارتفاع ضغط الدم بواسطة الوخز بالابر» Stop Hypertension with the Acupuncture Research Program (SHARP) في بوسطن، نحو 200 رجل وامرأة مصابين بارتفاع في ضغط الدم الذي لا يمكن علاجه، حضروا جلستين لوخز الابر اسبوعيا.

وقد حصل ثلثهم، بشكل خاص بكل فرد منهم، على وخز بالابر بالطريقة الصينية التقليدية، وحصل الثلث الثاني على وخز بالابر في مواقع معروفة محددة خاصة بوخز الابر، فيما حصل الثلث الاخير على حالة وهمية من وخز الابر، حيث وضعت الابر في مواضع لا تعتبر مواقع لطريقة وخز الابر.

ونشرت نتائج الدراسة في عام 2006، ولم تكن ايجابية البتة. فبعد 10 اسابيع من العلاج قل ضغط الدم بشكل طفيف في كل المجموعات الثلاث، ثم وبعد ذلك ازداد تدريجيا مرة اخرى. وبعد مرور عام لم يكن ضغط الدم اقل مما كان عليه قبل بدء الاختبارات.

وفي صيف عام 2007، اعلنت مجموعة ألمانية نتائج دراستها في اختبارات مماثلة. وقد حضر مائة وستون رجلا وامرأة مصابين بارتفاع في ضغط الدم من دون أي مضاعفات، 22 جلسة اما بطريقة الوخز بالابر الصينية التقليدية او بالطريقة الوهمية، على مدى ستة اسابيع.

وفي نهاية الدراسة كان الضغط الانقباضي (وهو الرقم الاعلى لقراءتي ضغط الدم) اقل بـ 6.4 ملم زئبق في المتوسط لدى الذين تعرضوا للوخز بالابر الحقيقي، مقارنة بالوخز الوهمي. اما الضغط الانبساطي(الرقم الأدنى) فقد كان اقل في المتوسط بـ3.7 نقاط.

ولكن، وبعد ثلاثة اشهر من نهاية العلاج، عاد ضغط الدم لدى المشاركين للارتفاع نحو قراءاته السابقة.

اما الدراسات الاخرى التي تزيد عن العشرة، حول اختبار تأثير الوخز بالابر على ضغط الدم، وهي دراسات اصغر بكثير من هاتين الدراستين، فلم تقدم أي وضوح للصورة.

خيار شخصي عام 1997
توصلت لجنة شكلتها معاهد الصحة القومية الى استنتاج مفاده ان الوخز بالابر هو طريقة فعالة للعلاج في ثلاث حالات: الدوار والقيء بعد التعرض للعلاج الكيميائي او العمليات الجراحية، والمرض الصباحي (الدوار اثناء الحمل)، وألم الاسنان بعد اجراء عملية عليها. ولا تدعم الدلائل المتوفرة حتى الآن مسألة اضافة علاج ارتفاع ضغط الدم الى هذه القائمة.

وهناك احتمال ان يخفض الوخز بالابر حقا ضغط الدم، الا ان تأثيرات الطريقة تضيع، عندما يتم اجراؤها في اطار اختبارات مصممة بشكل صارم وفق نمط الدراسات السريرية الغربية.

كما ان الوخز بالابر هو اكثر من عملية غرز الابر في مواضع معينة في الجسم. ان الطريقة هي منطلق علاجي شامل موجه لاعادة التناغم عبر كل الجسم، بدلا من معالجة عرض وحيد (ارتفاع ضغط الدم)، الذي يظهر من جملة من الاسباب المتعلقة بنوع الغذاء ونمط الحياة واسباب طبية او جينية.

كما ان من المحتمل ايضا وبنفس القدر ان يكون لوخز الابر تأثير طفيف على ضغط الجد.

وحتى ولو منحنا وصف «الشكّ لصالح المتهم» لطريقة الوخز بالابر، فان علينا مع ذلك الاستنتاج بأن تأثيرها ضئيل نسبيا وانها ليست علاجا. وفي كل الدراسات فان أي تاثير لها أخذ يتضاءل بسرعة بعد توقف العلاج.

نصائح.. لـ«المغامرين»
إن كنت ميالا لتجربة الوخز بالابر لعلاج ضغط الدم المرتفع، فعليك ان تنتبه الى النقاط التالية:

ـ الوخز بالابر قد يكون مفيدا مع الحمية الغذائية والتمارين الرياضية، في علاج ارتفاع ضغط الدم الخفيف. الا ان الطريقة لن تعالجه كما انها لا تؤدي عملها لوحدها.

ـ الوخز بالابر يتطلب وقتا. ووظفت الدراسات جلستين اسبوعيا، رغم ان واحدة قد تكفي. وعليك ان تحضرها من دون توقف البتة.

ـ الوخز بالابر ليس رخيصا ـ ان كنت ترغب في اجراء الوخز بالابر، دقق في المعلومات حول الشخص المشرف عليها ـ كما هو الحال مع العلاج البديل فان عليك ان تخبر طبيبك، ان كنت قد قررت ان تعالج ارتفاع ضغط الدم بالوخز بالابر.

 

AkrumHamdy

Akrum Hamdy [email protected] 01006376836

  • Currently 110/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 257 مشاهدة
نشرت فى 9 يناير 2009 بواسطة AkrumHamdy

أ.د/ أكـــرم زيـن العــابديــن محـــمود محمـــد حمــدى - جامعــة المنــيا

AkrumHamdy
[email protected] [01006376836] Minia University, Egypt »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,789,294