تهدد 12 ألف نوع حيواني ونباتي

كائنات تدخل “القائمة الحمراء

 

في العام الماضي، أظهرت الاحصاءات التي أجراها الاتحاد الدولي للطبيعة (UICN) ان 12259 نوعاً من الحيوانات والنباتات مهددة بالانقراض في شتى أنحاء العالم. وأشار جون كريستوف فييه المنظم المساعد لبرنامج حماية الأنواع الى ان المخاطر التي تهدد الحيوانات والنباتات تزداد بشكل تدريجي، وفق ازدياد سكان الكرة الأرضية، اضافة الى استفحال مشكلة اجتثاث الغابات وتلوث البيئة.

  

ويؤكد فييه ان 499 نوعاً حيوانياً مهددة بالانقراض في أوروبا، منها 43 نوعاً من الثدييات (الذئاب، والوشق، والبيسون) التي بلغ حالها وضعاً حرجاً جداً.

 

ويشير فييه الى ان فرنسا هي البلد الأوروبي الأكثر تعرضاً لفقد حيواناته بعد اسبانيا والبرتغال، فهناك 110 أنواع مهددة بالانقراض بالفعل.

 

وربما يتساءل البعض عن الكيفية التي يمكن من خلالها انقاذ أكبر عدد من الأنواع الحيوانية والنباتية عن طريق حماية أقل مساحة من الأراضي. يقول أحد العاملين في الهيئة الدولية لوقاية الأنواع ان ذلك ممكن من خلال تكثيف جهود الوقاية ضمن المناطق الخمس والعشرين الأكثر ثراء بالحيوانات والنباتات في العالم التي يطلق عليها العلماء “النقاط الساخنة”. ولا تمثل هذه المناطق حسب مساحتها سوى 1،4% من مساحة الأراضي البارزة على الكرة الأرضية، علماً بأنها تحوي بمفردها أكثر من نصف الأنواع الحيوانية والنباتية على الأرض، منها 35% من الفقاريات.

 

وربما يتساءل البعض ان كانت هذه النسبة من الحيوانات محمية أم لا. ويجيب احد المتخصصين في مجال حماية الأنواع بالقول إنه ليس بالضرورة ان تكون ثمة حماية معينة للحيوانات او النباتات، فبلد مثل مدغشقر يحوي 90% من الزواحف التي لا توجد في مكان آخر على الكرة الأرضية، إلا ان غاباتها تتعرض للهلاك والحرق بنسبة 20% سنوياً ولم يتبق سوى 10% من مساحة غاباتها الأصلية!

 

تصنيف الخطورة

  

ازاء الوضع المزري للحيوانات والنباتات، ارتأى الاتحاد الدولي للطبيعة تصنيف الأنواع المهددة بالانقراض على الأرض، وفقاً لدرجة تعرضها للخطر، فعلى سبيل المثال صنف حيوان مثل “الكوالا” في فئة الحيوانات “شبه المهددة بالانقراض” في حين صنف التمساح الصيني في فئة الحيوانات التي بلغت مرحلة “حرجة جداً” من ناحية تعرضها للفناء. ويطلق على المرحلة الثالثة مرحلة الانقراض التام. ومن الأمثلة الواضحة لحيوانات هذه الفئة التي أوشكت بالفعل على الانقراض حيوان السنور الذي يعيش في اسبانيا والبرتغال إذ تشير الاحصاءات الى انه لم يبق منه سوى 250 حيواناً يافعاً في جميع انحاء العالم.

 

المثير في الأمر ان دخول حيوان ما في “القائمة الحمراء” ليس علامة سيئة بالضرورة، إذ يمكن ان يكون ذلك بمثابة الفأل الحسن الذي من شأنه ان يجند الكثير من المؤسسات ورجال السياسة للدفاع عن ذلك الحيوان وحمايته من الفناء.

 

ومن هذا المنطلق، نجد ان النوع المعرض للانقراض من الحيوانات، يلقى بموجب اتفاقية التجارة الدولية الخاصة بالأنواع المهددة بالانقراض، الحماية اللازمة ان تبين ان التجارة به اصبحت تمثل تهديداً لحياته، ولذا نجد ان هذا الحيوان يصبح محرماً إلا في ظروف استثنائية، كما هو الحال لدى القردة والثعابين الكبيرة او الاسفنجيات. ومن أهم الانجازات التي حققتها هذه الاتفاقية ازدياد أعداد فيلة افريقيا في خمسة بلدان افريقية كبرى.

 

ويرى جون كريستوف فييه ان حماية أكثر من 12 ألف نوع من الحيوانات تتطلب برنامجاً ضخماً ومكلفاً، فبرامج تكاثر الحيوانات الحبيسة تسهم أحياناً في زيادة أعداد الحيوانات البرية بشكل كبير، لكن هذا النوع من البرامج مكلف للغاية، فقد أنفقت المملكة العربية السعودية أكثر من 12 مليون دولار سنوياً لإعادة ادخال الغزلان والأيائل وطيور الحبارى الى أراضيها. ويشير ميشيل سان جالم من المتحف الوطني الفرنسي للتاريخ الطبيعي الى ان هذه الاجراءات يمكن تطبيقها على بعض الحيوانات المهددة بالانقراض، فكيف الحال بنا إذا أردنا انقاذ 12 ألف نوع من الحيوانات؟!

 

ويؤكد ديديه مورو من الهيئة الدولية لحماية الطبيعة أنه لا يمكن حماية جميع الأنواع مباشرة. وفي هذا الصدد وضعت الهيئة الدولية قائمة اجمالية للأنواع التي استفادت من برنامج الحماية كالفيلة والحيتان وحيوان الباندا، اضافة الى عدد من الحيوانات الثديية والزواحف كالسلاحف البحرية. ويعتقد مورو ان الحد من تجزئة الغابات والمواقع الجديدة المتعلقة بالغابات سيسهم بدرجة كبيرة في زيادة الأنواع التي تعيش فيها.

 

أفعال بشرية

  

يقول البعض ان الانسان مضر بالطبيعة، فهو يدمر الغابات ويهدد بذلك ما يعادل 83% من الثدييات و85% من الطيور. وتشير التقارير التي أصدرتها الهيئة الدولية لحماية الأنواع الى ان 1،2 مليون كيلومتر مربع من الأراضي البرية تم تحويلها خلال الثلاثين سنة الماضية الى أراض زراعية، ما يعني اختفاء الوسط الطبيعي الذي تعيش فيه هذه الحيوانات.

 

والانسان مسؤول عن ارتفاع حرارة الكوكب جراء الغازات المنبعثة من المصانع، وخاصة ثاني أكسيد الكربون والميثان. ويقول العلماء انه مع بلوغ سنة 2100 ستزيد درجة حرارة الأرض من 0،8 درجة مئوية الى 5،8 درجة مئوية. ونتيجة لهذا الأمر الخطير ستجد بعض الحيوانات نفسها، مثل تنين بويد (حيوان زاحف) والضفدع المذهب، قد ذهبت الى غير رجعة، بالإضافة الى 18% من الأنواع الحيوانية. ويشير العلماء البريطانيون الى ان مجرد ارتفاع درجة حرارة الأرض 1،7 درجة مئوية، كفيل بالقضاء على 35% من الحيوانات ما يعني ان مليون نوع من الحيوانات مهددة بالانقراض التام بسبب الانسان.

 

صيد عشوائي

  

بسبب الصيد العشوائي يعرض الانسان اكثر من 200 نوع من الحيوانات لخطر الانقراض في أنحاء العالم. واليوم تعاني بعض الحيوانات كالغوريلا والنمور ووحيد القرن من وضع مأساوي جراء عمليات الصيد المحظور والتجارة المحرمة بالحيوانات البرية.

 

ويسهم الانسان الى حد كبير في تلويث المياه الصالحة للشرب الذي هو بنفسه لا يمكنه الاستغناء عنها. ومن هذا المنطلق نجد أن 17% من الأنواع التي تعيش على المياه العذبة مهددة بالانقراض في اكثر من 20 بلداً في العالم. وتشير الاحصاءات الى ان 32% من البرمائيات معرضة لخطر شديد جراء هذا الأمر.

 

ولا يقف تدخل الانسان في البيئة بشكل سيئ عند هذا الحد، فالعمل على ادخال انواع أخرى من الحيوانات والنباتات في أوساط ومناخات جديدة، يعتبر بحد ذاته من الأمور الخطرة. ولا شك ان الأنواع الجديدة، تعمل على غزو مناطق الأنواع القديمة وتهددها بالانقراض. وتشير الاحصاءات الى ان كل يوم يتم نقل 7000 حيوان من الأنواع البحرية عبر السفن، الى أوساط جديدة بعدما يتم حصرها داخل صابورات السفن لفترات طويلة.

 

 كيفية حماية الأنواع

 

من الأمور التي تساعدنا في اكتشاف وحماية الأنواع المهددة بالانقراض العمل على مراقبتها في وسطها الطبيعي الذي تعيش فيه في العادة، فعلى سبيل المثال يقوم اخصائيو القرد النباح بنشر وتبادل المعلومات المتعلقة به والتأكد منها، ثم تنقل المعلومات الى الشبكة العالمية للعلماء المتخصصين بالرئيسات لمقارنتها مع المعطيات القديمة.

 

ولوحظ من خلال هذه العمليات ان 56% من الرئيسات فقدت مسكنها الأصلي خلال الثلاثين سنة الماضية، وان معدل وجودها انخفض بنسبة 7% في أنحاء العالم. وبهذه الطريقة ينقل العلماء حيواناً مثل القرد النباح الى فئة الحيوانات المعرضة للخطر الشديد. وفي هذه الحالة يطرح العلماء اجراءات وقائية للحيلولة دون استفحال الأمر كالعمل على تكاثر هذا الحيوان في البيئات المغلقة وحماية مسكنه والأوساط الطبيعية التي يعيش فيها. ويؤدي هذا الأمر بلا شك الى استفادة الأنواع الأخرى من الحيوانات من تلك الاجراءات الوقائية.

 

وربما يكون المثل الجديد “فوائد قوم عند قوم فوائد” جديراً بالملاحظة، فالعمل مثلاً على حماية الشعاب المرجانية يسهم بشكل كبير في حماية أكثر من 6000 نوع من الرخويات و4000 نوع من الأسماك، لأنها تستخدمها كنوع من الملجأ وحضانات لاطعام افراخها ورعايتها.

 

ومن هذا المنطلق يقول العلماء ان السهر على حماية الشعاب المرجانية كفيل بحماية 10 آلاف نوع من الأنواع البحرية. كما ان حماية حيوان الميداس (جنس قرود امريكية من فصيلة القرود الدبية) المعروف بعرفه (شعر العنق) الذهبي والذي يعيش في البرازيل (في الغابات المسماة بالأطلسية) التي تعتبر واحداً من أكثر الأنظمة البيئية المهددة في العالم، سيسهم الى حد كبير في حماية أنواع أخرى ربما لا تكون ذات قيمة كبيرة بالنسبة للعلماء، لكنها ذات أهمية على المستوى العام على الأرض.

 

ومن الأمثلة التي تطرحها الهيئة، حالة الحيتان والطيور والسلاحف التي تتعرض الى صيد مفرط بسبب ما تجلبه لحومها وبيضها من أموال والتي تصل الى 582 ألف دولار سنوياً. ويقول أحد العاملين في الهيئة ان ترك هذه الحيوانات في حالها وعدم صيدها بهذا الشكل كفيلان بأن يجلبا للدول التي تبتغي الربح المادي 1،65 مليون دولار سنوياً وذلك من البرامج السياحية فقط، ولذا يشدد الخبراء على مقولة “الحيوان الحي أفضل من الميت”. 

 

 

AkrumHamdy

Akrum Hamdy [email protected] 01006376836

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 606 مشاهدة
نشرت فى 14 أغسطس 2008 بواسطة AkrumHamdy

أ.د/ أكـــرم زيـن العــابديــن محـــمود محمـــد حمــدى - جامعــة المنــيا

AkrumHamdy
[email protected] [01006376836] Minia University, Egypt »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,789,306