رؤية مستقبل إدارة العرج في الأبقار الحلوب
بقلم: مات نيلسون – الرئيس التنفيذي لشركة Specialty Sales LLC
ترجمة: م. عابدين وجيه عامر – ماجستير تغذية الحيوان، 2023
المصدر: مجلة Progressive Dairy – 13 أكتوبر 2025
التطور التكنولوجي ودوره في كسر حاجز العرج المزمن
في الآونة الأخيرة، واجه أحد عملائنا زيادة في حالات إصابة قطيعه بـ “الثآليل الشعرية في الكعب” (Hairy Heel Warts). لاحظ أن عدد الأبقار التي تحتاج إلى التشذيب ازداد، ولم تؤدِّ الحمامات القدمية التقليدية إلى تحسنٍ ملموس.
قام فريقنا بإجراء تدقيق شامل للمنشأة، شمل تحليل البيانات الصحية والإنتاجية للقطيع بحثًا عن الأسباب والحلول الممكنة. وقد كانت تجربةً تعاونية مثمرة أظهرت أن أنظمة تتبع العرج الحالية ما تزال محدودة مقارنة بما يتوفر من بيانات دقيقة في مجالات مثل التكاثر وجودة الحليب.
العرج: المشكلة المزمنة في صناعة الألبان
على مدار أكثر من ثلاثة عقودٍ من عملي في تطوير صحة الأبقار وإنتاجيتها، ظل معدل العرج في الأبقار الحلوب ثابتًا تقريبًا عند 22%، رغم كل التقدم الذي أحرزناه في مجالات أخرى.
ويرجع ذلك إلى أن العرج مشكلة متعددة العوامل؛ فقد ينشأ نتيجة لعوامل متشابكة تشمل:
- تصميم الحظائر،
- الأمن الحيوي،
- الوراثة،
- سوء الإدارة،
- المناخ،
- أو التغذية.
بل إن تأثير العرج أصبح جزءًا من الحسابات الاقتصادية للمزارع، حيث يتم تقدير الأرباح بعد احتساب الخسائر الناتجة عنه.
وما يثير الانتباه أن معظم المربين لا يعرفون بدقة نسبة العرج في قطيعهم، رغم معرفتهم الدقيقة بمؤشرات مثل إنتاج الحليب أو معدلات الخصوبة.
نقطة التحول: الانتقال من التشخيص اليدوي إلى التشخيص الرقمي
حتى اليوم، تعتمد أغلب المزارع على العين البشرية في اكتشاف حالات العرج – سواء من قبل العاملين أو ممارسي تشذيب الحوافر.
ووفقًا لإحدى الدراسات، فإن 33.6% من المزارع تستدعي المُقلم مرة واحدة فقط سنويًا أو كل ثلاثة أشهر، وهي فترة طويلة جدًا لا تسمح بالكشف المبكر أو التدخل السريع.
في المستقبل القريب، ستُستخدم أنظمة الرؤية الذكية (Vision Technology) لتحديد درجات الحركة (Locomotion Scores) لكل بقرة.
ستساعد هذه التقنية في:
- اكتشاف الأبقار التي تُظهر مشية غير طبيعية،
- التقاط صور للحوافر لتحديد نوع الإصابة (قرحة، ثؤلول، تعفن كعب...)،
- وتسجيل البيانات آليًا وبشكلٍ موضوعي ومتكرر.
ستندمج هذه المعلومات في برامج إدارة القطيع، بحيث تُربط مباشرةً بمعدلات إنتاج الحليب والأداء العام.
وبمرور الوقت، سيُثبت التحليل أن العرج يمثل خسارة ربحية أكبر مما نتخيله.
وسيتحول اهتمامنا من “الأبقار العرجاء” إلى “الأبقار قبل ظهور العرج” (Prelame Cows)، وسيصبح عدد الأيام حتى التدخل (Days to Intervention) مؤشرًا رئيسيًا للأداء (KPI).
البيانات القابلة للتنفيذ: تسهيل القرارات الإدارية
كثير من المزارعين يشعرون بالإرهاق من كمية البيانات المتاحة، لكن التكنولوجيا الصحيحة لا تُثقل كاهلهم بل تمنحهم القوة والمرونة.
فمن خلال تطبيقات الهاتف السهلة الاستخدام، يستطيع المربي متابعة صحة القطيع عن بُعد دون أن يفقد السيطرة أو المسؤولية.
وفي دراسة شملت 400 مزارع، أبدى 50% منهم رغبتهم في توفير جداول عمل مرنة لموظفيهم.
التقنيات الحديثة تتيح ذلك دون الإخلال بالإنتاجية، بل قد تحسّنها.
ومن الأمثلة على ذلك الحمامات القدمية الآلية (Automated Footbaths)، التي يمكنها:
- ضبط تركيز المواد الكيميائية تلقائيًا،
- العمل فقط عند الحاجة،
- وتقليل العمالة والجهد المبذول في الخلط والتنظيف.
حرية الإدارة عن بُعد: مستقبل المزارع الحديثة
يرى الجيل الجديد من المربين أن انشغالهم بالأعمال الميدانية اليومية يحدّ من قدرتهم على إدارة المخاطر وتحقيق الربحية.
وبفضل إدارة المزرعة عبر السحابة الإلكترونية والتطبيقات الذكية، أصبح من الممكن مراقبة جميع الأنشطة – من التغذية إلى الإنتاج والتكاثر – في لوحة تحكم واحدة متصلة.
لتحقيق خفض فعلي في معدلات العرج، نحتاج إلى:
- اكتشاف موضوعي ومتسق للحالات.
- ربط بيانات العرج بالعوامل الأخرى مثل التغذية، الإنتاج، والتكاثر.
- اتخاذ قرارات فورية من أي مكان.
وبينما كان هذا مجرد “حلم تقني” قبل سنوات، أصبح اليوم قابلاً للتطبيق بفضل التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي وأتمتة المزارع.
فالتكنولوجيا الحديثة لم تعد رفاهية، بل أصبحت الوسيلة لتحقيق الأبقار الأطول عمرًا والأكثر إنتاجًا وربحية.
