بالرغم من وجودهم تحت نفس الظروف والسكن والتغذية ونفس ال frame size والعمر ما الذي يجعل أحد الحيوانات أكثر سمنه من الاخر؟


أسباب اختلاف السمنة أو النحافة بين الحيوانات رغم تساوي الظروف

قد نلاحظ أن بعض الحيوانات تكون أسمن أو أنحف من غيرها رغم تماثلها في السكن، والعمر، والتغذية، والحجم الإطاري (Frame size).
وهذا الاختلاف لا يعود فقط إلى البيئة الحالية، بل هو نتيجة تراكُم عوامل وراثية وفسيولوجية وبرمجية بدأت منذ فترة الجنين داخل رحم الأم.


أولًا: تغذية الأم أثناء الحمل

تغذية الأم الحامل تؤثر تأثيرًا مباشرًا على تكوين الجنين، وتشمل:

  1. عدد الألياف العضلية والخلايا الدهنية:
    سوء تغذية الأم يؤدي إلى تقليل عدد الألياف العضلية التي تتكوّن في الجنين، وبالتالي يقل النمو العضلي لاحقًا حتى مع التغذية الجيدة بعد الولادة.
    كما أن نقص أو زيادة الطاقة أثناء الحمل يؤثر على عدد الخلايا الدهنية التي تتكون مبكرًا وتحدد القابلية للسمنة مستقبلًا.

  2. تطور الأعضاء الحيوية (الكبد، البنكرياس، الجهاز الهرموني):
    سوء التغذية أو الإجهاد أثناء الحمل يضعف من تطور هذه الأعضاء، مما يقلل من كفاءة الأيض (التمثيل الغذائي) في مراحل النمو اللاحقة.

  3. برمجة الشهية واستجابة الجسم للطاقة:
    يتأثر الجنين بمستوى الطاقة والبروتين الذي تتلقاه أمه، فيُبرمج جهازه العصبي والهرموني على نمط محدد من الشهية واستخدام الطاقة بعد الولادة.

  4. كفاءة التحويل والمناعة مستقبلًا:
    العجول المولودة من أمهات ضعيفة التغذية غالبًا ما تكون أقل كفاءة في تحويل العلف إلى لحم، وأضعف مناعيًا.


ثانيًا: العوامل الوراثية والفسيولوجية بعد الولادة

  1. الاختلافات الجينية الفردية:
    كل حيوان يمتلك جينات مختلفة تتحكم في معدلات ترسيب الدهون والعضلات، مما يجعل البعض أكثر ميولًا لتكوين الدهون وآخرين أكثر ميولًا لبناء العضلات.

  2. كفاءة تحويل العلف (FCR):
    حتى مع نفس العلف، تختلف كفاءة استخدام الطاقة والبروتين من حيوان لآخر، بسبب اختلاف نشاط الإنزيمات، الميكروبات الهضمية، والوراثة.

  3. النشاط الحركي داخل الحظيرة:
    الحيوانات النشطة تحرق طاقة أكثر، مما يقلل من معدل التسمين رغم تناولها نفس كمية العلف.

  4. الترتيب الاجتماعي داخل القطيع:
    الحيوان الضعيف اجتماعيًا قد لا يحصل على نفس الراحة أو الوقت الكافي عند التغذية مقارنة بالحيوانات المسيطرة، مما يؤثر على استهلاك العلف وزيادة الوزن.

  5. الصحة الهضمية وجودة الامتصاص:
    وجود طفيليات داخلية أو اضطرابات في الكرش قد يقلل من امتصاص المغذيات، فيبدو الحيوان أنحف رغم تغذيته الجيدة.

  6. الفروق الهرمونية:
    هرمونات مثل الأنسولين، IGF-1 (عامل النمو الشبيه بالأنسولين)، والكورتيزول تتحكم في توزيع الطاقة بين العضلات والدهون، وفي الاستجابة للجهد والإجهاد.

  7. تكوين الجسم (عضلات مقابل دهون):
    بعض الحيوانات تكون بطبيعتها ذات نسبة عضلات أعلى، وأخرى ذات نسبة دهون أكبر، وهذا يؤثر على المظهر العام والوزن النهائي.

  8. تاريخ التغذية المبكر قبل الفطام:
    التغذية الجيدة في مرحلة الرضاعة تُحفّز نمو الألياف العضلية المبكر، بينما ضعف التغذية في تلك المرحلة يؤدي إلى تباطؤ النمو اللاحق.

  9. نشاط الكرش المبكر وكفاءة التخمر الميكروبي:
    العجول التي يبدأ فيها نشاط الكرش مبكرًا تكون أكثر كفاءة في هضم الألياف واستفادة من الطاقة، مما ينعكس على سرعة التسمين.

  10. الطبع والمزاج والنشاط الهرموني:
    الحيوان العصبي أو المفرط النشاط يفرز كميات أعلى من الأدرينالين والكورتيزول، مما يزيد من استهلاك الطاقة ويقلل من تراكم الدهون مقارنة بالحيوان الهادئ.


السمنة أو النحافة ليست نتيجة لعلف اليوم فقط، بل هي قصة تبدأ من تغذية الأم الحامل، مرورًا بالبرمجة الجنينية، والعوامل الوراثية، والهرمونية، والسلوكية، والهضمية، وتنتهي عند كيفية استجابة الجسم للطاقة المتاحة.

لذلك، فهم هذه العوامل يُعد أساسًا لتقييم الأداء الحيواني بدقة وتحسين برامج التغذية والإنتاج.

✍️م عابدين عامر 

🧑‍🎓 ماجستير تغذية الحيوان 2023

 

عدد زيارات الموقع

4,087