في وَطَني
تَبْكي أحلامُ العَودَةِ مَعْ شَدْوِ الأطيارِ على الأغصانْ
مَعْ رَقْصَةِ سُنبلةٍ مالَتْ بِدَلالٍ لِتُقَبِّلَ خَدَّ الماءِوَ تَصْعَدَ ثانِيَةً
لِتُعانِقَ خَيطَ الشَّمسِ فَتَطْحَنُها أحذِيَةُ السَّجَّانْ
في وَطَني
لا نَعرِفُ لَونَ الأزهارِ و لا شَجْيَ الألحانْ
وَ لا نَسمَعُ إلَّا صَرخَةَ قَهرٍ تَخرُجُ مِنْ قَاعِ الرَّحمِ
تَجوبُ الوُديانَ
وَ تُطلِقُها الأنطافُ
وَ في وَطَني لا تَكبرُ في الإنسانِ
سُوى الأحزانْ
في وَطَني
أحلامُ العودَةِ أمسَتْ كابوساً يُلقينا في جُبِّ النسيانِ
فَلا الأسوارُ تُدَكُّ و لا الجُدرانْ
نَنَامُ عَلى أحلامٍ زاهِيَةٍ كَي نَسْتَيقِظَ فَوقَ جِبالِ الحَسرَةِ
تَنْهَشُنا آهاتُ الشَّوقِ وَ يُغرِقُنا بَحرُ الأشْجانْ
في وَطَني
شَاخَ الأطفالُ وَ نَامَتْ في حُضْنِ الآهاتِ الآلامُ
وَ دَكَّتْ أمْواجُ الحَسرَةِ أسْوارَ الذِّكرى
كَي تُغرقَ حاضِرُنا في زَمَنٍ ساءَتهُ الأزمانْ
في وَطَني
نَامَ الأحْياءُ وَ سَارَ عَلى الدَّربِ الأمواتُ
وَ تَرانيمُ الفَجرِ نَهيقٌ
عَافَتْهُ الأطْيارُ
وَ تُنْكِرُهُ الآذانْ
فِي الوَطَنِ العَرَبي المُمْتَدُّ مِنَ الأشْواقِ إلى الأحزانْ
يَنْمو الهَالوكُ وَ يَزدَهِر الغَرْقَدُ
وَ يعيشُ الذِّئبُ عَلى جُثَثِ الشُّجعانْ
فَالطِّفْلُ العَرَبِيُّ يَتِيماً يُولَدُ
كَي يُتْرَكُ نَهْباً للغُربانْ
الشاعر د . عبد الجواد مصطفى عكاشة