<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
لا تحدثني عن «الربيع».. سوريا تقاتل أعداءها لا أبناءها
الإثنين 27 آذار 2017
- بيروت برس - ميشيل كلاغاصي
عندما يضعون رهانهم في مقامر لاس فيجاس، ويشحذون سكاكينهم في مسالخ "تل أبيب"، ويفخخون آمالهم في عبوةٍ أو حزامٍ ناسف، وتحلم أرواحهم بحوريات السراب.. حرية مطلقة، وديمقراطية مزيفة، زهر أسود، وجماجم يعلوها الصدأ، ورائحة الخراب والدمار تملأ الفضاء، ويصرخ الألم، هو ذا الربيع الذي وُعدنا به، هلمّوا لنكتب قصتنا، ونخبر الأجيال عمّا كان وعمّا حصل، فأيُ عصرٍ هذا .. وأي ليلٍ طويل حالك السواد شديد الظلمة!.
فهل سيجرؤ العرب على كتابة تاريخهم الحديث؟ وماذا سيكتبون؟ أم سيتركونها مهمةً للمستشرقين والغرباء والمستغربين!؟ أسيكتبون عن ربيعهم المزوّر، وسفكهم الدماء العربية، وتدمير أوطانهم، وتوسيع الهوة أكثر فأكثر مع أقرانهم من ساكني الأرض..؟
أتراهم يَصدقون ويكتبون عن أعداء خططوا ليحصدوا، فيما نحن نتصارع ونتقاتل، ويتسابق بعضنا لنيل رضاهم وتقبيل أحذيتهم، فيما يتساءل البعض الآخر لماذا نُحارَب؟ لماذا نُقتل؟ لماذا يَفرضون علينا قانون الغاب، ولماذا ينصر "المجتمع الدولي" الظالم على المظلوم؟ والإرهاب على السلام..؟
أسيحدثوننا عن ثورات الحرية والديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان في نصف الدول العربية وجمهورياتها، ويتجاهلون عمدًا ممالك ومشيخات الجاهلية والتطرف والجهل والحقد والشرّ؟
كم من الكذب والنفاق نحتاج لإقناع أجيالنا القادمة أنّ ثورات العرب قادها أتراكٌ وشيشانيون وبلغار وأنغوش وبلجيك وألمان ...إلخ، بدعمٍ وقيادةٍ صهيو- أمريكية، بصفقات ترامب وعقيدة أوباما وفكر هيلاري ورايس وهنري ليفي وبرجنسكي وكيسنجر وتسبي ليفني ونتنياهو وأردوغان!
أسيصدق عرب المستقبل أن السعودية وقطر أرادتا جلب الحرية والديمقراطية للسوريين، وأنهما وأقرانهما أرسلوا المال والسلاح والصواريخ والفتن والفتاوى الشيطانية وقاطعي الرؤوس وآكلي الأكباد لهدفٍ "نبيل" ومن فيض محبة الشيطان، يقودهم خزّان علومهم وتطورهم ودساتيرهم وسيرهم الذاتية..!
اكتبوا ما شئتم.. لكن اعترفوا أن الربيع ضلّ طريقه وأخطأ العنوان، واحذروا لعنة هيرودت وتوكيديوس وابن خلدون، واختاروا من عِبَرِهم إن كان "التاريخ يكرر نفسه" أم لا.
اكتبوا أنكم سفكتم دم السوريين لأجل فلسطين والجولان وكل ذرة ترابٍ محتلة ومغتصبة، وقولوا لقد تأخروا في تحريرها، وفضحوا القصة، فوجب قتلهم، ولا بد من الانتقال إلى الخطة البديلة وإلى الدوران في الفلك الصهيوني، فقد استشهد الآلاف وفلسطين لم تُحرر، فلماذا لا نبيعها ونشتري لأولادهم ثيابًا ليلبسوها في عيد الفطر والأضحى، وخبز ًا وكعكة الفصح ليأكلوها على قبر المسيح هناك.
هي الحرب القذرة التي تبدأ ولا تنتهي، حتى لو انتهت في الميادين فإنها لن تغادر العقول والقلوب، فهناك من أراد للعالم أن يخرج عن السيطرة، ويتحول فيه كل فعلٍ إلى مباح ومطلب وضرورة.
فالعالم يعيش حالة غليان، والأزمة ليست في دول الصفيح الساخن، بل في عقول مصنّعيها من الديمقراطيات الغربية، ودول الاستعمار القديم والحديث، في طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية.
فالخطر يتهدد الجميع في وقتٍ تغيب فيه الأمم المتحدة وتنحرف عن مبادئها التي أعلنتها زورًا، تستباح فيه كل القيم والأخلاق الاجتماعية والدينية ويصبح كل شيءٍ مباح، ويسوده نظام ٌ مصالحي دون أي اعتبار للفارق بين الخير و الشر، استنادا إلى الدين أو القيم الأخلاقية.
الحروب المصيرية الساخنة على الدول والشعوب في سورية وليبيا والعراق واليمن مستمرة بلا هوادة، ولا تزال المهل والفرص تُعطى بسخاء لإرهابيين ومسلحين ولمعارضات خائنة.. وعلى مقربة من اكتمال العقد الإرهابي الجديد، تستمر الفوضى والمشاريع الدامية.. ويبقى السؤال إلى متى؟
لن نناقش صراعًا أزليًا بين الخير والشر، إنما نتحدث عن صراع أدوات كل منهما، في ظل انقسام واضح وضع فيه نصف العالم نفسه بشكلٍ أو بآخر في خدمة الأول، فيما وضع نصفه الآخر في خدمة الثاني...
ويطرح السؤال نفسه، من سيقف بينهما ويقول كفى؟ هل أصبحنا نبحث عن معتدلين أم حياديين، أم منصفين؟
إنّ الإيديولوجيات والمصالح الجيو- سياسية، تحاول فرض شرعيتها من طبيعتين مادية و"إيمانية"، و ما بينهما يحدث التشابك ومن تضاد إلى توافق إلى شراكة وشركاء، ويدخل التضليل الإعلامي طرفًا أسياسيًا، يفرض ضبابيته على كلا الطرفين، فتضيع الحقيقة وسط الإعلام المسيّس والمأجور والشاشات والصفحات الصفراء، فيما القتل مستمر والفوضى سائدة.
لقد استطاع الغرب أن يحوّلنا إلى شعوب تندفع لحفر قبورها، يُعلّق فيها البعض آمالهم على بعض الدول العربية الحاقدة، والعدو الإسرائيلي، أو جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة.. وغاب عن ذهنهم موقف أولئك الأبطال والمقاومين الذين هبوا للدفاع عن أوطانهم و مصير وحياة شعوبهم.
لم نر أحدًا يعترف بخطئه أو بمصالحه الشريرة، ولا بد للحكومات العربية أن تسأل نفسها من نحن وإلى أين نحن ذاهبون؟ وهل سيتحقق العدل في ظل ربح وخسارة العراقيين واليمنيين والسوريين؟
ففي ظلّ استباحة المارد الأمريكي ومشروعه الكبير في السيطرة على العالم، لم يعد من السهولة بمكان التقليل من أهمية طريقة تفكير العقل الأمريكي المهيمن بأمراضه وعقده النفسية، ودوافعه الراسخة في أحلام المستكبرين وأهدافهم، إذ يقول برجنسكي: "إن الإيمان بأهمية القيم والمعتقدات لا يقل أهمية عن الاقتصاد"، وعليه فإنّ "استباحة كل شيء تجعل العالم خارج نطاق السيطرة".. فيما يقول الروائي الروسي فيودور دستوفسكي: "إذا لم يكن الله موجودًا، فإنّ كل شيء عندئذ ٍ يصبح مباحًا".. الأمر الذي يؤكد أن الأول يؤمن بمملكة قيصر والثاني بمملكة السماء، فيما يحتار ثالثٌ لعدم فهمه كلام السيد المسيح "أوف ما لقيصر لقيصر، ما لله لله".
لا تحدثني ثانيةً عن الربيع، وعمّا يفعله اليائسون أو الأغبياء والخونة، وأنه بات علينا أن ننقل السلاح من كتف المقاومة إلى كتف العمالة، ونستبدل العدو الإسرائيلي بعدوٍ افتراضي آخر، ونتسابق في حاجتنا للاعتراف باتفاقية كامب ديفيد، ووادي عربة، وأوسلو، و"دولة" غزة الكبرى؟ أكثر من حاجتنا إلى تحرير الأرض وتطوير الذات.. ألم نعد نحتاج التضامن والتكامل العربي والوحدة العربية؟ واكتفينا بالشرذمة والضياع والاقتتال العربي- العربي؟ وهل من سبيل لإقناعنا بحاجة سورية وليبيا والعراق واليمن لدليلٍ ديمقراطي صحراوي بدوي بدائي، لم يرتق إلى مستوى يستحق أن يطلق عليه اسم شعب، ليكون المُصلح والمُرشد والدليل نحو الديمقراطية؟؟
ويلٌ لمن يسير في ركابهم، ويؤمن أن سوريا تقاتل أبناءها لا أعداءها، وويلٌ لمن "يُزهر" في ربيعهم، ويرى بعيونهم مستقبل سوريا عبر تدميرها وتهجير شعبها ونُخبها، وسرقة ثرواتها ومقدراتها وقرارها ودورها.. ويبقى الأمل معلقًا على شرفاء الأمة ومقاوميها، فلن يطول زمن انتصارهم، بعدما اختبر الطغاة شدة بأسهم وصلابة إيمانهم بالله وبالنصر والحرية.
ساحة النقاش