<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
الأردن في خطر؟
الإثنين 23 كانون الثاني 2017
عمر معربوني - بيروت برس - *ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
ينقسم المتابعون لوضع الأردن بين قائلٍ بأنّ الخطر الحقيقي على الأردن يأتي من إيران، وآخرين يؤكدون أن الخطر قادم من داعش. أما القائلين بأنّ إيران هي الخطر، فهم في الحقيقة يعيشون حالة انفصال عن الواقع، وأنا هنا لست محامي دفاع عن إيران أو غيرها، ولكن مسارات الأحداث في الأردن تذهب بنا في اتجاهات واضحة لا بل شديدة الوضوح باتجاه توصيف المخاطر الحقيقية التي تحيط بالأردن، فحتى اللحظة يتبدى بوضوح مسؤولية الجماعات الإرهابية ذات البعد "السلفي الجهادي" وعلى رأسها تنظيم "داعش".
وحتى لا أستغرق كثيرًا في طرح وجهة نظر القائلين بالخطر الإيراني لعدم موضوعية الطرح، أكتفي باستعراض مختصر للمقولات التي تشير إلى تواجد إيران عبر جماعات تابعة لها بحسب أقوالهم في العراق وفي جنوب سوريا، في إشارة لحزب الله والحشد الشعبي العراقي، متجاهلين تمامًا أن حزب الله والحشد الشعبي يقاتلان عدو الأردن الرئيسي "داعش" الذي يعلن مسؤوليته عن اغلب العمليات الإرهابية في الأردن.
وعليه، فإنّ الكلام عن إيران كعامل خطر على الأردن يبقى ضمن دائرة الاتهام الذي يفتقر إلى الدليل والوثائق ويندرج ضمن الحملات التضليلية تحت عنوان العدو البديل.
قبل الدخول بتوصيف طبيعة المخاطر، أودّ الإشارة إلى خطبة قاضي قضاة الأردن الشيخ احمد هليل الذي طُرد عبر استقالة مطلوبة من منصبه اليوم، ليشكل طرده جدلًا كبيرًا في الأوساط كافة وفي قطاعات واسعة من الشعب الأردني. فكيف يكون قاضي قضاة الأردن وإمام الحضرة الهاشمية وينتهي أمره بالطرد؟ رغم أنّ خطبته كانت بمثابة استغاثة موجهة إلى حكام الخليج لإنقاذ الأردن من محنته المالية ليبقى الأردن آمنًا وحارسًا لبوابة الخليج.
الكثيرون في الأردن اعتبروا استغاثة الشيخ هليل نوعًا من التعدي على كبرياء الشعب الأردني وكرامته، وتصنيفهم استغاثة الشيخ هليل مسًّا بكرامة الأردنيين.
ورغم توصيفه ما يجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا بالكارثة التي لا تخدم إلّا اليهود، إلّا أنّه استهلّ خطبته بوصف فضفاض للمؤامرة والكيد الخارجي الشرقي والغربي والمجوسي والفارسي على حد قوله، وهو وصف لا يخرج عن السياسة العامة للدولة الأردنية نتفهمه وندرك فحواه وأهدافه.
الجيد في خطبة الشيخ هليل إشارته إلى المستفيد الأول مما يحصل في البلاد العربية، ودعوته الأردنيين إلى عدم تكرار النموذج السوري وغيره في النزول إلى الشارع، وما يمكن أن يشكل من مخاطر في تفجير الأردن.
الخليج لن يستجيب لاستغاثة الشيخ الهليل، وهو أمر مؤكد فالمطلوب من الأردن مقابل الدعم المالي يتجاوز قدرات الأردن وحجمه.
وبمعزل عن خطبة الهليل، فالخطر الرئيسي على الأردن هو من داخل الأردن نفسه حيث النفوذ المتنامي للحركات المتشددة وارتباطها بتنظيم "داعش"، وهو ما بدأ يظهر عبر سلسلة العمليات الإرهابية التي تعرض لها الأردن وهي عمليات أظهرت أنّ المرحلة التي كانت دولة الأردن تحصر جهدها في مراقبة نمو حالة التعاطف مع "داعش" قد ولّت، وأنّ الأردن دخل في مرحلة أخرى هي تحوله إلى ساحة "جهاد" لداعش الذي يقاتل في صفوفه أكثر من 2000 أردني، إضافةً إلى حوالي 1000 أردني آخرين يقاتلون في صفوف جبهة "النصرة"، إضافة إلى آلاف الناشطين الأردنيين، وهو ما دلّ عليه رفض الكثيرين من أئمة المساجد تأدية صلاة الغائب عن أرواح شهداء العمليات الإرهابية من أجهزة الأمن، إضافة إلى ما سبق من إقامة مجالس عزاء لأردنيين يُقتلون في صفوف "داعش" سواء في سوريا أو العراق.
بعد سلسلة الهزائم التي تلحق بتنظيم "داعش" في العراق، يبدو أنّ التنظيم بدأ بوضع الأردن على رأس أولوياته، حيث لن يبقى لتنظيم "داعش" بعد تحرير الموصل إلّا منطقة جنوب غربي العراق، وهي تشكل الامتداد الطبيعي نحو الأردن ما ينقل تهديد التنظيم أكثر نحو السعودية، وهو ما أشار إليه الشيخ هليل عندما قال إنّ انهيار الأردن يعني انتقال التهديد إلى السعودية وكافة دول الخليج.
مسألة أخرى لا بد من ذكرها، وهي أنّ العديد من المواقع الإلكترونية المرتبطة بتنظيم "داعش" بدأت حملة على العاهل الأردني ووصفته بالكافر الذي يستحق الموت، إضافةً إلى عرض صور للعاهل الأردني مقتولًا في شوارع العاصمة الأردنية، وهو ما تمت تسميته بمراسم الدفن الرمزية ويتطابق مع أفكار "السلفية الجهادية" حول موضوع الحاكمية من جهة والولاء والبراء من جهة أخرى. الحاكمية هي قاعدة أساسية في فكر "السلفية الجهادية" تقوم على الكفر بالقوانين الوضعية والحكام والأجهزة والمؤسسات والقوى الأمنية والجيش، وهي الرؤيا نفسها التي طرحها سيد قطب احد اكبر المرجعيات الفكرية لحركة الأخوان المسلمين، والذي تكلم أيضًا عن تقسيم الديار إلى دار كفر ودار إسلام وكل هذه الأفكار حاضرة في عقول السلفيين والإخوان المسلمين، حيث للإخوان قاعدة راسخة في الأردن بينما تطور نمو الحركات السلفية منذ بداية التسعينيات وبرز بشكل واضح منذ عام 2011، وهو في حالة تنامي مستمر تلعب فيه الحرب في سوريا والعراق دورًا أساسيًا دون أن نُغفل عامل الأزمة المالية حيث البطالة وتراجع مشاريع الإصلاح وانهيار شبه كامل للطبقة الوسطى، ما يتيح المجال للجماعات الإرهابية أن تستغل حالة الإحباط واليأس التي يعيشها الشباب وتتسلل من خلالها إلى عقولهم وتدفعهم نحو التشدد والعنف.
الأزمة المالية التي يعيشها الأردن حاليًا ستشكل مستقبلًا المنصة التي سيعتليها التيار المتشدد، وعليه فإنّ المعالجات الأمنية لا تكفي ولا الاستغاثات تُجدي، ما يحتم عدم الرهان على الخليج والبدء بمعالجات تنطلق من الداخل والانفتاح على العراق وسوريا كجوار يمكن أن يؤمن للأردن بدائل جدية في الجانب الاقتصادي، وهذا ما يعني العمل على فتح الحدود بين سوريا والأردن عبر الضغط على الجماعات المسلحة في الجنوب السوري من خلال فتح الطريق، وكذلك الأمر مع العراق إضافةً إلى تفعيل الجوانب الاقتصادية الداخلية عبر رؤى تتناسب مع طبيعة التحديات.
أمنيًا، لا شك أنّ الأردن أمام تحديات أمنية جدية تستلزم الكثير من الجهد والمتابعة والتنسيق مع سوريا والعراق عسكريًا وأمنيًا نظرًا لوجود حدود مشتركة، ولامتلاك العراق وسوريا قاعدة بيانات مهمة حول الجماعات الإرهابية يمكن أن تساعد الأردن كثيرًا في مجالات الأمن الوقائي والإجرائي.
ساحة النقاش