<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
سوريا والمنطقة في عهد ترامب ..
الجمعة 20 كانون الثاني 2017
عمر معربوني - بيروت برس -*ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
أول رئيس من خارج المنظومة التقليدية يحكم الولايات المتحدة الأميركية، بخطاب طغت عليه الشَعبوية خاطب الأميركيين والعالم، الملف الداخلي كانت له الأولوية في خطاب ترامب الارتجالي مع التركيز على البعد العاطفي دون طرح واضح لخطط وبرامج تحاكي هذا الارتجال، طرقات وجسور وضمان للشيخوخة وتأمين لفرص العمل بمقابل تخفيض للضرائب، المتناقضات في سياق واحد، فكيف يمكن أن ينفذ ترامب كل هذه الوعود دون تأمين الواردات المالية خصوصاً أننا أمام تحدٍّ واضح للمؤسسات "منظومة المؤسسات التقليدية" التي تتحكم بأميركا منذ نشوئها .
في الشكل، إنها خطوة جريئة ولكنها قد تكون كارثية على أميركا إذا ما قاربنا تاريخية الولايات المتحدة وأنماطها الاقتصادية القائمة على النهب "سرقة ثروات الشعوب"، وهنا يبرز السؤال المركزي: هل سيتخلّى ترامب عن البعد الاستعماري في سياسة أميركا؟ وهل ستسمح له اللوبيات "شركات النفط والأسلحة ومراكز الأبحاث والدراسات التي تشكل منذ زمن ما يشبه حكومة الظل" .
بما يرتبط بالملفات خارج أميركا، كان ترامب واضحاً لجهة تقليص الاهتمام بالتدخل الخارجي وخصوصاً منه الجانب العسكري، حيث قال إنه آن الأوان أن تهتم أميركا بحدودها بعد أن انشغلت لفترة طويلة بحدود الآخرين "مشكلة كبيرة مع المكسيك" .
في الوقت نفسه لا يخفي ترامب عداءه لإيران والصين، فكيف سيوفّق بين تقليص اهتمامه بالخارج والاستمرار بهذا العداء .
في النظرة إلى القضية الفلسطينية، أتحفنا ترامب بتناقضات كبيرة حيث أعلن في مكان ما أن أميركا يجب أن تكون على مسافة واحدة من "إسرائيل" والفلسطينيين، وفي نفس الوقت يذهب باتجاه نقل سفارة أميركا من تل أبيب إلى القدس إضافة إلى تعيين سفير من اشدّ الكارهين للعرب والمسلمين "ديفيد فريدمن".
تناقضات أخرى بين ما أعلنه ترامب حول روسيا وما أعلنه وزير دفاعه، حيث اتهم وزير الدفاع الأميركي المعين جيمس ماتيس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى «تقويض» الحلف الأطلسي.
وقال ماتيس أمام مجلس الشيوخ خلال جلسة تثبيته "أن الأمر الأهم حالياً هو أن نقرّ بالواقع الذي نواجهه مع السيد بوتين وان نقر بأنه يسعى إلى تقويض حلف شمال الأطلسي".
وأضاف "علينا أن نتخذ خطوات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية وتحالفية والعمل مع حلفائنا للدفاع عن أنفسنا حيث يلزم".
وحول روسيا، وجّه الجنرال ماتيس رسالة حازمة من اجل طمأنة البرلمانيين الجمهوريين القلقين من احتمال تساهل الرئيس المنتخب حيال الرئيس الروسي.
وقال إنه "يؤيد رغبة" ترامب في إعادة الحوار مع روسيا، لكنه أكد في الوقت نفسه أن موسكو " اختارت إن تكون منافسا إستراتيجياً للولايات المتحدة "إضافة إلى مواقف ماتيس العدائية لا بل الشديدة العداء لإيران في حين لم يعلن ماتيس بعد مواقف واضحة من الكيفية التي ستتم فيها محاربة الإرهاب" .
ترامب كان واضحاً في موقفه من سوريا الذي أكد أن تحالفا مع روسيا وسوريا لهزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" هو السياسة التي يفضلها للتعامل مع الأزمة السورية، رغم انه قال بأنه لا يحب الرئيس الأسد "لكن تعزيز نظامه هو الطريق الأفضل للقضاء على التطرف الذي ازدهر في فوضى الحرب الأهلية والذي يهدد أميركا"
في الشكل ما قاله ترامب عن سوريا كلام جيد ولكن كيف يمكن أن تتم ترجمة هذا الكلام؟ هل ستستمر القيادة العسكرية الأميركية بسلوكها الحالي أم ستصدر أوامر جديدة بمؤازرة الجيش السوري في دير الزور وتدمر؟ حيث كان واضحاً الدور السلبي الذي قامت به الطائرات الأميركية في غاراتها على جبل الثردة وتمَكُن داعش من السيطرة على الجبل وهو ما ساعده على إطلاق هجماته الأخيرة .
انطلاقاً من كلام ترامب الذي حدّد في خطاب القسم عدواً واحداً وهو الإسلام الراديكالي والذي لا نعرف أن كان يعني به "داعش" و"النصرة" أو الإسلام بشكل عام استناداً لما جاء في كلام بعض الناشطين الأساسيين في حملته، وخصوصاً بريجيت غابرييل التي أعلنت موقفاً حاقداً وعدائياً للإسلام، وهنا نسأل: هل ستتغير السياسة في التعاطي مع الميدان السوري، وهل ستبدأ الطائرات الأميركية بالانتقال من مهمة تقديم الدعم الجوي ولو تحت مسمى الخطأ لـ"داعش" إلى مهمة إسناد الجيش السوري؟
هذه الأسئلة هي الأسئلة المركزية التي يجب أن نطرحها في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة والتي يمكن إذا ما نفذ ترامب كلامه أن تأخذ المنطقة إلى مسار آخر ومختلف، أنا شخصياً اشك أننا سنكون أمام هكذا مشهد لمجموعة من الأسباب على رأسها أن المحافظين الجدد وهم في غالبيتهم من الجمهوريين لن يسمحوا لترامب أن يذهب بعيداً في تنفيذ طروحاته، خصوصاً أن سحق "الإسلام الراديكالي" كما يرى ترامب تنطلق من رؤية معادية للإسلام وليس للإرهاب الذي تمثله جماعات هي في غالبيتها صناعة أميركية أو تحت الرعاية الأميركية .
إذن نحن أمام مرحلة شديدة الضبابية وإمام شخصية إشكالية ومتناقضة يمثلها ترامب، وهو ما سيبدو لنا واضحاً اقلّه في الشهور الستة القادمة لجهة ممارسات الإدارة الجديدة وطرق تعاطيها مع الملفات ومن ضمنها ملف المنطقة الذي أصبحت فيه روسياً طرفاً أساسيا، وهو أمر لا يعني أن أميركا خرجت من المشهد بشكل نهائي .
الانتظار وحده هو الذي سيجيب على تساؤلاتنا جميعاً وسنتبين حينها الخيط الأبيض من الخيط الأسود .
ساحة النقاش