<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]-->
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
هل تبيع أميركا الأكراد مجددًا؟
السبت 03 أيلول 2016
The New York Times
قال الكاتب الصحفي الأمريكي تيم أرنغو، في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إن توغل الدبابات التركية والجنود الأتراك مؤخراً إلى شمال سوريا (بدعم أمريكي) لاستعادة مدينة جرابلس الحدودية من تنظيم داعش الإرهابي، يثير مخاوف الأكراد السوريين من أن تتخلى عنهم الولايات المتحدة في نهاية المطاف من أجل تحسين علاقاتها مع تركيا؛ إذ يستهدف تدخلها العسكري في سوريا بالأساس إحباط الطموحات الكردية الإقليمية في المنطقة. ويستهل أرنغو تقريره بالإشارة إلى أن الأكراد السوريين ظلوا يأملون أن التضحيات التي قدموها في الحرب ضد "داعش"، بدعم الولايات المتحدة (من خلال الغطاء الجوي وتوفير التدريب والأسلحة)، سوف توفر لهم في النهاية الدعم الأمريكي لتحقيق مكاسب سياسية كردية داخل سوريا.
بيد أن التوغل العسكري التركي في شمال سوريا مؤخراً يثير مخاوف شديدة لدى الأكراد السوريين؛ إذ يرون في تلك الخطوة، التي تحظى أيضاً بتأييد أمريكي، تقويضاً للمكاسب الكردية، ويعتبر بعضهم تكراراً لخيانة القوى العظمى لوعودها للأكراد في نهاية الحرب العالمية الأولى بإقامة دولة خاصة بهم في تسوية ما بعد الحرب.
وبحسب التقرير، يقول الأكراد السوريون إن هدفهم يقتصر على إقامة منطقة حكم ذاتي لا دولة خاصة بهم؛ إذ يسعون إلى حماية حقوقهم في أي تسوية سيتم التوصل إليها عقب نهاية الحرب الأهلية السورية الطويلة،ويأملون في الحصول على دعم الولايات المتحدة لهم لتحقيق هذه الرغبة . ولكن تحقيق هدفهم هذا،برأي أرنغو، يستلزم الربط بين المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في غرب وشرق سوريا(عفرين في الغرب وكوباني في الشرق)، وهو الأمر الذي لن تسمح به تركيا مهما كلفها الأمر؛ إذ تعتبره يشكل تهديداً للأمن القومي التركي. وبينما يبدو أن التوغل العسكري التركي بشمال سوريا هدفه طرد "داعش" من مدينة جرابلس الحدودية، فإن الكثيرين يعتقدون، أن تركيا تستهدف بالأساس إحباط الطموحات الكردية الإقليمية في المنطقة؛لاسيما أن الأكراد ينتشرون في أربع دول هي:إيران والعراق وسوريا وتركيا، ويحلمون منذ فترة طويلة بإقامة دولتهم الخاصة والتحرر من الحكومات الاستبدادية التي حرمتهم من حقوقهم السياسية، ومن ثم فإن دعم الولايات المتحدة للتحرك العسكري التركي يثير ضجة بين جميع الأوساط الكردية في المنطقة. ويلفت أرنغو إلى أن الأكراد يرون أنفسهم على مر التاريخ لاعبين في أيدي القوى العالمية التي تستخدمهم في معارك بالوكالة لخدمة مصالحها الخاصة، وفي نهاية المطاف يتم التخلص منهم والتخلي عنهم.
ويقول التقرير: "يقال إن الولايات المتحدة جاءت لنجدة الأكراد بعد حرب الخليج في أوائل التسعينات ومساعدتهم على إنشاء منطقة حكم ذاتي لهم في العراق والتخلص من وحشية نظام صدام حسين، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تحتل مكانة بارزة في ذاكرة الخيانة التاريخية للأكراد؛ فبعد أن تعاون جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA (في عام 1975) مع إيران في تزويد الأكراد بالأسلحة لمحاربة نظام صدام حسين، تفاجأ الأكراد بانسحاب هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت، من دعمهم عقب المصالحة بين طهران وبغداد". ويوضح أرنغو أن العديد من المحللين وكذلك المقاتلين الأكراد السوريين على الأرض، يرون أن اتهامات الولايات المتحدة بالخيانة ليست صحيحة تماماً، على الأقل حتى الآن، خاصة أنه ليس هناك ما يشير فعلياً إلى أن الولايات المتحدة قد تخلت عن الأكراد السوريين، وعلاوة على ذلك، عمد المسؤولون الأمريكيون إلى التفاوض على هدنة بين القوات المدعومة من تركيا والميليشيات الكردية (وحدات حماية الشعب الكردية)، وهدأ القتال في الأيام الأخيرة.
وفي الوقت نفسه، يرى الكثير من الأكراد أن الولايات المتحدة سوف تتخلى عنهم بمجرد استرداد مدينة الرقة عاصمة الخلافة المزعومة لـ"داعش"، والسؤال الذي يتردد بقوة في الأوساط الكردية هو "تُرى ماذا ستفعل الولايات المتحدة بعد استعادة مدينة الرقة؟" ويلفت أرنغو إلى أن هذا التساؤل يسلط الضوء على المعضلة التي تشكلها المعركة السورية التي تزداد تعقيداً بالنسبة للولايات المتحدة؛ إذ تحاول تحقيق التوازن بين علاقاتها مع كل من تركيا والأكراد السوريين الذين تعتبرهم تركيا العدو الرئيسي بسبب صلتهم بالميليشيات التركية المسلحة داخل البلاد.
ويضيف أرنغو: "على الرغم من أن الولايات المتحدة قامت بتسريب الأسلحة إلى الأكراد السوريين وتدريبهم عسكرياً، فإنها في واقع الأمر لم تفعل شيئاً إزاء ترسيخ روابط لعلاقات أمريكية مع الجناح السياسي للميليشيات (حزب الاتحاد الديمقراطي) بسبب ضغوط تركيا ومخاوفها من تقدم الأكراد. وعلاوة على ذلك لم تتعهد الولايات المتحدة بأي وعود للأكراد تتجاوز الدعم العسكري في الحرب ضد داعش باستثناء عبارات تأييد لأهمية دور الأكراد في المفاوضات حال انعقاد محادثات سلام جدية". وينوه أرنغو إلى أن افتقار حزب الاتحاد الديمقراطي إلى التأييد الأمريكي قد تسبب في منعه من المشاركة في محادثات السلام السورية التي عقدت من قبل في جنيف، ومن ثم فإن المخاوف تتزايد الآن من أن واشنطن سوف تتخلى عن الأكراد السوريين في نهاية المطاف من أجل تحسين علاقاتها مع تركيا.ويشير أرنغو إلى أن الأحداث الأخيرة تتناقض مع المكاسب التاريخية التي بدأ الأكراد في تحقيقها خلال العام الماضي من جراء الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط؛ إذ كانت لديهم أرض مضمونة في سوريا بدعم من الولايات المتحدة، وللمرة الأولى في تركيا دخل حزب سياسي كردي البرلمان بعد الانتخابات، أما في العراق فقد نجحوا، خلال المعركة ضد "داعش"، في السيطرة على مدينة كركوك (المدينة المقسمة تاريخياً بين العرب والأكراد). ويخلص إلى بأن الأمور تزداد تعقيداً؛ وخاصة أن الصراع السوري بات متشابكاً مع الاضطرابات الداخلية لتركيا التي ترى أنها تقاتل الآن حزب العمال الكردستاني في ثلاث جبهات وهي: تركيا وشمال سوريا وشمال العراق، ولذا يرى المحللون أنه لن تكون هناك تسوية نهائية للحرب السورية دون استئناف محادثات السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي يتبع إليه حزب الاتحاد الديمقراطي السوري.
ساحة النقاش